بون فارق بين إطلاقات الفقه القانوني من جانب والفقه التجاري من جانب آخر على ما تبدء به المادة 6 من القانون 91 لسنة 2005 ، والتي تنص في مستهل عجزها على أنه " تفرض ضريبه سنوية على مجموع صافي دخل الاشخاص الطبيعين ... " فحيث إنطلق الفقه القانوني ليطلق عليها تسمية " السند القانوني للضريبة في مصر " إنطلق الفقه التجاري في ذات الآن ليطلق عليها من جانبه تسمية " مجموع صافي الدخل " ولكم يرى الفقه القانوني أنه على صواب إذ استند في سبيل ذلك إلى حجة من القانون ، في حين يرى الفقه التجاري أن ما أطلقه يتسق وما يمليه واقع الأمور. ولحسم المسأله يمكن أن نسرد ما استند إليه كلا الفريقين وما نراه في رأي كل جانب منهما إذا صادفنا صحيح الحكمة والمنطق العلمي ، ولكن أولاً يتوجب أن نوضح أن إهتمامات الفقه حول تسمية مادة قانونية معينه ليس دربا من الترف الفقهي أو تعجيزا للعقل بل هو أحد أهم سبل التيسير والتسهيل على من هم ليسوا بمتخصصين في ذلك المجال ، ولعل فى البحث عن إطلاقة أو تسمية لنص مادة معينة النفع فى تلخيص وظيفة النص والمهمة الموكولة إليه ، فعلى سبيل المثال جاء القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية فإشتهرت تسميته ب " قانون الخلع " ، وهو فى الأصل ليس قانونا للخلع فحسب ، بل إن به من المسائل القانونية الأخرى ما جاء منقحا ومعدلا لأوضاع قانونية فى القوانين السالفه له والمتخصصة فى مسائل الأحوال الشخصية والأسرة ، إلا ولأنه جاء مستحدثا بين طيات أحكام الخلع أطلق عليه الفقه وكذا المجتمع مصطلح " قانون الخلع " هذا عن مدى أهمية إطلاق الفقه على نص مادة أو قانون ما تسمية معينة . *أما عن ما استند إليه كلا الفقهين فكان كالأتي :- أولا : الفقه التجاري : حيث حدا بأصحاب التخصص التجاري أن أطلقوا تسمية " مجموع صافي الدخل " ما أسموه بواقع الأمور ، حيث أن المادة 6 من القانون 91 لسنة 2005 نصت على أنه " تفرض ضريبة سنوية على مجموع صافي دخل الأشخاص الطبيعيين المقيمين وغير المقيمين بالنسبة لدخولهم المحققة في مصر . ويتكون مجموع صافي الدخل من المصادر الآتية : 1. المرتبات وما في حكمها . 2. النشاط التجاري أو الصناعي . 3. النشاط المهني أو غير المهني . 4. الثروة العقارية . " وبما أن المادة تهتم بمجموع صافي الدخل وما يتكون منه مجموع صافي الدخل دون التعويل على أهمية الإقامة داخل مصر أو خارجها كان من الطبيعي - والواقع منه كذلك – أن يطلقوا عليها تسمية مادة " مجموع صافي الدخل " . إلا أننا نرى أن التسمية وما تحويه من معان ، لابد أن تكون كافية وافية نافية للجهالة ، وأن تكون جامعة مانعة ، لذا لا يمكن أن نأخذ جزء من نص المادة ونترك الجزء الآخر مهما كان بسيط فى نظر الباحث ، ونطلق تسمية على هذا الجزء ونترك الباقي ، هذا في عقدنا موطن الخلل الذي وقع فيه الفقه التجاري ، حيث ترك مستهل المتن " تفرض ضريبة " وراح ينساق وراء نطاق الضريبة ليجدها تشمل مجموع صافي الدخل فأطلق عليه تلك التسمية . ثانيا : الفقه القانوني : إنحاز الفقه القانوني ¬¬¬¬إلى مدرسته الوضعية من جديد وراح يطلق على نص المادة 6 من القانون 91 لسنة 2005 اسم " السند القانوني للضريبة " وقد احتج الفقه القانوني في سبيل ذلك بما تنحو إليه دول العالم والتي باتت تكرس من لدن الثورة الفرنسية عام 1789 إلى يومنا هذا مبدأ هام يقضي بضرورة موافقة البرلمان على فرض الضريبة وكذا تعديلها وإلغاؤها والإعفاء منها ، ويترجم ذلك إصدار قانون من البرلمان ينظم أحكام الضريبة . ولم يختلف الوضع كثيرا بالنسبة لدولة كمصر تعتبر من الدول النامية الرائدة فى هذا المجال ، حيث أوصت لجنة الإصلاح الضريبي في 1876 بألا تفرض ضرائب إلا في قانون منشور ، وكذلك نص الدستور المصري الصادر عام 1923 فى المادة 134 منه على أنه " لا يجوز إنشاء ضريبة ولا تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، ولا يجوز تكليف الأهالى بشئ من الأموال والرسوم إلا في حدود القانون " كما نصت المادة 135 من ذات الدستور على أنه " لا يجوز إعفاء أحد من الضريبة إلا في الأحوال المبينة في القانون " . وفي تطور لاحق لذلك جاء الدستور المصري الصادر في 11 سبتمبر 1971 بالمادة ( 119) منه والتي تضمن عجزها أن " إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يعفى أحد من آدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ، ولا يجوز تكليف أحد آداء غير ذلك من ضرائب أو رسوم إلا في حدود القانون " . وذلك عين ما نص عليه الدستور المصري الصادر عام 2014 في المادة 38 فقرة 2 منه ، وبذلك وضع النص الدستوري في مصر الإطار العام لكيفية فرض الضرائب وتعديلها وإلغائها وكذلك الإعفاء منها ، في حين ترك للقانون التفصيلات المتعلقة بنوع الضريبة وسعرها وربطها ووعائها وتحديدها وتحصيلها ، وهو بذلك أيضا أعطى للقانون الحق في إشارة البدء والإنتهاء في كل ما يختص بمسائل الضرائب ، فإذا جاء المشرع بعد ذلك ونص في المادة 6 منه على أن " تفرض ضريبة " كان من الطبيعي للفقه القانوني أن يتخذوا من هذا النص سندا قانونيا للضريبة . ومن جانبنا إذا اتخذنا موقفا مؤيدا لما جاء به الفقه القانوني من حجج إلا أننا نعتقد أن ما أطلقه الفقه التجاري ذات أهمية أيضاً ، لا سيما وأن ذات النص الذي يعد في نظر القانونيين هو السند القانوني للضريبة في مصر ، يعد أيضا في نظر التجاريين هو المعيار الأول والنطاق الأشمل لتحديد أي الدخول تخضع للضريبة ومما يتكون مجموع صافى الدخل ، كما أن لوجهتى النظر الفائدة المشتركة في تسويغ الضريبة وتحديد من أى المصادر يمكن جبايتها . كما أن لكل آليه داخل دولة القانون نظام قانوني يحكم وينظم كافة أحوالها ، وليست الضريبة ببعيده عن ذلك ، حيث كان لابد لها من قانون يمثل السند القانوني لها ويحدد وعائها والاعفاء منها وكل ما يحيط بها من أحكام ، كما أنه لابد لها من قواعد محاسبية ترتكن إليها وتتذرع بها في إتمام مهمتها . بقلم : عماد شفيق مصلحة الضرائب المصرية ماجستير الدولة فى القانون العام باحث دكتوراة بالمجال الضريبي