دكتور / عبد العزيز أبو مندور ... لا أعرف علة ما ، .. ولا سببا ما لهؤلاء الذين ينصحون الناس ظنا منهم أنه منقذهم من ويلات الجحيم وهو أحوج إلى النصح ممن ظن أنهم هالكون .. ! إن تجرؤ أمثال هؤلاء ممن يتمسحون بالقرآن تحت زعم أنهم ( قرآنيون ) وهم من منكرى السنة المطهرة فيتجرؤون على الفتيا دون سلطان آتاهم فيكفر قائلهم كما زعم نصا ( من تصور بأن من حقه أن يضرب زوجته فقد كفر ضمنيا بكل آيات المعروف بين الزوجين الواردة بالقرءان بين الزوجين). واستشهد بآيات كثيرة ذُكِرَ فيها المعروف. ولكن – إصراره على التلبيس والتدليس والكذب وربما جهالة منه أوقعه فيما لا يقع فيه العميان فآيات المعروف تتحدث عن نساء وزوجات طائعات لا نشوز فيهن بخلاف آية الناشزات فهن نساء يعصين فى بعض الأمور رجالهن . جاء فى ( المعجم الكبير ) للطبراني عن امرأة من المبايعات قالت : كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن: " لا نعصيه في المعروف ، وأن لا نخمش وجها ، ولا ننشر شعرا ، ولا نشق جيبا ، ولا ندعو ويلا ". فانظر إن كنت ترى ! واقرأ قوله تعالى : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً " (النساء : 34 ) تدبر قوله تعالى ولا تكن مثل هؤلاء المدلسون فبسبب إصراره على تغليط المسلمين وتكفيرهم ضمنيا كما زعم لم يتبين أن عقوبة الناشزات من النساء ليست عقوبة واحدة بل تتدرج بحسب الحالة من الأخف إلى الأشد ما لم ترتدع ، فجاءت على ثلاث درجات ، أو مراحل كما يلى : 1- الوعظ : " فعظوهن " فإن ارتدعن فبها ونعمة . 2- الهجر فى المضاجع " وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ" فإن انتهين ردعا وطاعة فحسنا صنعن . 3- الضرب " وَاضْرِبُوهُنَّ " وتلك غاية العقاب وآخره لمن لم ترتدع وتطيع . " فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً " (النساء : 34 ) جاء فى ( المعجم الكبير ) للطبراني عن امرأة من المبايعات قالت : كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن: " لا نعصيه في المعروف ، وأن لا نخمش وجها ، ولا ننشر شعرا ، ولا نشق جيبا ، ولا ندعو ويلا ". دلالة بينة أنه لم يٌبح للرجل ضرب زوجته، إلا بعد عظتها من نشوزها. وذلك أنه لا تكون لهُ عاصية ، إلا وقد تقدّم منه لها أمرٌ أو عِظَة بالمعروف على ما أمرَ الله به. هذا من جهة . 1- ومن جهة أخرى أن العقوبة التى جاءت فى حق الناشزات كما فهمنا عقوبة متدرجة من الأخف إلى الأشد وهو الضرب الخفيف. ولا يكون ضربهن إلا فى نهاية المطاف لا فى أول الأمر ، فأولا الموعظة فإن أطعن فبها ونعمة وإلا كانت العقوبة الثانية الهجر فى المضاجع . انظر إلى قول الحكماء تعرف ما يسفسط به السفهاء . لقد زعم سقيم الفهم بوعى أو بدون وعي ؛ قصدا أو بغير قصد فقال نصا : ( وضرب الزوجة الوارد بالقرءان يعني أن تهجرها خارج الفراش .. ) ! ومن ثم ، أعرفك مدى الحماقة فى مثل هذه الأقوال الباطلة . أولا الضرب كما تبين لنا ليس هو الهجر فى المضاجع وإلا كان فى كلام الله تكرارا بأن يقول واهجروهن فى المضاجع واضربوهن . ثانيا ليس الهجر خارج الفراش. إن الهجر لا يكون خارج الفراش كما زعم من لا فهم له ، بل يكون الهجر فى ذات فراش الزوجية كما قال ربنا تباركت أسماؤه وعظم سلطانه : " واهجروهن فى المضاجع " وهنا نأت بكلام جميل للشيخ الشعراوي لا يتسع المقام لتفصيله ؛ فخلاصته أن لا يعلم بذلك الهجر أحد غير الرجل وزوجه ، فيكفى فيه أن تدير ظهرك لزوجك دون أن تخبرا أحدا فإن انكشاف أمركما يثير عناد المرأة ، وعناد الرجل فيطول الهجر وقد يؤدى إلا ما لا يحمد عقباه . أما إن لم يثمر الهجر المطلوب ، فتكون عقوبة الضرب وهو كما يعلم العقلاء ضرب حبيب لحبيبه ( وضرب الحبيب كأكل الزبيب ) يعنى لا يكون ضربا مبرحا ، بل ضرب خفيف حتى قيل يضربها بسواك لأنه من قطعة من شجر الأراك الخفيف ! لقد كذب المأفون على الله ورسوله ، فلو علم ما كفر الأمة بأسرها كبيرها وصغيرها واستثنى نفسه وأمثاله إن كان ثمة مِثْلٌ له ! وأنا وإن كنت فى حل أن أطالب أمثال هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم ويتواضعوا للعلماء حتى يعقلوا إلا أننى أسائل كل من غرته نفسه وأغواه شيطانه فكذب على الله ورسوله ؛ وكفر أمة العلم والعلماء من فقهاء ومفسرين وحكماء - ولو ضمنيا - على طريقة العرضحالجى ، فإنى أسائلهم : ما قولكم فى ضرب نبي الله أيوب عليه السلام لزوجته ؟ قا تعالى : " وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ " ( ص : 44 ) قال الشيخ الشعراوي : إن الضرب بشرط ألا يسيل دما ولا يكسر عظما. . أي يكون ضربا خفيفا يدل على عدم الرضا ؛ ولذلك فبعض العلماء قالوا: يضربها بالسواك. وعلمنا ربنا هذا الأمر في قصة سيدنا أيوب عندما حلف أن يضرب امرأته مائة جلدة، قال له ربنا: " وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث" ( ص : 44 ) والضغث هو الحزمة من الحشيش يكون فيها مائة عود ، ويضربها ضربة واحدة ؛ فكأنه ضربها مائة ضربة .وانتهت. فالمرأة كما يقول الشيخ الشعراوي : عندما تجد الضرب مشوبا بحنان الضارب فهي تطيع من نفسها . وعلى كل حال فإياكم أن تفهموا أن الذي خلقنا يشرع حكما تأباه العواطف ، إنما يأباه كبرياء العواطف ، فالذي شرع وقال هذا لا بد أن يكون هكذا. ( وعلى الله قصد السبيل ) دكتور / عبد العزيز أبو مندور كاتب وأديب وباحث فى الفلسفة والتصوف *****