كنت قدمت عريضة أطلب فيها مقابلة السيد رئيس الوزراء وقد تعجب الرجل من هذا الطلب بل استاء وامتعض كثيرا كونه غير معتاد على تقديم طلبات مقابلة من أحد فبابه مفتوح لكل الناس وكان دائم السؤال لهم : هل من شكوى ..؟ لكن لاأحد يستطيع أن يكذب ويقول أنه مغبون ، فالأمان موجود ودخل الفرد العراقي بازدياد ، فرص عمل متوفرة للجميع ما أن يتخرج الطالب من الكلية حتى ترى أن الدوائر المعنية تتسابق لتوظيفه وهي تقدم له أعلى الرواتب لكي تفوز به ، والبرلمان لم يعد هناك ما يناقشه فاكتفوا بحضور شكلي لقتل الوقت ليس إلا ، والوزراء لا يبذلون أي جهد لتمشية امور وزاراتهم و لم تسجل عليهم أي ظاهرة تقصير ولا فساد مالي أو إداري حتى أنهم قدموا طلبا للمحكمة الأتحادية لتقليل رواتبهم حتى تتساوى مع رواتب العمال لأن لا جدوى من عملهم فالعمل يسير بآلية تحسدنا عليها كل الدول المتخلفة مثل ألمانيا واليابان والولايات المتحدةالأمريكية ، واليوم أتقدم بشكوى ضد الحكومة وخصوصا أن الشكوى مجهولة المحتوى ، كنت لا أود نشرها في الصحف العراقية اوعلى صفحات الفيس بوك لأن مثل هذه المواضيع قد تحرج الحكومة وأن الصحف أذا ماتناولتها ربما يتلقفها أعداء متربصين لتجرتنا الديمقراطية ، كان الرئيس ينتظرني بفارغ الصبر ، قبل أن أدخل إلى مكتبه ، تقدم السكرتير لي وهو يعرض علي مخاوفه من أن أكون قد أخبرت أحدا بهذه المشكلة ... كان دولة الرئيس قلقا متوتر الأعصاب ينتظر مقدمي بفارغ الصبر حتى نسوي الأمور _ تفضل أخي ودون مقدمات ..قلت له أنا مستاء جدا فقال الرئيس وهو يبتلع رمقه .. يا للهول مستاء . . كلمة لم أسمعها من أحد طيلة مكوثي في دفة الحكم ثم قال متوسلا .. أنا لا أعتقد إن في العراق شخصا مستاء.فالخدمات متوفرة والأمن موجود لا أزمة سكن ولا مواصلات وحتى الأزمات النفسية أصبحت في حكم ألا معقول .. أبني قل ما سبب استيائك .. نظرت إليه وأنا أرى في عينيه توسل غريب _ ألا ترى إن كل شيء رتيب في حياتنا وكل شيء سهل المنال وكأننا نعيش في الجنة التي وصفها أبن العربي .. نريد أن نشعر بقليل من المعاناة ..فقدنا الصبر من تلك النمطية والرتابة .. نريد بعض الصعوبات في حياتنا .. على سبيل المثال ألا يأتينا الماء نقيا 100% نريد أن نرى ولو متسولا واحدا في الشارع لنكسب به أجرا و ألا يسير المسئول في الشوارع مثل أي مواطن و أن تزدحم الشوارع ولو ليوم واحد بالسيارات نريد أن تقللوا من رواتبنا لأنها تفيض عن حاجتنا و أن تقللوا من أجور المتقاعدين .. نريد أن تكون هناك أزمة سكن مفتعله ولو و أن لا تعطوا الشاب شقة حال تزوجه لأن ذلك سيعلمه الإتكالية أمرني الرئيس ألا أزيد وأعترف حينها بالتقصير وأمر بالحال أن تنفذ كل هذه المطالب العاجلة والعادلة ...