من الواضح أن الزوبعة السياسية الحاصلة الآن في الساحة العراقية هي نتيجة السباق الأميركي الإيراني من أجل بسط النفوذ والهيمنة على الحكم في العراق من خلال الشخصيات التي ستتربع على كرسي الحكم من وزراء ورئيس حكومة ومعهم البرلمان, وقد استغل الطرفان " أميركا وإيران " التظاهرات العراقية التي خرجت في أيامها الأولى بشكل عفوي, وغيرت مجريات تلك التظاهرات وهنا نلاحظ أن إيران قد تدخلت بشكل مباشر وصريح في تلك التظاهرات من خلال الكتل والأحزاب التي أعلنت الإعتصامات والتظاهرات من أجل إحداث تغيير وزاري فقط يتناسب مع المشروع الإيراني في العراق. بينما أميركا فهي تسير وفق منهج معين ولم تتدخل بصورة مباشرة واكتفت بدعم رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي مع وضعها لشروط على العبادي أن يتقيد بها وهي عدم تجاوز مرشحي الكتل بينما اشترطت على الكتل عدم سحب الثقة من العبادي وإلا فإنها ستقوم بسحب دعمها المادي والعسكري في العراق لمواجهة داعش. وهنا نلاحظ أن أميركا تسير وفق منهج إستراتيجي طويل الأمد , بينما إن إيران تقوم بحركات تكتيكية تتوافق مع الحدث, وهنا نبين ما هو الفرق بين التكتيك والإستراتيجية, الإستراتيجية هو الإلتزام بالخطة, و هي الخطة الشاملة للوصول إلى الهدف النهائي, كما إنها طويلة و بطيئة و بعيدة المدى وتوضع الإستراتيجية لنتائج مستقبلية, وهي تقوم على التخطيط و التفكير المنطقي, بينما التكتيك فهو تكييف الخطة حسب الموقف, وهو خطة جزئية لتحقيق هدف جزئي, ويعتبر ردة فعل إزاء أي حدث ويكون قصير المدى, وتكون نتائجه آنية ويمكن أن تتغير بسرعة, الخلاصة موجزة بالتكتيك تربح معركة و بالإستراتيجية تربح الحرب. أي إن إيران تسعى لتغيير وزاري من الكتل والأحزاب ذاتها, وجاء هذا التحرك في وسط المطالب بالتغيير, بينما أميركا تسعى لتغيير الجميع ولكنها خططت لذلك مسبقاً وهيئت للأمر وفق استراتيجية طويلة الأمد مستغلة التناطح الحاصل الآن في مابين الكتل لكي تعلن بعد ذلك عن التشكيلة الحكومة الجديدة بحيث تضمن نجاحها من خلال حصول التوافق الشعبي والجماهيري عليها والذي سيؤيد من قبل المؤسسة الدينية في النجف, وهذا ما روج له منذ مدة والذي حمل عنوان " حكومة الطوارئ " . وقد بين ذلك الأمر المرجع العراقي الصرخي في استفتاء " اعتصام وإصلاح....تغرير وتخدير وتبادل أدوار" , والذي قال فيه ... {{... وأدنى التفاتة من أبسط إنسان تجعله يتيقّن أنه لا يوجد أمل في أيِّ إصلاح لأن كل المتخالفين المتنافسين المتصارعين قد اتّفقوا على نفس التهديد والتصعيد وهو سحب الثقة من رئيس الحكومة وحكومته!!! وهذا التهديد ونتيجته الهزلية يعني وبكل وضوح الرجوع إلى المربّع الأوّل في تشكيل حكومة جديدة حسب الدستور الفاشل وتوافقات الكتل السياسية نفسها والدول المحرّكة لها. وعليه ينكشف أن الإصلاح ليس بإصلاح بل لعبة للضغط والكسب أو للتغرير والتخدير وتبادل الأدوار قد أذنت به أميركا وإيران !!. وهل تلاحظون أن الجميع صار يتحدث ويدعو للإصلاح وكأنهم في دعاية وتنافس انتخابي !! و موت يا شعب العراق إلى أن يجيئك الإصلاح!!!. وهكذا سيتكرر المشهد إلى أن تقرّر أميركا تغيير قواعد اللعبة السياسية في العراق، أو أن ينهض شعب العراق ويلتحق بالشعوب الحرة مقتلِعًا كل جذور الفساد، حيث لا يوجد أيُّ مسوّغٍ للقعود والخضوع والخنوع لا في الشرع ولا في المجتمع ولا في الأخلاق ...}}. أي إن الإصلاحات التي يتحدث بها الجميع هي عبارة عن إلعوبة إيرانية أميركية, يراد منها التغرير بالشعب العراقي وتخديره وإبعاده عن مطالبه الحقيقية في الإصلاح, ونجد الآن إن لإيران وأميركا أدوار متبادلة في صياغة الورقة الإصلاحية لكن ستكون الغلبة في النهاية لأميركا لأنها تسير وفق إستراتيجية محكمة هذا إن لم ينهض الشعب ويقرر مصيره بيده بعيداً عن التدخلات الأميركية والإيرانية. بقلم :: احمد الملا