في يومها الثاني: لم يتقدم أحد للترشح فى انتخابات النواب بالأقصر    جامعة بنها ضمن تصنيف التايمز البريطاني لأفضل جامعات العالم 2026    أسعار الدولار مساء اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025    فودافون بيزنس وموبكو للتطوير العقاري تتعاونان لتقديم حلول الاتصال الذكية    مستقبل وطن: التوصل لوقف إطلاق النار في غزة نتيجة المساعي المصرية المضنية    الأهلي يعقد مؤتمرا صحفيا لتقديم الدنماركي سوروب.. غدًا    مصر تفتتح بطولة العالم للسباحة بالزعانف ب6 ميداليات متنوعة    لمدة يوماً واحداً.. محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة مصر    ياسمين عبد العزيز تخوض الموسم الرمضانى بمسلسل "وننسى اللي كان"    وزير الصحة يحيل مسؤولي مستشفى الخازندارة إلى التحقيق وينهي تعاقد شركة الأمن    فؤاد بدراوي يتقدم بأوراق ترشحه لانتخابات النواب بالدقهلية    بدء التشغيل التجريبي لوحدة طب الأسرة ب العطارة في شبين القناطر    «المصري اليوم» تُحلل خارطة المقبولين في كلية الشرطة خلال خمس سنوات    النائب محمد الجارحي: لم تكن مصر في موقف ضعف أبدًا طوال تاريخها، ودائمًا أرض القرار    بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    التضامن: مكافحة عمل الأطفال مسؤولية مجتمعية تتكامل فيها الجهود لحماية مستقبل الأجيال    نقيب الإعلاميين يهنئ الرئيس السيسي والمصريين بتأهل المنتخب الوطني لمونديال كأس العالم    هل أمم أفريقيا 2025 نهاية مشوار حسام حسن مع منتخب مصر؟ رد حاسم من هاني أبوريدة    نادي جامعة حلوان يهنئ منتخب مصر بالتأهل التاريخي لكأس العالم 2026    محافظ كفر الشيخ يستقبل وزراء ونواب الزراعة الأفارقة    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديهما على تلميذ داخل الفصل    على هامش معرض «تراثنا».. تعاون بين «تنمية المشروعات» و«الأمم المتحدة الإنمائي» لرفع كفاءة المنتجات الحرفية    نادى أدب ديروط فى أسيوط يحتفل بذكرى نصر أكتوبر المجيد    الرحمة طبع مش تمثيل.. 4 أبراج قلبهم أبيض وحنية الدنيا فيهم    سحب فيلم المشروع x من دور العرض السينمائي.. لهذا السبب    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي تبحث مع وزير التنمية الدولية النرويجي تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التنمية والحماية الاجتماعية    وكيل صحة الدقهلية يوجه بوضع لافتات إرشادية لتيسير حركة المترددين على المجلس الطبي العام    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    6 علاجات منزلية للكحة المستمرة    تحذير من «الري» بشأن تداول بيانات أو تصريحات منسوبة إليها    بعد معاينة الطب الشرعي.. جهات التحقيق تصرح بدفن طفل فرشوط بقنا    بعد 24 ساعة من حكم الإعدام.. "القودة" تنهي خصومة ثأرية في أبو حزام بقنا    رأي توفيق الحكيم في المرأة والحب.. السر في البطاطس    حبس المتهمين بقتل بلوجر المطرية    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    أشرف زكي لليوم السابع: وقف الحرب انتصار للإرادة المصرية وحفظ حقوق فلسطين    زيلينسكى يتهم روسيا بمحاولة زرع الفوضى فى أوكرانيا بقصف منشآت الطاقة    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    67 ألف شهيد و170 ألف جريح.. حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة    أستاذ قانون دولى: اتفاق شرم الشيخ انتصار للدبلوماسية المصرية ومصر تعيد رسم خريطة السلام    9 أكتوبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية    صبحي: لسنا راضين عما حدث بمونديال الشباب وسيتم تغيير الجهاز الفني    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    محمود مسلم: السيسي يستحق التقدير والمفاوض المصري الأقدر على الحوار مع الفلسطينيين والإسرائيليين    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    هل يجب التوقف عن بعض وسائل منع الحمل بعد سن الأربعين؟ استشاري يجيب    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة السلام الفلسطينية تدعم المفاوضات
نشر في شباب مصر يوم 04 - 09 - 2010

في فقرتين من خطابه بواشنطن يوم الأربعاء الماضي الذي دشن إطلاق العودة إلى المفاوضات المباشرة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وبين رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية، أورد الرئيس الأميركي باراك أوباما سببين يدعوانه للتفاؤل بأن "التقدم ممكن" في المفاوضات. ومع أن الباحث عن الفقرتين بالكاد يعثر لهما على أثر في وسائل الإعلام الرئيسية التي لم تورد نص خطابه كاملا، فإن عدم تسليط الأضواء عليهما لا يقلل من أهميتهما كدليل ملموس على جبهة ثالثة مفتوحة، قلما تحظى بما تستحقه من تغطية إعلامية أو ردع وطني، تستهدف غزو العقل الفلسطيني بمفاهيم عن السلام لا علاقة لها بالسلام بقدر علاقتها بالاستسلام للاحتلال كأمر واقع هدفها ترسيخ الاحتلال والاعتراف به و"التعايش السلمي" معه واعتباره "شريكا في السلام"، وهو ما يمكن تلخيصه ب"نشر ثقافة السلام" بهذه المفاهيم في أوساط عرب فلسطين ككاسحة ألغام ثقافية تردف التصفية العسكرية للمقاومة الوطنية، وهذا هو الاحتلال الأخطر.
السبب الأول الذي ذكره أوباما هو أن "الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية تتعاونان فعلا الآن على أساس يومي لزيادة الأمن وتخفيض العنف"، في إشارة إلى التنسيق الأمني ومطاردة المقاومة. والسبب الثاني هو أن "الإسرائيليين والفلسطينيين العاديين - - أي القادة الدينيون وجماعات المجتمع المدني والأطباء والعلماء ورجال الأعمال والطلاب - - يجدون طرقا للعمل معا كل يوم. إن جهودهم البطولية على المستوى الشعبي تبين أن التعاون والتقدم ممكنين وينبغي لهذه الجهود أن تكون مصدر إلهام لنا جميعا"، لذلك "فإننا نرى فعلا أساسا لإحراز تقدم".
إن الرسالة التي تبعثها إشادة أوباما ب"الجهود البطولية على المستوى الشعبي" بين أناس "عاديين .. يجدون طرقا للعمل معا كل يوم" هي رسالة مضللة، لأنها توحي بأن هذه "الجهود البطولية" تبذل طوعا بمبادرات ذاتية، لكنها في الحقيقة جهود شاذة ينحت التمويل الأميركي وغير الأميركي لها في الصخر لكي يشق طريقا لها وسط الثقافة الوطنية السائدة المقاومة للاحتلال، لا بل إن هذا التمويل يلجأ إلى وسائل الإكراه والابتزاز واستغلال الحال الاقتصادي المتدهور لفرضها، مثل الاشتراط الأميركي بوجوب أن تكون مثل هذه الجهود فلسطينية – إسرائيلية "مشتركة" للحصول على التمويل أو التوقيع على تعهد ب"نبذ الارهاب" للحصول على التمويل.
غير أن كلا السببين اللذين أوردهما أوباما يؤكد بأن القيادة المفاوضة لمنظمة التحرير صادقة في تكرار تأكيدها على وفائها باستحقاقات السلام، مقدما، ومجانا، ودون المعاملة بالمثل، وقبل أن يتم التوصل إلى أي اتفاق للسلام ما زالت تلهث وراء سرابه دون طائل حتى الآن، ويؤكد كذلك بأن "ثقافة السلام" التي تلتزم بها إنما تصب فقط في خدمة تحييد الأسس الثقافية للمقاومة التي يقرها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الطبيعي والعرف الإنساني وشرع الله.
وتكمن "ثقافة السلام" التي ينشرها مفاوض منظمة التحرير في صلب الأساس الذي يدعو أوباما إلى التفاؤل. فالتطور في "العقيدة الأمنية" لأجهزة أمن سلطة الحكم الذاتي الذي أشار إليه الناطق باسمها اللواء عدنان الضميري قبل شهرين، دون أن يوضحه، كان عبد الرزاق اليحي وزير الداخلية السابق في حكومة د. سلام فياض قد أوضحه عندما قال إن عقيدة هذه الأجهزة ليس التصادم مع قوات الاحتلال، بحجة التزامات السلطة بموجب الاتفاقيات الموقعة مع دولة الاحتلال، بالرغم من عدم المعاملة بالمثل، وبالتالي فإن التصدي للاجتياحات والاغتيالات ومكافحة التجسس (كما يحدث في قطاع غزة) ليس من وظائف هذه الأجهزة، مع أن القانون الأساسي للسلطة، وهو بمثابة دستورها، يحدد وظائفها في الدفاع عن الوطن وخدمة الشعب وحماية المجتمع، لتتحول الوظيفة الأساسية لهذه الأجهزة إلى التنسيق مع قوات الاحتلال، ولتتحول هذه القوات إلى شريك في الحفاظ على الأمن والسلام ضد "العدو المشترك" المتمثل في المقاومة الذي تسميها دولة الاحتلال "الإرهاب" وتسميها السلطة أسماء اخرى مثل "الخارجين على القانون والشرعية".
واللافت للنظر أن متوسط أعمار منتسبي المؤسسة الأمنية حاليا يقل عن ثلاثين عاما، كما قال اللواء الضميري، بعد أن أحالت حكومة فياض كل أجيال "الثورة" و"المقاومة" المخضرمة في هذه المؤسسة إلى التقاعد بحجة الإصلاح، مما يعني أن "السلالة الفلسطينية الجديدة" التي تحدث الجنرال الأميركي كيث دايتون عن "إنتاجها" في إطار "ثقافة السلام" إياها أثناء مهمته لدى السلطة الفلسطينية التي استقال منها مؤخرا قد تسلمت المقاليد الأمنية لهذه السلطة فعلا.
ولهذه السلالة الفلسطينية "الأمنية" الجديدة المهجنة أميركيا رديف "مدني" هو السبب الثاني الذي يدعو أوباما للتفاءل.
إن تصريح الرئيس محمود عباس في المناسبة نفسها بأن العلاقة الي يريدها بين الفلسطينيين وبين الإسرائيليين هي علاقة "سلام بينهم، وعيش طبيعي بينهم" وأنه يريد "أن نعيش شركاء وجيران إلى الأبد" هو تصريح ينطوي على مفارقة مفجعة إذا ما وضع في إطار الانفصال إلى الأبد عن الاحتلال الذي كان الهدف الرئيسي للانتفاضة الفلسطينية الأولى في ثمانينات القرن الماضي التي جاءت بمنظمة التحرير إلى الأرض المحتلة في المقام الأول، لكن الأهم في تصريحه أنه يفسر "ثقافة السلام" السائدة في عهده، وهي ثقافة تزرع الهزيمة في العقول وتخلق طابورا خامسا من المتطوعين للتعايش السلمي مع احتلال ما زال يصر بالرغم من ذلك على استخدام لغة القوة، طابورا مهيئا "ثقافيا" للتجنيد الاستخباري المعادي وللتعاون مع الاحتلال ضد مقاوميه اقتداء بقيادته الثقافية والتزاما بثقافة السلام التي ينشرها مفاوض منظمة التحرير أو يغض النظر عن التمويل الأميركي والأوروبي لنشرها.
إن تقرير صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية الذي تداولته وسائل الإعلام الفلسطينية على نطاق واسع الأسبوع الماضي عن حملة إعلامية يقودها عباس وكبار مفاوضيه تحت شعار "نحن شركاء، وأنتم ؟" التي تشرف عليها "مبادرة جنيف" في إطار "تحالف السلام الفلسطيني – الإسرائيلي" بقيادة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه بتمويل أميركي قدره مليون شيقل إسرائيلي إنما هو تقرير يكشف فقط قمة جبل جليد لشبكة واسعة من المنظمات المماثلة الأصغر التي أشاد أوباما ب"جهودها البطولية" في نخر الأساس الثقافي لمقاومة الاحتلال "على المستوى الشعبي" الفلسطيني.
وهي شبكة لم تنقطع "مفاوضاتها" يوما، وهي "مفاوضات شعبية" تجري على كل المستويات الدنيا سواء في المؤسسة الأمنية أو في منظمات "فلسطينية – إسرائيلية" للمجتمع المدني تتكاثر كالفطر، حيث يصول ويجول فيها خبراء الحرب النفسية والاستخبارية لدولة الاحتلال بكامل حريتهم في التواصل اليومي مع القطاعات الشابة بخاصة من الشعب الفلسطيني دون أي رقيب أو حسيب، ودون أي إجراء من "السلطة الوطنية" لحظر مثل هذا "التواصل الشعبي" أو لحصر الاتصال والتعاون مع دولة الاحتلال بالمفاوض نفسه أو في الأقل لتحصين من يقعون في أفخاخ مثل هذه "المفاوضات الشعبية" بمفاهيم وطنية مستوحاة من الثوابت الوطنية لشعبهم، لا بل إن هذه "الجهود" التي وصفها أوباما ب"البطولية" تجد كل التشجيع والقدوة في قيادات التفاوض نفسها.
في الثامن عشر من الشهر الماضي لم يفكر شاب فلسطيني من ضحايا ثقافة السلام هذه في "الاطلاع" على معاناة أبناء شعبه في عشرات الكانتونات المحاصرة بالمستعمرات الاستيطانية وجدار الضم والتوسع وقوات الاحتلال في الضفة الغربية، أو معاناة آخر تجمع عربي فلسطيني بجوار المسجد الأقصى في سلوان، أو معاناة أهله في دولة الاحتلال الإسرائيلي نفسها، أو معاناة بعض آخر من أهله المحاصرين في قطاع غزة، أو في غير ذلك من التعبيرات الحية للنكبة الفلسطينية المتواصلة منذ عام 1948، بل فكر في معاناة اليهود في العهد النازي لكي يقود وفدا من 22 شابا وشابة فلسطينية لزيارة متحف "الهولوكوست" المقام على أرض مغتصبة من أهله في القدس المحتلة "للاطلاع" على معاناة أصبحت اليوم جزءا من التاريخ.
وهذه عينة من الرديف "المدني" للسلالة الأمنية الفلسطينية الجديدة التي تعمل على "إنتاجه" شبكة يضمها "منتدى مؤسسات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية" الذي يبحث عن قواسم مشتركة تعطي أولوية، على سبيل المثال، للكفاح النسوي الفلسطيني – الإسرائيلي المشترك ضد سيطرة الرجل الذكورية على أية قواسم مشتركة فلسطينية لمقاومة الاحتلال، وتشمل الشبكة "جهودا مشتركة" و"مفاوضات شعبية" متواصلة للتعاون الجامعي والطبي والصحي والبيئي واللغوي والعلمي والثقافي والفني والديني والتعليمي والعائلي (لمن فقدوا أعزاء في الصراع) والأبحاث والحوار والتنمية والإبداع وعلم تسوية النزاعات والإعلام والمرأة و"زيتون السلام" بل توجد في هذا المنتدى منظمة باسم "محاربون من أجل السلام" تجمع بين مقاومين وجنود احتلال سابقين، ناهيك عن المدن الصناعية وجيش فلسطيني من رجال الأعمال والوكلاء والموزعين التجاريين لمنتجات دولة الاحتلال.
ومن المفجع وطنيا أن تكون جنين التي تحولت إلى رمز للمقاومة خلال انتفاضة الأقصى، في شمال الضفة الغربية لنهر الأردن، قد تحولت اليوم إلى "قصة نجاح" لثقافة السلام هذه يسوقها أصحابها كمثال ونموذج يحتذى به.
وجميع "المفاوضين الشعبيين" المنخرطين في هذه الجهود مرتبطين مصلحيا ووظيفيا ببقاء الاحتلال واستمراره، وقد افرزت هذه الظاهرة محترفين فلسطينيين في كتابة مشاريع طلبات التمويل أشبه بكتبة الاستدعاءات المنتشرين أمام المحاكم. وجميع منظمات هذه الشبكة ممولة أجنبيا بمساهمة "إسرائيلية" تمويلا لخص المسرحي الفلسطيني إسماعيل الدباغ نتائجه المدمرة عندما قال: "بأمانة .. التمويل حول المسرحيين إلى مرتزقة"، يساهمون بوعي أو دون وعي في هدم أية جسور لبناء الوحدة الوطنية الفلسطينية بينما يقيمون كل الجسور الممكنة مع دولة الاحتلال، ويجدون لهم في ذلك قدوة في قادة التفاوض.
فكبير مفاوضي المنظمة، د. صائب عريقات، عدا عن التمويل الأجنبي المشروط سياسيا لدائرة شؤون المفاوضات التي يرأسها وعن كونه مشاركا في حملة "يوجد شريك فلسطيني" التي تقودها "مبادرة جنيف" منذ سنوات عديدة، مما يتناقض مع معارضته القوية المعلنة في حينه لأي شراكة لحركته "فتح" مع حماس في أي حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، هو أيضا داعم نشيط لحركة "صوت واحد" الفلسطينية - الإسرائيلية، وعضو مجلس إدارة "بذور السلام" التي تنظم مخيمات صيفية مشتركة لفتية فلسطينيين وإسرائيليين وعرب، وقد تخرج ثلاثة من أبنائه من هذه المخيمات، لأنه يؤمن بأن حل الصراع مع دولة الاحتلال ممكن فقط بصنع السلام بين "الشعوب" قبل صنعه بين الحكومات، وعبر التفاوض "فقط" وهي قناعة سبق له القول إنه توصل إليها منذ حصوله على درجة الدكتوراة بمنحة دراسية من كلية دراسات السلام الممولة من وقف لطائفة الكويكرز الأميركية بجامعة برادفورد البريطانية عام 1983.
أهي مصادفة أن عباس وعبد ربه وعريقات هم الفريق الرئيسي المفاوض اليوم في واشنطن بعد أن صفى الاحتلال جسديا كل القيادات الفلسطينية الأخرى، أو نجح مع راعيه الأميركي في إبعاد من بقي حيا منها عن صنع القرار الفلسطيني، من المؤمنين بثقافة سلام مختلفة أساسها العدل تضرب جذورها في رسالة السلام الإسلامية والمسيحية التي يؤمن شعبهم بها ؟
* كاتب عربي من فلسطين
[email protected]*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.