لقد تحولنا جميعاًً إلى سياسيين ومحللين ومن لا عمل له أصبح ناشطاً سياسياً , لم نسمع عن ناشط عمالي أو صناعي يهتم بتشجيع إنتاج أنواع جديدة من البذور أو حتى إقامة مصانع عمالية شعبيه ملكاً للشعب , بل أصبحنا نحلل السياسة ونسب هذا أو ذاك , بل أصبحنا نعيش في دوامة الأكاذيب وفقدنا طريق الصواب وأصبح فقراء مصر يعيشون تحت الصفر وخاصة أن الاقتصاد يتجه نحو الانحدار , ولم نخرج من نفس حلقة رجال الأعمال الشرفاء والنظام الرأسمالي الجشع الذي يجعل الثروة ترتكز في يد فئة قليلة من الأمة وهم وحدهم الشرفاء , والباقي بلطجية وقطاع طرق , رغم أن النظام الرأسمالي الغربي الآن يعاني من الشيخوخة وخاصة مع إعلان الكثير من الدول الإفلاس بل أن هناك ولاية أمريكية أعلنت الإفلاس وأصبحت البنوك في أوربا تملك حياة الناس فيها ومسخرة للربا الفاحش الذي تفرضه تلك البنوك ,فإذا كان المواطن الأوربي يتحمل ذلك فيرجع لارتفاع دخله أما نحن أصحاب الدخل المنعدم نتجه نحو الانتحار والموت على يد رجال الأعمال الشرفاء . إذا كنا ندعي أننا عباقرة اقتصاد فأين تلك العبقرية ؟ هل تلك العبقرية هي السير على نهج الدول الغربية , بالرغم أن هذا النهج لم ينجح في بيئتنا منذ أن تحررنا من الاستعمار الغربي فهل نجد ذلك العقل الذي يبدع لنا نظاماً اقتصادياً يكون متولداً من حاجات مجتمعاً قادراً على تلبية حاجاته , ولكن عندما نسمع الخبراء أو من يزعمون أنهم خبراء يصيبنا الإحباط فأنت تسمع منهم "نحن لن نخترع العجلة" , فهذه المقولة تعنى أنه لا جديد تحت الشمس , فإذا كان الأمر كذلك فلا تطور ولا حياة , فعلينا أن نموت لأن مخترع العجلة غربي ومازال قادراً على اختراع الكثير من النظم التي تناسب و نمط حياته . هل ينتحر الفقراء ؟ الذين يسمعون منذ أمد بعيد عن المشروعات الصغيرة ودعمها , فمثلاً كان لدى الفلاح المصري منذ زمن مشروع يسمى مشروع البتلو لتسمين العجول , وتقديم الأعلاف اللازمة له , اختفى المشروع لأنه لا يخدم رجال استيراد اللحوم . كما أصبح الفلاح يعاني من عدم وجود الأعلاف وارتفاع أسعارها لعدم وجود مراقبة للأسعار وأصبح الدعم الذي تتحدث عنه الحكومة يدخل في جيوب التجار [ رجل الأعمال الصغير] والأسماك في الشواطئ المصرية لا تجد من يهتم بها , أو يقوم بنقلها داخل البلاد بطريقة صحيحة , فقد أقمت عدد من الأيام بقرية برج البرلس على شاطئ بحيرة البرلس بكفر الشيخ , لم يجد أي اهتمام ببحيرة البرلس أو حتى ميناء الصيد بها ولا بتصنيه السفن الموجود على شاطئ البحيرة .......... كان الفلاح المصري منذ فترة ليس بطويلة توفر له الدولة زريعة الأسماك ليضعها في الأرز وكانت فكرة جيدة فكانت توفر الأسماك للقرى ثم اختفت الفكرة كما يختفي كل شيء طيب في حياتنا ....... حقيقة الأمر أن الإنسان المصري لم يجد من يحنو عليه إلا بالكلام والشعارات , فكل شيء مهمل في حياتنا , و أهل الثقة لا الأعمال ينامون في مناصبهم فإذا استيقظوا وضعوا العراقيل والعقوبات في وجه المواطن حتى يتحايل على القانون , فالمسئول عندنا في مصر لا يعرف إلا لهجة العقاب ولا يتعرف على ما يعانيه أتباعه والحلول اللازمة لمواجهة تلك المعاناة , فدليل العمل عنده أن زار مكان كذا وضبطهم يخالفون اللوائح والقوانين , هل اطلع على مشاكلهم هل ساعدهم في حلها؟ :- لا ........ هكذا نحن نزرع المرار لنحصد الأشواك ؟