يقينا سوف تمضي ذكراه مرور الكرام ليس لأنه لايستحق بل لأن مصر محاصرة بالأحزان في أيام يشيب لها الولدان جراء فجيعة فقد أغلي الرجال جراء الإرهاب تزامنا مع فقر وعوز في سنوات ملؤها التحدي لإنقاذ وطن من توابع العثرات. ! .... أتحدث عن أمام أهل البصيرة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في ذكري رحيله الرابعة والأربعين إمتنانا لعملاق لن يتكرر وقلما يجود به الزمان ولما لا أليس هو "قاهر" الظلام طالب الأزهر "الكفيف" الذي سطر تاريخا عجز عنه المبصرون وقد سافر لفرنسا وتحصل علي الدكتوراه وعاد أستاذا في الجامعة وفي نفس الوقت أديبا مفكرا ولاحقاً وزيرا للمعارف وقد اطلق عبارته الخالدة" التعليم كالماء والهواء" .....رحل الدكتور طه حسين في 28 أكتوبر سنة 1973 وكأنه كان ينتظر النصر العظيم في السادس من أكتوبر عام 1973 "ليطمئن" علي مصر بعد أن فارقت مرارة الهزيمة وقد صدق الكاتب العملاق توفيق الحكيم عندما كتب عن رحيل طه حسين قائلا:- لقد فارقت جسده الحياة بعد أن فارق اليأس روح مصر. ..........الحديث عن طه حسين بمثابه "حكي" لتاريخ مصر وهو القروي الفقير الذي فقد بصره وتحمل "شظف" العيش بجلد تفرد به ولأجل هذا كان تعبير "قاهر" الظلام هو الأقرب وصفا لحال ذلك العملاق . ...........كتابات طه حسين أحدثت أثرا في زمن كانت فيه المعارك أدبية وليست كما نعيش اليوم كلامية ومن ينسي حديث الأربعاء وشجرة البؤس بل والكتاب الأشهر " في الشعر الجاهلي"الذي فُصل من الجامعة بسببه بعد التشكيك في إيمانه ليعود بعدها أقوي مما كان لأنه ماحاد أبدا عن الصواب . ...........طه حسين صاحب " الأيام" تلك الترجمة الصادقة لحياته وينبغي أن تظل في مناهج التعليم لتتعلم الأجيال من رجل كان بحق عظيم. في ذكري رحيل الدكتور طه حسين مثله لابد وأن يُخلد وحتي الآن لا أثر لتخليد ذكراه وقد كان مأمولا أن تتحول "الفيلا" التي كان يعيش فيها إلي متحف وقد اطلق عليها إسم " راماتان" أي " واحتان". فضلا عن إعادة طبع مؤلفاته في طبعة شعبية لأجيال فارقت الإنتماء للغة العربية وقد كان الحارس الأمين علي لغة الضاد ...........في رثاء طه حسين كتب الشاعر نزار قباني قصيدة خالدة يقول فيها:- إرم نظارتيك.... ماأنت بأعمي....إنما نحن جوقة العميان... ويستطرد فيها نزار قائلا:- ."سقط الفكر في النفاق السياسي...وصار الأديب كالبهلوان " "يتعاطي التبخير ...يحترف الرقص...ويدعو بالنصر للسلطان " .....القصيدة "طويلة"موجعة"تصلح" لكل زمان وكأن" نزارقباني" يرثي أحوال أمة بأسرها في رثاء مفكر عظيم . ...في ذكري رحيل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين....تستمر الأحزان....وما أكثر الأحزان " جراء" سوء فِعال "جوقة" العميان".