«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصنيع الدكتاتوريات المالكي نموذجا
نشر في شباب مصر يوم 26 - 12 - 2011

لا أحد من العراقيين يجهل حقيقة وحجم ملفات الفساد والإرهاب لقادة أفشل عملية سياسية شهدها العالم العاصر. تلك الملفات التي جعلت البلد يحتل المرتبة الثالة كأفسد دولة بين الأمم، ودولة الإرهاب الأولى في العالم. بلا ريب إن كل الزعماء الحاليين والنواب ورؤساء الكتل والاحزاب السياسية والقضاة فاسدون، والفساد السياسي هو شكل من إشكال الإرهاب، والمفاضلة بين الفاسدين تتعلق بالأكثر أو الأقل فسادا فقط، فالفساد هو المميزة الوحيدة التي إعتمدتها رئاسة بوش لإختيارهم كزعماء ووزراء ونواب وقضاة وسفراء، فشبيه الشيء منجذبا إليه. لذلك سمى دافيد برات معارضي الأمس وزعماء اليوم ب" الاوغاد الذين يريد بوش ان يحلهم محل صدام حسين"*1.
الفساد كالأخطبوط رأسه إدارة الغزو وإطرافه السلطات الثلاثة إضافة إلى جوق المطبلين والمهرجين أو ما يسمى بالسلطة الرابعة. كما إن المفوضية العليا للإنتخابات وهيئة النزاهة هما بحق بيت الداء. فما تعشعشت خفافيش الفساد والإرهاب في سقف العراق إلا بفضلهما. وهذا صباح الساعدي يعترف بأن" كل المشاركين في بناء وتشكيل الحكومة تخشى عملية كشف وفضح ملفات الفساد سواء بالنسبة للحكومة الحالية أم السابقة، لذلك فهي تمارس ضغوطا على القضاء او الجهات الأخرى من أجل غلق الملفات" والحق إن ما ذكره صحيح جدا لو أضاف جملة(بما في ذلك لجنة النزاهة) فالنزاهة واجهة متسترة على الفساد والمفسدين أيضا. وفيها من ملفات الفساد ما يدين المسئولين الحاليين كافة من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان لحد مدير عام أو قسم.
يتلو علينا الساعدي ما بين آونة وأخرى احصائيات عن قضايا الفساد والإرهاب لكنه لم يجرؤ يوما على نشر أسماء المفسدين ليتعرف عليهم الشعب، وتحديناه أكثر من مرة بتجنب حديث الأرقام والإشارة بالأسماء فخاب ظننا به. حتى قضايا الفساد في وزارة التجارة وصفقات الأسلحة الفاسدة في وزارة الدفاع والعقود الفاسدة في وزارة النفط لم تتحدث عنها النزاهة إلا بعد أن فاحت جيفتها وتناولتها وسائل الإعلام فكان لابد للنزاهة أن تدلو بدلوها كجهة ذات علاقة رئيسية بالفساد. عشرات الحرائق- وللصدف العجيبة تحدث في اقسام الوثائق والعقود فقط- أتت على اليابس والأخضر في وزارات الداخلية والدفاع والتجارة والنفط والبنك المركزي وجهات عديدة، ورغم معرفة النزاهة بالمجرمين الرسميين لكنها لاذت بالصمت! ولو بحث أفشل قاضي في العالم عن الجهة المستفيدة من حرق الوثائق لتمكن خلال ساعة واحدة من تشخيص وإعتقال الجناة.
والحدث الأخير سيثبت مدى نزاهة هيئة النزاهة ومصداقية السلطة القضائية. فقد دخلت مجموعة من عصابات الحكومة هذا الاسبوع إلى هيئة النزاهة متجاوزة(8) سيطرات أمنية لتسرق اقراص ليزرية وملفات حساسة حول الفساد الحكومي وغادر المجرمون بهدوء وسلام بعد ان أحرقوا المبنى! والغريب إن حراس بناية النزاهة لم يقاوموا غزاة النهار لا بالسلاح الذي معهم ولا بالإشتباك بالأيادي أو الألسن لأنهم ببساطة زملائهم في المهنة!
حسنا! من هؤلاء الغزاة المسفرة وجوههم؟ ولماذا وكيف سهلت لهم مهمة الدخول للهيئة؟ وكيف تعرفوا بسهولة على الفايلات والأقراص التي جاءوا من أجلها مابين الآلاف من الفايلات والأقراص الموجودة في الهيئة؟ وأخيرا من له المصلحة في سرقة الأقراص؟ بالطبع هي الجهة التي تخصها ملفات الفساد! أما حرق الهيئة فهي محاولة فاشلة لطمس آثار الجريمة الواضحة كالشمس. لكن هل ستجرأ هيئة النزاهة في الكشف عن هذه الجهة؟ وهل سيتعامل القضاء بأمانة مع القضية؟ أم ستشكل لجنة تنهي اعمالها يوم القيامة؟
هل هي مصادفة أن تتزامن هذه الجريمة مع تهديد وزير المالية رافع العيساوي لنوري المالكي بأنه يمتلك (20) من ملفات الفساد الجديدة، قيمتها مليارات الدولارات! ناهيك عن ملفات سابقة جمعها العيساوي عندما كان نائبا للمالكي؟ وأضاف العيساوي بأنها تتضمن ملفات إرهاب أيضا! يبدو إن العيساوي واثق جدا مما لديه من وثائق. لذلك تجرأ على المالكي وخاطبه بقسوة" عندي ملفات تكسر رأسك يا أبو إسراء ورأس أكبر واحد". وبغض النظر عن صحة إدعاءات العيساوي. فإن جميع هؤلاء الأوغاد يمتلكون وثائق تدين أطراف أخرى في الحكومة بغرض حماية أنفسهم من غدر بعضهم البعض. والشعب العراقي هو الوحيد الذي لايعرف ولا يريد أن يعرف شيئا عن ملفات الفساد والمليارات المفقودة! كإنها ليست ثرواته ولاتعنيه! فهو بحمد لله قد أكتفى بما أتاحت له الديقراطية الامريكية من حرية ممارسة اللطم والتطبير والتسويط بالسلاسل! هذا هو المهم عنده! وبذلك نقل للعالم صورة متكاملة عن حجم تخلفه وجهله وإفتقاره للوعي والوطنية وعدم إكتراثه بحقوقه. عجبي لمن لايبالي بحاله ويبالي بحدث وقع قبل اكثر من(14) قرنا!
أقل ما يقال عن تهديد العيساوي للمالكي هو إنه قد تستر على فايلات فساد وإرهاب. لذلك فهو يعتبر مجرما او مشاركا في الجريمة حسب القانون. ونفس الأمر يقال على دعوى المالكي بشأن إتهاماته لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بمادة/4 الإرهاب، وهي مادة دستورية تمكن الحكومة من إدخال أي مسئول في خانة الإرهاب حقا كان أم باطلا! مادة قانونية مفصلة حسب قياس المالكي للإيقاع بخصومه سيا السنة منهم.
ذكر المالكي بأنه جمع ملفات فساد وإرهاب منذ عدة سنوات عن منافسيه، وإدعى إنه عرضها على عبد العزيز الحكيم؟ وهو رجل ميت لا يمكن أن يكذب المالكي في قبره؟ ولكننا نتساءل لماذا عرضها على الحكيم دون غيره؟ فلم يكن للحكيم منصب حكومي، ولا أكبر كتلة نيابية، ولا علاقة له بالسلطة القضائية ولا أيضا بلجنة النزاهة! لماذا لم يعرضها المالكي على رئيس الجمهورية مثلا او أن يسلمها للسلطة القضائية كجهة مختصة وهي رغم ذلك تؤتمر كليا بأوامره ومسيسة لحزبه فقط؟ وكيف يرضى المالكي ان يعمل في حكومة نائب رئيسها إرهابيا؟ اليس التستر على هذه الجريمة إن صحت تعني بأن المالكي قد أحنث بقسمه كرئيسا للوزراء؟ ومشاركا في الجريمة بسبب تستره على إرهابي؟ وكيف يطالب المالكي حكومة كردستان بتسليم الهاشمى؟ أليس هذا من إختصاص السلطة القضائية ولا علاقة للسلطة التنفيذية به؟ الا يعني هذا انها أزمة سياسية لا أكثر؟ في الوقت الذي يطالب المالكي بعدم تسييس قضية الهاشمي، فإنه هو من سيسها؟
ثم مالغرض من تهديد المالكي لشركائه في الحكم بأنه يمتلك ملفات أخرى تدينهم، وإنه سيعلنها في حالة الضرورة؟ أهذا هو القانون في دولة القانون؟ أليس المالكي نفسه متهما بجرائم فساد وإرهاب؟ منها المبالغ التي سحبتها حكومته خلال الفترة الرئاسية الأولى والبالغة(25) مليار دولار من خزينة الدولة ولم تقم بتسديدها أو تغطيتها، أو على الأقل إرسال قوائم وكشوفات الصرف. ألم يتهم المالكي الحكومة السورية بالإرهاب وطالب مجلس الأمن بمواجهة الإرهاب السوري واليوم تستقتل حكومته للدفاع عن النظام السوري وهو في أنفاسه الأخيرة لاينفع معه إسعافات المالكي وحسن نصر الله؟ هناك المئات من ملفات الفساد والارهاب تخص المالكي وعائلته وأقاربه ورهطه من المستشارين لكن القضاء يتستر عليها! لأن القضاء في العراق هو بغل الحكومة. وقد صرح الشيخ الساعدي*2 بأن" مجلس القضاء الأعلى مسيس وإدارته بائسة". ومن الطريف إن يصدر مجلس القضاء الأعلى مذكرة إعتقال- غير قانونية لإنه يتمتع بحصانة برلمانية- بحق الساعدي بعد إنتقاده للمالكي وإتهامه بالدكتاتورية وبجريمة إغتيال الصحفي والفنان المعارض هادي المهدي.
ثم هل يجوز في دولة القانون أن يشهر بنائب رئيس الجمهورية قبل ان يقول القضاء كلمته الفيصل ويحقق في القضية؟ وهل يجوز للمالكي أن يقفز على (المادة 93/فقرة 6 من الدستور) حول إسلوب التعامل مع رؤساء السلطات الثلاث ونوابهم؟ وهل يجوز لحكومة دول القانون أن تنظم تظاهرات من الهمج والرعاع للمطالبة بإعدام الهاشمي قبل بدأ التحقيق في صحة الإتهامات المنسوبة اليه؟ أليس ذلك تحريض بنكهة طائفية؟ وما يعزز هذا الرأي إقالة المالكي لنائبه صالح المطلك لمجرد إتهامه بالدكتاتورية! وهل هناك دكتاتورية أكثر من هذه؟
انظروا كيف تكذب وزارة الداخلية عندما تدعي بأن خمسة قضاة أصدروا مذكرة توقيف ضد الهاشمي. وبعدها أعلن مجلس القضاء بأنه فقط قاضي منفرد حزب الدعوة هو من أصدر المذكرة. الكل يكذب من رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه ورئيس البرلمان ونوابه والوزراء ونوابهم والسفراء والمدراء! والمصيبة إنهم ينتمون لأحزاب إسلامية.
يمكن الجزم إن خطة المالكي- هي خطة إيرانية بحته وسبق أن نوه الكثير من السياسيين والكتاب عنها- لإثارة الفتنة الطائفية. وقد تبلورت بصورة اضحة وبدأت تعطي نتائجها. ففي الوقت الذي يتظاهر فيه أنصار المالكي للمطالبة بإعدامه، يتظاهر أنصار الهاشمي مطالبين بإلغاء الحكم الصادر بحقه.
لقد لبس الصراع الشيعي- السني الجديد جلباب الهاشمي المالكي! فالقضية تجاوزت الصراع الشخصي إلى الصراع الطائفي, وهذا ما يريده المالكي فهوية الطائفية أسمى عنده من هوية المواطنة كما اعترف بنفسه *3. ويبدو ان المالكي أسفر عن براثنه بعد عودته من واشنطن. وهذا يعني إنه أخذ الضوء الأخضر من الرئيس اوباما لإشعال الفتنة في الداخل، وإلا ما تجرأ على هكذا خطوة خطيرة في اول اسبوع بعد الإنسحاب الامريكي من العراق.
ولتنفيذ خطته الشيطانية، سيكون المالكي بأمس الحاجة لزمر من المجرمين والإرهابيين يطوعهم لمشروعه الطائفي كما فعل سلفه ابراهيم الاشيقر عام 2006 لذلك وجد ضالته في جيش المهدي ( وهم ارهابيون حسب تصنيف المالكي) وعصائب أهل الحق. فقد صرح احمد الاسدي مستشاره السياسي عن عزم المالكي بفتح حوار مع عصائب أهل الحق, وهي مجاميع إرهابية ترتبط بفيلق القدس الايراني ويديرها(جمال جعفر الابراهيمي) أو ما يكنى بأبي مهدي المهندس. وهذا يفسر أيضا إرسال طهران مجموعة من الحرس الثوري بصحبة المجرم إسماعيل اللامي الملقب(أبو درع) في القرية الحدودية(خسروي) بالقرب من محافظة ديالى المبتلاة بسوء الجار. للمشاركة في الخطة الجديدة.
المالكي دكتاتور فعلا! بإعتراف من نصبه رئيسا للحكومة لدورتين(إي الإدارة الامريكية) وقد ساهم في تصنيع دكتاتوريتة عدة عوامل أهمها: إئتلاف العراقية(له 82 نائب في البرلمان من أصل 325) المتميز بضعفه وتشذرم مواقفه، علاوة على تردد زعيمه إياد علاوي منذ تنازله عن حقه الانتخابي وسماحه للمالكي بإمتطاء صهوة جواده وتفرده في قراره وهيمنته على الحكومة والبرلمان والقضاء، فجعجعة إئتلاف العراقية لم تزعج المالكي سابقا وربما تدعوه للسخرية حاضرا. صحيح إن الموقف الأخير للإئتلاف بمقاطعة جلسات البرلمان ومجلس الوزراء موقفا صلبا هذه المرة، لكن العبرة في النتيجة! فهل سيصمد أمام المالكي ويكون ندا له أم تتشرذم مواقفه كما عودنا سابقا؟ ويعود كأن شيئا لم يكن.
كذلك ضعف البرلمان ورئيسه الذي أمسى عجينة مرنة بيد المالكي يلوكها كما يريد. ولاتستغربوا أن يكون قربان المالكي القادم أسامة النجيفي فيذبحه على محراب المادة/ 4 إرهاب. ومنها ضعف وتشرذم المكون السني في الحكومة والبرلمان وسكوتهم وعجزهم الريب عن مواجهة المالكي مما شجع الأخير على الإستهانة بهم وإستصغارهم, بل صرح مؤخرا بكل وقاحة على إستبعادهم من العملية السياسية وتشكيل حكومة أغلبية في حال عدم إنصياعهم لدكتاتوريته. ودعم توجهه هذا بسحب الاسلحة الثقيلة من مستودعات الجيش في محافظات صلاح الدين والموصل الانبار وديالى الى المحافظات الجنوبية والفرات الاوسط، خشية من ردة الفعل إتجاه سياسة الإقصاء التي يمارسها ضد السنة.
ومنها سيطرة المالكي التامة على وزارات الدفاع والداخلية والأمن القومي والمخابرات والإستخبارات العسكرية والأجهزة الأمنية كافة وتطويعها لخدمته وخدمة حزبه العميل. علاوة على تشكيل قوى مسلحة خارج الدستور تؤتمر بإمرته فقط! وتنفذ مهمات خاصة! في الوقت الذي فشل فيه علاوي والهاشمي والمطلك والعيساوي وبقية الرهط من تشكيل وحدات لحماياتهم الخاصة. ولا يستبعد مطلقا أن يلقي المالكي القبض على غريمه اللدود علاوي بتهمة إرهاب/4 فكل هؤلاء لهم ملفات فساد وإرهاب حاضرة عند المالكي، وهو الذي يحدد تأريخ إصدار مذكرة إلقاء القبض على خصومه، سيما إن القضاء في خدمة القائد!
ومن العوامل الأخرى إنتهازية الأحزاب الكردية والسعي المحموم وراء مصالحها القومية وعدم تشكيلها قوة ضغط على المالكي لكبح دكتاتوريته، طالما إن مصالحها الاقليمية مضمونة! وفي الوقت الذي يدعم فيه الأكراد الشيعة(الفيلية وهم من أصول ايرانية) حكومة المالكي. فإن الاكراد السنة تخلوا عن العرب السنة لأن العامل الشوفيني يسمو على العامل الديني. والأكراد هم الجهة المستفيدة من كل محن العراق ومشاكله. لذلك لم نستغرب تصريح مسعود البرزاني الأخير*4 بأنه" في حال نشوب حرب طائفية فإن الأكراد سيقفوا على الحياد"! موقف لايثير الدهشة بالطبع. فهكذا حروب اهلية مثلها مثل صكوك يجيرها العرب لصالح الاكراد مع فوائد دموية باهظة. ومن المؤكد إنه لو كان طارق الهاشمي كرديا لجعلوها الاكراد حربا شعواء واطاحوا بالمالكي بالضربة القاضية.
ومنها النفس الطائفي الساخن لدى الأحزاب الشيعية والذي تأججه جارة السوء كلما همد قليلا. فرغم العداء المستحكم بين معظمها، لكنها تتجمع تحت مظلة المالكي عندما تسوء الاحوال السياسية! فشعار المالكي "ما ننطيها"-أي السلطة- هو في الحقيقة موحد لإرادات الاحزاب الشيعية المتعارضة.
كذلك الموقف الامريكي كقوة إحتلال، فقد كان متناغما مع النزعة الدكتاتورية لدي المالكي، وسبق أن نوه عدد من المسئولين الامريكيين عنها. فقد نقل عن عضو مجلس النواب الامريكي توم لانتوس(Tom Lantos) قوله لمسئول اسرائيلي" لا تقلقوا فلن تجابهوا أي مشاكل مع حكومة ما بعد صدام، سنضع مكانه دكتاتورا مواليا للغرب يكون جيدا لنا ولكم" *5. لذلك فعملية تصنيع دكتاتورية المالكي لها سند امريكي- صهيوني. ولا احد يجهل بأن الإنسحاب الأمريكي بطريقة الفوضى الخلاقة سيخلف دكتاتورا طاغية وحربا أهلية بإستثناء الرئيس اوباما! وقد صرح السيناتور(جون مكاين) " أننا لم نتفاجأ مما نري في العراق حاليا، فقد كان أمرا متوقعا للجميع" *6 معبرا عن أسفه من وقوف حكومة بلده موقف المتفرج من الأزمة الحالية.
يضاف الى ذلك ضعف الضغوط الدولية والعربية على حكومة المالكي والتي لم تكن أكثر من زوبعة في فنجان، فدكتاتورية المالكي أشد ضراوة ووحشية من بعض الطغاة العرب، لكن الرأي العام الدولي والعربي يتجاهلانها من أجل عيون امريكا وفتحها الديمقراطي للعراق.
[email protected]
علي الكاش
تصنيع الدكتاتوريات
هوامش
*1- صحيفة الصنداي هيرالد/ اسكتلندا في 22/9/ 2002
*2 مؤتمر صحفي بتأريخ 25/11/2011 عقده في البرلمان وحضرته وكالة الصحافة المستقلة( ايبا)
*3 افتتاحية صحيفة الغارديان البريطانية في 14/12/2011
*4 كلمة للبرزاني بتأريخ 24/12/2011 في قاعة المؤتمرات في جامعة دهوك
*5 صحيفة آهارتس الاسرائيلية في 30/9/2002
*6 صحيفة نيويورك تايمز في 24/12/2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.