عنوان قد يبدو غريبا في نظر البعض, والبعض يعيه جيدا. السؤال الذي يطرح إذن هو كيف يمكن للسلفيين أن يخدموا الشعب؟ أو بالأحرى هل لدى السلفيين ما يمكن أن يقدموه للشعب؟ الدارس للتنظيمات الإسلامية في المغرب سيجد أن لكل منها دور جد مهم, تحمل المشعل إلى أن تسلمه لأخرى فتخبوا الأولى لتحل محلها الثانية وهكذا دواليك. الشعب المغربي ولله الحمد شعب مسلم بنسبة تقارب المائة في المائة, شعب محافظ وعبر الزمن, لكن وفي بداية الستينات بدأت بوادر التفسخ وساهمت في ذلك عوامل متعددة كان من بينها الإعلام الوطني الذي سار ورغما عنه أحيانا وأحيانا بإرادته التامة, في مسار تشجيع ما كان يسميه التفتح. الشعب المحافظ التقليدي في سمته تحضر زيادة عن اللزوم حتى تجاوز التحضر المنطقي . الشعب من طبعه أن يقوم بردة فعل كلما أحس بالتهديد, وكانت ردة الفعل الأولى في المغرب من جماعة الدعوة والتبليغ التي كان رجالها وبشجاعة وجرأة محمودة يدعون للإصلاح وفي أماكن عمومية وشبه عمومية, وكان لهم الفضل الكبير في تشجيع العديد من الناس على التدين والشجاعة في إظهاره في واقع كان التدين يعتبر فيه رجعية وظلامية. بعد الدعوة والتبيلغ برزت جماعة العدل والإحسان وجميعة الجماعة( حركة الاصلاح والتجديد ثم حركة التوحيد والاصلاح ثم حزب العدالة والتنمية حاليا) ركزت الجماعتين على ميدان التعليم وبدأت من أسفل درجاته الابتدائي ثم الإعدادي ثم الثانوي والجامعي. كانت انطلاقة العمل الدعوي العلني في الجامعات المغربية سنة 1990 . عمل علني دعوي معلن عنه وبأسماء التنظيمات. الميدان لم يكن خاليا بل كان اليسار الرادكالي هو المسيطر إبانها على الجامعات المغربية. وكانت سنة 1990سنة التدافع الحاد والعنيف بين الطلبة الإسلاميين واليساريين الرادكاليين. بدا الإسلاميون يسيطرون على المواقع الجامعية سنة بعد أخرى. قبل سنة البروز العلني لم يكن مسموحا للطلبة أن يصلوا في الجامعات, وكل من ضبط يصلي شهر به وأودي بشدة في نفسيته وبدنه. إلى حدود سنة 1992 لم يكن وفي جامعة فاس ممكنا الدخول وبالحجاب , بل إن كل من تجرأت ودخلت الجامعة وبالحجاب تغتصب وتهان شر إهانة. أبلت جماعة العدل والإحسان وحركة الإصلاح والتجديد في توفير الأمن والأمان للطالب في الحرم الجامعي والأحياء الجامعية, وتحملوا في ذلك الكثير من التضحيات. منها أن العدل والإحسان قدمت عشرين من شبابها في وجدة الذين قضوا عشرين سنة حبيا نافذا. لقد كان لجيل الإسلاميين بداية التسعينات الفضل الكبير في تنقية الجامعات والمعاهاد المغربية من شوائب كانت تعكر صفو الطالب فيها وتفرض عليه الميوعة وكل أنواع الاستغلال. مع بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين أصبح المشعل في يد السلفيين, لان الشباب المتدين تربى في عز ما وفره السابقون ورغب في الاستزادة من الخير. الشعب المغربي حاليا هو الذي أصبح في أمس الحاجة إلى تضحيات السلفيين. اليوم أصبح الأمن والأمان في الأحياء والمدن شبه منعدم بل لقد أصبح بعض المهلوسين يشكلون تهديدا للمؤمنات والمؤمنين. انتقل الشر من الجامعات إلى قلب الأحياء والمدن المغربية. لا يمكن لمصالح الآمن وحتى الجيش أن يضمن الأمن التام في الأحياء أكثر مما سيضمنه أبناء الحي نفسه المتدينون والصادقون منهم. قوة الإسلاميين لدى السفليين والتنظيمات الأخرى كهلت هي مثل الوالدين بالنسبة للسلفيين, الشباب هو من وجب عليه أن يقدم بدوره تضحيات في سبيل ضمان الآمن والأمان والحماية للشعب المغربي. أول خطوة ضرورية هي تكوين جمعيات الأحياء ثم فيدرالية الجمعيات في كل مدينة ومنها فيدرالية وطنية لجمعيات الأحياء. وجب على الشباب المتدين المدرب والقوي أن يلامس هموم الشعب في الأحياء, وجب ضمان الأمن للمسنين والعجائز والنساء والأطفال. تكوين جمعيات هدفها التنمية والنظافة والخدمات الاجتماعية لكنها يمكن وعند الضرورة أن تردع كل صعلوك تجاوز الحدود في حق مؤمن أو مؤمنة. إنها المهمة النبيلة التي ستحبب السلفيين للشعب المغربي مهمة خدمته وتقديم الدعم والمساعدة له, كي يفهم أنهم أبناء الشعب وحماته, وتتبخر تلك النظرة الموشومة في العقول عنهم.