ما تبقى من شهر تقريبا لتحديد من هو رئيس جمهورية مصر العربية لن تكون أطول من التجربة السياسية للشعب المصري على مر تسعة وخمسون عاما فمنذ انتهاء الملكية على يد ثورة الظباط الأحرار والشعب المصري يراكم في مورثه السياسي تجارب ما بين القومية العربية والإشتراكية مرورا بحكم السادات وسياساته الإنفتاحية والعلاقات الخارجية لمصر ومشاريعه السلمية مع الدولة العبرية وأخيرا مع تهاوي نظام مبارك الذي ترك اثرا في نفوس المصريين من تعامله مع امريكا واسرائيل على حساب المبادئ والثوابت الشعبية التي تراكمت مع مرور الزمن ، واليوم يثبت الشعب المصري انه قادر على صنع قراره السياسي ، فانتخب البرلمان ذو اغلبية ذات توجه اسلامي يعتمد على منطق الثيموقراطية التي لن يطبقوها مالم تسنح الفرصة ، وهذا ينم عن ايديولجية لازامية في النظام الاسلامي فالسياسة في الدين والدين في السياسة ، و من خلال النتائج الاولى للمرحلة الاولى للانتخابات الرئاسية أكدت النتائج حصول الدكتور محمد مرسي مرشح حزب "الحرية والعدالة" والذي يعتبر المرشح الاحتياطي للاخوان المسلمين على 5.602.547 صوت بنسبة 24.8% ، والفريق أحمد شفيق على 5.404.121 صوت بنسبة 23.9% ، والذي يعتبره البعض أحد اركان النظام السابق بإعتباره رئيس وزراء سابق في عهد مبارك وأحد أركان الجيش المصري سابقا ، ويتضح التقارب في عدد الاصوات بينهم فلذا فإنه ما من احد يستطيع التكهن بفوز أحدهم بسبب التقارب الشديد ، وسيخوض مرسي وشفيق جولة الاعادة منتصف الشهر القادم لعدم حصول اي منهما على اكثر من 50 في المئة من اصوات الجولة الاولى، وبالتالي عليهم الاستعانة بالاعلام ووسائل الدعاية الخفية والظاهرة للتأثير على الناخبين ، ويرى البعض أن حصول الاخوان المسلمين و السلفيين على مقاعد في المجلس النيابي ولو توقع فوز شفيق في انتخابات الرئاسة سيؤدى الى وجود توازن بين السلة التنفيذية والسلطة التشريعية والجيش الذي كان يعتبر شفيق أحد اركانه ، وهذا في حالة أن سلم الأخوان والسلفيين في هذه النتائج المفترضة ، ولا قدر الله ان رفضوا الخيار الديموقراطي قد يؤدى الى عدم استقرار مصر وذلك لتخوفهم من عدم توازن السلطات في النظام المصري ، ويعتقد أن انتقال الحكم سلميا ونزيهة وبطريقة ديموقراطية سيؤدى الى استقرا مصر لاكثر من 4 سنوات قادمة فالشعب امتلك حق التغيير من خلال النزول الى الشارع ما لم يساء الى هذا الحق ، واستخدم في حالة مرور الاربع سنوات للحكم الرئاسي في النظام المصري ، إن توقع فوز الاخوان المسلمين والمتمثلين في مرشحهم محمد مرسي لن يظهر أثره على المستوى المحلي لمصر فقط بل سيؤثر على المنطقة وسيغير عدد من السياسات الخارجية لمصر من هذه القضايا القضية الفلسطينية والعلاقات مع اسرائيل ، وحقيقة الأمر أن الاخوان المسلمين لو تسلم السلطة سيرحب به امريكيا ومن الدول الغربية ، وستمتعض فقط اسرائيل حتى تتبين لهم دروب السياسية الاخوانية وسياستهم الخارجية وعلاقتهم بقطاع غزة ، وهناك من يراهن على فوز أحد المرشحين سيغير من السياسة الخارجية لمصر لكن المتامل بالسياسات الخارجية للدول يرى أنه مع فوز محمد مرسي أو أحمد شفيق لن يغير كثيرا في السياسية الخارجية المصرية ، لأن المرشحين لهم برنامج سياسي ووعود انتخابية قطعها على نفسه للقاعدة الشعبية فهي اولى من سياساته الخارجية ، كم ان عبئ الحكم وادارة دفة البلاد ستغير نظرة الفائز وستلغي حسابات قديمة وتطلعات وشعارات كان ينادي فيها ، بالإضافة الى أنه من غير وبدل في فكره الأيديولوجي ومبادئه سبقا يستطيع التغيير والتكيف مع الواقع السياسي والضغوط الخارجية وحسابات الربح والخسارة ، لذلك إن من يعلق أمالا كثيرة على احد المرشحين عليه ان يتروى ولا تشيج عواطفه فالحكم عبئ كبير وما كان يراه الحاكم حقا قبل توليه قد يراه حقا صغير من حقوقا كثيرة .