" فصل المقال " الوفد .. والسيادينيون .. والتحالف المكنون ! بقلم / محمود قاسم أبوجعفر [email protected] - - قد يتساءل القراء الأعزاء ، عن المراد من كلمة " السيادينيون " ، المسطرة بعنوان مقالي المتواضع هذا ، والحقيقة أنني أقصد بهذه الكلمة - المركبة – جماعات ، وتيارات ، وقوى الإسلام السياسي المتباينة ، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين ، المحظورة سابقاً ، انطلاقاً مني – عن قناعة ذاتية – بأن مثل هذه الجماعات الدينية المسيسة – حسب يقيني – قد اتخذت من - مزج – الدين والسياسة ، في إناء واحد ، شعاراً ، وركيزة ، ومقوماً – أساسياً – لنشر ذلك الفكر الديني المتشدد المسيس ، بين أوساط مجتمعاتنا البشرية المختلفة ، لدرجة أن مجنمعاتنا - الراهنة – قد عجزت ، واستحال عليها القدرة على التصنيف الحقيقي لمثل هذه القوى المتطرفة – المختلطة – الغامضة ، لا سيما ، أنها قد رضيت ، وارتضت ، وسمحت لأنفسها أن تتخذ من الشعارات الدينية والطائفية – مطية – بهدف التسلق ، والحصول على أكبر – قدر – من المناصب السياسية والمغانم الشخصية ، على حد سواء ، باسم التضليل ، والتدليس ، والخداع الديني والعقدي ، دون – أدنى – نصب أو لغوب . - - وفي الواقع ، فإن المتابع للشأن السياسي المصري ، عن قرب ، سيعي - جيداً – مدى عمق الصلة الوثيقة ، والعلاقة الحميمة ، والعشرة الطويلة ، بين الوفد والسيادينيين ، منذ أوائل القرن الماضي ، ولعل الصفقات ، والتحالفات السياسية – التاريخية – المتعددة ، ليعد - أوثق – دليل ، يؤكد لنا ، مدى – بُعد – وعمق العلاقة " الزوجية " النشطة بينهما ، والمعلوم لدينا ، أن بعض قيادات " السيادينيين " قد – صرحوا – مراراً وتكراراً ، في غضون الأشهر القليلة الماضية ، مؤكدين بأن الجماعة لن – تدفع – بمرشح رئاسي يمثلها ، أو من بين أعضاءها ، في غضون الانتخابات الرئاسية المرتقبة ، مقرين – في الوقت نفسه - بأنهم سيساندون ، وسيدعمون مرشح رئاسي مناسب ، شريطة أن لا يكون منتمياً ، أو ممثلاً لأحد الأحزاب السياسية ، ذات المرجعية الدينية ، لا سيما ، أنهم – حريصون – كل الحرص ، على الحفاظ على ما – حققوه – من مناصب سياسية جمة ، ومغانم شخصية متباينة ، في غضون الانتخابات التشريعية السابقة ، ناهيك عن أنهم – سيهدفون – من ذلك ، بث " سحائب " السكينة والطمأنينة ، في قلوب المجتمعات – المناهضة – لفكرهم ، ومبادئهم ، وتوجهاتهم الممقوتة ، وإيهامهم – فرية – بأنهم راغبين عن الوصول لقمة الهرم السياسي في وطننا ، ولن يستأثروا ، أو يستحوذوا – وحدهم – على المشهد السياسي المصري في الوقت الراهن ، على نقيض ظن ، وقلق ، وذعر قطاعات عريضة من أبناء وطننا . - - وعلى حد اعتقادي ، فإن السيد البدوي ، الرئيس المعاصر لحزب الوفد الليبرالي ، هو المرشح الرئاسي – المكنون – في ذهن ، وأفئدة قيادات السيادينيين ، وأنه – حسب تقديري – يعد الأوفر حظاً ، بين مرشحي الانتخابات الرئاسية المقبلة ، بتأييد – ومبايعة – الهرم السياديني ، دون استثناء ، رغم أنه – حتى هذه اللحظة – لم يبدي عزمه الترشح للإنتخابات الرئاسية المرتقبة ، مؤكداً رفضه – القاطع – لخوض هذه الانتخابات ، زاعماً – فرية – بأنه لم ، ولن يسعى – قط – للترشح لأي منصب سياسي رسمي ، وأنه لا – يبغي – سوى خدمة الوطن والمواطنين ، على حد سواء ، دون التطلع لكسب مقاعد سياسية ، أو مغانم شخصية ، حسب زعمه ، ولو أمعنا النظر للماضي القريب قليلاً ، سيتبدى لنا – يقيناً – مدى عمق العلاقة الشخصية الحميمة الخاصة ، بين البدوي ، والمرشد العام للسيادينيين ، محمد بديع ، وذلك من خلال – رصد – زيارة الثاني ، لعقر مكتب البدوي ، بمقر حزب الوفد الرئيسي ، بقصد – مباركته – وتهنئته بالفوز ، والتسلق لقمة الهرم الوفدي العريق آنذاك ، رغم أن " بديع " لم يبادر – قط – من قبل ، بزيارة أيِ من قيادات الأحزاب السياسية الوطنية لهذا الغرض ، سوى البدوي ، وهذا إن دل ، فإنما يدل ، على مدى عمق العلاقة – المكنونة – الغامضة بينهما ، والذي يثير التساؤل والشكوك ، هو أن " السيادينيين " في تقديري ، لا يخلصون لأحد – حقاً – سوى أهل ملتهم ، وعشيرتهم ، وخليتهم العنكبوتية الشائكة ، وهذا – في تصوري – يعني أن أحدهما يعتنق – في باطنه – مذهب ، وفكر ، وعقيدة الآخر ، علماً بأن التصور الأقرب لتقديري ، هو أن " البدوي " سياديني الفكر ، في باطنه ، ليبرالي الصبغة والتوجه في ظاهره ، بدليل ، أنه قد حاول " مستميتاً " أن يحذف رمز الصليب من بطاقات عضوية حزب الوفد ، فور تسلقه لقمة الهرم الوفدي ، لولا رفض ومعارضة معظم أعضاء الهيئة العليا ، لذلك الإجراء الطائفي البغيض ، لا سيما ، أنه – حسب تقديري – يعد " نبراساً ، ماهراً في إجادة فنون " التُقية " ، كما هو الحال عند أرباب المذهب الشيعي ، وإن كنت في ريب من هذا ، فما عليكم ، إلا أن تعودوا بأذهانكم للماضي قليلاً ، حينئذٍ ، سيتبدى لكم – يقيناً – أن " البدوي " قد استطاع – مراوغة – جموع الوفديين ، حينما أوهمهم – فرية – بأنه لم ، ولن يترشح لرئاسة حزب الوفد ، بعد أن أطاح به محمود أباظة – الرئيس السابق لحزب الوفد ، مؤكداً لهم – في الوقت نفسه – بأنه حريص كل الحرص على محبتهم ومودتهم ، على المستوى الشخصي ، بعيداً عن المصالح السياسية ، أو التوجه السياسي المشترك بينه وبينهم ، والحق أقول ، أنه قد قدم الكثير من الخدمات المادية والعينية للكثير من أعضاء الجمعية العمومية للحزب ، نتيجة خداعهم ، وثقتهم بشعاراته وأحاديثه المعسولة ، وما لبث بعد ذلك إلا قليلاً ، حتى – فاجأهم – بنبإ ترشحه لرئاسة حزب الوفد ، بعد أن أقنع الرأي العام – فرية – بأنه قد – اضطر – للترشح لرئاسة الحزب " مكرهاً - ، تقديراً لتوسلات ، وعبرات فؤاد بدراوي ، الذي تنازل عن الترشح لرئاسة الحزب – حينئذٍ – لصالحه ، في سياق يدل ويؤكد على مهارة – وحرفية – تلك المناورة السياسية المسبقة ، ونتيجة لذلك ، فقد – تسلق – البدوي ، لقمة الهرم الوفدي العريق ، خلسة ، دون نصب أو لغوب ، بفضل تضليله ، وتدليسه ، ومراوغته . - - وفي تصوري ، فإن " البدوي " ، " والسيادينيون " قد أعدوا – مسبقاً – مناورة سياسية ، على غرار سيناريو الترشح لرئاسة حزب الوفد ، وأعتقد أن " البدوي " سيفاجئ الرأي العام – بين عشية وضحاها - بنبإ ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة ، وفي تقديري ، فإن " السيادينيين " سيدعمونه بكل ما يملكون ، ليقينهم – عن قناعة – بأن " البدوي " سياديني الفكر – في باطنه – مثلهم ، لا سيما ، أنه سيحقق لهم كل ما يرجون ويأملون ، دون – أدنى – نصب أو لغوب ، وفي المقابل ، فإن الكثيرين ، من – مناهضي – تيارات التأسلم السياسي ، سيصوتون لصالحه ، ظناً منهم ، أن " البدوي " يمثل التوجه الديمقراطي المدني ، لا سيما أنه يتزعم أحد أعرق الأحزاب المدنية الليبرالية في مصر والشرق الأوسط ، وفي نفس السياق ، فإن المجلس العسكري الحاكم ، سيبارك – حينئذٍ – تلك البيعة السياسية الخبيثة ، لا سيما ، أنها ستحقق له – رضاء - تيارات التأسلم السياسي ، من ناحية ، والقوى السياسية الليبرالية ، واليسارية ، والاشتراكية ، في آنٍ واحد ، من ناحية أخرى .