البعض يقول انه كي يتغير النظام الحاكم في مصر فلابد من حدوث انقلاب عسكري شامل يفرض سيطرة قوة جديدة بالقوة كي يعيدنا الي نقطة البداية مرة اخري علنا نتمكن من ان نبدأ من جديد في بناء مستقبل يخلو من الاخطاء الحالية، بينما يذهب البعض الآخر الي ان التغيير لن يحدث إلا في حالة قيام ثورة شعبية تقضي علي كل محاور الفساد والجهل بالإضافة الي محو مراكز القوي المسيطرة علي النظام المصري.... وكي نكون واقعيين فلابد لنا ان نستبعد الطريقة الاولي أي الانقلاب العسكري،، فهو شيئ غير مرغوب فيه وغير وارد حدوثة بالمرة لأسباب معروفة للجميع وأفضل عدم الحديث عنها،، وأيضا كي نكون عاقلين فلابد لنا وان نستبعد الطريقة الثانية وهي تحريض الشعب المصري المطحون من خلال النشاطات غير الشرعية التي تستهدف عواطف من يعانون في ظل هذا النظام رغبة في تدمير المجتمع للوصول إلي مصالح خاصة لا للبناء، كي يقومون بثورة دامية قد تقضي علي الاخضر واليابس وتعيدنا اعواما للوراء وتضعنا في مواجهة همجية مع قوي النظام والتي بالتأكيد ستؤدي الي كارثة لا يمكن توقع نتائجها ولا تحمد عقباها إذا فما هو الحل المناسب لإحداث التغيير في مصر من اجل ارساء قيم العدالة والديموقراطية والمساواة والشفافية الي آخر القيم التي تدفع المجتمع نحو الاستقرار و التطور والتنمية الفعلية البناءة دون شعارات وبيانات وتصريحات كاذبة وزائفة يصدرها أناس ينظرون من خلال مناظير وردية اللون من خلف زجاج واق للرصاص من اعلي ادوار أبراجهم العاجية الي شعب مسحوق لا يملك شيئا ،، وليس عندهم ادني دراية او إلمام بما يحدث للمواطن المصري البسيط الذي يصارع يوميا الجوع والمرض والغلاء والاحتكار والجشع ويعيش تحت خط الفقر بعدة خطوط،، الحل كما يراه الكثيرون وانا شخصيا أؤيدهم ان مصر بحاجة إلي ثورة من نوع اخر، ثورة فكرية، ثورة بناءة تعتمد علي العقل والفكر وليس علي العنف واستخدام القوة الهمجية.. ثورة تزيح هذا القدر غير المتناهي من اللامبالاة التي اصبحت السمة الأساسية للسواد الأعظم من فئات الشعب المصري إضافة إالي روح اليأس التي تملكت الكبير والصغير نتيجة لإنتشار الفساد والقمع في المجتمع وجعلت من السلبية رمزا يحل محل القيم الإيجابية ومن الهروب شعارا بدلا من المواجهة السلمية بالعقل والكلمة المخلصة ضد الافكار المدنسة والحيل الملتوية،، وبالرغم من كل هذا فلا يمكننا ان ننكر ان ما يحدث الان في الساحة السياسية المصرية يعد طفرة غير مسبوقة وبادرة امل لا يمكن تجاهلها، فوجود هذا القدر من المعارضة سيؤدي حتما إلي تفعيل دور القوي السياسية المختلفة والمهمشة منذ عقود طويلة في الساحة المصرية، كما سيؤدي بالضرورة إلي نمو الوعي بالدور المهم الذي تقوم به الكلمة الموحدة وهذا هو الهدف الأهم خاصة بين الشباب، فلا استطيع ان اصف قدر سعادتي عندما اطالع صفحة او جروب علي موقع الفيس بوك او المجلات الاليكترونية التي انتشرت بشكل كبير وسريع في الاونة الاخيرة يتم من خلاله فتح نوافذ التعبير والتوعية للشباب المصري بطريقة متحضرة وسريعة ومنتشرة وتوجيهه لإتخاذ منهج ايجابي لمواجهة ما يدور بخلد اباطرة السياسة والحزب الوطني من مخططات لتوريث منصب الرئيس في مصر، هذا التوريث الذي يأملون به اولا واخرا لسبب واحد وهو الحفاظ علي مواقعهم ونفوذهم الذي من المؤكد زواله في حالة تولي شخصية جديدة من خارج الحزب الحاكم لمهام الأمور في مصر،، فمن هم هؤلاء الشباب ليشقوا عصي الطاعة علي النظام!؟ وهل حقا مصر بها من يجرؤ علي مثل هذا الفعل!؟ وهل مصر التي ظلت طيلة هذه الأعوام تعاني من النقص في المصطلحات الإعتراضية خاصة مصطلح "لا" قادرة علي المضي قدما لاول مرة في تاريخها بفكر جديد نابع من عقول هؤلاء الشباب الذي ولد معظمهم في ظل نظام لا يعرف سوي قانون واحد فقط هو قانون الطوارئ؟ هذا القانون الذي يمثل العصي السحرية في يد مجموعة من المليونيرات الذين لم يشعر احدهم يوما بما يعانيه محدود الدخل الذي يمثل الأغلبية في هذا الوطن والذي اصبح فجأة محور اهتمام تصريحاتهم وبياناتهم،، الإجابة الوحيدة لكل هذه التساؤلات هي "نعم هناك امل"، هناك امل في تحقيق ما يدور بعقولنا من احلام، تلك الأحلام التي ظلت اعواما وأعواما المسكن الوحيد الذي نلجأ إليه هروبا من واقعنا المرير وآلامنا التي تنغص علينا الحياة. فالثورة التي اقصدها نواتها هي الشباب، شباب مصر "الكنز الوطني الحقيقي" الذي لايمكن اطفاء بريقه مهما حدث ومهما اتبع النظام من طرق فوضوية، وقمعية فالحقيقة لاتعرف قبرا يستطيع احتوائها حتي ولو ألقيت في اعماق أعماق البحار فلابد وان تظهر شيئا فشيئا لتفضح اساليب الترهيب والتعذيب والاجبار التي تمارس دون وجه حق، لتفضح الفقر الذي تعانيه الأسر المصرية، لتفضح هؤلاء المتشدقون بالحق والفضيلة وهم علي علم تام ان هذا الشعب يدرك تماما زيف ما يقولون، فالبرغم من كون معظم الشباب في حالة استسلام نتيجة التضليل والتعتيم والممارسات الترهيبية ونتيجة للخوف الدائم والمستمر والعدو خلف لقمة العيش التي اصبحت تمثل الصراع الحقيقي في الحياة اليومية إلا ان من يقولون "لا للتوريث" معظمهم من الشباب، من ينادون بتغيير مواد "الدستور" و "تحديد عدد فترات الرئاسة" اكثرهم من الشباب، ومن خرجوا بملابس الحداد في "الوقفات الصامتة" بمختلف محافظات مصر احتجاجا علي تعذيب وقتل خالد سعيد علي يد عناصر من الشرطة كانوا من الشباب، من يسعون خلف الحقائق لتقديمها دون خوف علي صفحات الجرائد الاليكترونية والانترنت والمدونات ايضا من الشباب،، أخر ما أود ذكره هو ان "الشعب المصري" قادر علي التمسك بحقه جيدا لإتخاذ قرار يغير الواقع المخزي ويصنع مستقبل مشرق خال من الفساد في ظل دستور تتم صياغته من اجل خدمة الوطن بجميع فئاته دون تفرقة بين هذا و ذاك، دستور يعيد للشعب سلطته الضائعة تحت مظللة من العدل والشرف والكرامة والشفافية والديموقراطية الحقيقية التي تضمن وصول كل من يستحق الي المكان الذي يستحقه، دستور يضمن ان يمثلنا في مجلس الشعب افرادا من الشعب وليس افرادا من دولة اخري تسمي "دولة الحزب الحاكم".