حصاد أكاديمية الفنون 2025، افتتاح فرع الإسكندرية وتنظيم 15 مهرجانا وملتقى    محافظ الشرقية يُشيد بمجهودات الوحدة العامة لحماية الطفل    توقيع مُذكرة تفاهم بين مصر ولبنان لإمداد محطة دير عمار بالغاز الطبيعي    شريف فاروق يترأس اللجنة العليا للمطاحن لمتابعة العمل بمنظومة الطحن    زيلينسكي: أفعال بوتين في أوكرانيا لا تتماشى مع تصريحاته «السلمية» لترامب    مصر تطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس السلم والأمن الأفريقي حول «أرض الصومال»    "حماس": ندعو "ترامب" إلى مواصلة الضغط على الاحتلال لإلزامه بتنفيذ الاتفاق    الجيش التايلاندي يتهم كمبوديا بانتهاك الهدنة بأكثر من 250 مسيّرة    إلغاء مران الزمالك اليوم قبل مواجهة الاتحاد السكندري    آدم وطني ل في الجول: محمد عبد الله قد ينتقل إلى فرنسا أو ألمانيا قريبا    ريال مدريد يرد على طلب نابولي بشأن ماستانتونو    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس غدا الثلاثاء    حصاد قصور الثقافة 2025، افتتاح 10 مواقع جديدة وإصدار 340 عنوانا للنشر المركزي والإقليمي    وزير الصحة يستقبل نظيره التركي بمطار القاهرة الدولي    الاتحاد الدولي للسكري يعترف رسميًا بالنوع الخامس من مرض السكري    مراد مكرم يطرح أغنية جديدة في 2026: التمثيل عشقي الأول والأخير    الأزهر ينتقد استضافة المنجمين والعرافين في الإعلام: مجرد سماعهم مع عدم تصديقهم إثم ومعصية لله    رئيس المنطقة الأزهرية بكفر الشيخ يتابع امتحانات أولى وثانية ثانوى بمعاهد الرياض    حصاد 2025 في قطاع التعليم بأسيوط.. مدارس جديدة وتطوير شامل للبنية التحتية وتوسعات لاستيعاب الزيادة الطلابية    وزير الصحة يستقبل نظيره التركي بمطار القاهرة الدولي    وزارة السياحة الفلبينية: المنتدى المقبل للآسيان فرصة لمناقشة استدامة السياحة وتحقيق التعاون الإقليمي    وزير الخارجية: لا بد من وقف أي تصعيد ميداني بشرق الكونغو واستعادة الاستقرار    إصابة 8 أشخاص في تصادم سيارتين بالقناطر الخيرية    تصفية ودمج.. رئيس الوزراء يُتابع إجراءات رفع كفاءة أداء الهيئات الاقتصادية    رئيس جامعة المنوفية يتفقد امتحانات كلية الحاسبات والمعلومات    إطلاق وتنفيذ أكثر من 20 مبادرة ثقافية ومجتمعية لدعم القراءة وبناء الوعي    أحمد عدوية.. أيقونة الأغنية الشعبية في ذكرى رحيله الأولى    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    ماذا بعد انضمام أوكرانيا لتدريبات الدفاع الجماعي في الناتو؟    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    قرار وزاري لتنظيم ترخيص عمل الأجانب في مصر    محافظ الإسكندرية يوجه برفع درجة الاستعدادات للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    ضبط متهم بالتحرش بالطالبات بعد تداول منشور على مواقع التواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    انتشال جثتين من ضحايا حادث غرق 3 أشخاص بترعة المريوطية فى البدرشين    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    "شباب البحيرة" تنظم برنامجا تدريبيا لتعليم أعمال الخياطة والتريكو    السينمات المصرية على موعد مع فيلم «الملحد» نهاية ديسمبر    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    وزير التموين ومحافظ الجيزة يفتتحان سوق اليوم الواحد فى شارع فيصل.. صور    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في نص " طيفك والليل" للاديب والشاعر الكوردي عصمت شاهين الدوسكي / جوتيار تمر
نشر في شباب مصر يوم 29 - 08 - 2019


النص: طيفك والليل
عصمت شاهين دوسكي
أتوسل بالليل
أن يجلي طيف محياك رقا
ويبيح لإحساسي
أن يكون بين يديك رفقا
مالي ابحث بين أنفاسك مناديا
وأرجو من آهاتك رحمة وشوقا
على سريرك المعنى ترسم أحلامي
وأنا بعيد بين الجبال والشعاب
حائرا ابحث عن طرقا
*************
آه من وجع الغربة
إن تفجرت حرمانا وعذابا وحرقا
آه من ربيع بلا ورود
وجنة بلا خل ودود
وبحر لا اغرق فيه غرقا
آه من طيفك لا يتركني
عن ذكريات يُحدثني
كنتِ فيه شمسا وأنا كنتُ غسقا
تيممي جمالا وفي محراب الليل
كوني امرأة تمسي لليل عشقا
***********
أنا يا سيدتي لا أتكرر ثانية
فابحثي عني بين الروابي صدقا
كل حروفي وكلماتي العارية معلقة
يتباهى بها العشاق لهفة ورمقا
لا تحملي طيفك عبئا بلا رتوش
طيفك ينساب كالماء ريا ودفقا
أينما كنتِ بين جدران مغلقة
تفتح الأبواب أمامي رمشا وحدقا
أنا الحب والتاريخ والعشق والبحر
ومن مثلي يعشق عمقا ورقا ..؟
القراءة : جوتيار تمر
حين يتخذ العنوان" طيفك والليل" مساراً ايحائياً قصدياً يجبر المتلقي على البحث في الماورائيات، وهنا لااقصد بها الماورائيات الميتافيزيقية، انما الماورائيات الصورية والمشهدية التي يمكن من خلالها نسج خيوط الصورة لاسيما حين تكون الخيوط في الاصل وجدانية قابلة للتعددية التأويلية والتخيلية، وهذا ما يدفعنا الى تقطيع العنوان الى ثلاث مشاهد تكاملية تعمل على استكمال الرؤية او النسج الصوري بدقة " طيف" حيث لامجال الا للتخييل حول ماهية الطيف ومحاولة التنصص من السؤال البديهي حول الاطياف انفسها خارج الادبيات، ولكن الجواب هنا لايتوقف على المسلمات التي يمكن ان يبحث عنها المتلقي في الكتب لانه موجود في " ك " التي الحقت بالطيف لتصبح الرؤية واضحة، بعمقها الوجداني التخيلي، فالشاعر هنا يناجي ملامح محفورة في وجدانه، لذا تعيش الذات مرحلة التجميع وليس البحث، لاسيما ان الشاعر الزمنا بجغرافية زمنية محددة " الليل " حيث تم عطف " طيفك" عليها ، فجعلنا نركب الصور الاجمالية للعنوان ونعيش التخييل وفق معطيات الشاعر الوجداني الذي يناجي طيف الحبيبة في الليل حيث السكون يجمع بين ملامح الصورة المنشودة والوقت الذي يناجي به الشاعر حبيبته وطيفها.
أتوسل بالليل
أن يجلي طيف محياك رقا
ويبيح لإحساسي
أن يكون بين يديك رفقا
مالي ابحث بين أنفاسك مناديا
وأرجو من آهاتك رحمة وشوقا
على سريرك المعنى ترسم أحلامي
وأنا بعيد بين الجبال والشعاب
حائرا ابحث عن طرقا
للمناجاة هنا مدخل بلاغي واضح " أتوسل " ، والجمع بين التوسل والليل امر مرهف، وحساس ، لاسيما حين يكون الشاعر على يقين بالحالة التي يعيشها، واليقين هذا لايأتي من الرؤية المباشرة للاخر، انما الفراغ المتروك في روح الشاعر جراء البعد ، اي بعد يكون، لذا لايجد الشاعر هنا غير المناجاة والتوسل ومن ثم البحث والمناداة ومحاولة استرجاع بعض الصور واللحظات الصوفية التي قضاها الشاعر مع حبيبته فيتوغل بلغة مفعمة بالحيوية وجادة في الوصف الصوفي بين الانفاس والاهات، والسرير ، حتى يشعر بحجم الهوة التي تفصله عنها، وحجم المسافات التي تبعده عنها، فلايجد نفسه الا وهو يعبر عن حالته المستعصية من خلال الرسم البلاغي والبياني لموقعه الجغرافي من جهة، ولحالته النفسية من جهة اخرى " الجبال / حائراً ".
آه من وجع الغربة
إن تفجرت حرمانا وعذابا وحرقا
آه من ربيع بلا ورود
وجنة بلا خل ودود
وبحر لا اغرق فيه غرقا
آه من طيفك لا يتركني
عن ذكريات يُحدثني
كنتِ فيه شمسا وأنا كنتُ غسقا
تيممي جمالا وفي محراب الليل
كوني امرأة تمسي لليل عشقا
ذلك الرسم البياني والجغرافي يتفجر لوعة في الذات، وتهيج الروح لتعيش غربتها على الوجهين البراني والجواني ، غربة المكانية ، وغربة الروح ، فتحيل الذات من مرحلة البحث والتقصي، الى مرحلة الشكوى، فها هي تبث شكواها "آه من ربيع ... وجنة بلا.. وبحر..." والجمع بين الربيع والورد وبين الجنة والخل، والبحر امر ليس بالهين، لاننا امام تضاد حاد بين الدالة والمدلول، ذلك التضاد يخلق تماهياً واضحاً في نفسية الشاعر من جهة، وفي امكانية التخييل من جهة المتلقي، وهذا ما يعطي فرصة واضحة لتعددية التأويل والتخييل، وذلك امر اعتبره قسرياً احياناً لان الشاعر يجبر المتلقي على تلقي منطقه المخصوص دون السماح له بالابتعاد عن مساره وطريقه الذي يرسمه، ولكنه في الوقت نفسه في هذا النص يجعلنا نتعايش ونتعامل مع الحالة على انها استكمالية لجلب ورسم ملامح الطيف نحن كمتلقين، فذكرياته هي الان البوابة التي نستعين نحن بها لخلق تلك الصورة، التي سبق وان نطق بتفاصيلها الطيف والليل، فنراها متقدة ضمن دائرة ذكرياته، ومتوهجة كالشمس ومتيمة بالجمال الليلي.
أنا يا سيدتي لا أتكرر ثانية
فابحثي عني بين الروابي صدقا
كل حروفي وكلماتي العارية معلقة
يتباهى بها العشاق لهفة ورمقا
لا تحملي طيفك عبئا بلا رتوش
طيفك ينساب كالماء ريا ودفقا
أينما كنتِ بين جدران مغلقة
تفتح الأبواب أمامي رمشا وحدقا
أنا الحب والتاريخ والعشق والبحر
ومن مثلي يعشق عمقا ورقا ..؟
تحول الشاعر من وصف حالته وتوغل الطيف في ليله ، ومناجاته لها، بأن يعيد رسم الطريق الى عالمه المرهف والحساس والمنتظر لكي تنبلج صورتها من جديد، الى حدود اللأنا ، محاولاً بذلك ان يكمل نسج صورته، بجمالها هي، وبروحه العاشقة الصوفية الساعية لخلق عوالمها الثنائية معها هي، فأتت دون تلميح وتواري تعلن انها لاتتكرر، وهذا بلاشك دليل مصداقية الشاعر مع ذاته اولاً ومع الاخر ثانياً، ومن ثم يتوجه الشاعر الى التشبيهات والوصفيات التي تحدد ملامح روحه وذاته بحيث نجده يغالي في وصف وجوده وحروفه، التي من خلالها يحاول ان يعطي انطباعاً للاخر وللمتلقي بانها لاتأتي من فراغ ومن اللاجدوى العابثة، انما هي امتداد فطري لروحه التي تستمد قواها من الحب والتاريخ والعشق والبحر معاً، وعلى الرغم من امكانية وجود حالة من التضاد ايضا في الجمع بين هذه المسميات، الا انها تشكل في النهائية الوجه التكاملي للصورة التي اراد الشاعر ان ينسجها ويجعلنا نعيش اللحظات التي سعى فيها لجمع خيوطها، وكأنه من خلال سعيه اراد ان يبرهن لنا مهاراته التجميعية ومهاراته العشقية ومهاراته الصوفية للاخر وللذات ايضا، ومن ثم اراد منا ان نؤمن بأن عشقه لايتوقف عند حدود الظاهريات، انما عشقه اعمق من نلامسه بالظاهر، وهذا ما يعيدنا مرة اخرى الى العنوان، حيث فرض الشاعر علينا منذ البدء البحث في الماورائيات الصورية والبلاغية كي نستطيع مواكبة رؤاها للنهاية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.