علاء عبدالحق المازني ذكريات ما زالت عالقة بأذهانى أتذكرها من الحين للآخر ولم تمحوها تلك السنوات من الذاكره عندما كنت طالب في أولى ثانوي أخذت أجازة نصف العام الدراسى وقررت قضاءها فى القاهرة التى عشقتها وذبت عشقاً فى هواها قادتنى الصدف والأقدار وتعرفت بفتاة كنا تقريبا بنفس العمر هى قاهرية المولد وانا صعيدى الجذورعندما رأيتها وعيناى إلتقت بعيناها خطفت قلبى وعقلى لمحت فيها التمتع بالذكاء ورجاحة العقل والفكر إنبهرت بثقافتها وقدرتها وثقتها بذاتها على إدارة حوار راقى برغم صغر عمرها فى البداية هزنى جمالها وصار قلبى كالعصفورالذبيح مرت الأيام وحركت بداخلى مشاعر جياشة "أحببتها" بصمت دون تصريح أو تلميح منى لأن ثقافتى الصعيدية لا تعترف "بالحب" إلا بالزواج وكان من الواجب المحافظة على تلك الثقافة وكثيرين مثلى ممن هم سبقونى بدرجات علمية عليا ولكن "الحب" كان كالسهم الذى يطلقة الصياد على الفريسة سلبت أرادتى وكبريائى وتحطمت ثقافتى على عرش الحب فإستسلمت له ولا أملك من أمرى شيئا لم تكن مشاعرى نزوة لصبى بلغ من العمر السادسة عشر فتحركت بداخله مشاعر صبيانية بل كانت هذه المشاعر بنقاء وطهر السماء تزداد يوما بعد يوم عشت ليالى وأيام معذب ليس لدى القدرة على مصارحتها بهذا "الحب" خائف أن أقول لها كلمة "بحبك" وفى يوم كنت بتمشى على كوبرى قصر النيل خطرت ببالى فكرة أن أكتب لها جواب أحكى فيه عن مشاعرى وأشرح لها أن "الحب" الذى كان مخنوقاً فى مدينة الحياء بين دهاليزوسراديب العادات والتقاليد بالصعيد المنغلق على المشاعر العاطفية ويرفضها ويعتبرها رجس من عمل الشيطان هواجس وأفكار وصراع مع النفس بين الإعتراف أو الصمت ولكن أريد معرفة هل تبادلنى نفس الشعور أم أنها أن هذه المشاعر مبتورة الأورده بدأت من صبى لأول مرة يدق قلبه بالحب لأول مرة يتعرف على فتاة وتحدثه ويحدثها أمسكت بورقة وقلم وترجلت من على صهوة حصان العادات والتقاليد التى كبلت الفكر والتعبير حتى اصبح عقيم يفتقد لصدق المشاعر فى الكتابة وكتبت لها ما أشعر به نحوها وبعد ساعة من كتابة الجواب التقينا بحديقة الفسطاط ولا أعرف كيف اجعلها تقرأ الجواب وأنا ليس لدى الجراءة لمصارحتها ملكنى شعور بالخوف والخجل فهذا الأمر لم يحدث لى من قبل أنا جئت من الصعيد الذى يعتبر"الحب" من العيوب كان الخوف يتسلل لأوردتى يحاول سلب إرادتى وأن ابقى صامتاً ماذا لو رفضت هذا "الحب" القادم من أعماق الصعيد الجوانى حب مكبل بعادات وتقاليد لا تعترف بمسماه لحظات قاسية وإحساس بالعجزكلما مددت يدى للجواب ترتعش أردت كسر حاجز الصمت وقتل الخوف على أعتاب الحديقة التى تعج بآلاف الناس الذين يعيشون بهدوء وسكينه طلبت منها أن أذهب وأتى بمشروب وأعود قالت الجرسون ياتى ونطلب ما نريد قلت لها لا لن ننتظره سيكون ازدحام شديد اليوم وسوف يتأخر علينا ذهبت للكفتريا وتركت الأجندة على التربيزة وبداخلها الجواب أردت من ذلك مراقبتها من بعيد جايز تفتح الأجندة وتقرأ الجواب وتوفر على الإحراج وقفت عند الكافتيريا أتابع ماذا ستفعل مدت يدها وامسكت الأجندة وبدأت تقلب صفحاتها واحده تلو الأخر اخيراً رأت الجواب وبدأت تقرأ ماكتبته وبعد أن إنتهت من قراءته "إبتسمت" واخرجت قلم رصاص من حقيبتها ورسمت على الجواب قلب وكتبت فيه "وانا كمان بحبك" أحببت فيك الصدق الذى أراه بين عينيك الوفاء الإخلاص حنينك وعشقك لجذورك كلامك الصعيدى الذى تتحدث به بكل سهولة ولا تقلد القاهريين فى لغتهم خوفك من أن تلتقى عيناى بعيناك حياءك فى إختيار كلماتك أثناء الحديث معى إنتهت وقفلت الأجندة وتركت الجواب كما هو عودت "بعصير الفراولة" وكأنى لم أرى شيئا تحدثنا كتيراً عن روعة وجمال القاهرة والنيل وهل عجبتنى القاهرة وكيف أستطيع تقيم إقامة المدينة عن الريف وهل بينهما إختلاف تحدثنا عن أحلامنا المستقبلية مر الوقت سريعا وذهبنا لمحطة الأتوبيس وقبل أن نترك الأتوبيس قالت على فكرة انا بكتب ذكرياتى "بالقلم الرصاص" قلت لها حتى تستطيع أن تمحى أى ذكره مؤلمة فى حياتك قالت لا ولكن "القلم الرصاص"يجعلنى اعود كأنى طفلة والطفولة رمز للبراءة والصدق والنقاء والحب الصافى وأنا دورى كان الإستماع لها بإهتمام مبهوربقدرتها على تجسيد مشاعر بداخلى عجزت عن ترجمتها وصلنا لمحطة الوصول ونزلنا من الأتوبيس تصافحت أيدينا وتعانقت قلوبنا وافترقنا ثم ذهبت للبيت وفتحت الأجندة وعينى لم ترى إلا كلماتها المكتوبة "بالقلم الرصاص" وسط القلب المرسوم على ورق قلب الصعيدى المتيم بحب القاهرية المسجون بين حيطان العادات والتقاليد الصعيدية... يتبع !