أسامة عبد الكريم ظاهرة الغش قديمة قِدم الامتحانات نفسها، ولكنها لم تكن بهذه الصورة البشعة التي تحدث في الآونة الأخيرة بكل تَبجح وكأنها حقٌ مُكتسب للطالب، كان الطالب الغشاش قديمًا يعتمد علي ما يُسمى "البرشامة" يُخفيها في طَيات ملابسه ويستخرجها في الخَفاء بعيدا عن أَعين المراقب، الذي كانت له هيبته في لجان الامتحان. وقد يمر الأمر بسلام فينجح الطالب الغشاش في نقل ما تَحتويه البرشامة في ورقة الإجابة وقد يحدث ما لا يُحمد عقباه ويَنكشف لأنه قد يتصرف بطريقة تدعو إلى الرِيبة أثناء جلوسه في اللجنة، كان هذا في زمنٍ كانت فيه للامتحانات قيمة وأهمية في نفوس الطلاب والمُمتحنين وأولياء الأمور، أما ما يحدث الآن وخاصة مع طلاب الثانوية العامة فهو إهدارٌ لقيمة التعليم برُمتها. أصبحت ظاهرة الغش مُقترنة بالبلطجة التي هي سِمة العصر الحديث، فالمُراقب أصبح مَغلوبا علي أمره لا يحميه رئيس اللجنة الذي يخاف بدوره علي سلامته، ولا تحميه الشرطة، فماذا يفعل؟!، أصبح الكثير من الطلاب يرون أنَّ الغش ظاهرة طبيعية وأنه بها يحصل على حقه الطبيعي، والكارثة في ظاهرة الغش ليست فيها كفعل يحدث، بل ما يترتب عليها من نتائج عند حدوثها، فأولاً: هناك طلاب يحصلون على درجاتٍ ليست من حقهم سوف تؤهلهم لأماكن بالكليات والمعاهد العليا، كانت من حقِ طُلاب آخرين اجتهدوا في دروسهم ولكنهم احترموا أنفسهم وامتنعوا عن الغش، أو لم يُتح لهم ما أُتيح للآخرين من تهيئة لظروفٍ مُناسبة للتفوق، ثانيًا: هذا المنتج الفاسد وهو الطالب الغشاش الذي سوف يكون في المستقبل إما طبيب أو مهندس أو مُعلم أومحاسب، ورُبما أستاذ جامعي غشاش يري أنَّ الغش شئ طبيعي في الحياة كما في الامتحانات. أما ظاهرة تسريب الامتحانات فهي جريمة كاملة تَنم عن فسادٍ في الأخلاق والضمير لبعض المسئولين الذين يفترض فيهم الأمانة في أعمال الامتحانات ويجب مُعاقبة هؤلاء بعزلهم من وظائفهم نهائيا وتطبيق العقوبات المُقررة عليهم في القانون، فهؤلاء لا فرق بينهم وبين من أفسدوا حياتنا باستيراد الأغذية الفاسدة أو سرقة المليارات؛ لأنهم يفسدون عقول شباب هذا الوطن، فإذا فسدت عقول الشباب فماذا يتبقي لنا؟!!. لابد من وقفة صارمة في مواجهة هذه الظواهر- كما أنه ليس من المُفترض - أنْ تتحمل وزارة التربية والتعليم وحدها، أو وزارة الداخلية مسئولية، مواجهة ظاهرتي الغش وتسريب الامتحانات، بل يجب أنْ يقوم المجتمع كله بتحمل مسئوليته فهي ظاهرة مُجتمعية يجب التصدي لها من الجميع وأنْ يكون شعارنا في الفترة المُقبلة، "مواجهة الغش بكل أشكاله". أسامة عبد الكريم وزارة التربية والتعليم