ينتقل بنا الباحث الأكاديمي الجزائري الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة،إلى عوالم كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة،وذلك في كتاب جديد له ،صدر حديثاً في طبعة مشتركة عن دار الأمان للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط في المغرب الأقصى،ودار الكتب العلمية ببيروت في لبنان، بعنوان:«التاريخي والأدبي في كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة لابن الخطيب»، وقد جاء الكتاب،في مدخل،وخمسة فصول،وخاتمة. ففي المدخل تحدث المؤلف الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة عن حياة لسان الدين ابن الخطيب،وعن آثاره،وعصره، وقد قسمه إلى ثلاثة أقسام رئيسة: في القسم الأول،قدم صورة عن حياة ابن الخطيب،معتمداً في ذلك على ما ذكره ابن الخطيب عن نفسه في بعض مؤلفاته،كما اعتمد على كتب التراجم في القديم، والحديث، وفي القسم الثاني منه تحدث عن عصره ،واستعرض الحياة السياسية، والاجتماعية، والثقافية في غرناطة،لعلاقتها الوثيقة بالكاتب،ولما في ذلك من فائدة في إيضاح بعض جوانب حياة ابن الخطيب،وعلاقته بأمراء بني الأحمر،ذلك لأن عصر الكاتب،وبيئته تعدّ من أهم مصادر إنتاجه الفكري، وفي القسم الأخير منه تطرق إلى مصنفات ابن الخطيب،وآثاره في الأدب،والتصوف،والتراجم،والطب،وغيرها. أما في الفصل الأول من الكتاب فقد قدم محمد سيف الإسلام بوفلاقة تعريفاً بكتاب الإحاطة،وتحدث عن بواعث تأليفه،ومصادره،وأسلوبه،ومنهجه، وفي الفصل الثاني منه تحدث عن محتوى المجلد الأول من كتاب(الإحاطة)الصادر بتحقيق الباحث محمد عبد الله عنان،وقدم موجزاً عن أهم الشخصيات التاريخية،والأدبية التي تعرض لها ابن الخطيب في المجلد الأول. وفي الفصل الثالث، توقف مع أهم الشخصيات التاريخية،والأدبية التي ترجم لها ابن الخطيب في المجلد الثاني،وفي الفصل الرابع تناول بالعرض، أهم الشخصيات المترجم لها في المجلد الثالث منه،وقدم ملخصات عنها، وفي الفصل الأخير عرض أهم الأعلام،والشخصيات الأدبية والتاريخية التي حواها المجلد الأخير من كتاب(الإحاطة)،وقدم ملخصاً عن سفر من أسفار الإحاطة اكتشف حديثاً. وأتم الكتاب بخاتمة سجل فيها أهم النتائج التي توصل إليها ،وأبرز الجوانب التي تستحق التنويه،والذكر. وبالنسبة إلى المنهج الذي انتهجه في الكتاب ،فقد ذكر الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة أنه اعتمد على المنهج التاريخي، الذي يعتمد على الترتيب الزمني في تتبع الظواهر الأدبية والتاريخية،وتفسيرها،مع الاستفادة من مناهج أخرى كالمنهج الوصفي،والمنهج التحليلي الذي استخدمه عند دراسة كتاب الإحاطة. تتجلى أهمية كتاب الباحث الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة، من حيث إنه يتناول بالدراسة والتحليل كتاب:«الإحاطة في أخبار غرناطة»،وهو أهمّ مصدر،بعد كتاب: «نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب»للشيخ أحمد بن محمد المقّري التلمساني،في دراسة التاريخ السياسي، والثقافي، والأدبي، للأندلس والمغرب،فقد قدّم لنا ابن الخطيب-كما ذكر سيف الإسلام بوفلاقة- الأندلس تاريخاً ،وثقافة من خلال غرناطة،وهو عبارة عن موسوعة أدبية شاملة،فيها من أنباء غرناطة،وسير ملوكها،ووزرائها،وأخبار شعرائها وكُتَّابها،وفيه من المعلومات ما لا مثيل له في أي كتابٍ أندلسي آخر،وخاصة ما يتعلق بأعلام مدينة غرناطة. كما تتضح أهمية هذا الكتاب حينما ندرك عدم وجود دراسات متخصصة في كتاب:« (الإحاطة في أخبار غرناطة)لابن الخطيب »، باستثناء بعض الدراسات التي تناولت جوانب أخرى من حياة مؤلف الكتاب المتعدد الجوانب،لكن كتاب الباحث الأكاديمي الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة يختلف عن تلك الدراسات،فيدرس الكتاب، دراسة تحليلية ،مُركزاً على الجوانب التاريخية،والأدبية فيه. ذكر الباحث الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة في خاتمة كتابه أن القيمة العلمية،والأدبية والتاريخية لكتاب(الإحاطة في أخبار غرناطة)، تتجلى من حيث إنه يعد أحد المصادر المهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها في تاريخ غرناطة الأدبي،والسياسي،والاجتماعي،وهو ينفرد عن الكتب القديمة، بكونه يكشف النقاب عن الحركة العلمية،والأدبية والتاريخية السائدة، من خلال تقديم تراجم وافية عن أدباء،وعلماء غرناطة من مختلف العصور،كما يكتسي أهمية بالغة كونه يحوي رسائل،ومقطوعات نثرية ،وشعرية، الكثير منها غير متوفر في مصادر أخرى. أما مؤلف الكتاب فهو الباحث الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة، من مواليد مدينة عنابة،بالجمهورية الجزائرية، نال جائزة ناجي نعمان العالمية في لبنان لسنة:2016م،ومتحصل على درجة دكتوراه في الأدب العربي القديم بأعلى تقدير،وقد شارك في مؤتمرات علمية وطنية ودولية عديدة،وأنجز بحوثاً ودراسات كثيرة نُشرت في مجلات عالمية،وأكاديمية محكمة، وللباحث الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة،مجموعة من المؤلفات العلمية طبعت في عدد كبير من العواصم العربية مثل:عمان،وبيروت،ومسقط،والقاهرة،والرباط ،ومن بين مؤلفاته: « مباحث في الفكر والأدب»، «الثابت والمتغير في النص الشعري الأندلسي»،« تعليمية اللغة العربية –المعوقات والحلول- »،« دراسات عن التاريخ الجزائري المعاصر»، «وقفات مع شهادات من ثورة التحرير الجزائرية المظفرة»،« مقومات الحوار الحضاري مع الآخر»، «جماليات الإبداع الشعري عند سيف المري »،وغيرها. وقد كتب بانتظام في العديد من الصحف العربية،و نشر مئات المقالات في جملة من الصحف الجزائرية، والعربية،وله إسهامات في التأليف الجماعي،وفي إنجاز تقارير اجتماعية، وفكرية،ومشاريع علمية، ومعالجة قضايا تربويّة، وتعليميّة في مختلف المؤسسات العلمية،والهيئات الأكاديمية في سائر أقطار الوطن العربي،كما حصل على عدة شهادات تقدير على مختلف نشاطاته،وجهوده في مختلف الهيئات الثقافية،والإعلامية،والأكاديمية. أ.صياد