الشريعة الإسلامية تمنع تولي العبد والمرأة منصب الرئاسة العظمى في الدولة الإسلامية، ولهذا المنع علة معروفة وهي أن السيد له الولاية على العبد ولا يصح أن يكون للرئيس ولاية على الناس بينما هناك شخص آخر له الولاية على هذا الرئيس، وكذلك المرأة فإن لزوجها ولاية عليها.. وإذا لم تكن متزوجة فإن لأبيها ولاية عليها.. فكيف تكون في منصب الرئاسة وهناك من هو فوقها.. وطبعا نعرف جميعا أن العبرة في الشريعة بالعلة وليس بالأسماء.. فإذا كانت العبرة في تحريم الخمر هي إذهاب العقل فكل ما أذهب العقل يعد خمرا مهما كان اسمه.. وبناء على ذلك أرى عدم جواز أن يكون محمد مرسي رئيسا للجمهورية لأن في عنقه بيعة لمرشد الإخوان المسلمين.. والبيعة على السمع والطاعة! فكيف يكون رئيسا بينما لرجل آخر ولاية عليه؟! طبعا قد يقول قائل أنه إذا نجح في الانتخابات سوف يستقيل من الجماعة.. ولكن الجميع يعرف أنها ستكون إستقالة صورية.. ولا اعتبار في الشريعة بالأمور الصورية. وهكذا فإن جميع أعضاء الجماعة لا يصلحون شرعا لتولي منصب الرئاسة سوى المرشد نفسه.. ولكن الجماعة لم ترشح المرشد.. ولو فعلت لكان ذلك خيرا لهم من وجوه كثيرة.. ليس أقلها أن محمد مرسي لا يتمتع بالكارزيما والقبول العام كما أنه كان استبن لمرشح آخر (على حد تعبير العوام أن الاستبن طلع فاضي).. ولا أدري كيف غفل الإخوان والسلفيين الذين أيدوهم في الرئاسة عن هذا الشرط الخطير في تولي الرئاسة.. حيث يجب ألا يكون فوق الرئيس شخص آخر.. كيف غفلوا عن ذلك وهم الذين أصروا على عدم الموافقة على تولي المرأة منصب الرئاسة؟ فهل من المعقول أن يتمسكوا بالحكم الفقهي ويتغافلون عن علته !! ولهذا فإني أتوجه للإخوان المسلمين (وفيهم العلماء والفقهاء) وأتوجه للسلفيين (وهم أهل العلم الشرعي) بهذا السؤال.. هل يجوز شرعا تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية؟ وأتمنى من كل قلبي أن يردوا على هذا السؤال المصيري بضمير حي ومراقبة لله تعالى. لقد تخلت جميع القوى الإسلامية المنظمة عن الدكتور سليم العوا.. وخيرا فعلوا للرجل لأن الإسلاميين سقطوا من أعين الشعب سقوطا هائلا بعد ما أظهروا من كذب وتغرير بالشباب وإثارة الفتن وإراقة الدماء في العباسية.. وبعد ما أظهروا من استئثار واستحواذ وإخلاف للوعد.. وبعد أن تبينت ملامح الصفقات السرية التي أبرموها والتي حاولوا إبرامها. ولم يتلوث بهذه الآفات من المرشحين الإسلاميين سوى الدكتور محمد سليم العوا.. ولهذا أرى أن جماهير الإسلاميين سوف تتجه للتصويت له على خلاف توقع المتوقعين.. فهو عالم ومفكر إسلامي وفقيه مجتهد وأصولي راسخ وسياسي بارع.. قوي الشخصية ومستقل عن جميع الأحزاب والجماعات والتيارات.. رفض عقد الصفقات ورفض المساومة على تأييده مقابل أي شروط.. والأهم من كل ذلك أنه لا يدين بطاعة مرشد ولا مكتب إرشاد ولا مجلس شورى أي جماعة أو تنظيم.. ومع كل ذلك فهو ليس معاديا لأي جماعة أو هيئة أو تنظيم بل علاقته بهم جميعا علاقة مودة واحترام.. والمنصفون منهم يعرفون أفضاله الكثيرة عليهم جميعا.. ولهذا فإني أتوقع أن يفوز الدكتور سليم العوا في انتخابات الرئاسة رغم كل الخذلان من قيادات القوى الإسلامية.. وإن غدا لناظره قريب.. وكما قال الشاعر: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا *** ويأتيك بالأخبار من لم تزود