فلسطين.. 20 شهيدًا و140 مصابًا في شمال غزة خلال الساعات الماضية    محمد الفقي يكتب: أحسنت سيادة المحافظ .. ولكن!!    حزب شعب مصر: توجيهات الرئيس بدعم الكوادر الشبابية الإعلامية يؤكد حرصه على مستقبل الإعلام    رئيس الوزراء البريطاني: السلام يجب أن يبنى مع أوكرانيا لا أن يفرض عليها    الخارجية الأردنية تدين بأشد العبارات استهداف الاحتلال لصحفيي غزة    ضياء رشوان عن مبادرة جديدة لوقف الحرب: مصر وقطر وسيطان غير محايدين.. وعلى حماس أن تحسبها جيدًا    CNN: واشنطن تزداد عزلة بين حلفائها مع اقتراب أستراليا من الاعتراف بدولة فلسطين    عاجل- إطلاق نار دموي في تكساس يسفر عن مقتل 3 والشرطة تلقي القبض على المنفذ    موعد مباراة بايرن ميونخ وجراسهوبر زيورخ الودية والقناة الناقلة    سويلم يكشف العقوبة المتوقعة على جماهير الزمالك    التحفظ على أموال وممتلكات البلوجر محمد عبدالعاطي    القبض على البلوجر ياسمين بتهمة نشر فيدوهات خادشة للحياء العام    خلاف جيرة يتحول إلى مأساة.. شاب ينهي حياة آخر طعنًا بكفر شكر    د.حماد عبدالله يكتب: إلى أصحاب الأقلام السوداء !!    برامج تدريبية وورش عمل ضمن خطة تعاون صحة الإسكندرية مع نقابة الأطباء    وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية يعقد اجتماعاً موسعاً لمتابعة الأداء وتحسين الخدمات الصحية    أبرزها الماء والقهوة.. مسببات حساسية لا تتوقعها    بحضور نائب محافظ سوهاج.. الزميل جمال عبد العال يحتفل بزفاف شقيقة زوجته    المحترفون الأجانب في الدوري المصري - نيجيريا الأكثر تمثيلا.. و4 قارات مختلفة    تحركات جوية وبرية إسرائيلية في ريف القنيطرة السوري    "بلومبرغ": البيت الأبيض يدرس 3 مرشحين رئيسيين لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي    حقيقة رفض الأهلي عودة وسام أبو علي حال فشل انتقاله إلى كولومبوس    المصري يتعاقد مع الظهير الأيسر الفرنسي كيليان كارسنتي    طلبات جديدة من ريبيرو لإدارة الأهلي.. وتقرير يكشف الأقرب للرحيل في يناير (تفاصيل)    مصطفى شلش يكتب: التحالف التركي- الباكستاني- الليبي    المحادثات الأمريكية الروسية تدفع الذهب لخسارة جميع مكاسبه    رسميًا بعد الانخفاض الجديد. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025    محكمة الأسرة ببني سويف تقضي بخلع زوجة: «شتمني أمام زملائي في عملي»    رئيس «الخدمات البيطرية»: هذه خطط السيطرة علي تكاثر كلاب الشوارع    «فلوسك مش هتضيع عليك».. خطوات استبدال أو إرجاع تذاكر القطارات    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025    د. آلاء برانية تكتب: الوعى الزائف.. مخاطر الشائعات على الثقة بين الدولة والمجتمع المصري    عليك التحكم في غيرتك.. حظك اليوم برج الدلو 12 أغسطس    أصالة تتوهج بالعلمين الجديدة خلال ساعتين ونصف من الغناء المتواصل    بدأت حياتها المهنية ك«شيف».. 15 معلومة عن لارا ترامب بعد صورتها مع محمد رمضان    الآن رسميًا.. موعد فتح تقليل الاغتراب 2025 وطريقة التحويل بين الكليات والمعاهد    استبعاد مصطفى شوبير من تشكيل الأهلي أمام فاركو.. سيف زاهر يكشف مفاجأة    نجم الأهلي السابق: صفقات الزمالك الجديدة «فرز تاني».. وزيزو لا يستحق راتبه مع الأحمر    استغلي موسمه.. طريقة تصنيع عصير عنب طبيعي منعش وصحي في دقائق    «مشروب المقاهي الأكثر طلبًا».. حضري «الزبادي خلاط» في المنزل وتمتعي بمذاق منعش    انتشال سيارة سقطت بالترعة الإبراهيمية بطهطا.. وجهود للبحث عن مستقليها.. فيديو    محمد سعيد محفوظ يروى قصة تعارفه على زوجته: رسائل من البلكونة وأغاني محمد فؤاد    أحاديث السياسة على ألسنة العامة    انقلاب مقطورة محملة بالرخام أعلى الطريق الأوسطى...صور    إطلاق منظومة التقاضى عن بعد فى القضايا الجنائية بمحكمة شرق الإسكندرية.. اليوم    كيفية شراء سيارة ملاكي من مزاد علني يوم 14 أغسطس    حدث بالفن | حقيقة لقاء محمد رمضان ولارا ترامب وجورجينا توافق على الزواج من رونالدو    أخبار 24 ساعة.. 271 ألفا و980 طالبا تقدموا برغباتهم على موقع التنسيق الإلكترونى    4 تفسيرات للآية «وأما بنعمة ربك فحدث».. رمضان عبدالمعز يوضح    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    محافظ الأقصر يبحث رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية مع وفد الصحة    قيادات تعليم السويس تودّع المدير السابق بممر شرفي تكريمًا لجهوده    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ مساء غد    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلاد تحكمها الأساطير
نشر في شباب مصر يوم 10 - 04 - 2018


الشاعر
قرأت في التراث الياباني من الأساطير ما أدهشني .. كيف سافرت النداهة إلى هناك؟ وكيف غامرت سندريلا بالسير في جزر المحيط حافية القدمين حتى وصلت إلى بلاط الإمبراطور الشاب لترتدي حذاءها هناك وتخطف قلبه ومملكته؟ يبدو أن الأساطير تتشابه في غرابتها وبعدها عن حياض المنطق والوعي. ويبدو أن اليابانيين القدماء لم يختلفوا كثيرا عن أجدادنا الطيبين الذين آمنوا بأنصاف الآلهة والجن والعين الزرقاء. ومن بين الأساطير اليابانية الموغلة في الحمق والغرابة، هزتني أسطورة "كوشيساكي أونا".
أونا، فتاة يابنية مدهشة، تخلب فتنتها الأبصار، ولا تفارقها عين تراها حتى تتوارى بالحجاب. لها وجه كالقمر، وعينان كالبدر، وبؤبؤان كالمحيط. أما عن تفاصيلها، فقد تحدث اليابانيون ولا حرج. ولم يحاول من رآها أن يسألها عن سر الكمامة البيضاء التي كانت تغطي نصف أنفها وكامل شفتيها. لكنها كانت تبادر من يتبعها منهم بالإجابة دون حرج.
فما إن يخلو لها الطريق بالمعجب الولهان، حتى تنزع الكمامة عن وجهها، فتتغير ملامح المأسوف على وعيه، ويرتد بصره خاسئا وهو حسير. فابتسامة كوشيساكي تظهر طقم أسنانها بالكامل، وشفتاها تمتدان من الأذن إلى الأذن. لكن قبل أن ينكص المريد على عقبيه عائدا من حيث أتى، تسأله الحسناء البشعة: هل تراني جميلة؟
فإذا أجاب البائس بأنها جميلة، أخرجت سكينها المعقوف وشقت فمه من الشحمة إلى الشحمة، لتتركه يبحث في الخرائب عن قناع يجمل به فمه أو يستر به أضراسه البادية أو يمسح فيه الدم المتدفق كالشلال فوق ثيابه. أما إن تطاول، وقال بأنها دميمة، وأنه أخطأ حين غافل رفاقه وتبعها، عندها يجد لا يسره، إذ تخرج الفاتنة البشعة من بين ثيابها سيفا بتارا، وتقطف رأسه، ثم تنزع شعره وتحمله في كيس معها. أما إذا حاول الهرب، عاجلته بضربة تشق قفصه الصدري إلى سلتين. يبقى أن تراوغ، فتصفها بأنها بين بين .. لا هي فاتنة للغاية ولا بشعة جدا. حينها قد تترك لك الفاتنة القاتلة من الوقت ما يسمح لك بالاستدارة والفرار.
يقال أن كوشيساكي الجميلة قد تزوجت ذات غباء من أمير غيور. وأن الرجل كان يتهمها كلما رأى نظرات الإعجاب في عيون الرجال حوله. فقرر - رغم هيامه بها - أن يشوه معالم حسنها وأن يشق نفقا في وجهها الوضيء. وأنها هربت من قصره بعدها، وصارت تهيم على وجهها في شوارع اليابان لتنتقم من كل الرجال الذين لم يرحموا ضعفها ولم يرقبوا في حسنها إلا ولا ذمة.
الأسئلة في اليابان أشد جهامة من الأسئلة في بلاد العالم الثالث، والإجابة محصورة دوما بين شفرتين. والجلاد يقف بالمرصاد عند كل صندوق اقتراع. إما أن تنافق كوشيساكي، فتصفها بما ليس فيها، فتفر بوجه غير الذي أتيت به، وتحتفظ بكامل أعضائك، لتمارس حياة بشعة بوجه رديء. وإما أن تواجهها بما لا تحب، وترفض أن تضع إصبعك في حبر التأييد المطلق لحسنها غير المكتمل، فتفقد فروة رأسك. أو تحاول الفرار دون جدوي من قدر يتربص بك عند كل ناصية.
هل كان اليابانيون القدماء يجيدون الوقوف عند منتصف العصا، ولا يغادرون المنطقة الرمادية عند كل إجابة حتى يتمكنوا من البقاء فوق صفيح الأسئلة اللاهبة أطول فترة ممكنة؟ أم أنهم كانوا يبالغون في التطرف المقيت، فجاءت الأسطورة لتعلمهم سياسة التوسط للبقاء فوق رصيف وطن لا يقبل التطرف هنا أو التطرف هناك؟
الأساطير تطرح الأسئلة أكثر مما تجيب. ولا تكذب ككتب التاريخ والسياسة. ولا تفسدها الإسرائيليات ككتب السيرة. بل هي محصلة جهد جمعي يسير بالشعوب في الفلوات بحثا عن خلاص. وهي تستبيح الرمز حيث تصعب المباشرة، وتفضل الالتواء عندما تستحيل الاستقامة. لهذا، أطالب علماء الاجتماع بإعادة تشريح الأساطير لكتابة تاريخنا البشري الذي يحمل هما كونيا مشتركا بصورة لا تجامل.
عبد الرازق أحمد الشاعر
‏[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.