ولد عبد القادر موسى كاظم سليم الحسيني في اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية في عام 1908 حيث كان والده موسى كاظم سليم الحسيني عضوا في مجلس المبعوثان العثماني ( البرلمان العثماني ) ، ودرس في روضة المعارف ومدرسة صهيون بالقدس والجامعة الأمريكية في بيروت ، ولكن إدارة الجامعة طردته بسبب نشاطه الوطني فالتحق بالجامعة الأمريكية في القاهرة ، وحرص أن لا يظهر نشاطه حتى يتخرج ، وكان عبد القادر قد عايش الحركة الوطنية المصرية والنشاط السياسي من خلال رابطة الطلبة الشرقيين ، وكشف زيف ودور الجامعة الأمريكية ، وفي حفل التخرج وكان من المتفوقين تقدم إلى منصة الحفل وأعلن وسط دهشة الجميع أن هذه الجامعة لعنة على هذا البلد بما تبثه من سموم وأفكار، وطلب من الحكومة المصرية إغلاقها ، وفي اليوم التالي قررت إدارة الجامعة سحب شهادة الطالب عبد القادر الحسيني ، وحسما للموقف أعاد عبد القادر الشهادة للجامعة ، وقد حاولت الجامعة منع نشر الخبر ، ولكن عبد القادر تقدم ببيان إلى كافة الصحف المصرية ، وكان جزائه أن طردته حكومة إسماعيل صدقي من مصر في عام 1932 ، وعاد إلى فلسطين وعمل في الصحافة ودائرة تسوية الأراضي ، وأحبط أكثر من محاولة للاستيلاء على الأراضي العربية من قبل اليهود ، ولكنه استقال من عمله وانضم إلى الحزب العربي الفلسطيني اكبر الأحزاب وأبعدها أثرا وأوضحها دورا وارتباطا بالحركة الوطنية الفلسطينية ، من اجل الإعداد للثورة على الاحتلال البريطاني والحركة الصهيونية في عام 1935 ، واشترك في ثورة 1936 – 1939 وخاض معارك متعددة ضد قوات الاحتلال البريطاني والمنظمات الصهيونية ، ومنها معركة الخضر الذي استشهد فيها القائد السوري سعيد العاص احد قادة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش ، وجرح فيها عبد القادر نفسه ، وأسر في 6/10/1936 ، ولكنه استطاع الهرب من المستشفى العسكري في القدس ، وتوجه إلى دمشق حيث استكمل علاجه ، وعاد إلى فلسطين في عام 1938 ، وتولى قيادة الثورة في القطاع الغربي من المنطقة الوسطى من فلسطين ( منطقة القدس ) وخطط وقاد عدد من المعارك النوعية الناجحة في القدس وبيت لحم والخليل ورام الله وأريحا وبلعا وبئر السبع . وجرح مرة ثانية في معارك بيت لحم والخليل ، ونقله زملائه إلى المستشفي الانجليزي بالخليل ، ثم إلى سوريا ، وبعد شفائه ذهب إلى لبنانوالعراق حيث عمل مدرسا في المدرسة العسكرية .وفي إحدى المدارس المتوسطة ثم التحق بدورة الضباط الاحتياط في الكلية العسكرية . واشترك في ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 ، وشارك في قتال القوات البريطانية ، وبعد هزيمة الثورة سجن ثم خفف الحكم تحت ضغط الرموز الوطنية والرأي العام العراقي إلى النفي في مدينة زاخو في شمال العراق ، كما مثلت إمام المحكمة زوجته وجيهة الحسيني بتهمة مساعدتها للثوار وتحريضهم على القتال ، وحكم عليها بالإقامة الجبرية في بيتها عشرون شهرا . وبعد اتهامه بتدبير اغتيال فخري النشاشيبي نقل إلى معتقل العمارة ، وبعد تدخل الملك عبد العزيز آل سعود أفرج عنه ، وسافر إلى المملكة العربية السعودية ، ثم إلى برلين ، حيث تلقى دورة تدريب على صنع المتفجرات . وانتقل بعدها إلى لقاهرة ، لكن السلطات المصرية قررت إبعاده عن مصر بسبب نشاطه السياسي ، وعلاقاته مع حزب مصر الفتاة والإخوان المسلمين ، وتجميع الأسلحة ، وتدريب بعض الفلسطينيين والمصريين على المتفجرات ، لكن قرار الإبعاد لم ينفذ بسبب الضغط الذي مارسته القوى الوطنية المصرية والرأي العام المصري ، وبعد صدور قرار التقسيم في 29/11/1947 قررت الهيئة العربية العليا تشكيل منظمة الجهاد المقدس المسلحة وتعيين الحاج أمين الحسيني قائدا أعلى لها وعبد القادر الحسيني قائدا عاما لها ذهب عبد القادر إلى فلسطين في 22/12/1947 . وشكل مجلس قيادة الثورة ولجنة التموين ، وحشد النجدات ، وكانت خطته تقوم عل اعتماد الشعب الفلسطيني على نفسه . وطلب الإمداد العسكري من الأقطار العربية ، وإعلان قيام حكومة عربية فلسطينية ، ورغم قلة الإمكانيات واختلال ميزان القوى بما لا يقاس لصالح قوات الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية إلا أن قوات الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني أحرزت انتصارات هامة ومنها استسلام يهود القدس بعد الحصار ، ونسف بعض المؤسسات اليهودية مثل بناية حزبون وبناية الوكالة اليهودية وبناية شركة سوليل ودار الصحافة اليهودية وصحيفة علهمشمار وهامشكيف ووكالة اليونايتد برس والوكالة اليهودية للأنباء وحي منتفيوري وشارع بن يهوذا في القدس ، ومعمل الكحول في يافا ، وبناية المطاحن في حيفا ، كما انه قام بتخطيط وقيادة عدد من المعارك النوعية مثل معركة صوريف ومعركة بيت سوريك ومعركة رام الله – اللطرون ومعركة النبي صمويل ومعركة بيت لحم الكبرى ، وعدد من العمليات الهجومية القوية ضد مستعمرات نيفي يعقوب وعطاروت وميكور حاييم ورامات راحيل وتل بيوت ، ومقر القيادة اليهودية في سانهدريا ، بالإضافة إلى السيطرة على منطقة القدس ، والتحكم في خطوط المواصلات التي تربط بين اغلب المستعمرات الصهيونية في فلسطين ، وفي أواخر آذار 1948 توجه عبد القادر إلى دمشق للاجتماع بقيادة اللجنة العسكرية في فلسطين التابعة لجامعة الدول العربية أملا في الحصول على السلاح ، ولكنه لم يحصل على ما يريد ، وعندما علم بسقوط القسطل قال للواء طه الهاشمي رئيس اللجنة العسكرية ( يا باشا القسطل حصن منيع ولا يمكن استرداده بالبنادق الايطالية والذخائر القليلة ، أعطني السلاح وانأ استرده ، ولكنه أيضا لم يحصل على ما يريد من السلاح ، وكان كل ما حصل عليه 60 بندقية انجليزية قديمة و10 مدافع رشاشة وبضع قنابل و 800 جنيه فلسطيني أعطاه إياها الحاج أمين الحسيني ، ولذلك وبعد أن يأس من إيقاظ وعى طه الهاشمي واستنهاض همته قال له ( انتم خائنون ، انتم مجرمون ، وسيسجل التاريخ أنكم أضعتم فلسطين ، وأنا سأعود واسترد القسطل وأموت أنا وإخواني المجاهدين ) ، وعاد عبد القادر إلى القدس ، وقام بترتيب صفوف المجاهدين ومهاجمة القسطل ، ولكن ورغم استبسال المجاهدين إلا أن ضعف الإمكانيات وقلة السلاح والذخيرة أدت إلى وقوع عدد كبير من المجاهدين بين شهيد وجريح ، وهنا ضرب عبد القادر أروع المثل في التضحية والحماسة والاندفاع ، وقام باقتحام القسطل مع عدد من رفاقه المجاهدين ، ولكنهم وقعوا في حصار القوات الصهيونية ، وهبت النجدات لفك الحصار عن الحسيني ورفاقه ، وكان من بين النجدات حراس المسجد الأقصى ، وقد استطاعت هذه النجدات بقيادة القائد المجاهد رشيد عريقات أن تسيطر على الموقف ، وان تفك الحصار عن عبد القادر ورفاقه ، وان تطرد القوات الصهيونية من القسطل ، ولكن المجاهدين لم يكتفوا بذلك ، وأردو مطاردة جموع الصهاينة الفارين بسياراتهم المصفحة على طريق يافا ، غير أنهم لما وجدوا جثمان عبد القادر ملقى على الأرض . الأمر الذي كان له وقع اليم في نفوس رفاقه ، وفي نفوس كل الشعب الفلسطيني ، وكل من عرف الحسيني وعايشه ، فكانت جنازته مهيبة شارك فيها كل الشعب الفلسطيني في كل المدن والقرى ، وقد استغلت المنظمات الإرهابية الصهيونية خروج الشعب في هذه الجنازة ، وهاجمت القسطل واحتلتها ، وهكذا سقطت القسطل واستشهد القائد عبد القادر ألحسيني في 8/4/1948 غدرا وخيانة ، لأن الصهاينة كانوا يعرفون أن المجاهدين سوف ينشغلون في مراسم جنازة الشهيد ، ويتركون مواقعهم ، ولذلك أوعزوا لعملائهم باغتيال القائد عبدةالقادر الحسيني الذي كان يقود المعركة وبدون حراس أو مرافقين ، وبسبب التخاذل والتقصير العربي . وقد رثاه الأديب الكبير المرحوم احمد بن راشد آل الشيخ مبارك في قصيدة قال فيها فدوى لك الدنيا دون سعيك سعيهم وان منا الدنيا مسعاهم الزمر فعلت وقالوا وانتضيت وأحجموا فليتهم الثاوي وأنت لهم الذخر لقيت الردى مثل الردى في مضائه إلى أن قضى أو كاد يقتله الذعر