الثورة الحقيقة هى الثورة التى تزلزل أركان الباطل ، وتهدم الفساد ، وتقضى على الطغيان ، وتعود ثورة جديدة لتبنى أركان الحق ،والعدل ،والحرية ، وتطهر كل أرجاء البلاد ، حتى الشعب تطهره من عوامل الظلم التى حاقت به ، وأثرت فيه لسنوات طويلة ، لدرجة أنه عندما سنحت له الفرصة أن يتحرر ، استغلها بطريقته الخاطئة ، وترك النور ، وذهب بكامل إرادته إلى الظلام. هذا ما فعله شعب محروم من الحرية ؛لدرجة أنه أساء فهمها ، ومن هنا أساء التصرف ، من ظن أن الحرية بلا قيود فهو خاطىء ، الحرية كلها قيود ،وضوابط ،وقوانين ، وبسبب هذه الحرية. أصبحنا الشعب الذى يخاف من نفسه ، ويحرص كل الحرص على عدم العودة للوراء ، إننا الشعب البسيط الذى حاولتفتيت الظلم ، وتقطيعه ، والنيل منه .قمنا بثورة ؛ ولكنها ثورة على الحاكم والرئيس ونظام بأكمله نظام عاش فى عهده إناس، وماتت فيه إناس أكثر . نظام أُعدمت فيه الديمقراطية ، وضاعت فيه الفرص ، وهُرم فيه الشباب ، ولم يترك لهم ثغرةيدخلون منها ، وإنما لصقواأصحابالمناصب فى الكراسى التى أودت بهم ، ودمرت سمعتهم ، والحقتهم بالجحيم . نعم قمنا بثورة غير ممنهجة على الحاكم ، ونجحنا فى اسقاط نظامه ،وحكمه ،وحاشيته ؛ ولكن لم نقم بثورةعلى المحكومين(أنفسنا ) ، ومحاسبة أنفسنا لأننا مشتركين فى كل ما يحدث فى البلد ومسئولين عنه ،ثورة للتطهير الداخلى من كل ما فى داخلنا ، نعم ثورة على الشعب ، ثورة على أنفسنا . هل رأيتم فى حياتكم شعب يخاف من نفسه ، شعب يهاب نفسه ، ويقول( ربنايستر )،أو (يارب الأمور تعدى على خير ) يخاف منَ هذا الشعب ؟ الحاكم وقد ازاله ، الفساد ويحاول تمزيقه وتقطيعه وتدميره ؛ لكى يرحل بلا عودة ، الحاشية وقد شتتها ، ومزقها، من أى شىء يخاف ؟! إنه يخاف من نفسه ، نعم يخاف من نفسه أننا أثبتنا يا سادة إننا غير قادرين على تحمل المسئولية ، إننا غير مؤهلين على الحياة فى ديمقراطية ،وعزة ، وكرامة ،وحرية ملتزمة اكررها حرية ؛ ولكنها بشروط عدم الضرر بالآخرين ،ولا نتصرف كالمجانين ونقول أنها حرية ، إننا أوشكنا على الهلاك والانجراف إلى الهاوية ، نعم هذا ماحدث . ماانجزناه كان شىء لا يصدقه عقل ،إننا المصريين نفيق من السُبات العميق الذى تعودنا اللجوء إليه فى أحلك الأوقات التى تحتاج فيها مصر إلينا ، وتنادينا ولم نستمع إلى النداء بل نتظاهر بعدم الاستماع إليها ، وها قد سنحت لنا الفرصة للتضحية والتعويض والعودةإليها ، ومع ذلكلم نعرف كيفية التعامل مع الموقف ، ولم نقدر قيمة هذه المكتسبات . ها قد بدأنا نحرق المنشآت ، ونخرب الممتلكات ،وندمر كل ما نقابله ، بحجة أنهم هم (البلطجة ) بمعنى أنهم غير مصريين ، لا هم مصريون ولكن لا يحبون مصر وأنا متأكدة من هذا . لا يعرفون معنى الوطن ، وقداسته ، وتقبيل ترابه ، لا يعرفون ذلك . ولكن نحن الشعب الذى يطالب باصلاح البلاد وتعميرها ، ونحن من يواجه الصعاب لأجل بلادنا ، من المفترض علينا أن نقف وقفة واحدة ويجتمع شملنا من جديد ؛ لكى نقف وقفة رجل واحد . ونجتمع على مصلحة واحدة وهى مصلحة الوطن، هكذا يجب أن نفعل ، ولكننا أصبحنا الشعب الذى يخاف من الشعب أو بمعنى أدق الشعب الذى يخاف نفسه . حرصاء كل الحرص على عدم إراقة الدماء ، ونتمنى السلامة فى كل خطوة نخطوها ، حرصاء على الموقف ، والبلد ، والشباب ،والناس ،والمنشآت وكل ما يوجد فى البلد ، ولكن هل ما أراه جيداً ، هل خوفنا الذى تحول إلى خوف نفسى جيد ، هل حرصنا على هذا الخوف من أنفسنا جيد ، بمعنى أن مصر تخاف من المصريين ، كيف يكونذلك ؟ يكون بتفشى ظاهرة البلطجة، وعدم مبالاة الشعب بالوطن ، وعدم الاهتمام من قبل بعض الفئات المخربة بحجة ( هى جت علينا احنا) ،(ما هى البلد خربت ؟) أو بالكلمة الشهيرة والمتوراثة منذ قرون ( وأنا مالى ) يكون بأننا من تتسبب فى كل هذا ، ومع كل هذه الأخطاء التى تصدر منا ، نحن فى قوة كبيرةوصمود أقوى،يجب أن نستعد ونتماسك لمواجهة أية قوى خارجية ، ولانستعد لمواجهةبعضنا البعض ، أين المنهجة الدقيقة للثورة؟ أين جدولة الرؤى لتحقيق الأهداف والأحلام . وأين ...... ؟وأين أشياء كثيرة ضاعت لم نستطع الأتيان بها .........؟ وأين الخطى الثابتة التى يجبأن نخطوها ، لأن الثائر الحق هوالذى يثور ليهدم الفساد ويهدأ ليبنى الأمجاد ، و من هنا يجب علينا أن نثور لكى نهدم الفساد وندمرالظلم والطغيان ؛ ولكننا نهدأ لكى نبنى ما دمرهالفساد والظلم ونحوله إلى حديقة من العدل والحرية والنزاهة والأخلاق التى ينبغى أن نواجه بها أنفسنا ، هكذا نحن المصريين يأخذنا الموقف وننسى الأساس ، أرجو وقفة من كل مصرى مع نفسه ؛ ليواجهها ويقوى فيها جوانب الخير ، ويضعف منها جوانب الشر ؛ لكى يأتى الوقت الذى لا نخاف فيه من أنفسنا ، وفى هذا الوقت نقول ربنا يسترعلى بلدنا ونموها وتعميرها منأى اعتداء خارجىوليس من أنفسنا ؛ لأننا نأمن أنفسنا جيداً ؛ لكى نستطيع القول: (إننا نحب مصر من قلوبنا ، ونفديها بأنفسنا وأرواحنا .)