«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحمن الإبنودي للصباح : لو لم أكن شاعرا لأصبحت حرامي
نشر في الصباح يوم 11 - 11 - 2012

لم يكن "الخال" مثل مثقفين هذا الزمان الذين خوت عروشهم من المعاني الجميلة التي لطالما نبحث عنها حتي نجدها عنده وأمثاله ممن حافظو علي كل ما هو أصيل وعريق ، فكان الإبنودي مختلفا في كل شيئ فعندما تجلس معه تشم فيه رائحة تراب هذا البلد وعندما تحادثه تشعر أن الزمان عاد بك إلي مصر الفرعونية في أوج حضارتها ورقيها وحين تشعر بصعيديته وهو يتحدث عن الطين والزرعة والفلاح تشعر بعظمة الإنسان المصري وحين يتحدث عن أمه تري فيه الجانب الإخر لشخصيته الودودة الباره.
عاش الارق طويلا معه كان يصاحبه في مضجعه وهو ساهر يفكر في معشوقته ومحبوبته مصر يتأمل سمائها ويتلمس ترابها ويحكي إليها وتحكي إليه يناجيها ويداعبها ويغرق في نيلها ثم يطفو علي السطح ويظل عائما حتي يصل هناك عند السد العالي فيعيش معه ويتذكر ماكان من ذكريات.
ظل "الخال"عبد الرحمن الابنودي منذ ان نزح من الجنوب يبحث عن "ابنواد" جديدة يستقر فيها بعيدا عن قسوة القاهرة وقهرها فكم من منزل فى الارض يألفه الفتى لكن حنينه يبقى دوما لأول منزل ولذلك عندما عثر الخال على تلك القطعة من الارض الخضراء الكائنة هناك فى الاسماعيليه قرار ان يصنع منها ابنواد صغيره تبعد 150كيلو فقط عن القاهرة ليستقرفيها بشكل نهائى خاصة بعد ان دائم المرض قلبه لم يعد يحتمل صخب المدينة او البقاء فى الابنواد الاصلية التى تفصله 700 كليو عن العاصمة فالاخيرة رغم انها مجرد جملة اعترضية فى مشور حياته إلا انها تبقى مركز الاحداث له لايمكن ان ينعزل عنها اى مهتم بالشأن العام فما بالنا بشاعر العامية الاول فى مصر.
حاولنا ان نطوف فى مشوار الابنودى وهناك في بيته الصغير الذي تلتف حوله الإشجار يحيا الخال مع محبوبته الذي داب عشقا في حبها مصر يكتب لها الأشعار ويتغزل فيها بالكلمات ويبكي رثاءا لما وصل إليه حالها
والحقيقة انه مهما رسم الزمن على وجه "الخال" عبد الرحمن الابنودى من تجاعيد ومهما هاجم المرض قلبه لن يقوى شيئا علي النيل من قدرته على العطاء وحب الحياة ... هكذا كان حال الرجل بعد ان ظفرنا بموعد للحور معه.. ملا الشيب شعره لكن حماس الشباب يملا قلبه.

• الفلاح مثلي الأعلي .. والسؤال عن ملهمتي خبيث أحتاج في الرد عليه دهاء الشعراء
• المرأة تتعرض لهجمة هستيرية من الظلاميين لتحويلها لعورة وشيطان
• أنا لست رمانسيا وواقعي جدا ..وأحب نساء العالم لقلبي "فاطنة قنديل"
• اكثر ما يبكيني عندما أري مصر تضيع ..وأقرب قصائدي لقلبي " الإحزان العادية"
• رأيت الموت امام عيني فى حرب الاستنزاف وسجلت التجربة فى ديوان " وجوه على الشط"
• الحكومات الفاسدة هى المسئول الاول عن معاناة العمال والفلاحين
• إسرائيل تستهدف سيناء ومدن البحر الإحمر ب"إيدز النخيل "
• مصر "نتتحر" وتتعرض لغزو عقلى وحملة تشيكك فى رموزها
• فقراء مصر بنوا" مارينا" بسواعدهم ويدركون ان أموال الاغنياء جاءت من "عرقهم "
القاهرة جملة اعترضية فى مشوارحياتى بين ابنود والاسماعلية
• عندما تعجب المرأة بجمالها تصبح غبية وعندما يعجب المبدع بإبداعه يفلس
• عرفت فى السجن قيمة النجوم والسماء والشوارع وكلكسات السيارات
• من لم يعيش الحرب لن يعرف كثير عن معنى الحياة
• البرادعى شخص (نبيل ) لكن الالتفاف حوله يذكرنى ب(فرح العمدة)
• الحكومات اصابت الارض فى مقتل و"خربت" التربة بأسمدة ومبيدات فاسدة
من أين نبدا ياخال ... من البداية "من ابنود" ام من النهاية "من الاسماعلية" ؟
- آآآآه نبتدى منين الحكاية "على رأى عبد الحليم " دعينا نبدا من النهاية.
*لماذا ابتعدت عن القاهرة وفضلت العزلة هنا في الإسماعيلية ؟
- القاهرة اصبحت قاسية جدا ومزدحمة ومتعبة خاصة على اللى رئته معتلة وعندما كنت فى فرنسا للعلاج نصحونى الاطباء بأن اقيم فى منطقة مليئة بالخضرة طوال الوقت.
*وما قصتك مع هذا المكان البديع؟
هذا المكان يبدو الان وكأنه صورة مصغرة من ابنود ولان ابنود تبعد 750 كليو عن القاهرة وفى حالتى الصحية هذه كان يصعب على السفر لابنود فكانت قطعة الارض هذه هى ملاذى الوحيد ، وكنت قد اخذت هذا المكان من سنين كثير وكان جيرانى فى حالة احساس بالذنب لانهم كانوا مشفقين على لاننى اخذت قطعة الارض هذه وكانت اشبه بالبركة "ومردومة بالجبس " ولم يدركوا اننى على خبرة عالية بالزراعة.
*من اين جاءت علاقتك بالزراعة؟
-منذ صغرى عشت فى الحقول ومشيت خلف الصيادين ورعيت الغنم وجنيت القطن فأنا عشت القرية كواحد من دود ارضها , وكنت اعرف كيف اتعامل مع هذه الارض ولذلك اعدت صياغة هذه الارض من جديد وها هى مليئة بالازهار والاشجار والخضرة وجاء الوقت التى احتجت فيه اليها ، ومراتى نهال عندما رأيت هذا المكان هربت حتى عادت الحياة للإرض مرة اخرى ويمكننى ان اقول ان هذه الارض انا اعدت اليها الحياة مرة وهى اعادت لى الحياة مرة "ردت الجميل" كعادة الارض دائما.
كيف تبدو نظرتك للحياة بعد هذه الفترة التى قضيها فى هذا المكان؟*
- اولا انا سعيد فهذه هى الطبيعة التى عشت طويلا احلم بأن اقضى عمرى فى احضانها ودائما كنت اقول ان القاهرة جملة اعتراضية فى حياتى يعنى بين ابنود والإسماعيلية.. ولذلك انا سعيدا بانى صنعت هذه الابنود الصغيرة على بعد ساعة ونصف من القاهرة وانا فى اسعد ايام حياتى ، صحيح ان اسرتى تأتى اسبوعيا الى هنا "نهال واية ونور" وهذا مرهق بالنسبة لهم ولكنهم هم ايضا سعداء.
وانا سعيد لان ابنتى لم تكونا على علاقة حميمة بهذا المكان فيما كانتا متعلقتين بأماكن جدهم لأمهم فهى اماكن مدمدينة ومتطورة ولكن هذا المكان وهذا البيت ريفى وانا الذى صممته ولم يدخله مهندس فهذه الارض لا يوجد بها خضرة صناعية ولا نجيل صناعى ، لكن مع ترددهم على هذا المكان عشقوة وصاروا جزءا منه وانا ايضا وجودى هنا جعلنى أشعر بأننى منطقى مع نفسى ومع حياتى.
*من اقرب الناس اليك فى هذا المكان؟
-عم محمود فهو معى منذ 21 عاما ومعه دبلوم زراعة فهو غفيير ومزارع وجناينى وممرض وطباخ وانا الذى قمت بتعليمه طبخ المأكولات المناسبة لى والتى أحبها فهو من يقوم بكل شئون حياتى ويأتى لى بالجرائد يوميا فهو حياة كاملة وهذا المكان قائم عليه , وفوق كل هذا فهو رجل ذو خلق .
*ماذا بعد رحلة الكفاح الطويلة التى قضيتها ما بين كر وفر ونجاح وشهرة وشوية تعب؟
- اولا النجاح والشهرة والاعلام اضعها فى الاعتبار ولا اعتبرهم من حصاد رحلتى الطويلة, فأنا كانسان انظر دائما للغد ولاانظر للأمس ومن البشر من يعلم أنه عندما يعرف الإنسان اكتر يعرف انه قيمته أقل بمعنى ان كل من نقرأ عنهم فى هذه الكتب التى تحيط بنا .. هؤلاء من سبقونا وما دمنا على صلة حميمة بهم ونقرأ لهم ونتوصل معهم من خلال كتاباتهم وقتها فقط يعرف الانسان انه ضئيل جدا ولم يحقق شيئا بعد ، والجمهور قد يرى او يعرف ذلك لكن هذا هو حال الجمهور ولكن على المبدع ان يعرف دائما ان هناك من ابداع واخلص واعطى اكثر منه ,وانه مازال على اعتاب بوبات الابداع حتى يعى دائما لأن يصل الى قمة الابداع ولكن اذا شعر انه وصل الى هذه القمة توقفت حواسه وابداعاته.
*هل نعتبر هذه الكلمات رسالة لكل مبدع مخلص فى ابداعه؟
- نعم هى فى الحقيقة رسالة من انسان بسيط أعطى لإبداعه كل حياته وكيانه ، لذلك يجب ان يتحلى المبدع دائما بالتواضع , لان عدم التواضع هو جهل وعدم ادراك لمكانته الحقيقة.
*ماهو حصاد هذه الرحلة الطويلة؟
- اجمل ما فى هذه الرحلة هى اسرتى الصغيرة الجميلة وصداقاتى المخلصة فأنا مازلت على صلة بحرافيش نجيب محفوظ وهم اصداقائى ويزورونى بإستمرار وكذلك أصدقائى الادباء القاهريين ومن الاسماعيلية والسويس أيضا من ايام "وجود على الشط" ولى اصدقاء من معظم المناطق الشعبية التى امربها حتى تأتى هنا فى الضبعية بالإسماعيلية ومعظم اصدقائى صعايدة من قنا ويمكن ان ألخص حصاد هذه الرحلة فى كلمة واحدة هى التواضع فعندما تعجب الجميلة بجمالها تصبح غبية وعندما يعجب المبدع بإبداعه يتوقف هذا الابداع وبالمناسبة أنا لا أرى تسجيلاتى فى التليفزيون مطلقا ولا أحب ان اسمع صوتى فى الردايو فصوتى هذا الذى تحبه الناس وهو يرد أبيات الشعر حين أسمعه أنزعج ، فالصلة بينى وبين عبد الرحمن البنودى المنتشرفى الاعلام ضعيفة ، فأنا لا استمد منه قوتى، فقوتى فى قصيدة شعرى وهى همى الاول والاخير.
*ما اكثر التجارب والمحن التى اثرت فى حياتك ولم تكسرك بل قويت بها ؟
انا دائما اقول ان هناك تجارب فى حياتى لم تتاح للكثيرين ومن لا يمر بهذه التجارب تصبح تجربته الحياتية ناقصة الى حد كبير جدا ، أولها السجن وثانيها الحرب وثالثها السد العالى ، فعندما تتحدث عن السجن تقول انه لا يمكن ان تكتب عن الحرية دون ان تخوض تجربة السجن فهو المعلم الاساسى للحرية ,ففى فترات الحرية الرومانسية كنا نرمز للحرية بقضبان حديد تقف بينهم حمامة مثلا وكان ذلك يرمز للحرية، ولكن حين ندخل السجن نكتشف ان الحرية ان الانسان يطلع سلم بيته ويتنهد على باب شقته وأن يقرأ الجريدة فى الحمام وهو"بيدندن " أغنية لعبد الحليم ,وهذا يكون هو غاية الحرية ,طبعا هذا الكلام يتعارض مع مفهوم الحرية عند الناس , ولكن فى السجن تعرف المعنى الحقيقى للحرية وقيمتها وتعرف قيمة النجوم والسماء والمساحات الفضاء و"كلكسات" السيارت فى الشوارع والالوان فهى الحرية , وقد عبرت عن هذه التجربة فى قصيدة "الاحزان العادية" .
اما الحرب فمن لم يعيش الحرب يظل لا يعرف الكثير عن معنى وقيمة الحياة فبدون الحرب لا نعرف معنى الوطن ومعنى السلام ، وفى اعتقادى انه من الممكن ان نقاضى اى شخص يتحدث عن الشهداء والشهادة طالما لم يعش الحرب ، بمعنى ان الكاتب يكتب عن الشهيد مثلا قائلا "وجائته الرصاصة وإحتضن وطنه مبتسما وأسلم الروح " فهذا كلام وتعبير واحساس به الكثير من المغالطة فالشهيد لا يموت مبتسما والموت له فزعته والحرب لها فزعتها ,ففى رعب الحرب واسلحة الدماروالموت تحيط بك لا تستطيع ان تجمع صورة والدتك وهى اقرب الناس الى قلبك ,لان الموت الذى يحيط بك والمكان لا يترك ثانية تسترجع فيها شيئا عن حياتك.
وانا شفت الموت امام عينى وكتبت تجربتى فى ديوان "وجوه على الشط " وكان ذلك اثناء حرب الاستنزاف العظيمة حينما ذهبت لإحدى قرى شواطئ القناة وأقمت مع الفلاحين البواسل الذين رفضوا الهجرة من مدن القناة وفضلوا أن يستشهدو تحت ترابها ، وعندما ذهبت وعشت بقرية على شاطى قناة السويس لم اذهب لكتابة الشعر ولكنى ذهبت لأن عمى عم ابراهيم ابو العيون وأقاربى وأصحابى هناك فذهبت لأقيم معهم , وهناك ولد ديوان "وجوه على الشط" حيث جاء بوجوه الناس البواسل الشجعان والتى تشهد عليهم حرب الاستنزاف الحرب حافلة ببطولات الانسان المصرى .
اما التجربة الثالثة فكانت السد العالى وكان هو المشروع القومى فى الستينات فأينما حضرت مصر كنت حاضرا وهذه التجربة جعلتنى قريبا من العمال ومشاكلهم حتى شعرت اننى واحد منهم ، وهذه التجربة جعلتنى أشعر ان المعاناة التى نراها فى صفوف العمال والفلاحين سببها الحكومات وذلك نتيجة لعدم قدرتها على تصديق مشكلاتهم ودفع المجتمع للأمام ، وقد عبرت عن هذه التجربة فى ديوان "جوابات حراجى القط"
*معنى هذا أنك عبرت عن كل تجربة فى حياتك من خلال أشعارك؟
ليس بالضرورة فهناك الكثير من التجارب لم أعبر عنها مطلقا من خلال أشعارى .
* هل اخفيت باقى التجارب بداخلك وفى ثنايا قلبك؟
لا لم اخفيها بهذا المعنى ولكنها هى التى لم تأت بأبيات شعرية وذلك لأن الشعر ليس عملا إداريا فلست انا الذى اقرربأن أكتب عن تجربتى هذه اوتلك ولكن وحى التجربة هو الذى قد يأتى أو لا ياتى ، فأنا كتبت عن تجربة "حراجى القط" ولكن لست أنا الذى اقرر وإنما حراجى القط هو الذى قرر ذلك وأنا رضخت لإرادته عندما قرر ان يخرج للنور، وتجربة "حراجى القط " هو العمل الوحيد الذي كتبه فى حياته علي مرحلتين الاولى عندما قبضت علىّ المباحث فى 1969 والثانية عندما خرجت من السجن والغريب إني عمرى ماكتبت قصيدة مرتين او بيضت عمل من أعمالى فدائما تكون بكورة فكرى هي الدفعة الأولى التى تخرج للنور.
*ولكن اذا تحدثنا عن التجارب التى قوت بها, فما هى اكثر المحن التى تستطيع أن تقول أنها قصمت ظهرك؟
موت امى الست "فاطنة قنديل " أى فاطمة بلغة المدينة ،كانت أمى تقول لىّ إنت عارف ليه مش راضية أموت "وكان الموت شيئ اختيارى " فقلت لها ليه ، تقول لىّ "عشان ماسبكش لوحدك وعشان انا لوموت هتفكر انت فى الموت وتقول الدور علىّ" فكانت لها حكمة بليغة تعكس علاقتها بالموت وشجاعتها فى الاقبال عليه وفهمه.
*ماذا تمثل المرأة فى حياة الابنودى ؟
المرأة فى حياتى تمثل البداية والمنتهى بداية من فاطمة قنديل ونهاية بنهال كمال وأية ونور ، أما المرأة الان فهى تتعرض لهجمات هستيرية لردها للبيت مرة اخرى وتحويلها لمجرد متعة للرجل وتحويلها لكائن يمثل العورة والحرمانية وكراهية كبيرة من هؤلاء السلفية والظلاميين فهم يصورونها وكأنها شيطان، هكذا وصلنا الى العمى وهكذا يريدون ان يفقدوا المجتمع نص قوى فالمرأة مازالت تمتلك حياتها وهى غير قابلة للفساد .
أما عندما تتحول المرأة لسلعة من خلال الاعلانات المعتمدة على العري فهذا يحزننى وهذه الامور تجعلها تفقد وضعها الذى اكتسبته.
حدثنا عن علاقتك بإبنتيك .. وهل أنت غاضب لأن ذريتك بنات فقط بإعتبارك صعيدي ؟
أنا بحمد ربنا انه وهبنى بنات وليس صبيان ذلك لأن بناتي هن أمهات الغد والأم هي التي تلد الطفل وتبصره بحقيقة الحياة وأنا مشهور بحبى لفاطمة قنديل الذى جئت بالصدفة إبنا لها واعتز بأنها أمي فالنساء حاضنات حضارة وحافظات رسالة وهن من يحافظن على التقاليد والاعراف وهن الشجعان الحقيقيين في الأرض .
*ماذا عن الابنودى الانسان والشاعر؟
- الابنودى الشاعر ليس شخصا واحدا فهو تارة الشاعر الذى يكتب القصيدة والديوان وتارة أخرى نجده يكتب الأغنية وتارة ثالثة نجده الشاعر الذى يدلى بأحاديثه الصحفية والإعلامية مثل هذا الحديث الشيق الذى نحن فيه الان فهذا اكثر من ابنودى.
- وهناك ايضا الابنودى الذى لايعرفه احد غير اقرب المقربين إليه وهو الابنودى الطفل الذى يخرج للطبيعة ويلعب مع شجرة المانجة "ويطبطب عليها ويداعبها ويغزلها ".
- وهنال الابنودى صاحب أصحابه اللى الناس بتحب جلسته والتواجد معه وحديثه ومناوشاته هذه الشخصية الغريبة الفطرية التى تضحك كثيرا وتحزن كثيرا.
- وهناك الابنودى رب العائلة والزوج والأب.. والابنودى الأنسان هو جزء من بلاده وجزء من أهله وناسه فهم كثيرون وكلهم بداخلى.
- ولكن اللى يخصنى من كل هؤلاء الإبنوديين جزءا من كل واحد فيهم ، ولكن الابنودى اللى من ابنود يلزمنى منه مساحات كثير وكذلك الرجل الذى يغوى الخضرة والطفولة لأنها هى أم الشعر ومرضعته.
*لكل شاعر ملهمة .. فمن هى ملهمة الابنودى؟
- هذا سؤال خبيث.. ولكن سوف استخدم فى الرد عليه دهاء الشعراء , قصائدى لست انا المسؤل عنها فالشعر هو الذى يأتى او لا يأتى ولذلك نجد شعراء كبارا توقفوا عن كتابة الشعر لفترات قد تصل الى 30 او 40 سنة فهو ليس عملا عاديا او ادرايا ولكنه يحتاج لنوع من انواع التصالح مع النفس ومحبة للدنيا وللناس وللحياة والشعر حالة احتفاء دائم بالدنيا فهو ليس مهنة ولكننا نستطيع ان نسميه هدفا او رسالة او لعبة طفولية او شخبطة لكن فى النهاية هذه الشخبطة يمكن ان تهدم الكون أوتعيد بنائه بصورة جميلة تخص الشاعر وحده وبهذا يصبح الكون كله ملهما وملهمه للشاعر والمبدع.
*ما احب قصائدك لقلبك؟
- انا شاعر تلقائى وليس بالضرورة ما احبه الناس يكون هو ما احبه قلبى فمن احب قصائدى لقلبى مثلا "الاحزان العادية" و"المد والجزر" وديوان "الفصول"
لكن لناس يحبون"حراجى القطط" و"يمنى" وهذا يعنى ان كل انسان يلقى نفسه فى شئ معين دون الاخر ، ولكن قصيدة "الاحزان العادية" هي التي حين كتبتها شعرت أنى بها استطيع ان اقول على نفسى شاعرا.
ما أكثر شيئ ممكن أن يؤلمك أو يبكيك ؟
عندما أري مصر تضيع من بين أيادي أبنائها وحكامها هما السبب ، وأنا من اكثر الناس الذين يعشقون الصداقة ويضحون من اجلها بالكثير بلا حدود ولذلك الصداقة عندي تعنى الحب والحب عندى هو الاساس وغيره اشياء فرعية لذلك من اكثر الامور التى تبكين ايضا هى عندما أصدم فى صديق أوحبيب.
*من مثلك الاعلى فى الحياة؟
- الفلاح فهو الذى اخترع الصبر والمواويل وهو الذى وضع الكلام الحلو علي السنتنا وهو ابو الحضارة وهو الذى ربط الغناء بالثقافة ، والفلاح هو الذى بنى الارض وخضرها وعمرها ولم يأخذ شيئا ولكن هذا هو قدر صناع الحضارة فهو صانع للحياة لنفسه وللأجيال المقبلة.
*هل الابنودى فى صدام بين الحياة الرومانسية والواقعية؟
-انا لست رومانسيا انا رجل واقعى جدا , ولكن عواطفى سمحت لى ان اكون محبا للحياة بكل ما فيها وهذا ليس برومانسية ولكنها طبع وجزء من سلوكى واخلاقى وتكونى.
* لكننا نشعر بالرومانسية فى اشعارك؟
لأن هذه المشاعر التى تسمونها انتم رومانسية هى جزء عادى من طبيعتى ومن مشاعرى وليس شيئ دخيلا عليها يصبح له اسم مختلف ويلقب بالرومانسية.
والناس يهربون من الحياة الواقعية ذات الدم الثقيل باحساس خيالى اسمه الرومانسية لكن انا اهرب الى الطبيعة فانا اعرف كيف اداعبها والاعبها وازرع شجرة الجوافه واستناها لما تطرح "ماهى ها تروح فين منى وانا هاروح فين منها "
* لماذا اشعر بانك تجد نفسك وراحتك مع الطبيعة اكثر من البشر؟
نعم اجد نفسى مع الطبيعة ولكنى لا اهرب من البشر فأنا اجتماعى جدا واحب الناس بشكل غير عادى ولكن اهرب من المدن الاسمنتية المزدحمة والمليئة بالغش والرياء والظلم واهرب الى الطبيعة الخلابة .
*عندما يتأمل الابنودى رحلة حياته ويسال نفسه لولم اكن شاعرا لوددت أن اكون .........؟
لولم أكن شاعرلأصبحت "حرامى " ولصا خطير جدا مثلما اقتنص المعانى الان كنت هسرق الدنيا كلها ,ففى واقعة ظريفة احكى لك عنها كنت فى طفولتي اسمى رمان لانهم ظبطونى بسرق رمان من الجنينة اللي في البلد وجرى ورايا عم منسى وهو أتخن انسان فى قريتنا ولأن الرمان كان اثقل منى معرفتش اهرب لكنى كنت لص جميل
*على أى حال كسبنا شاعر كبير ولكننا خسرنا حرامى جميل ..!!
نعم ,انا أؤيدك
*كيف يرى الابنودى الحب الافلاطونى ؟
لا يوجد شئ اسمه الحب الافلاطونى فى عالم شديد الواقعية فالحب له اسس يقوم عليها بمعنى انه يكون هناك مزايا فى المحبوب لا يستطيع المحب أن يتجاهلها وتجعله فى حالة احتياج دائم اليه وهذا الاحتياج الحقيقى ينتج عنه الزواج والعشرة.
*مصر ينقصها ايه لكى تصل الى بر الامان؟
- مصر ينقصها حزب جماهيرى قوى يلتف حوله شباب الثورة والأغلبية الصامتة وجميع طوائف وفئات المجتمع وينطلق من ايمان النخبة المثقفة بالجماهير وحتمية الارتباط بها وبدون حزب جماهيرى قوي لايمكن الوقوف امام أي حزب حاكم طاغي لا يؤمن بتداول السلطة ولايمكن زحزحته لا بالكلام ولا بالمقال ولا بالاغنية فهو لا يتزحزح الابعمل جماهيرى منظم
* ماتقييمك لأداء البرادعي مؤخرا وانسحابه من خوض الإنتخابات الرئاسية ؟
- قضية الالتفاف حول البرادعى تذكرني "بفرح العمدة " لكنه شخصية نبيلة بالفعل واهدافه سامية ولكن هذا ليس كافيا بمعنى انه لايكفى ان نتلف حوله فقط وان نصنع هذه الضوضاء فى الهواء وكنت قد كتبت فى قصيدة " ادمين برمهات مش تقال دة انا اللى نحيف" بمعنى ان الظروف مش هى اللى ضعيفة دة انا اللى خيبان
*ما تقييمك لأداء الحكومات المصرية بشكل عام ؟
شديدة السوء وذلك لان هناك طبقة من الرأسمالية المتوحشة وغير مسئولية ولا تخشى حتى على وضعها فهى طبقة لاتستحي أن تنهب التفكير والواقع المصرى دون إدراك العواقب وكأن الشعب المصرى قطيع من الاغنام فهذه الطبقة الشرهة مستعدة تقتلنا جمعيا فى سبيل ان تكبر وتتفحل اكثر واكثر فكان عليهم أن يدركون ان هذه الامة ستقوم فى لحظة وتفسد عليهم متعتهم فالمواطن المصرى يقتل فى طابور العيش وممكن ان ينتظر هو واسرته 20 يوما لكى يحصل على انبوبة بوتاجاز ليطهو عليها طعامه , فهذا الطبقة الرأسمالية الشرهة والمتواطئة مع السلطة دائما لتحقيق مصالحهم المشتركة على حساب مصلحة المواطن الضعيف ولكننا يلزمنا تعليم قوى واقتصادى يرى الشعب ويشعر بألامه .
فالفساد يزيد ويتفشى وكأنه أصبح هو القاعدة الاساسية للحياة والغريب أننا إذا تأملنا قليلا ندرك ان المواطن الفقير البسيط هو الذى بنى مارينا وما بعدها وشرم الشيخ بنوهاعلى أكتافهم فكيف يعيش الفقراء وهم يعرفون من اين جاء الاغنياء بهذه الاموال الرهيبة ويدركون انها من عرقهم ورزقهم ورزق ابنائهم ومن المصانع التى تم بيعها والعمال الذين رهنوا لحساب مستثمر عربى مرة ومستثمر اجنبى مرة اخرى وما زال هذا الفيض والغضب والخروج الى رصيف مجلس الشعب ومجلس الوزراء وما هو إلامعاناة شديدة تسود الواقع كله وأنا عارف ان هذا الوضع القاسى لن يستمر ولن يرضخ له الشعب المصرى طويلا خلاص حاجز الخوف إنكسر "فلن يظل الحال علي هذا المنوال"
*ما تقييمك للمنظومة التعليمية فى مصر الان؟
- التعليم فى مصر هو اسوا تعليم ويزداد سواء والناس من شدة هذا السوء فى العملية التعلمية فقدت الرغبة فى "العلام" ونرى تلميذا وصل للمرحة الاعدادية والثانوية ولايعرف يكتب أو يعبر عن أي شيئ حوله فكل جيل الستينيات جمال الغيطانى وانا وخيرى شلبى وجمال اصلان كلنا تعلمنا فى مداس عادية فما الذى حدث للتعليم حتى لايستطيع ان يخرج كفاءات وقيادات مثل هؤلاء ولكن كل هذا كان مقصود وعن عمد من النظام البائد فخراب التعليم كان لمصلحته
*من الذى يستهدفنا ويستهدف ارضنا التى خربت عن عمد؟
الذى يستهدفنا هو عدونا الذى لن يكف عن حربنا بينما ادعينا نحن ان حرب 1973 هى اخر الحروب فهذا غير صحيح فمنذ هذه الحرب والعدو الاسرائيلى يقاتلنا بكل انواع القتال .
فمثلا لم تكن بلادنا تعرف ما يسمى (بايذرالنخيل) وهى سوسة عمياء تأنى طائرة على رائحة النخيل وتخترقة وتنجب ملايين البويضات من السوس وعندما تضع اذنك على جذع النخلة فتسمع وكان طواحين او ماكينات تدور فى الداخل وبعد فترة وجيزة تسقط النخلة متهاوية, النخلة التى هى رمز الصلابة والتاريخ واحنا نسميها "عمتى" والنخلة التى كانت تعول اجيالا الان تغير الحال , فأنا كنت زارع عشر نخلات تبقت منها نخلتان بسبب ايدز النخيل هذا المرض اللعين ، وهنا لابد ان نسأل انفسنا من الذى صنع هذه السوسة ومن اين جاءت ولماذا لم تأت إلا فى المحافظات التى تطل على سيناء , ولماذا لم تأت في الصعيد او المنوفية مثلا , لماذا تهب علي هذا الجانب فقط وهذا يجعلنى اقول ان سيناء والمدن المطلة على البحر الاحمر مستهدفة (بايدز النخيل).
وهذا يعنى ان عدونا يحاربنا بشراسة فهو يقاتلنا فى كل المجالات وهو الذى يقاتلنا فى حوض النيل ونحن نضع رءوسنا فى الرمل ونبحث عن سلام رومانسى وغير موجود على ارض الواقع
*لماذا اعطينا عدونا الفرصة ليضرنا فى حياتنا وفى ارضنا هكذا ؟ وهل هناك من يستفيد من هذه الحرب المقنعة بيننا وبينه؟

-لاشك ان تلك الطبقة الرأسمالية والتى افسدت كل شئ مصالحها مرتبطة باسرائيل والامريكان
*اول دواوينك حمل عنوان"الإرض والعيال" هل ترى ان الارض مازالت هى الارض والعيال هم العيال؟

- لم تعد الارض هى الارض ولا العيال هم العيال فالارض اصيبت فى مقتل بقصد من الحكومات المصرية والنظام البائد. والعيال لا تسر عدو ولا حبيب وسرقت منهم ثورتهم وللاسف التربة المصرية تم تخريبها من خلال اسمدة ومبيدات فاسدة , فهناك نباتات لم تعد تزرع ونباتات تم تغيير جيناتها الوراثية حتى وصلنا الى أن تانى لنا علبة فول من امريكا بالاضافة الى مشاكل القطن الذى كانت مصر تتميز به طويل التيله تأمروا عليه لافساد زراعته وتربته لكى يصبح قصير التيلة وغيرها .. هذه المنطقة مثلا تعيش على المانجو وزراعته وبيعه وتصديره فاذا بهم يقطعون اشجار المانجو ويزرعون بدلا منها شتلات زينه وبيعونها للمشاتل ولم يعودوا ينتظرون محصول المانجو الذى كان يطرح ويزوج البنات ويدخل العيال المدراس مثل محاصيل القمح والقطن في الصعيد مثلا وبالمناسبة انا فى ديوان (الارض والعيال ) كنت قد تحديث عن واقع مرير للقرية الصعدية ولكن الان حين نرى الحالى اعتقد ان الفلاح كان فى نعيم وان هذه الاحوال التى يعيشها إلان المواطن المصرى او (العيال) هى اسوا بكثير مما كان عليه الحال فى الماضى.
*بعد ان عاش الابنودى حياة العمال وكتب عنهم ديوانه"عماليات"..
كيف يرى عمال مصر الآن بعد أن دفعوا ثمن الخصخصة غاليا؟
- قضية العمال والفلاحين من القضايا التى تشغلنى منذ بداية كتاباتى الشعرية والمامى بقضايا الفلاحين والعمال اكثرمن المامى بكثير من القضايا الاخرى فهم القوى الرئيسة التى تصنع اقتصاد مصر وعمارها وهى فى اسوأ حال الآن، وفترة عبد الناصرهى الفترة الذهبية للفلاح والعامل لان عبدالناصر اعاد لهم كرامتهم، ولكنهم الان عادو ليقفو فى طابور الهوان والذل .فاصبحت قضاياهم اصعب مما يحتمل بشر ,فكيف لفلاح ونحن فى بلد زراعى ان يعانى من غلاء ثمن التقاوى والمبيدات والاسمدة بل وصل الامر ببعض الفلاحين انهم ينامون فى الحقوق بعيدا عن بيوتهم خوفا من مطارة الديون فاحوالهم سيئة للغاية وكذلك العمال وما يعانون من نتائج الخصخصة فهم ضحايا الحكومة... "يعملوها الكبار ويقعوا فيها العمال " قضية الخصخصة وبيع المصانع كانت صفقات وبيع عمر افندى بتراب الفلوس كلها مسائل مريبة وما حدث فى الاقتصاد المصرى لابد من النظر اليه مرة اخرى ومعاقبة من يستحق العقاب.
*تغنت شادية بكلماتك ( والله لو ما اسمريت يا عنب بلادنا لاجرى واجيبلك عيال بلادنا ) تفتكر العنب أسمر وإستوي علي الشجر.. وياتري العيب في العنب أم في ولاد بلادنا؟
- الغنوة كانت رمزية وكانت فى ثناياها الكثير من المعانى والاحاسيس التى كان يشعر بها المواطن المصرى وقتها فكانت تعنى انه اذا لم ينتج عن كل ما يفعله المواطن من بطولات وتضحيات من اجل الوطن شئ طيب يلمسه ويعيشه سوف يأتى ابناء الوطن بسواعدهم ويقتلعوا كل ما هو فاسد على الشجر .
وكنت اظن ان هذه الغنوة كانت لوقتها وللظروف المحيطة بنا آن ذاك ولكن مع مرور الزمن وجدتها تعبر عن كل عصر وكل لحظة نعيشها منذ1967 حتى الان وستظل تعبر عنا لانها رمزية ,كذلك موال عدى النهار كان له تأثيره على النفوس فايقظ الامل فى مصر وفى الامة في زمن لم تكن ترى فيه الا السواد بعد النكسة.
*هل انتهى الدور النضالى للاغنية الوطنية؟
- نحن فى الستينيات كانت هناك ضرورة للتعامل مع الاغنية الوطنية النضالية بصفتها احد اهم اسلحة التنوير والاعلام بهموم الامة لذلك تعتبر هذه الفترة هى الفترة الذهبية للاغنية الوطنية وكانت فى ظل العظماء أمثال عبد الحليم ونجاح سلام وسعاد محمد فكانت الأمة االعربية كلها متحفزة للنضال وكان الهم الاكبر لكل الفنانين العرب هى القضية العربية وقضايا الوطن العربى فكنا كيانا واحدا وهما واحدا وقضية واحدة . اما الان فالقضية العربية تفتت واصبح "كلا يبكى على ليلاه".
*أين دور المثثفين فى الحفاظ على التراث الثقافى و الحضارى المصرى والحفاظ على تقاليد المجتمع ؟
- للأسف مصر تتعرض لغزو عقلى يأتى بالتشكيك فى رموزها فمثلا سائنى بشدة الاتهامات التى نالت من طة حسين بسبب اشتراكه فى اصدار مجلة "الفكر الجديد "واتهامه بأنه كان عميلا للصهانه لان شركائه فى الشركة التى كانت تصدر المجلة يهود ورفاعة الطهطاوى واحمد لطفى السيد وغيرهم فنحن إلان أصبحا نعيش فترة شديدة التعقيد ومليئة بالتيارات الفكرية والسياسية وتيارات متناقضة جدا فقوة المثقفين موزعة ما بين الاتجاه المتطرف والاتجاه الدينى المعتدل واليسار الممزق والليبرالية ، والنخبة المثقفة لديها عيب خطير هو انهم لا يعرفون الطريق لشعبهم فشعبهم مرمى وملقى به فى المقاهى والشوارع يعانى من البطالة وفقدان الاحساسى بالزمن والرغبة فى الحياة نفسها وما زال يعانى من الجوع
ونحن نخاطب بعضنا البعض فى المقالات الثوريه النارية التى نكتبها والاشعار الرائعة ولكننا كلنا بعيدون كل البعد عن الناس فى الشارع , الناس الذين لا يملكون حتى ثمن رغيف العيش فهل يملكون ثمن الجورنال الذى نكتب فية نحن هذه الكتابات وتلك المقالات ..ابدا
فلابد ان يعرفوا الطريق الى شعبهم ولابد ان يعرفوا طريقهم الى البيوت حتى لايلجا المواطن البسيط والفقير والضعيف الى الإعتصام في الشارع أمام مجلس الوزراء فنحن نريد الطريق الى الغيطان وعنابر المصانع فلو حافظ رموزنا ومثقفينا علي مكانة مصر ما كان ضاع منا نهر النيل.
*لماذا لايوجد لدينا جيل ثاني من الشعراء مثل فؤاد حداد والابنوداى وأمل دنقل وصلاح جاهين؟
لأننا أبناء تجربة وأبناء جيلنا فكانت تجربة مصر في الاربيعينات بمظاهرتها وسجنها ومحاولاتها مقاومة الاحتلال والبحث عن التحريرهى من اخرجت فؤاد حداد وغيره من المبدعين ,لذلك أتى هذا الجيل سنة1962 وكأنه على موعد جئنا من قريتنا لنصنع جيلا اسمه جيل الستينات ,ومازلنا نحن من نحمل عبء الثقافة والفن على اكتافنا حتى الان
*ما رأيك فيما أثير من مطالبة بمصادرة ألف ليلة وليلة؟
نحن الان نعانى من ردة ثقافية فظيعة أنا قرأت (ألف ليلة وليلة ) أنا وامل دنقل فى بلبيس وكانت النسخة الاصلية وعمرنا 12 عاما فهل فسدت اخلاقنا هل اثرت فينا بشكل سيئ ام انها وهبتنا الخيال الذى جعل منا شعراء.
لكن دعاة الظلام والظلاميين يسعون الى جر المجتمع لحياة الكهوف فهم متربصون دائما بالفكر ولقضايا حرية الابداع فنرى مجموعة القضايا التى رفعت من غير ذى مصلحة وبالفعل غرموا الكثير من المثقفين والمبدعين مبالغ مالية وحكم على الاخرين بالسجن , والاغرب موقف القضاء في هذا الشأن فكيف للقضاء ان يمكن هؤلاء من المثقفين فهذا يعنى ان هناك ردة على مستوى عالمنا كله بجميع نواحيه فالقضاء الذى يمكن دعاة الظلام من البدعين والمثقفين أنا اعتبره (قضاء وقدر)
*ما اكثر القضايا التى تشغلك الان وتثير همك؟
قضايا كثيرة اهمها الدستور والخلق العام فنجد ظاهرة التحرش تتفشي في الطرقات والمنتزهات العامة وهذا ليس طبع المصريين قد يكون ناتج للظروف العامة والزحام وعدم الاهتمام براحة الناس فى كل مكان فى مصر حتى اصبح ذلك طابعا عاما ,والقمامة فى القاهرة الكبرى والعوزوالفقر والجهل الثقافى وهذا الذبول والاضمحلال العقلى الذى ينشره الاعلام فالاعلام الان اعلام استهلاكى فقط فاصبحت الظروف العامة لا تحتمل من كل جانب .
*كيف ترى الاعمال الفنية الدرامية أوالسينمائية وتناولها لقضايا الوطن خاصة قضية ترسيخ معانى الانتماء فى نفوس الشباب ؟
الاعمال الدرامية والتى كانت تمثل الامل الوحيد للرقى بالذوق العام والنهوض بالاخلاق العامة اصبحت تخدم على الاعلان بدلا من أن يخدم الاعلام عليها فاصبح المشاهد يرى حلقة درامية لابد ان يجبر ويستفز من خلال مشاهدته ل50 اعلان متواصلا وملحا ومستفز لقوته الشرائية كمستهلك دخله محدود, وهذه كلها امور قد تقلل من شان الزوج والاب داخل اسرته حين يواجه بكل هذا الكم الاعلانى ويقف عاجزا عن الشراء.
فنحن الان فى فترة غزو للفن والسنيما والمسرح بأعمال هابطة والسلع الاستهلاكية والاغانى التافهة الاشبه بالسيجارة ولكن اغانينا مازالت على قيد الحياة حتى الان.
كم كنت اتمنى ان يكون عبد الحليم عايش حتى يرى هذا الزمن الذى انقلبت موازينه
*هل تعتقد ان تصدى الصحافة لمشاكلنا فى الداخل ونشرها هذا انقص من مكانتنا فى الخارج؟
- لا اعتفد ذلك ولا يحب ان يأخذنا التفكير فى هذا الاتجاه فنحن نتميزعن العالم العربى كله بأننا نملك ان نعبر عن "بلاوينا" فنحن ننشر مشاكلنا ونوصل اصواتنا للمسئولين ولا يحدث تغيير فما بالك اذا لم ننشر ونعبر عن هذا الفساد فماذا يحدث هيبيعونا ويصدرونا للخارج فى علب "تيكاواى" ولا حد هيحس.
والصحافة والإعلام بالرغم من كل ما تحويه من فساد إلا أنها ستظل الدرع الواقي للمجتمع للتصدي للفساد وللحكومات الطاغية التي تعطي الفرصة للطبقات الجشعة والوحشية ان تتامر مع أعداء الوطن ضد ما بقى من المجتمع المصرى لإتلافة وتسويسه فهؤلاء محروسون ولهم حصانات صهيونية يهودية أمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.