عيد الإذاعة المصرية

دائما تستحضر الذكري عبق الماضي بأفراحه وأتراحه وما أن تفارق أجمل الأيام حتي تأتي الذكري وتجتر الآلام .
........ إنه في يوم 31 مايو سنة 1934 يخرج من المذياع النداء الأثير " هنا القاهرة" مُعلنا بدء إرسال الإذاعة" اللاسلكية للحكومة المصرية . كانت مصر وقتها ملكية خاضعة للإستعمار البريطاني ولكنها ملكت عقلها وتلك هي عظمة مصر التي تُستمد من شخصيتها حيث عبقرية الزمان .
.......... كان صوت المذيع الشهير أحمد سالم الممثل فيما بعد هو أول صوت يخرج عبر الأثير لتشهد مصر بواكير تفعيل اعظم إختراعات ذلك الزمان حيث خروج الصوت من جهاز هو الراديو وقتها كان الأمر إعجازا مقترنا بذهول علي نحو جعل القارئ الأشهر الشيخ محمد رفعت أول من قرأ القرآن في الإذاعة المصرية في يوم الإفتتاح يستفتي الأزهر الشريف في شرعية قرآة القرآن أمام آلة هي الميكروفون!!
.........كان اليوم الأول للإذاعة المصرية بداية لقصة عشق بين المصريين وذلك الإختراع المذهل في ذلك الزمان حيث قرأ الشيخ رفعت القرآن وشدت كوكب الشرق أم كلثوم بوصلة غنائية .
.......... وتمضي التجربة لتعلق الأذهان بأصوات سدنة دولة التلاوة بداية من الشيخ محمد رفعت ومرورا بأساطين التلاوة كالشيخ طه الفشندي والشيخ المنشاوي والشيخ مصطفي إسماعيل والشيخ عبد الباسط عبد الصمد وغيرهم تزامنا مع أروع الأصوات الإذاعية مثل أحمد سالم وحافظ عبد الوهاب وحسني الحديدي ومحمد محمود شعبان " بابا شارووغيرهم.
...........كانت الصور الغنائية مثل عوف الأصيل وعذراء الربيع والبرامج الإذاعية مثل ألف ليلة وليلة و ساعة لقلبك وعلي الناصية وغيرها في قلب مصر التي إلتفت حول إذاعة مصر في زمن تحقق فيه القول الأثير القائل بأن " الأذن تعشق قبل العين أحيانا" .
.............كانت تجربة الخميس الأول من كل شهر حيث حفلات أم كلثوم وعلي نحو ثلاثين عاما أروع ما قامت به الإذاعة التي كانت تتولي أنتاج أغاني أم كلثوم ليسجل التاريخ لأم كلثوم أنها أول وآخر من وحدت العرب من خلال الإذاعة المصرية في حفلها الساهر الكبير في الخميس الأول من كل شهر والذي كان يقدمه نخبة من أروع الأصوات الإذاعية أوشهرهم حسني الحديدي و جلال معوض وطاهر أبو زيد وصبري سلامة وفاروق شوشه وغيرهم وما إن تعاد تسجيلات حفلات أم كلثوم مقترنة بأصوات كبار المذيعيين في زمن الإذاعة الجميل إلا ويستحضر المستمع عبق ذلك الزمان .
.......... وهاهي الأيام تمضي ليسافر الزمن الجميل بغير رجعة لتبقي الإذاعة المصرية وأيامها التي كانت في قلوب المصريين وقد شكلت الإذاعة وجدان أمة في زمن كانت مصر متحابة مترابطة تتجمع في حفلات ام كلثوم وكذا البرامج والصور الغنائية.
......... في ذكري أنشاء الإذاعة المصرية سلام علي جيل العظماء من سدنة دولة التلاوة وكبار الأدباء و الفنانين وقد سطروا تاريخا من خلال إذاعة مصر,
......... ويستمر نداء هنا القاهرة يثلج الصدور تزامنا مع غصة حزن علي زمن الإذاعة الجميل الذي سافر وولي بغير رجعة لتبقي الذكريات .!