الشيخ القارئ والمنشد الكبير محمد الطوخي رحمه الله تعالي هو مدرسة في تلاوة القرآن الكريم وصوته من الأصوات القرآنية الشجية الجميلة وهذا الشيخ العلامة في تلاوة القرآن أيضا صاحب مدرسة أخري في فن إلقاء الابتهالات والتواشيح الدينية والتي من أقطابها أيضا الشيخ علي محمود وإبراهيم الفران وسيد النقشبندي وطوبار والفشني وغيرهم من أقطاب هذه المدرسة العريقة والقديمة رحمهم الله جميعا . وهذه المدرسة النورانية تتميز بحلاوة الصوت وجماله مع الإلمام بكل قواعد هذا الفن الجميل الذي يدعو إلي التمسك بكل المعاني السامية الجميلة الروحية والمستمدة من سير الأنبياء والمرسلين وكذلك كل المعاني الجميلة في الحياة والتي تغذي الأرواح الإنسانية عند سماعها . ولد الشيخ الموهوب محمد الطوخي رحمه الله عام 1922م بمحافظة المنوفية تعلم القرآن الكريم في كتاب القرية علي يد كبار الشيوخ بها ، وتعلم القراءة والكتابة أيضا وذلك في سن العاشرة من عمره عام 1932م وبعد ذلك التحق بالازهر الشريف وتعلم كل العلوم الشرعية من قرآن كريم وحديث وفقه وسيرة وحديث وتفسير ولغة وقد حصل علي إجازة القرآن الكريم وأجاد القراءات السبع والعشر وانطلق بعدها في تلاوة القرآن الكريم وكذلك إلقاء التواشيح الدينية في كل أنحاء مصر وخارجها . وقد عمل الشيخ الطوخي رحمه الله بجانب تلاوته للقرآن الكريم والإنشاد الديني مأذون شرعيا لعقد القرآن وتحرير العقود الشرعية الخاصة بهذه المهنة من زواج وطلاق في الشهر العقاري وقد مارس عمله كمأذون في حي بولاق بالقاهرة . وقد التحق الشيخ محمد الطوخي بالإذاعة المصرية واعتماده بها لإلقاء الابتهالات والإنشاد الديني أما خارج الإذاعة فكان يقرأ القرآن في المناسبات العامة وفي المآتم وفي المساجد والليالي الرمضانية وغير ذلك في الداخل والخارج وهو من الأصوات الجميلة والموهوبة والخاشعة في تلاوات القرآن الكريم أما في الإذاعة المصرية فقد سجل مجموعة كبيرة من الابتهالات الدينية منها السيرة المحمدية ودعاء الأنبياء ومدح الرسول وغيرهما . وفي فترة الستينيات والسبعينيات وحتى يوم وفاته قد عمل الشيخ محمد الطوخي قارئا لمسجد السلطان أبو العلاء . والشيخ الطوخي له تسجيلات قرآنية عند محبيه ومعجبيه ولكن هذه التسجيلات القرآنية القيمة الجميلة قليلة جدا ، وله شرائط كثيرة في الإنشاد الديني موجودة في المكتبات الدينية والعامة في مصر وخارج مصر بها أجمل وأحلي المديح النبوي بصوته الجميل المبهر وفيها يمدح سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم من خصاله وسيرته العطرة الخالدة . وقد زار الشيخ محمد الطوخي رحمه الله دول كثيرة لتلاوة القرآن الكريم وتعليمه وكذلك إلقاء الابتهالات والأناشيد والتواشيح الدينية في شهر رمضان وغيره من الشهور الأخري بطلب من هذه الدول والتي تعشق تلاوته وتعليمه للقرآن الكريم وتعشق ابتهالاته الدينية المغذية للأرواح الإنسانية ومن هذه الدول التي زارها العراق وغانا ونيجيريا ، والسودان ، وماليزيا ، وزامبيا ، والجزائر ، والمغرب ، وتونس ، وأوغندا ، وباكستان ، وانجلترا ، وفرنسا ، واندونيسيا ، وماليزية ، وقطر ، والأردن ومدغشقر ، والسنغال ، وجنوب إفريقيا وغيرهما ، وقد سجل لها مجموعة كبيرة من التسجيلات القرآنية وكذلك مجموعة من التسجيلات من الابتهالات والتواشيح الدينية وقد شارك الشيخ محمد الطوخي في لجان تحكيم مسابقات القرآن الكريم في الدول المذكورة وغيرها . وقد حصل الشيخ محمد الطوخي رحمه الله علي العديد من شهادات التقدير في تلاوة القرآن الكريم وفي تعليمه وفي الابتهالات الدينية فقد كرم في مصر والأردن والمغرب واليمن وأوغندا وزامبيا وغانا واندونيسيا وباكستان ونيجيريا وفرنسا وغيرهما بفضل جهوده في تلاوة القرآن وتعليمه لكثير من الأجيال والتي تعشق حفظ كتاب الله في هذه الدول المذكورة وغير المذكورة . والشيخ الطوخي رحمه الله عاش في الحياة متواضعا وكان رجل كريما بمعني الكلمة وكان صاحب خلق كريم وصاحب مواقف وأعمال حميدة فقد رايته قبل أن يموت بسنوات عند احد المعارف يصلح بين كثير من الناس المتخاصمة خاصة المتزوجين فكان يفضل الصلح بين الزوجين بدل من الطلاق وضياع الأسرة ويقرب بينهم المسافة والمحبة لوجه الله فهو كما ذكرنا كان يعمل بمهنة كتابة العقود للمتزوجين والمطلقين ولكن كان يحاول التقريب بين الأزواج والزوجات المختلفين والذين يريدون الانفصال وضياع الأسرة بسبب أمور خاصة بهم وكان يرفض في كثير من الحالات بعض الرسوم المالية ابتغاء مرضات الله وكان يجلس بين أسرة المتخاصمين ويحاول أن يصلح بينهم وحتى لا ينفصل الزوجان وتضيع الأسرة بسبب الطلاق ، وكان يرشد أولئك المختلفين من الأزواج والزوجات بالكلمة الحلوة اللينة وكان ينجح في حل كثير من هذه المشكلات والتي كانت ترغب في الافتراق بالطلاق فكان توفيق الله تعالي ثم هو في جمع هذه الأسر المختلفة بان يبدأ الحياة من جديد دون اختلاف في جو يسوده الود والألفة والمحبة بينهم . وكان الشيخ محمد الطوخي رحمه الله صاحب كرم وسخاء فكان لا يتأخر عن زيارة المرضي ومساعدتهم وكذلك أصحاب الحاجات الاخري من المساكين واليتامى وغيرهما ، وكان يقرا القرآن الكريم في كثير من المناسبات عند الفقراء وغير الفقراء وكان لا يشترط علي احد في تلاوة القرآن الكريم فكان يؤخذ بما فيه النصيب ويتصدق ببعض هذا المال للمحتاجين رحمه الله تعالي . توفي الشيخ القارئ والمنشد محمد الطوخي يوم الجمعة الموافق 6/3/2009م عن عمر يناهز السابعة والثمانين قضاها في تلاوة القرآن الكريم وتعليمه وإلقاء الإنشاد الديني في الداخل والخارج وكذلك في مهنة الماذونية والوعظ والإرشاد في المساجد في مصر والخارج وقد كرمته منطقة عين شمس عام 1985م في مسجد محمد أغا عندما لبي الدعوة في الاحتفال بمولد النبي صلي الله عليه وسلم مع مجموعة من شيوخ الأزهر وبتلبية من أهل المنطقة لسماع تلاوته العطرة . رحم الله الشيخ القارئ والمنشد محمد الطوخي رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته مع سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ورحمنا الله تعالي ونجانا من حسابه يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم . وإلي لقاء أخر مع نجم من نجوم شيوخ دولة التلاوة المصرية العريقة بقلم / عبد العزيز فرج عزو ((( كاتب وباحث ))).