تفوق للمستقلين، إعلان نتائج الحصر العددي للأصوات في الدائرة الثانية بالفيوم    وزير العدل يلتقي وفداً من ممثلي مصلحة الخبراء    الأوقاف تكشف تفاصيل إعادة النظر في عدالة القيم الإيجارية للممتلكات التابعة لها    أكسيوس: مجلس السلام الذي يرأسه ترامب سيتولى رئاسة الهيكل الحاكم في غزة    وزير الإنتاج الحربي: حققنا أرباحا غير مسبوقة خلال 3 سنوات لم نشهدها منذ 30 عاما    كأس العرب - يوسف أيمن: كان يمكننا لوم أنفسنا في مباراة فلسطين    10 نقاط تلخص غلق محور 26 يوليو وخريطة التحويلات لإنشاء المونوريل.. انفوجراف    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    بعد فوزه بجائزة أفضل محافظ عربي.. ماذا قال محافظ القاهرة؟    اختتام البرنامج التدريبي الوطني لإعداد الدليل الرقابي لتقرير تحليل الأمان بالمنشآت الإشعاعية    كيف يقانل حزب النور لاستعادة حضوره على خريطة البرلمان المقبل؟    "لا أمان لخائن" .. احتفاءفلسطيني بمقتل عميل الصهاينة "أبو شباب"    العزبي: حقول النفط السورية وراء إصرار إسرائيل على إقامة منطقة عازلة    ترامب يستضيف توقيع اتفاقية سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    ترامب يعلن التوصل لاتفاقيات جديدة بين الكونغو ورواندا للتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراع    ترامب يظهر بضمادة على معصمه أثناء توقيع اتفاقية سلام فى أفريقيا.. اعرف التفاصيل    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب سيعلن خلال أسبوعين بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. ميليشيا ياسر أبو شباب تؤكد مقتله بعيار نارى.. وألمانيا تنشر مقاتلات يورو فايتر فى بولندا    حزب العدل يتابع مجريات العملية الانتخابية في اليوم الأخير بالدوائر ال(19)    مانشستر يونايتد يتعادل مع وست هام ويستمر في نزيف النقاط    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    محمد إبراهيم: مشوفتش لاعيبة بتشرب شيشة فى الزمالك.. والمحترفون دون المستوى    مصدر بمجلس الزمالك: لا نية للاستقالة ومن يستطيع تحمل المسئولية يتفضل    كرة سلة - سيدات الأهلي في المجموعة الأولى بقرعة بطولة إفريقيا للاندية    علي ماهر: هكذا أريد العودة إلى الأهلي.. وقلت لتريزيجيه "اضرب أبو تريكة ووائل جمعة"    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    أخبار × 24 ساعة.. وزارة العمل تعلن عن 360 فرصة عمل جديدة فى الجيزة    رئيس مصلحة الجمارك: ننفذ أكبر عملية تطوير شاملة للجمارك المصرية    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    ضبط 1200 عبوة مبيدات مجهولة المصدر خلال حملات تموينية في كفر الشيخ    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    مباحث التموين بالجيزة تضبط كميات سكر وزيت مدعم وتكشف مخالفات بعدة محال تموينية    انقطاع المياه عن مركز ومدينة فوه اليوم لمدة 12 ساعة    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    الملاكم نسيم حامد يهنئ أمير المصري بعد تجسيده شخصيته فى فيلم Giant بمهرجان البحر الأحمر    مراسل "اكسترا": الأجهزة الأمنية تعاملت بحسم وسرعة مع بعض الخروقات الانتخابية    انسحاب 4 دول من مسابقة «يوروفيجن 2026» وسط خلاف بشأن مشاركة إسرائيل    دار الإفتاء تحذر من البشعة: ممارسة محرمة شرعا وتعرض الإنسان للأذى    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    سلطات للتخسيس غنية بالبروتين، وصفات مشبعة لخسارة الوزن    أكثر من 12 ألف طفل وطفلة يعيشون حياة طبيعية داخل أسر رحيمة    وزير الصحة: أمراض الجهاز التنفسي تتطلب مجهودا كبيرا والقيادة السياسية تضع الملف على رأس الأولويات الوطنية    الأقصر تشهد أضخم احتفالية لتكريم 1500 حافظ لكتاب الله بجنوب الصعيد    ما الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد؟.. خالد الجندي يوضح    صحة مطروح: إحالة عاملين بإدارتي الضبعة والعلمين إلى التحقيق لتغيبهم عن العمل    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    بعد غد.. فصل التيار الكهربائي عن مناطق وقرى بالرياض في كفر الشيخ لمدة 5 ساعات    ننشر الجدول الزمنى للإجراءات الانتخابية بالدوائر الملغاة بانتخابات النواب    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    حفل جوائز التميز الصحفى الإثنين |تكريم «الأخبار» عن تغطية افتتاح المتحف الكبير    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    اسعار المكرونه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى محال المنيا    وفاة المرشح سعيد عبد الواحد بأزمة قلبية فجرًا.. وإغلاق مقره الانتخابي في إمبابة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يادارة دوري فينا
نشر في شباب مصر يوم 14 - 02 - 2019


"تعا تا نتخبّى من دربِ الأعمارْ
وإذا هنِّي كبروا ونحنا بقينا صغارْ
وسألونا وين كنتوا .. وليش ما كبرتوا أنتو .. منقلن نسينا
واللي نادى الناس .. تيكبروا الناس .. راح و نسي ينادينا"
https://www.youtube.com/watch?v=rTts79RsEBE
في التعقيب على
لماذا اختفت "الآداب"
المنشور.. في موقع السنابل
للأخ الصديق مهند النابلسي
عندما نَشْتُم العجلة يا صديقي؟ فينبغي أن نَلعن معها الشيطان، توخيا لمزيد من الحسنات، وإمعانا في طلب التوبة والرحمة والرجاء. ولئن أطعتني ولعنت الشيطان معي، ونالتك المغفرة وعفو رب السماء؟ فكفكف دموعك وهوِّن عليك وتعال معي فاسمع للمرة الثانية، حكاية عائشة بنتُ سعدٍ بن أبي وقاص، وقد أرسلتْ مولاها "فنداً" يأتيها بنار. كان في الطريق ليلبي حاجة سيدة الدار، حينما أبصرَ قافلة تتأهبُ في رحلةٍ من المدينةِ إلى الشام.
وهكذا سار مع القافلة وعاد معها بعد عام من الغياب، ليتذكّرَ مولاته من جديد وحاجتها إلى النار! فراحَ يجري مندفعا ملهوفاً يحملُ لمولاتِه ما طلبته من الجمر منذ عام. لكنه من فرطِ سرعته تعثرَ فهوى وتبدَّدَ الجمرُ على الأرض. فنهضَ من زَلته ممتعضاً وهو ينفضُ الرماد عن ثيابه ويلعنُ العجلة ويقول: تَبَّا لسرعتي.. لولا العجلة لما ضاعتِ النار! وهكذا يا صديقي لولا عجلة الدنيا لما توقفت المجلة؟ ولا تأخَّرَتْ حسرتُك على غياب "الآداب".
هذه حضارة مربِكة وفترة مفصلية صعبة، لمن عاشوا وعانوا وتألموا مثلنا، فالعالم يتسابق بفائض من العجلة والقوة المفرطة.. والفنتازيا أيضا. والنزاع على المكاسب والامتيازات قائم منذ الأزل، لينال كلٌ ما يفيض عن حصته للبقاء. لكن الماضي لم يخلُ من الحب والفرح والأمل، والحاضر مقلق ومعقد، والمستقبل إلى سؤال.
وما يجري بفعل النسبيَّة والتئام الطاقة والكتلة وسرعة النور؟ فلا يدركُ من كان في مثل بساطتي ما تمخضت عنه عبقرية أينشتاين، وكيف تكون معادلة الطاقة ومواكبة الكتلة وسرعة الضوء؟ أو هي "كارثة" نيوتن "المتعصب" ممن أمعنوا في "خراب" الكون.. في حساب الفعل وردة الفعل، وقدرة الكتلة في التسارع والعزم.
حمدا لله يا مهند أن أهلي وأهلك ماتوا قبل العولمة، فلم يدركوا المحمول والنانو وخصائص سرعة الحاسوب، فأبي على لسان محمود درويش؟ كانَ من أسرةِ المحراثْ لا من سادةٍ نُجُبِ – وجدّي كان فلاحاً بلا حَسَبٍ ولا نَسَبِ"، مات مغمورا فلم يذكروا شيئا في "كتاب البلدية" عن آدميته، ولا حتى عن مآثر محراثِه ونشاطِ ثوريه.
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء؟ هكذا تحولت المعرفة إلى داء، على حساب الحسن بن هانىء طيب الله مثواه، للتحري عما خفيَ من العلل والأمراض. وهكذا تحولنا بقسوة وتصميم إلى تقنين المياه وتعليب الطعام، واكتشاف ڤيروس نقص المناعة وترقق العظام والسرطان. ثم اختزال الزمن بطائراتٍ أعدت للسفر وليست للحرب، فبلغت سرعتها أعلى من الصوت بأضعاف. "وأليكسا" الآلة العمياء تأمرها فتستجيب بسرعة الخاطر لتفعل لك ما تشاء، بدلا من السير على الأقدام والدراجة الهوائية، ومن الحبر والورق والكتابة بريش الطّير والغزَّار، والحنين إلى ساعي البريد يطرق أبوابنا، يحمل إلينا حنين المسافرين بين يديه.
هذا زمن التوتر والقسوة ومتاهة المحمول والحاسوب. وفائض من الوقت يبدده كل واحد على هواه، في حكاية "الأمير الصغير رائعة دو سانت إكزوبيري"، وعطش الأمير رائد الفضاء الآتي من كوكب آخر؟ وكيف بدا لنا يتقصّى أحوال أهل الأرض هادئا مطمئن البال مرتاح الأعصاب، وهو يمشي الهوينى في الطريق إلى الغدير، ليشرب ويعود هادئا هانئا كما جاء! فتبا يا صديقي للانجازات والمعرفة العلمية في فكر الإنكليز وعبقرية الألمان.
كتبت نصا بهذا المعنى بعد غياب جريدة "السفير" عنوانه: عندما يقتلك الحنين..؟ نشرتِ النص مواقع عديدة، ستجده "بفضل النت" والسرعة وعجلة العصر ونيوتن وأينشتاين، وعباس بن فرناس عالم الرياضيات والفلسفة والفلك والكيمياء، ممن اشتغلوا أيضاً بالموسيقى والضرب على آلة العود، نكاية فحسب بأوروبا والأميركان.
مهما يكن الأمر يا صديقي..؟ فهذا الكائن البشري المنكود، سيصحو عقله يوما ويندم على ما ارتكبت يداه، لينبذ التسلط والأذى، ويحطم بنفسه آلة السرعة وأدوات الحرب والموت. وهكذا تبدأ رحلة بناء الإنسان على أساس أسلم وأمتن. ولئن كانت النتيجة على خلاف ما نرجو أو نتكهن..؟ فتكون إرادة الباري عزَّ وجلّ هي السبب.
بالعودة إلى "الآداب" وصلب المقصود من موضوع المقال؟ فالدكتور سهيل إدريس أحسن الله إليه وطيَّب مثواه، وهو المؤسس الأول لمجلة - ودار الآدآب.. كان قد درس الشريعة وتخرَّج شيخا بعمامة ولحية وقفطان.
لكنه سرعان ما تخلى عن زيِّه الديني، لينصرف إلى الحيّ اللاتيني، ويتابع دراسته العليا بالقرب من "البانتيون وحديقة اللوكسنبورغ وجان فالجان"، وينال الدكتوراه في الأدب العربي من السربون إحدى أعرق الجامعات. وفي هذا الحي ومن غرفة فندق تطل على "مقبرة العظماء" ظهرت حكايتي: "على كرسي لويس الرابع عشر".
هكذا استوعب الرجل الفكر الغربي عن طريق القراءة والترجمة والتفاعل مع المحيط، ليرفد جيلا كاملا بفيض من الثقافة والمعرفة المشهودة. وحسنا فعل عندما لجأ إلى الآداب والترجمة، وتخلى عن المشيخة والتبشير بالموت وعذاب القبر، ونأى بنا عن الرايات الحزينة الخفَّاقة فوق المساجد، لا ترتاح ولو يوما واحدا في العام.
ومجلة الآداب لم تتردد يوما، في نشر نتاج ألمع الكتاب والشعراء على مساحة "الوطن" العربي من المحيط إلى الخليج، ممن يثيرون الضحك بصوت يخدش الآذان وهم ينادون ذات يوم: بترول العرب للعرب..! أولئك المفكرون من الكتاب والشعراء، ممن واجهوا في بلدانهم الاضطهاد، والتعسف والتنكيل بفعل نواياهم وحسب.
لكن هذه الدار الثقافية العريقة توقفت للأسف، بعد مجالدة مستحيلة بفعل الخسائر المالية، الناتجة عن تراجع عدد مشتري الصحف الرافد المالي الوحيد، بالإضافة إلى حظرها من الدخول إلى كثير من بلدان الجوار، دون أن تترك فرصة التدخل لمن أبدوا رغبة بالمساعدة في التمويل، ممن أرادوها ربما فرصة مناسبة لمصالحهم.
"وخططنا في نقى الرَّملِ * فلم تحفظِ الريحُ ولا الرملُ وعَى". هكذا توقفت "الآداب" عن الصدور حالها حال "السفير".. إحدى ضحايا فترة تحوّل العصر نحو متاهة بلا حدود. وهكذا طوت برمشة عين في رأس السنة عهدا من النضال المجيد، فانتهى أمرها وأقفلت أبوابها ولتخبز بالأفراح في الأردن وسائر الديار العامرة.
فسماح إدريس تولى الإشراف على "مِحْرَدِ" الآداب، وقد رأيته مرة أو مرتين يظهر على إحدى وسائل الإعلام، وطلال سلمان أطفأ النور وأغلق أبواب "السفير"، وراح يناكد الزمن "ويتسكع مشرداً" "على الطريق".
ولو عدت معي إلى بهيَّة وبدايات السينما المصريّة، وكيف ضاع العمر يا ولدي في متاهة العمر الأخير، وشهدتَ ما شهدتُه في مراهقتي على الشاشات؟ وما سمعتُه من القارئة وسوء الطالع في الفنجان..؟
لسمعتني بفعل الحسرة على الماضي، أردد ما علق في ذاكرتي المنهَكة: "غنِّ وقولْ عالنّاي.. عيشة الغريب الزّاي.."!؟ من بقايا فيلم مغرق في القدم. شاهدته على أطراف الماضي البعيد، ولعله كان في عالم اليوم سخيفا لا يستحق الاهتمام؟ لكنه لا زال حيّاً في وعيِ عبر طيات الزمن، بفعل حاسات الجسد ونشاط الخيال والروح. لا سيما وأنت الناقد السينمائي وصاحب الخيال العلمي الخصيب. ولو أنني لا أتذكر تفاصيل الفيلم أو مراميه؟ إلاّ أنه يتحدث عن انتفاضة ورعشة الحب الأخير. ذكريات تدور في فلك الخيبة والمرارة وحزن القلب العميق.
دارة دوري فينا.. ضلي دوري فينا، تينسوا أساميهن.. وننسى أسامينا. لا علامة فارقة للوجع كالنقطة والفاصلة أنهي بها رسالتي إليك.. لكنها نقلة البيَّات البالغة في الرِّقة والشجن، لا تدانيها كل الفواصل والحدود.
ولا أدري والله يا صديقي، من أين تأتيني هذه الدموع المستنفَرة البغيَّة، لتنال مني وتقهرني..؟ غادرتْ كل القوافل، ولا زلتُ أنتظر"رحلة ابن فطومة" في محطة علم الغيب، نحو دار الأمان محطتي ومأواي الأخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.