كنا قد تحدثنا في مقال سابق لنا نشر في جريدة شباب مصر بتاريخ 23 يونيه 2017 بعنوان " المعالجة القانونية لنظرية الخطأ في التشريع الضريبي " عن الأخطاء المادية والحسابية التي تقع من المصلحة أثناء المحاسبة والربط ، والتي يجب على المصلحة تصحيحها من تلقاء ذاته أو بناء على طلب الممول ، وذلك وفق ما ورد بنص المادة 93 من القانون 91 لسنة 2005 ، وكذلك وفق ما ورد بنص المادة 117 / 1 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور . كما تطرقنا في المقال السابق أيضاً إلى الحديث عن الأخطاء التي تعد في حكم الخطأ المادي ، والتي ورد النص عليها في الفقرة الثانية من المادة 117 من اللائحة التنفيذية سالفة الذكر . إلا أن بعضاً من الأسئلة التي لاحت في الأفق حين طرح الموضوع ، ورأينا وقتذاك أن نفرد لها مقالاً منفرداً ، لاسيما بقصد تسهيل المعلومة وكذلك لإعطائها المساحة المناسبة من العرض والتبيان ... ولقد تمثلت تلك التساؤلات فيما يلي :- * هل يمكن للجنة الطعن تصحيح الأخطاء المادية والحسابية التي وقعت من المأمورية ؟ * هل يمكن للجنة الطعن أن تنظر وتصحح ذات الأخطاء إذا وقعت منها هي حتى ولو بعد صدور القرار من لجنة الطعن وإعلان الخصوم به ؟ * هل يمكن للمأمورية أن تصحح هي الخطأ الواقع من لجنة الطعن ؟ * هل يمكن للمحكمة أن تصحح الأخطاء المادية والحسابية وكذلك الأخطاء التي تعد في حكم الخطأ المادي التي وقعت من المأمورية أو من لجنة الطعن ؟ * والأبعد من ذلك هل يمكن تصحيح تلك الأخطاء في أي مرحلة من المراحل المذكورة إذا كان التصحيح سوف يؤدي إلى إساءة المركز القانوني والضريبي للممول ؟ * وعليه يمكن تناول تلك التساؤلات بشيء من التفصيل المناسب وعلى الترتيب التالي :- أولاً : هل يمكن للجنة الطعن تصحيح الأخطاء المادية والحسابية التي وقعت من المأمورية ؟ وهل يمكن للجنة الطعن أن تنظر وتصحح ذات الأخطاء إذا وقعت منها هي حتى ولو بعد صدور القرار من لجنة الطعن وإعلان الخصوم به ؟ :- في الحقيقة يمكن في عقدنا ذلك إذ أن نص المادة قد ورد مطلقاً ، ولم يحدد من منِ الإدارات الضريبية يمكنها تصحيح الخطأ الذي وقعت فيه الإدارات الأخرى ، فلقد ورد بالنص عبارة " يكون على المصلحة " وبذلك فلقد أوجب القانون على المصلحة وألزمها بمهمة تصحيح الأخطاء المادية والحسابية أياً كانت الإدارة التي أخطأت وأيا كانت الإدارة التي ستقوم بالتصحيح ، وعليه فإنه يمكن للجنة الطعن أن تصحح الأخطاء المادية والحسابية التي تقع من المأمورية . ولا يختلف الوضع عندما نتحدث عن تلك الأخطاء إذا وقعت من لجنة الطعن التي نظرت النزاع ، حيث يمكن للجنة الطعن أن تصحح الخطأ المادي والحسابي الذي وقع منها حتى ولو بعد صدور القرار وإعلان الخصوم به ، وسواء من تلقاء ذات اللجنة أو بناء على طلب الممول. ثانياً : هل يمكن للمأمورية أن تصحح هي الخطأ الواقع من لجنة الطعن ؟ :- هنا نرى التفرقة بين ما إذا كان الخطأ مادياً أم حسابياً ، حيث نرى أنه على ضوء الفقرة الأولى من المادة 117 من اللائحة التنفيذية أنه يمكن للمأمورية تصحيح الخطأ الحسابي ، والذي ينحصر كما ذكرت اللائحة في الخطأ في نقل الأرقام أو الجمع والطرح وكافة العمليات الحسابية ، وذلك لأن الخطأ فيها يكون بسيط ، يمكن تصحيحه ببساطة ولكون نص المادة قد جاء عاما في لفظة " المصلحة " كما سبق الذكر . أما الخطأ المادي فنرى أنه لا يمكن للمأمورية تصحيحه ، بل عليها أن تخطر لجنة الطعن ، كي تقوم هي بتصحيح الخطأ المادي الوارد ، ذلك أنه على ضوء المادة 117 من اللائحة فإن الخطأ المادي ينحصر في ورود النتيجة مخالفة للحيثيات ، ولما كانت لجنة الطعن جهة تتميز بالحيدة والحياد والغيرية بين أطراف النزاع الضريبي ، والمتمثلين بدورهم في الممول من جهة والمأمورية من جهة أخرى ، وكانت الحيثيات وما تختص به من حمل القرار إلى ما ذهب إليه في جميع أجزائه ، فإن المأمورية تقف هنا موقف الخصم من الحالة الماثلة أمام لجنة الطعن ، وعليه لا يصح أن تتدخل بتصحيح خطأ مادي وقع من لجنة الطعن إبان إصدارها للقرار الفاصل في ذلك النزاع ، وإلا لكان موقفها من التصحيح مشوب بشبهة الانحياز والتطرف إلى صفها وإهدار حق الممول أمام المصلحة ، وعليه فإن من مقتضيات العدالة أن تحيل المأمورية الأمر مرة أخرى إلى لجنة الطعن ، حتى تنظر الخطأ المادي الوارد في قرارها وتقوم بتصحيحه على هدي من القانون واللائحة التنفيذية . ذلك بالنسبة للخطأ المادي وليس الحسابي كما سبق البيان . جدير بالذكر أن البعض قد ذهب على خلاف ما ذكرنا إلى عدم جواز تدخل المأمورية بتصحيح أية أخطاء سواء كانت حسابية أو مادية ، وأنه يتوجب على المأمورية أن تقوم بإخطار لجنة الطعن عن كافة أنواع الخطأ مادياً كان أو حسابياً لتتخذ ما يلزم لتصحيح الخطأ. وهو ما لا نتفق معه . ثالثاً : * هل يمكن تصحيح تلك الأخطاء في أي مرحلة من المراحل المذكورة إذا كان التصحيح سوف يؤدي إلى إساءة المركز القانوني والضريبي للممول ؟ :- نعم ... في الواقع يمكن تصحيح الخطأ المادي والحسابي ، حتى ولو أدى التصحيح إلى إساءة المركز القانوني المالي أو الضريبي للممول عما هو عليه ، مادام أن التصحيح يتفق وصحيح القانون ، والسبب في ذلك يرجع إلى أن التصحيح هو إجراء كاشف للمركز الحقيقي للممول وليس منشئ له ، كما أن الأخطاء المادية والحسابية لا تكتسب حجية قانونية . رابعاً : هل يمكن للمحكمة أن تصحح الأخطاء المادية والحسابية وكذلك الأخطاء التي تعد في حكم الخطأ المادي التي وقعت من المأمورية أو من لجنة الطعن ؟ وهل يمكنها التصحيح إذا وقع الخطأ من المحكمة ذاتها ؟ :- تمتلك المحكمة سلطة ولائية على النزاع الماثل بين يديها ، وعليه فإن المحكمة تمتلك سلطة تصحيح الأخطاء المادية والحسابية الواقعة من المأمورية أو من لجنة الطعن ، ذلك بما لها من ولاية على النزاع كما سبق القول . أما فيما يختص بالتساؤل حول إمكانية التصحيح إذا وقع الخطأ من المحكمة ذاته؟ فلقد أجابت المادة 191 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري ، وحددت أحكام وطرق التصحيح ، وكذلك إمكانية الطعن على قرار التصحيح إذا تجاوزت المحكمة سلطتها في التصحيح ، وذلك حين نصت على أنه " تتولى المحكمة تصحيح ما يقع من أخطاء مادية بحته وحسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة . ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة في حقها المنصوص عليه في الفقرة السابقة وذلك بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال " هذا والله ولي التوفيق ،،، بقلم : عماد شفيق مصلحة الضرائب المصرية المحامي سابقاً باحث دكتوراه ماجستير الدولة في القانون العام دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد والعلوم المالية دبلوم الدراسات العليا في التحكيم الدولي الإسكندرية في : 15 / 9 / 2017م