قال تعالى شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ يا أبناء شعبي المكافح... يا أبناء قضية فلسطين ...طوبا لكم أيها الصامدين الصابرين الصائمين القابضين على الجمر والمرابطين على ثرى أرض الوطن في المنافي وكل أرجاء فلسطين, بقلوب ِمؤمنة وضمائر طاهرة وعقولاً نيرة نستقبل معاً وسوياً بتوبة صادقة ونية خالصة لله شهر رمضان المبارك الكريم والذي خص الله عز وجل شهر رمضان وميزه عن باقي أشهر السنة كلها بخصائص الخيرات والبركات والمكرمات والفضائل والعبادة وقراءَة القرآن وتجويدُه وترتيلُه.فلا يخفي على كل مسلم من المسلمين ما لشهر رمضان من مكانة عظيمة في قلوبهم ..كيف لا وهو شهر أنزل الله فيه القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، كيف لا وهو شهر الرحمة والمودة والنفس والجهاد والانتصارات والفتوحات والطاعات والقربات والغفران والمغفرة والبر والتقوى والإحسان والصفاء والأخوة والمحبة والتسامح والنقاء والصبر والشجاعة وفيه تهذيب للسلوك وقهر للنفس الأمارة بالسوء والعزوف عن الخبث والخبائث والمعاصي واللغو والعبث واللهو والإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة.. إنه شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وأخره عتق من النيران وفيه تتضاعف الحسنات وترتفع الدرجات وتكفر السيئات ومغفرة الذنوب وإزالة العثرات وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين....يا له من شهرٌ عظيم وفضيل ورحيم على المسلمين الموحدين بالله..لا اله إلا الله سيدنا محمد رسول الله . يأتي شهر رمضان المبارك على أبناء شعبنا الفلسطيني وهم في خضم الأمواج المتلاطمة والعواصف المدمرة بسبب العواقب الوخيمة التي ترتبت على سياسة الانقسام والانفصال الأهوج والحصار الظالم والتي تمخضت عنها جراء هذه السياسة الغير عقلانية تفشي ظاهرة العنف والجريمة والانحلال الخلقي والأمني وانتشار ثقافة الفلتان والفوضى والتسيب والإهمال والبطالة والفقر والغش والنصب والاحتيال والكذب والنفاق والجشع والطمع والاستغلال والغلاء الفاحش وارتفاع أسعار المواد التموينية وتردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية وإذابة النسيج الاجتماعي بين عموم أفراد المجتمع.... فمن المسئول عنهم يا أيها الشرفاء في هذا الوطن.. فحياتهم كئيبة يسودها الظلم والظلام وبيوتهم مكتسية بثوب الحداد الموشح بلون الأسود لون الموت والدمار..وحدود أمنهم جدران إسمنتية وألواح فولاذية من الأصنام.. ومسقط رأسهم الانفصال والانقسام وبطل آسرهم سجين يمارس دور السجان. ومصير حياتهم رصاصة طائشة من مجهول فر من المكان أو سقوط مُدوي للمواطن برئ من إحدى البنيان..فإن أحلامهم الوردية لا تستحق التفكير فتداس بالأقدام .. ومعانات أطفالهم ونسائهم وشبابهم وشيوخهم لا تهم الكثير عند السجان...وضحايا أبناء شعبهم لا تهز عروش الحاكمين....فلا قيمة آدمية لهم في وطنهم عند الآخرين. الحكم والترف والبذخ والجاه وحب المال أضاع الوطن..وسحق المواطن وأهدر حقوق الإنسان.. تزداد فصول معاناتهم اليومية مع تواصل انقطاع التيار الكهربائي وضجيج( المواتير) الصاخبة ولهيب حرارة الشمس الحارقة ..وقصف المدافع القاتلة... وأزيز زخات الرصاص الحاصدة ...وأشلاء أجساد الشهداء المتناثرة..أدعو الله أن يفرج كربنا ويزيل همنا و يوقض ضمائر من أوجع قلوبنا وأن نتخلص من الفساد والإفساد الذي أصابنا في هذا الشهر الكريم.... بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعليكم أيها المسلمين في أصقاع الأرض باليمن والخير والبركات فكل عام وشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية بألف خير .. أسأل المولى عز وجل أن يوحد كلمة قادة العرب ويصلح حالهم على الخير والإصلاح وأن يكونوا سنداً وذخراً لما فيه الخير لأمتنا العربية والإسلامية وأن يوحد القيادة الفلسطينية بكل تنظيماتهم على الخير والمودة والمحبة وإصلاح ذات البين بين الفرقاء أبناء الشعب الواحد على المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام. وأن يفرج كربهم وينصرهم على أعدائهم وأن يرحم شهدائنا الأبرار ويجعل مثواهم الفردوس الأعلى بإذن الله ويلهم ذويهم الصبر والسلوان يارب العالمين وأن يمنح أسرانا البواسل وذويهم الصبر والثبات ويفك أسراهم وأن يشفي أبطالنا الجرحى ومرضانا وان يلم شمل المبعدين والمنفيين إلى وطنهم وذويهم وأدعو الله أن يجنب أبناء شعبنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ... تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال في هذا الشهر المبارك..