بمشاركة 46 متدربًا من 22 دولة أفريقية.. اختتام الدورة التدريبية ال6 لمكافحة الجريمة    أمين البحوث الإسلامية يبحث مع رئيس جامعة أسيوط تعزيز التعاون لنشر الوعي بين الطلاب    محافظ الجيزة يشهد فعاليات توزيع شهادات إتمام دراسة طريقة برايل 2025 لمتحدي الإعاقة البصرية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    مسئولو «الإسكان» يتابعون ملف التقنين ومعدلات التنفيذ بالأراضي المضافة بالعبور الجديدة    ارتفاع الذرة المستوردة وانخفاض المحلية، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    الإحصاء: معدل البطالة 6.4٪ خلال الربع الثالث لعام 2025    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية الأحد 16 نوفمبر 2025    وزارة الزراعة: متابعة المستفيدين من مشروع البتلو وتقديم الدعم الفني    اعتماد تعديل المخطط التفصيلي لأرض مشروع «كابيتال جروب بروبيرتيز» بمدينة الشروق    النائب حازم الجندي: الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية تعزز قدرة الدولة على إدارة القطاع الصحي بكفاءة    أيمن الجميل: إعفاء السلع المصرية من الرسوم الجمركية الصينية فرصة لزيادة الصادرات وتعزيز القطاعات الاستثمارية والصناعية    تقارير: زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    مسؤول أممي: الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر وصمة عار    سفن صينية تدخل مياه يابانية متنازع عليها في ظل توتر العلاقات    أبوريدة يجتمع مع منتخب مصر المشارك في كأس العرب    موعد مباراة إيطاليا والنرويج.. والقنوات الناقلة في تصفيات كأس العالم 2026    بدوري الأبطال .. الأهلي ينتظر الموافقة على حضور 50 ألف مشجع أمام شبيبة القبائل    تقارير : زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    إحالة عاطلين بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في روض الفرج للجنايات    ضبط سيدة اعتدت على ابنتها وأصابتها بنزيف بالمخ في كفر الشيخ    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. أمطار رعدية غزيرة وتحذيرات من السيول    تعليم الإسماعيلية: يعلن جداول امتحانات شهر نوفمبر للعام الدراسي 2025/2026    ضبط 143718 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    لإضافة بُعد روحي وتربوي، الجندي يوضح سبب وجود مصطفى حسني في لجنة تحكيم "دولة التلاوة"    وزير الثقافة يزور طلاب أسوان المصابين في حادث طريق إسنا    الليلة على DMC .. ياسمينا العبد تكشف أسرار مشوارها الفني في صاحبة السعادة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الرعاية الصحية تبحث تطوير خدمات القساطر القلبية المتقدمة لمرضى التأمين الصحي الشامل    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    ما هي عقوبة مروجي الشائعات عبر السوشيال ميديا؟.. «خبير» يجيب    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    156 عاما على افتتاح قناة السويس، الممر المائي الذي غير حركة التاريخ    سؤال برلمانى بشأن ظاهرة العجز الصارخ فى المعلمين    كيف نظم قانون الإجراءات الجنائية الجديد تفتيش المنازل والأشخاص؟    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    طريقة عمل صدور الفراخ، بصوص الليمون والثوم    بنين تعتمد تعديلات دستورية تشمل إنشاء مجلس الشيوخ وتمديد الولاية الرئاسية    كبير الأثريين يكشف تفاصيل تطوير المتحف المصري بالتحرير    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 3 أجانب خارج مصر    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    أمام كاب فيردي .. عمر مرموش يحل أزمة الجبهة اليسرى فى منتخب مصر    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    استقرار أسعار الذهب الأحد 16 نوفمبر.. وعيار 21 يسجل 5455 جنيهًا    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    ألبانيا أول منتخب أوروبي يحجز مقعده في ملحق مونديال 2026    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوليمة : أشهر كتب العالم لكبير فلاسفة الأغارقة ( أفلاطون)
نشر في شباب مصر يوم 08 - 07 - 2017

هذا الذى أرسله لكم هو واحد من النصوص النادرة لأفلاطون عن الحب هذا الذى ننشده ونحتاجه بقوة هذه الأيام هذا النص وجدته منشورا فى صحيفة السياسة الأسبوعية المصرية فى عددها الصادر يوم السبت 22 مارس 1930أى ما يقرب من سبع وثمانين عاما ويعلم الله مدى الجهد والمعاناة التى بذلتهما مع هذه الأوراق الصفراء القديمة حتى ألم شتات تمزيقها محاولا الحفاظ على النص ذلك الذى لخصه لهذه الصحيفة الأستاذ زكريا عبده وقتئذ فكما أن ليس كل قديم مفيد فإنه أيضا بعض كل القديم مفيد جدا فمن وجهة نظرى المتواضعة أرى أننا بحاجة لمثل هذا المقال النادر عن الحب كما أرجو منكم نشره حتى أشعر بأننى مشارك فى نقل آراء أولئك السابقين من اللذين أفنوا أعمارهم ليصل إلينا خلاصة فكرهم
وقد أرفقت مع المقال صورة زنكوغرافية له
أحمد القشيرى
مصر- المنيا – أبوقرقاص
أشهر كتب العالم
الوليمة
لكبير فلاسفة الأغارقة ( أفلاطون)
تلخيص الأستاذ زكريا عبده
فلما نال الشاعر (أغاتون) جائزة التراجيديا السنوية دعا خلانه وأصحابه إلى وليمة عشاء حضرها جمع كبير من كبار القوم منهم (سقراط وأريستوفانيس) الذى كان له ولع خاص بمسخ شخصية صديقه (سقراط) فيوصفه كما شاء فى روايته (السحب) التى كثر تمثيلها على المسارح القديمة وقتئذ كذلك كان من بين الحضور (السبياديس) الشاب الخليع ذى الميول العديدة والرغبات المختلفة وجرت بين أولئك الحضور من ذكرنا أسماءهم وغيرهم ممن لم نذكر مناقشات ومحادثات وكان معظمها يدور على البحث عن طبيعة الحب وبالطبع كان (لسقراط) القسط الأوفر فى تحليل الحب وطبيعة الحب ولولا إن (أفلاطون) تلميذ (سقراط) ومعلم (أرسطوطاليس) قد دون تلك المحاورات فى كتابه ( سمبوزيوم) الذى عنه نلخص هذه القطعة منقولة إلى اللغات الحية الآن لما كان أحد يعرف مقدار فهم الفكر الأغريقى القديم لمعنى الحب وطبيعته
إبتداء المناقشة
جرت المناقشة من زمن طويل ولقد استقيت أخبارى عنها من (اريسطو ديموس) أحد المعجبين إلى حد كبير (بسقراط) إذ قال لى أنه قابل (سقراط) فى حالة بهجة على غير عادته فسأله إلى أين هو ذاهب ؟ فأجاب (سقراط) إلى (أغاتون) أتعشى على مائدته وعرض عليه أن يرافقه فاصطحبه (أريسطو ديموس) بناء على دعوته وقف (سقراط) أثناء السير وطلب إلى رفيقه أن يسبقه إلى منزل (أغاتون) فلما وصله رحب به (أغاتون) وأكرم وفادته ودعاه إلى وليمة العشاء وعندئذ لاحظ (أريسطو ديموس) أن (سقراط) لم يصل بعد إذ أنه التجأ إلى بوابة مقوسة وبقى بها ممتنعا عن الدخول حتى أنتهى نصف العشاء تقريبا وكان من الحاضرين فى هذه الوليمة (فايدروس وباوسانياس واريكسيماخوس وأريستوفانيس) وغيرهم كثيرون ولما أنتهى العشاء قرر الحاضرون باجماع الآراء أن يضعوا لشربهم حدا إذ أن معظمهم كانوا لا يزالون متأثرين من فرط ما شربوا فى الليلة الماضية إلا (سقراط) فأنه كان على استعداد لأن يشرب كل شئ أولا يشرب مطلقا فالأمران عنده سواء وخاصة لأنه لا تؤثر فيه الخمر ولا تغلبه واقترحوا أن يتناقشوا بدلا من أن يشربوا فى موضوع يختاره (اريكسيماخوس) عندئذ أعلن الجميع موافقتهم وافتتح (فايدروس) مناقشته وقال : إن الحب إله عظيم جدير باعجاب الآلهة والناس على السواء وفضلا عن هذا فإنه منبع النعم الكبرى إذ لا يوجد للشباب شئ أعظم من الحبيب الصادق والحب الصادق فلا الحسب ولا المال ولا الشرف وما إلى ذلك من الأمور الأخرى المشابهة يستطيع أن يلهم الانسان كما يفعل الحب فهو الذى يجعل للحياة قيمة وهو الذى يخجل من الفعال الصغيرة الوضيعة وهو الذى يثير فى النفس أنبل الشعور إن خجل الانسان أمام أهله ورفاقه أقل مرارة من عار يصيب الانسان أمام حبيبته أو أمام صديق عند الانسان له شئ من الحب والتقديس فالمحبون أو الأصدقاء من هذا النوع يفضلون الموت على أن يترك بعضهم بعضا فى مراكز خطرة فكم من وضيع نفخ فيه الحب روح الشجاعة إن الحب وحده هو الذى يجعل الانسان رجلا كان أو إمرأة يرحب بالموت فى سبيل الآخرين ولكى نبرهن على هذا يجدر بنا أن ننظر إلى (البستيس) ابنة (بلياس) التى أرادت أن تموت من أجل زوجها الذى كانت تحبه أكثر من حب أمه وأبيه له وكان من جزاء عملها هذا أن الآلهة نفسها رضيت عنها فعفت عن زوجها من دخول الجحيم وهذا الاعفاء لم يكن يحظى به إلا فيما ندر وعلى هذا أقول إن الحب هو أقدم كل الآلهة وأجدرها بالتشريف ولما انتهى (فايدروس) تلاه آخرون قام بعدهم (باوسانياس) فقال: قد يكون فى هذه الكفاية لو إن الحب كان واحدا لكن الحقيقة أنه يوجد أكثر من حب واحد فكما أنه توجد (أفروديت) الألهية إبنة السماء التى لا أم لها وإلهة الساقطين إبنة (زيوس وديون) كذلك يوجد حب سماوى وحب ساقط أما الحب الجدير بالتقدير فهو الحب الذى يدعونا إلى حب كل ما هو جدير فأحد هذين النوعين من الحب شهوانى والاخر حب عقلى يحررنا من كل دواعى الفجور والخلاعة والأشرف لنا أن نحب أفخر الأشياء ولو كانت أقل لطفا من غيرها كذلك من الشرف أن يكون للانسان حب ومن العار أن يكون الانسان منبوذا من الحب وكما أن للانسان أن يلجأ إلى أى وسيلة للوصول إلى غرضه فإن للمحب أيضاهذا الحق لكنه يمتاز بشئ من البهجة والغبطة ويمكن للمحب أن يفعل كل ما يشاء من حيل دون أن يكون فى تصرفه أى عارفالشرف وعدم الشرف لا يلمسهما الانسان فى الحب نفسه ولكن فى طريقة الحب سواء أكانت تستعمل باستحقاق أم غير ذلك لأن الحب الساقط ليس له أى جدارة أو استحقاق فهو لا قيمة له إذ أنه أيضا غير ثابت وإنما هو حب زائل فى حين يبقى الحب الفاضل مدى الحياة وكان واجبا أن يقف بعدئذ (اريستوفانيس) ليقول كلمته ولكن نظرا لأنه كان مصابا بسعال أخذ (أريكسيمافوس) دوره وجعل يعبر عن رأيه فى الحب ويظهر أنه أراد أن يثبت أن ثمة تآلفا بين الحب وبين تكوين الانسان الطبيعى وأخيرا قام (أريستوفانيس) فقال : لست أعرف لماذا يتطلب تكوينى الطبيعى عملية مقلقة كعملية العطس مثلا فلقد زال السعال عنى بعدما عطست وعلى كل حال فإنى لست متعبا أثمر (باوسانياس واريستمافوس) فلو أن الناس فهموا قوة الحب إذا لوجب أن يكون له معابد أكثر وتقدير أكثر من غيره من الآلهة الأخرى ولكن ليس للحب من هذا شئ وسأكشف لكم عن ذلك ويجب علينا إذن أن نبدأ بطبيعة الانسان التى قد تغيرت فأول كل شئ يجب أن نعرف أنه كان يوجد جنس ثالث وهو الخنثى ويشمل صفات الجنسين الحاليين معا له أربع أذرع وأربع سيقان ومتشابه معهما فى الباقى وكان إذا أسرع تدحرج كما يتدحرج الكوب وهذا ما جعل ذلك الجنس مقلقا (للألوميين) فقرر (زيوس) أن يقسم كل فرد منه إلى قسمين ولما فعل ذلك احتضن كل قسم زميله برغبة أن يعودوا إلى وحدتهما الأصلية ومن هنا أيضا نشأ الجنسان المعروفان الآن ومن هنا أيضا نشأت المحاولة الدائمة فى أن يندمج النصفان معا فيعودا إلى واحد كما كانا من قبل وليس ما يتوق إليه المحبان فى الواقع إلا أن يصيرا وحدة واحدة فى الروح وفى الجسم وإذا أشفقنا عليهما فى هذه الحالة فربما نقع فى خطر إذ قد نعرض أنفسنا إلى أن نقسم إلى أرباع لا إلى أنصاف ووقف (أغاتون) يقول : لقد كنا نصف منحة الحب دون أن نمتدح الحب نفسه وهو من بين كل الآلهة وأسعدها وأفخرها وأجملها فهو أجمل الجميع لأنه أصغر الجميع وأخفهم إذ أنه يسبق الشيخوخة تلك التى يكرهها جدا ومن أجل فضيلة الحب وقوته أرجو أن تلاحظوا أنه لا يلجأ إلى الشدة فلا يستعملها كما لاتستطيع هى أن تلمسه إن الحب معتدل جدا لأنه أقوى من كل أنواع اللهو والشهوات وليس يضارعه (أريس) فى الشجاعة لأنه سيد على (أريس) الخاضع لحب (أفروديت) وإذن فالعدل والاعتدال والشجاعة من صفاته إنما بقى أن نتكلم عن حكاية الحب وانا أمتدح الحب قبل كل شئ باعتبارى شاعرا كما امتدحه (اريستيماخوس) باعتباره طبيبا لأن ذلك الذى يستطيع أن يجعل من الانسان العادى شاعرا إنما فى الأصل هو شاعر قوى متين فليس أحد يستطيع أن يعلم الآخر ما لا يعلم هو إن الحب شعر الوجود وما (ابوللو) (إله الشعر والجمال ) نفسه إلا تلميذ الحب لقد كانت الحاجة سائدة بين الآلهة فى الأزمنة القديمة ولهذ كانوا يفعلون أفعالا شنيعة ومخفية لقضاء حاجاتهم ولكن لما ولد الحب جاء مع ولادته كل النعم ودخلت البركة فى كل مكان فهو الذى ينشر السلام بين الناس والهدوء على البحر والراحة والنوم للمحزونين إن الحب يحررنا من سوء الارادة ويملأ نفوسنا بالشفقة يغمرنا باللطف ويطرد عنا الخشونة والفظاظة إن الحب هو الذى يجب أن يتبعه الانسان منشدا ترانيم الثناء عليه مشتركا فى أنشودة الجمال التى يتغنى بها الحب نفسه إن الحب يبرئ عقول الآلهة والناس من الآلام ولما إن قلت أصوات الاستحسان والتصفيق قال (سقراط) : لقد كان لتخوفى مبرر فماذا عساى أن أقول عن الحب بعد تلك الفصاحة التامة والبلاغة الكاملة لقد قلت أنى أعرف القليل عن الحب ولقد ظننت أننا سنقول الصدق عن هذا الموضوع وإننا سنمنح الحب الشرف اللائق به لكن المسألة صارت شيئا آخر إذ أننا تكلمنا كيف نستطيع أن نمدح الحب ببلاغة وفصاحة دون اعتبار الحقائق وهذا لست ماهرا فيه تماما غير أنه إذا كنتم راضين بالحقائق فقط كما
تطرأ لى فى لحظة --- وهنا قام (فايدروس) وطلب إلى (سقراط) أن يتكلم بأى طريقة يشاء فقال (سقراط): إذن فهل أستطيع أن أسال (أغاتون) بضعة أسئلة فقال (أغاتون): بالتأكيد
- : فهو يتطلب ما ليس يملك
- : نعم
- : ومادام لا يتطلب فإنه لا يرغب أليس كذلك؟
- : أظن لا
- : حسنا إذا فالحب شئ ذو حاجة أتوافقون على أن الحب يحب الجمال فهزوا رؤوسهم بالموافقة فقال (سقراط) : إذن فهو ينقصه الجمال فإذن فهو ليس جميلا ومثل هذا القول يمكن أن يقال عن الطبيعة كما قيل عن الجمال وكيفما تكون الحال فدعونى أقول لكم ما أخبرتنى به النبية (ديوتيما) لأنى قد استعرت كلامى منها إذ كنت أتحدث معها كثيرا كما كان يفعل (أغاتون) الآن إن ما ليس جميلا أو حسنا لا يلزم أن يكون قيما أو رديئا إذ أنه توجد حالة للعقل هى ليست بالعلم ولا بالجهل وإنما هى الرأى الصواب وهكذا فإن الحب ليس بشرا ولا إلها إذ أننا رأينا أنه ليس يملك كل جمال أو حسن أو سعادة أو ما إلى ذلك مما نعترف للآلهة بأنها تملكه ولكن الحب شئ وسط أعنى روح من الآلهة والبشر إن الحب أحد تلك الأرواح الكثيرة المتوسطة بين الآلهة والبشر كان أبوه الغنى وأمه الفقر فهو مشترك فى طبيعة كل منهما وكما أن الآلهة لا تبحث عن الحكمة لأنها عندهم فى الأصل ولا يبحث عنها الجهال لأنهم يعتقدون أنها عندهم بل الفلاسفة فقط هم اللذين يبحثون عنها وهم ليسوا من الآلهة ولا من الجهلة كذلك الحب فهو فيلسوف بالضرورة متعطش إلى الحكمة كما هو متعطش لكل أشكال الجمال ولقد كانت غلطتكم فى اعتباركم الحب أنه ليس المحب بل المحبوب إنكم تقولون أن الحب يريد أن يمتلك الأشياء الجميلة فأى شئ سيملك إذن إن السعيد سعيد بامتلاكه الأشياء الحسنة وكل إنسان يرد أن يمتلك أشياء حسنة غير أننا لا نصرح بأن كل إنسان يحب لأننا اخترنا نوعا محدودا من الحب أطلقنا عليه أسما عاما كما نقول عن كل صانع بأنه شاعر غير إننا قصرنا كلمة شاعر أخيرا على نوع خاص من الصناع كما قصرنا كلمة حب بالضبط على نوع خاص من الحب فالحب فى الحقيقة كله حسن وليس نصفا يحتاج إلى مكمل فالحب تتغير اعتباراته طبقا لرغبة الاجيال فى الجمال جمال الجسم وجمال الروح أيضا أما ظاهرة الحب تلك التى تخترق كل المخلوقات الحية فليست إلا تفسيرا للطبيعة البشرية التى تريد ألا تموت فتعمل الحياة الأبدية بطريقة التوالد لأن البشرية تستطيع أن تخلد باستبدال من يهلك منها بغيره ممن يصلحون بدله فهذا الحب إذن ليس إلا ميلا نحو الأبدية وعملا عظيما من أجل الخلود أما الحب الجنسى فهو تعبير عن ذلك الميل إلى الخلود فى نظام الانسان الطبيعى ومن نتائج هذا النوع من الحب الحكمة والسياسة والاعتدال وترانا أشد ميلا إلى الجمال متى قامت فى نفسنا الرغبة إلى الخلود ومهما اتجهت ميولها ونكون أشد ميلا إلى جمال الروح منا إلى جمال الشكل فنحن دائما نفضل بنات الأفكار على أطفال الأجسام لأن الأولى قد تكسبنا شرفا سماويا وليس للثانية أن تمنحنا إياه وذلك الذى يحب حقا يحب أن يعمل فى الأصل على أن يحب كل ما هو جميل وأن يقصر حبه على أن ينتج جمالا أدبيا لكن الجمال فى كل أشكاله واحد وأما حب الانسان للجمال الشكلى فيجب أن يقسم إلى أشكال كثيرة إن جمال الروح يكفى أن يرفع الانسان إلى عالم علوى جميل فيه يشعر بالجمال الأبدى جمال لا بداية له ولا نهاية إنما هو جمال دائم على مر الزمن وجمال مطلق وعام وهذا الجمال لا يحظى به إلا ذوو الأرواح الجميلة اللذين يتأملون فى خواص الجمال فيؤدى بهم تأملهم هذا إلى استشعار جمال جديد وهو الجمال السامى أولئك اللذين يستمتعون بهذا النوع من الجمال لا يحلمون بخيالات وإنما هم على اتصال تام بالحقائق وإن الخلود كان مما يمنحه الانسان فمثل أولئك المحبين هم اللذين يحظون به وهنا علت أصوات استحسان من الحضور وبان صوت (السبياديس) فى الخارج ينادى (أغاتون) لكنه لا يلبث أن تأهب للدخول وكان ثملا وقال : إنى شارب مقدما لكنى سأشرب معكم من جديد ولو شئتم لتوجنا (أغاتون) ثم ننفض فأمره الموجودون بالدخول ففعل وجلس فى الحال إلى جانب (أغاتون) وكان (سقراط) جالسا إلى الجانب الآخر له فلما تبين (السبياديس) ذلك صاح
- : يالهرقل أينما أذهب أجد (سقراط) أمامى فقال (سقراط): أحمنى يا (أغاتون) فما أجرؤ أن أنظر أو أتكلم إلى غيرك مادام هو هنا فهو حقود وإنى أتوسل إليك أن تصلح بيننا فقال (السبياديس) : ما أريد قط أن أكون على وفاق معك غير أنى سأشترك فى تتويج (أغاتون) فهو منتصر دائما وما أدل على ذلك من الأمس وهنا تكلم (أريكسماخوس) وقال : إن من شأننا الآن أن نمتدح الحب وهاهو دورك فقال (السبياديس) : ما يريدنى (سقراط) أن أمتدح أحد سواه وفى الواقع إنى لا أريد أن أتكلم عن غيره فهل أهاجمه هل أقول لكم الحق عنه ؟ إنى لا أستطيع أن أكون منظما فى هذه الحالة إنى سأعبر عن آرائى كما تمر بخاطرى فأول كل شئ فسقراط شبيه بتمثال (مارسياس) (1) إنما يفضله سقراط بسحر ألفاظه حقا إنى لم أك أتأثر هكذا لا من (بركليس) ولا من غيره إن (سقراط) يجعلنى أخجل من نفسى إلى أن تصير الحياة غير جديرة بأن نعيش فيها ولقد كنت أود أن أصفى حسابى معه وأخلص منه غير أن هذا أضر على وعلى الرغم من معتقداته بأنه ليس يهتم بالجمال أكثر من اهتمامه بغيره من الممتلكات الخارجية غير أنكم لو دخلتم إلى باطن هذا (السيلينوس) (2) لبانت لكم صور سماوية فى منتهى الجمال والابداع لقد أكلنا معا فى إحدى المعسكرات قبل موقعة (بوتيديا) ولقد كان أكثرنا خشونة ولا يكترث بالبرد القارص ولا يأبه للطعام زاد أم نقص ولقد كان يشاهد كل ما تقع عليه عيناه فى الطريق إلى (دليوم) ولقد كنت راكبا أما هو فكان يدب على قدميه هادئا غير مكترث بأى شخص حتى أنه كان يلوح للانسان أنه يقاوم مقاومة اليائس لو أن أحدا هاجمه ولهذا لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه والحقيقة هى أن (سقراط) ليس له شبيه فى الوجود فهو شرس ولا أقول أنه سخيف كما يبدو غير أنه فى باطنه يحوى كل عظمة وتفوق ولقد ضحك الموجودون من صراحة (السبياديس)
لخصه
زكريا عبده
(1) تمثال لشخص خرافى نصفه الأعلى بشر وأسفله على شكل ماعز
(2) زميل أبى باخوص إله الخمر فى الرضاعة وهو رجل مسن أصلع منتفخ البطن من فرط الشرب ويشبه المتكلم سقراط بهذا الرجل
اختيار وعرض
أحمد القشيرى
أبوقرقاص - المنيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.