الحوار هو وسيلة التواصل بين المخلوقات و ليس بين البشر فحسب بل يتعداه ليشمل كل الكائنات فنجد الحيوانات يحاور بعضها بعضاً والطيور والحشرات وكل المخلوقات ويختلف الحوار من جنسٍ لآخر ومن صنفٍ لصنف حتى بين البشر فهو يتوقف على اللغة والجنس فهناك شعوباً تعتمد بقدر كبير في الحوار على الإيماءات والإشارات أكثر منه على اللغة والألفاظ وقد تجد حواراً بين مخلوق من جنس ما ومخلوق من جنس آخر مختلف عنه تماماً كأن تنشأ علاقة صداقة بين شخصٌ ما وأحد الحيوانات أو الطيور وتصل تلك العلاقة أقصى درجات الحوار وأصعبها عندما تكون بين إنسان وحيوان مفترس كأن يصادق رجلٌ أسد أو تصاحب امرأة ثعباناً وقد رأينا حالات من هذا القبيل وقد يتخذ الحوار شكلاً غير مألوفاً كأن يصادق القط كلباً وقد نرى هذا ونتعجب ولكن اعلم أن هناك حواراً منسجماً بينهما تخطيا فيه عوامل العداوة الفطرية ليتحولا إلى صديقين أو على الأقل إلى متهادنين . وإنه ليحزنني كثيراً ما أجده على صفحات الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي والدردشة من مساجلات تحمل الكثير من المهاترات التي قد تصل على حد السب والشتم والتجريح بل وتتعداه لتناول الأعراض والأفراد لا لشيء إلا لتعصب كلٍ لفكرته ورأيه ورفضه الآخر دونما إبداء أي أسباب منطقية أو وجيهة ودونما إعمال الفكر فيما يقول أو يكتب ولو لبرهة ونجد البعض يترك الفكرة والموضوع ليتناول الشخص صاحب تلك الفكرة أو ذاك الموضوع مما يعكس صورة سلبية مقيتة عن المجتمع الذي يفترض أن يكون مجتمع المثل والأخلاق ويحول الحوار إلى حوار الطرشان . وللحوار بين البشر آداب وأصول مستمدة من الدين والشرع الحنيف ورسخها العرف والتقاليد وأول هذه الأصول أن نستمع لمن يحاورنا ونصغي إليه مقبلين عليه بوجهنا غير مدبرين وأن نبدي اهتمامنا بما يقول حتى وإن كنا نرى أنه غير ذات أهمية لنا إلى أن ينهي كلامه ويتمه وأن يستمع الصغير الكبير عندما يتحدث وألا نلوح بأيدينا في وجه من يكبرنا سناً أو مقاماً أثناء حوارنا معه وزينة الحوار عدم مقاطعة المتحدث حتى ينهي كلامه وعدم رفع الصوت أكثر مما يليق ويجب أن نتحرى سلامة الألفاظ ومناسبتها لموضوع الحوار ونكن حريصين كل الحرص على عدم استفزاز من يحاورنا بل ونعمل على جذبه إلينا واستمالته بالتركيز على نقاط الاتفاق والبعد عن نقاط الاختلاف قدر الإمكان والتركيز على صلب الموضوع محور الحوار وكلما نجحنا في هذا كنا محاورين جيدين ونبتعد عما يستفزه ويثير حفيظته حتى لا يتحول الحوار إلى جدل عقيم يستنفذ الطاقات وينمي الخلافات ويؤدي للفرقة . وقد نهينا عن الجدل فقال رسولنا صلَّ الله عليه وسلم " " لا يَبْلُغُ عَبْدٌ صَرِيحَ الإِيمَانِ ، حَتَّى يَدَعَ الْمِزَاحَ وَالْكَذِبَ ، وَيَدَعَ الْمِرَاءَ ، وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا "وما كان لينهانا صلوات الله وسلامه عليه عن ترك المراء والجدل حتى لو كنا على الحق إلا لما يورثه المراء من اللجج والخصومة فهو يوغر النفس ويزكي العداوة والبغضاء وإن هذا ما يجب أن نسعى إليه ونحرص عليه وأتمنى أن أجده يوماً سلوكاً لكل المصريين وأن أتقبل الرأي الآخر حتى لو ضد رأيي هذه سمة الشعوب المتحضرة ودوماً أقول "بأننا يجب أن نناقش الأفكار لا الأنفار أي الأشخاص " فما أجمل حوار العقول وما أبشع صراع العجول فعندما تدلي بفكرة أو رأيٍ ما وتجد من ينبري ليهاجم شخصك ويطعن في وطنيتك ويجرح في ذاتك تشعر بأنك في حلبة لمصارعة الثيران " العجول " لذا أدعو الجميع للحرص على التوجه السليم والنهج القويم وعلينا إتباع طريق الحق والبعد عن طريق الهوى فعاقبته دوماً الردى والهلاك فقد قال ربنا في محكم التنزيل "وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّه".