سمير الهواري أي سحر يكمن في هذي الأرض ، أي جلال ، وأي أمومة تلك التي ترسل حبلها السري ممتدا بعمر الأزل ليربط بينها وبين من فارقوها ، كل من تشكلت ملامحهم من هذا التراب ، من ضجت شرايينهم بسمرة نيلها فاختلفوا إلا في كرهها حتى ثمالة العشق ، هي فقط من تجمعهم ،هي فقط من يربت على أوجاعهم ويعزيهم فيعودون إليها عشاقا تائبين بعد أن غادروها كارهين ، فتمنحهم ذلك السر الذي تهمس به إليهم وفقط في لحظة الرحيل حيث فورة العشق والتجلي والحنين ذلك كله ما جعله يختلي بها وذاته ، يترك خلفه كل أضواء المجد وصخب الشهرة ويرسل إليها قلبا عاشقا منصتا لنداء الطين فيها فتعانق أصابعه بيانها ويسجل بحروف لثغته الأولى آخر وصاياه : "غسلوني من مياه النيل قبل أن يضيع كفنوني بنسيج من قطن الأرض الطيبة إدفنوني في ثراها الذي نبتّ فيه كي ترتاح عظامي المجهدة .نال منى المرض والترحال في بلاد المعرفة وأنفقت أيامي لأرفع رأسها بين الأمم سخرت علمي لأقهر المرض وعكفت كالراهب في معملي نال منى المرض مبتغاه وانتصر لكن نبراسي سيظل ساطعا وفوق قبري سينبت برعم وافر الخضرة موفور النماء أذكروني كلما نما على أرضها نبت جديد أذكروني ثم ترحموا " سنذكرك أيها العاشق الكبير ، وسنحرص أن لا يضيع شريان عزتنا ووجودنا سنحرص على أن تكون الأرض طيبة لكي نكسي بها سوءاتنا سنعمل على أن يكون فوق هذا الثرى راحة للأحياء قبل الموتى وسنحرص على أن نضئ مشاعل النور لا الحرائق سنروي هذي البراعم بالمحبة والعلم ، بالخير وبالسلام فهل ترانا نستطيع ؟ رحمك الله .