وزير الخارجية: إثيوبيا تتبع منهج أحادي في إدارة سد النهضة وتعتبر النيل الأزرق تحت سلطاتها    نتيجة جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025 بالقاهرة    البابا تواضروس يهنئ الكاثوليك بعيد الميلاد    استقرار أسعار الدواجن تزامنا مع أعياد المسيحيين رغم تحديات تواجه المنتجين    اتحاد الصناعات يتمم تشكيل مجلس إدارته للدورة 2024-2025 بانتخاب محمد زكي السويدي رئيسا    خلال ساعات.. البنك المركزي يحسم سعر الفائدة في آخر اجتماع ب2025 وتوقعات بالخفض    عباس يشكر بابا الفاتيكان على مواقفه ويطلب منه الصلاة من أجل إنهاء معاناة شعب فلسطين    وول ستريت جورنال: إسرائيل تلوّح بضربة جديدة ضد إيران بسبب الصواريخ الباليستية    استشهاد أكثر من 406 فلسطينيين منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    هوجو بروس: مواجهة مصر تحدٍ مهم ونحن واثقون من قدراتنا    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    المحكمة تقبل استئناف النيابة وتجدد حبس صانع المحتوى شاكر محظور 45 يوما    الداخلية تضبط أكثر من 118 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    صحف جنوب أفريقيا: بروس يجهز مفاجأتين ل الفراعنة.. وصلاح السلاح الأخطر    وزير التموين: تطوير مكاتب السجل التجاري أولوية لتحسين جودة الخدمات ودعم مناخ الاستثمار    جامعة بني سويف ضمن أفضل 100 جامعة في التصنيف العربي لعام 2025    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    بدء امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة بنى سويف    وزير التعليم العالي يشهد توقيع اتفاق ثلاثي مع الخارجية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي    الإعدام شنقا لعامل قتل صديقه بسبب خلافات فى المنوفية    الهلال الأحمر المصري يدفع ب5900 طن مساعدات إنسانية و شتوية عبر قافلة زاد العزة ال102 إلى غزة    المؤتمر الدولي لدار علوم القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    المؤتمر الدولى لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    وزير الصحة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية    منع التغطية الإعلامية في محاكمة المتهمين بواقعة وفاة السباح يوسف    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    إصابة عضلية تبعد حمدالله عن الشباب لأسابيع    إيبوه نوح.. شاب غانى يدعى النبوة ويبنى سفنا لإنقاذ البشر من نهاية العالم    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    وزير الخارجية: سنرد بالقانون الدولي على أي ضرر من سد النهضة    الصور الأولى لقبر أمير الشعراء أحمد شوقي بعد إعادة دفن رفاته في «مقابر تحيا مصر للخالدين»    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    «تغليظ عقوبات المرور».. حبس وغرامات تصل إلى 30 ألف جنيه    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    أشرف فايق يطمئن الجمهور على حالة الفنان محيى إسماعيل: تعافى بنسبة 80%    أحمد البطراوي: منصة "مصر العقارية" الذراع التكنولوجي لوزارة الإسكان وتستوعب مئات آلاف المستخدمين    «مدبولي»: توجيهات من الرئيس السيسي بسرعة إنهاء المرحلة الأولى من حياة كريمة    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي ويؤكد دعم تطوير المنظومة الصحية    25 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    التضامن: تسليم 567 طفلًا بنظام الأسر البديلة الكافلة منذ يوليو 2024    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    سحب رعدية ونشاط رياح.. طقس السعودية اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    إسرائيل تمطر "سد المنطرة" بريف القنيطرة في سوريا بالقنابل (فيديو)    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضل الدعاء في رمضان وغير رمضان
نشر في شباب مصر يوم 02 - 06 - 2018

االدعاء في دين الإسلام هي عبادة تقوم على سؤال العبد لربَّه والطلب منه وهي عبادة من أفضل العبادات التي يحبها الله خالصةً له ولا يجوز أن يصرفها العبد إلى غيره
قال الله في القرآن الكريم : ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) سورة غافرالاية 60
وقال الله تعالي أيضا : ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) سورة البقرة الاية 186)
ورمضان أيها الاحباب شهرُ الدُّعاء وشهر الإجابة وشهر التوبة والقبول، ومما يبين مكانة الدعاء وعلو شأنه في شهر الصيام أن قوله تعالى في سورة البقرة : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} قد جاء متخللاً لآيات الصيام وفي أثنائها ؛ فقبل هذه الآية قوله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } وبعدها قوله تعالى: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ } ، فجاءت هذه الآية الكريمة وهي مختصة بالدعاء متوسطة لآيات الصيام ومحفوفة بها ولعل في ذلك ما يدل على عظم قدر الدعاء وأهميته في هذا الشهر ؛ لأن العبد في هذا الشهر المبارك يملؤه الرجاء أن يوفقه الله للقيام بحق الله في هذا الشهر على أتم الوجوه وأكملها ؛ ولا سبيل له إلى ذلك إلا بسؤال الله ودعائه ، وهو كذلك يكثِر في هذا الشهر من الطاعات والعبادات والقربات وهو يرغب ويطمع أن يتقبلها الله منه ؛ ولا سبيل إلى ذلك إلا بدعائه والانكسار بين يديه والتضرع له ، وكذلك قد يكون العبد مرتكباً لبعض الآثام قبل رمضان أو صدر عنه نقص أو تقصير أو تفريط أثناء رمضان وهو يرغب في توبة الله عليه ومغفرة ذنوبه ؛ ولا سبيل إلى ذلك إلا بالدعاء ، فكأن الله يلفت عباده إلى ما يلوذون به ويهربون إليه وبه تجاب رغباتهم وتقضى حاجاتهم وتقال عثراتهم وتغفر زلاتهم.
ولشهر رمضان المبارك خصوصية في الدعاء ، فإن الصائم ممن لا ترد دعوته إذا أخلص في صيامه ونصح في عبادته وصدق مع الله ففي الحديث (ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ : دَعْوَةُ الصَّائِمِ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ) ( رواه الطبراني في الدعاء (1215) ، والبيهقي في شعب الإيمان (7513) .)، وقال صلى الله عليه وسلم :(ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ))( رواه البيهقي في السنن الكبرى (3/345، 6185)).
فالدعاء عبادة في رمضان وطول السنة والسنين وهو مرتبط بالعمل والاخذ بالاسباب
وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية :
--------------------------
1 حقيقة الدعاء .
2 الدعاء سلاح المؤمن .
3 شروط الدعاء.
4 آداب الدعاء.
العنصر الأول : حقيقة الدعاء :
الدعاء من أجل العبادات وأعظمها وهو حق لله سبحانه وتعالى لا يجوز أن يُصرف لغيره كائناً من كان ، وله مكانة عظيمة في الدين ومنزلة رفيعة فيه ، وذلك لما في الدعاء من التضرع وإظهار الضعف والحاجة لله ، ولأن العبادة كلما كان القلب فيها حاضراً وأخشع فهي أفضل وأكمل ، والدعاء أقرب العبادات إلى حصول هذا المقصود، والدعاء فيه ملازمة للتوكل والاستعانة بالله ، والتوكل هو اعتماد القلب على الله وثقته به في حصول المحبوبات واندفاع المكروهات
الدعاء من أعظم العبادات ولقد أمر الله تعالي به في أكثر من موضع فقد ثبت في السنن عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ ثُمَّ قَرَأَ : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60]) . فالآية تدل على الوجوب للأمر في الآية ولأن ترك العبد دعاء ربه من الاستكبار وهو كفر
وعن أنس رضي الله عنه قال عليه الصلاة و السلام: (الدعاء مخ العبادة) [رواه الترمذي]
وقال تعالى (واسألوا الله من فضله ) . النساء 32
وقال تعالى ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) الأعراف 55
( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) الإسراء
وسمى الله الدعاء الدين : قال تعالي ( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين ) لقمان.
والدعاء عبادة سهلة ميسورة مطلقة غير مقيدة أصلاً بزمان و لا مكان ولا حال فهي الليل و النهار و في البر و البحر و الجو , والسفر و الحضر, وحال الغنى و الفقر , و المرض والصحة , والسر و العلانية , وكم من بلاء ردّ بسبب الدعاء وكم من مصيبة كشفها الله بالدعاء و كم من ذنب و معصية غفرها الله بالدعاء , وكم من رحمة و نعمة استجلبت بسبب الدعاء و كم من عز ونصر و تمكين ورفع درجات في الدنيا و الآخرة حصل بالدعاء.
ولقد ذكر الله تعالي الدعاء بصيغ كثيرة متعددة منها :
1 صيغة الذكر:
قال صلى الله عليه وسلم (أفضل الدعاء يوم عرفه وأفضل ماقلت أنا والنبيون من قبلي :لا إله إلا الله وحده لاشريك له) رواه مالك وعند الترمذي: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)وحسنه الألباني
وقال صلى الله عليه وسلم (أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله ) ومن الذكر دعاء ذي النون قال (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين ) فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله تعالى له ) . رواه الترمذي وصححه الألباني .
2 صيغة الصلاة وهي الاتي:
----------------
قال تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (103)التوبة ,
وقال تعالي ( وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (99)التوبة .
صلوات الرسول قال أي دعواته والصلاة الشرعية هي كلها دعاء وتشمل الصلاة نوعين دعاء العبادة ودعاء المسألة .
3 صيغة الاستعانة وهي الآتي :
------------
قال تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين ) والاستعانة هي طلب ما تمكن به لعبد من الفعل ويوجب اليسر عليه .وله فدعاء المسأله هو الاستعانة .
4 صيغة الاستعاذة : هي جزء من أجزاء دعاء المسألة .
5 صيغة الاستغاثة : طلب الغوث لرفع الشدة الواقعة .
6 صيغة الاستغفار وهي الآتي:
-------------------
قال صلى الله عليه وسلم (من يدعوني فاستجب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ) فذكر أولاً لفظ الدعاء ثم السؤال والاستغفار والمستغفر سائل كما أن السائل داعٍ.
7 صيغة النداء وهي الآتي:
-------------------
يقول تعالى في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم (ذكر رحمة ربك عبده زكريا ) وقال تعالى أيضا (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضروأنت أرحم الراحمين) وقال تعالى أيضا (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (87)الأنبياء وقال تعالى أيضا (ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ) وقال تعالى أيضا (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم.) فالنداء هو الدعاء .
وعناصر الدعاء هو الاتي::-
------------------
1- العنصرالاول : الدعاء سلاح المؤمن وهو الاتي:
---------------------------
يتقلب الناس في دنياهم بين أيام الفرح والسرور, وأيام الشدة والبلاء, وتمر بهم سنين ينعمون فيها بطيب العيش, ورغد المعيشة, وتعصف بهم أخرى عجاف, يتجرعون فيها الغصص أو يكتوون بنار البُعد والحرمان.
وفي كلا الحالين لا يزال المؤمن بخير ما تعلق قلبه بربه ومولاه, وثمة عبادة هي صلة العبد بربه, وهي أنس قلبه, وراحة نفسه.
في زمان الحضارة والتقدم, في كل يوم يسمع العالم باختراع جديد, أو اكتشاف فريد في عالم الأسلحة, على تراب الأرض, أو في فضاء السماء الرحب, أو وسط أمواج البحر, وإن السلاح هو عتاد الأمم الذي تقاتل به أعداءها, فمقياس القوة والضعف في عُرف العالم اليوم بما تملك تلك الأمة أو الدولة من أسلحة أو عتاد.
ولكن ثمة سلاح لا تصنعه مصانع الغرب أو الشرق, إنه أقوى من كل سلاح مهما بلغت قوته ودقته, والعجيب في هذا السلاح أنه عزيز لا يملكه إلا صنف واحد من الناس, لا يملكه إلا أنتم, نعم, أنتم أيها المؤمنون الموحدون, إنه سلاح رباني, سلاح نجى الله به نوحا عليه السلام فأغرق قومه بالطوفان,ولكن بعد أن بلغ رسالة الله لهم وصنع السفينة مع المؤمنين ولكن كفروا بالله وظلموا في الارض واعتدوا علي المؤمنين بالله وأفسدوا في كل مكان فهنا أهلكهم الله بما فيهم أمراه نوح وابنه فالدعاء بدون عمل صالح واخذ بالاسلاب لا يقبله الله تعالي وانما يقبل من العاملين الصادقين والاخذين بالاسباب
فالله تعالي يقول في كتابه الكريم ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) سورة البقرة الاية 186
فإني قريب ..أجيب دعوة الداع إذا دعان ..أية رقة؟
وأي انعطاف؟ وأية شفافية؟ وأي إيناس؟ وأين تقع تكاليف الحياة في ظل هذا الود، وظل هذا القرب، وظل هذا الإيناس؟
وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان أضاف العباد إليه، والرد المباشر عليهم منه .. ولم يقل: فقل لهم: إني قريب ..إنما تولى بنفسه جل جلاله الجواب على عباده بمجرد السؤال فقط!، قريب .. ولم يقل أسمع الدعاء ..إنما عجل بإجابة الدعاء: أجيب دعوة الداع إذا دعان .. إنها آية عجيبة .. آية تسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة، والود المؤُنس، والرضى الُمطمئن، والثقة واليقين .. ويعيش منها في جناب رضيّ وقربى ندية، وملاذ أمين وقرار مكين ،قال عليه الصلاة والسلام: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له) (رواه مسلم) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
وها هو نبي الله أيوب عليه السلام يستخدم سلاح الدعاء بعدما نزل به أنواع البلاء، وانقطع عنه الناس، ولن يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، وهو في ذلك كله صابر محتسب، فلما طال به البلاء دعا ربه قائلاً: وَأيُوبَ إذ نَادى رَبَهُ أنّي مَسَنِىَ الضُرُ وَأنتَ أرحَمُ الرّاحِمِينَ (83) فَاستَجَبنَا لَهُ فَكَشَفنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ [الأنبياء:84،83].
والدعاء سبب لتفريج الهموم وزوال الغموم، وإنشراح الصدور، وتيسير الأمور، وفيه يناجي العبدُ ربّه، ويعترف بعجزه وضعفه، وحاجته إلى خالقه ومولاه، وهو سبب لدفع غضب الله تعالى لقول النبي : { من لم يسأل الله يغضب عليه } [رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني].
فالدعاء مع العمل الصالح هو سلاح المظلومين ومفزع الضعفاء المكسورين إذا انقطعت بهم الأسباب، وأغلقت في وجوههم الأبواب،
2- العنصر الثاني : شروط الدعاء وهو الاتي :
----------------------
1 الإخلاص في الدعاء هو الاتي :
-------------------
أهم الشروط وأوكدها لأن عدم إخلاص الدعاء لله تارة يكون شركا صريحا مخرجا عن الملة وقد يكون شركا أصغر فيكون الدعاء محبطا لا يمكن قبوله واستجابته . وقد أمر الله بالإخلاص في الدعاء فقال ( فادعوه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) ( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين ) .
قال ابن مسعود ( إن الله لا يقبل من مسمع ولا مرائي ولا لاعب ولا داع إلا داعيا دعاء ثبتا من قلبه ) ولذا قيل ( إجابة الدعاء تكون عن صحة الاعتقاد وعن كمال الطاعة لأنه عقب آية الدعاء بقوله(فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي ) .
2 التوبة والرجوع إلى الله تعالى هو الاتي::-
---------------------
فإن المعاصي من الأسباب الرئيسية في منع قبول الدعاء قال نوح( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ... ) .
3 التضرع والخشوع والتذلل والرغبة والرهبة هو الاتي:
--------------------------------
قال تعالى( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) وقد وصف الله زكريا بالرغبة ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) وهذا التضرع حقيقة الدعاء.
4 الدعاء في الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر والسعة هو الاتي:
--------------------------------------------------
العبد الصالح يلازم الدعاء في حالتي الرخاء والشدة وأما غير الصالح فإنه لا يلتجئ إلى الله تعالى إلا في وقت الشدة ثم ينساه . ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أوقاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ) .
قال تعالي( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ) ( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله .... ) وفي حديث ابن عباس (تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) وعن أبي هريرة مرفوعا ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثرلاالدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي
5 تحري الحلال هو الاتي:
----------------------
يجب أن يكون الداعي مجتنبا للتلبس بالحرام أكلا وشربا ولبساوتغذية فلهذا ينبغي له أن يتحرى ويجتهد إذا أراد أن يكون مجاب الدعوة فللحلال سر عجيب في قبول الأعمال عند الله تعالى والحرام له منع وسد وشؤم على متناوله فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) وقال ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ) وقال في الحديث ( وأطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ) .
6 اليقين في الله تعالي وحضور القلب هو الاتسي::
----------------------------------------
يقول عليه الصلاة والسلام:( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ)
وقال ابن القيم: (قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: إنِّي لا أحمل هم الإجابة، ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه . قال وهب بن منبه لرجل كان يأتي الملوك : تأتي من يغلق عنك بابه ويظهر لك فقره ويواري عنك غناه وتدع من يفتح لك بابه نصف الليل ونصف النهار ويظهر لك غناه ويقول ادعني استجب لك ؟ يا عبد الله إنك إذا رفعت يدك استحي الجبار تبارك وتعالى و صاحب الملك و الملكوت و العزة و الجبروت يستحيي منك أن يرد يديك صفراً " فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا" رواه أبو داود .
فهل سمعت بملك من ملوك الدنيا يستحيي من العامة وأما الله الخالق الباري المصور يستحيي في عليائه من عبده وهذا غاية الكرم و الجود منه سبحانه. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله يستحي الله منك أيها العبد ثم يجيب سؤالك.
أيها العبد الضعيف لا تحمل همّ الإجابة ولكن احمل همّ الدعاء, ادع وتيقن الإجابة واعلم بالفرج. فإنك تدعو من بيده ملكوت السماوات والأرض أجود الأجودين وأكرم الأكرمين أعطى عبده قبل أن يسأله فوق ما يؤمله يشكر القليل من العمل وينميه ويغفر الكثير من الزلل ويمحوه يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه كثر المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين بل يحب الملحين في الدعاء ويحب أن يسأل ويغضب إذا لم يسأل يستحي من عبده.
3- العنصر الثالث : آداب الدعاء هو الاتي:
----------------------
للدعاء آداب كثيرة يحسن توافرها لتكون عوناً بعد الله على إجابة الداعي، ومن هذه الآداب:
1 - افتتاح الدعاء بحمد الله تعالى والثناء عليه، والصلاة على النبي هو الاتي:
---------------
عن فضالة بن عبيد قال: بينما رسول الله قاعداً إذ دخل رجلٌ فصلّى فقال: اللهم اغفر لي وارحمني. فقال رسول الله : { عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصلِّ عليّ ثم ادعه }. ثم صلّى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله، وصلى على النبي ، فقال له النبي : { أيها المصلي ادع تُجب } [رواه الترمذي وصححه الألباني].
2 - الإعتراف بالذنب والإقرار به هو الاتي:
------------------------------
وفي هذا كمال العبودية لله تعالى، مثلما دعا يونس عليه السلام: فَنَادى فِي الظُلُمَاتِ أن لآ إلَهَ إلآ أنتَ سُبحَانَكَ إنِّي كُنتُ مِنَ الظَالٍمِينَ [الأنبياء:87].
3 - الإلحاح في الدعاء والعزم في المسألة هو الاتي:
------------------------------------
لقول النبي صلي الله عليه وسلم : { إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولن: اللهم إن شئت فأعطني، فإنه لا مستكره له } [رواه البخاري ومسلم]. وعلي المؤمن أن لا يستعجل في مسألته يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يستجاب الدعاء لأحدكم ما لم يستعجل. قيل له كيف يا رسول الله؟، يقول: دعوت ودعوت ودعوت فلم أر يستجاب لي فيترك الدعاء فلا يستجاب له).
مثل رجل بذر وأخذ يرويها لمدة أسبوع فلم تنبت، فتركها فماتت .. هناك نبات لا ينمو إلا خلال سنين .. وقد تتأخر الاستجابة لمصلحتك .. وقد تتأخر لأن زمانها لم يأت بعد .. وقد تتأخر لأن الله يريد أن يسمع صوتك.
و يقول الله في ذلك : (يا ملائكتي أدعاني عبدي. نعم يا رب. يا ملائكتي ألح علي عبدي. نعم يا رب. يا ملائكتي أخروا مسألة عبدي فإني أحب أن أسمع صوته).
4 - الوضوء واستقبال القبلة ورفع الأيدي حال الدعاء هو الاتي:
-----------------------------------------
فهذا أدعى إلى خشوعه وصدق توجهه، فعن عبدالله بن زيد قال: ( خرج النبي إلى هذا المصلي يستسقي فدعا واستسقى، ثم استقبل القبلة وقلب رداءه ). ولحديث أبي موسى الأشعري لما فرغ النبي من حنين، وفيه قال: فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال:
{ اللهم اغفر لعبيد بن عامر } ورأيت بياض أبطيه. [رواه البخاري ومسلم].
5 - خفض الصوت والإسرار بالدعاء هو الاتي:
--------------------------------
يقول الله تعالى: ادعُوا رَبَكُم تَضَرُعاً وَخُفيَةٌ إنَهُ لاَ يُحِبُ المُعتَدِينَ [الأعراف:55]. ولقول النبي صلي الله عليه وسلم: { أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم } [رواه البخاري].
6 تحري الأوقات المستحبة للدعاء واغتنام الأحوال الشريفة هو الاتي:
-------------------
فشرف الأوقات والأماكن راجع إلى شرف الأحوال فوقت السحر وقت حصول الصفاء والإخلاص والفراغ من المشوشات ووقت رقة القلب والخشوع . وعرفة والجمعة وقت اجتماع الهم وتعاون القلوب على ذكر الله تعالى وعبادته من الأحوال حال الاضطرار (أمن يجيب المضطر إذا دعاه .... ) ومنها حال السجود ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء ..) وإدبار الصلوات الخمس، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، والثلث الأخير من الليل، ويوم الجمعة، ويوم عرفة،وشهر رمضان ، وحال نزول المطر، ، وحال زحف الجيوش في سبيل الله، وغير ذلك.
7 تجنب الدعاء على النفس والأهل والمال هو الاتي:
----------------------
يقول النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف: { لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم } [رواه مسلم].
8 تجنب الدعاء بإثم أوقطيعة رحم هو الاتي:
-----------------------------
فعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يدعو دعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله أحدى ثلاث : إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يكف عنه من الشر مثلها قالوا إذا نكثر قال : الله أكثر )
9 رفع اليدين : فقد بلغ حد التواتر حتى وصلت قرابة مائة حديث ومسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء ( بدعة لضعف الأدلة ).
فينبغي على المؤمن أن يعنى بهذه العبادة ، وأن يغنم أوقات هذا الشهر الشريف بالإقبال على الله بالدعاء والسؤال والإلحاح راغبا راهبا ، مع العناية بشروط الدعاء وآدابه ، راجيا أن يكون من الفائزين بثواب الله الناجين من النار ، فإن لله عتقاء من النار وذلك كلَّ ليلة من ليالي رمضان .
اللهم تقبل أعمالنا الصالحة ودعاءنا وصلاتنا وصيامنا وقيامنا ومنَّ علينا يارب بالعتق من النار يا حي يا قيوم يابديع السموات والارض ياذا الجلال والاكرام ..
-----
بقلم/ محمود طلبه
كاتب وباحث وداعية مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.