توقف عقلي و عجز عن استيعاب كل ما يحدث من حولي حت بت غير قادر عن تمييز الصواب من الخطأ ، و منْ الظالم و منْ المظلوم. هناك أمور أفهمها ، لكن هناك أموراً أخرى لا أفهمها ولا أجد ما يبررها و أبحث عن من يفهمني إياها . - أتفهم أن يدعو البعض لمليونيات للإعتراض على قرارات أو سياسات يرونها خاطئة ، لكن ما لا أفهمه أن لا يسيطروا على مليونياتهم فتتحول إلى فوضى و حرب شوارع ، مع أنها مسئوليتهم ،فطالما عندهم القدرة على الحشد ،يجب أن تكون لديهم القدرة على التأمين ، حتى يأمن سكان المكان المحيط على أموالهم و دمائهم و أعراضهم ، و حتى لا يتطور الأمر فيصل إلى مرحلة وقوع ضحايا و مصابين ، و هذا ما لا نرضاه لأن الكل مصري. - أفهم أن يختلف الثائرون مع الحكومة أو من يتولى زمام الأمور في البلد ، أياً كان اسمه أو شكله ، لكن ما لا أفهمه أن يتحول الاختلاف إلى تدمير و حرق أموال عامة هي في النهاية ملك لنا ، فلا المشير ولا المجلس العسكري ولا عصام شرف و حكومته يمتلكون المدرعات و المصفحات و السيارات التي حُرقت ، و لا الأرصفة التي دُمرت ، و لا الشوارع التي خُربت لأنهم لم يدفعوا ثمنها من جيوبهم الخاصة حتى يدمرها الثائرون، لكنها ببساطة دُفعت من خزانة الدولة أي من دمي و دمك ودم كل مواطن ، فمهما كان حجم الغضب يجب الحفاظ على ممتلكاتنا فلا نخربها بأيدينا. - أفهم أن هناك تاريخ طويل من العداء بين المواطن و الشرطة بسبب تاريخ طويل حافل من الممارسات الخاطئة وانتهاك حقوق المواطن ، لكن ما لا أفهمه أن يتم تبادل الأدوار و يصبح الاعتداء على الشرطة روتيناً يومياً للبعض. أفهم أن يثور المواطنين في ميادين مصر لكن ما لا أفهمه ولا أجد له مبرراً أو سبباً واضحاً أن تتحول الثورة من الميادين إلى الهجوم على وزارتي الداخلية و الدفاع و على أقسام الشرطة و مديريات الأمن و محاولة اقتحامها. - أفهم أن يطالب البعض برحيل المجلس العسكري و تسليم الحكم لمجلس رئاسي مدني ، لكن ما لا أفهمه ماهية هذا المجلس و نوعية أعضائه ، لأن ما يبدو في الصورة الآن مجموعات من المريدين تريد الوصول بقياداتها إلى سدة الحكم ، و إذا كان هناك تناحر و تبادل اتهامات و قصف إعلامي متبادل بين السادة المحترمين المرشحين للمجلس في الفترة السابقة ، فكيف سيجلسون إلى مائدة واحدة لإدارة شئون البلد في هذه الفترة العصيبة و المزعجة التي وصلت حد الفوضى. - أفهم وقفة ودعم المجلس العسكري و الجيش إلى جوار الثورة و دعم أبنائها ، لكن ما لا أفهمه هذا الوضع المشبوه الذي وضعوا أنفسهم فيه بصمتهم عن الاتهامات الموجهة إليهم ، و بقاء أوضاع على ما هي عليه بعد مرور عام من تسلمهم السلطة على رأسها الأمن و البلطجة. - أفهم أن يكون الجميع يد واحدة قبل الثورة ، أن يعلن الجميع حب مصر و من أجل مصر ، لكن ما لا أفهمه هذا السباق المحموم و التناحر المقيت على كيكة حكم لم تُشترى مكوناتها بعد. - ما أفهمه و أتوقعه أن تُعلن الأحكام العرفية المرحلة القادمة ، لكن ما أخافه و أخشاه نتيجة الأحداث المبهمة التي اختلط فيها الحابل بالنابل أن أفتح التلفاز يوماً فأجد السيد جمال مبارك يقف في مؤتمر ليعلن أنه و زكريا عزمي و بطرس غالى ويوسف والي و أحمد عز سينسون ما حدث و أنهم سيبدأون صفحة جديدة مع الشعب في حكم مصر !!