في مصر تتجسد مسرحية مأساوية واقعية تجعلك تعتقد وأنت تتابع تفاصيلها أنك في أرض العجائب، والمضحكات المبكيات. وليس من الفطنة في شيء ان تغفل عن تفاصيل ما يحدث فتعتقد أن الأمر محض مصادفات متواترة ومتتالية. ليست مصادفة على الاطلاق أنه في بحر أسبوع واحد يشغل الشارع المصري عن إخفاقات الأداء الحكومي المتعاقب وتدهور العلاقة بين رجل الشارع والشرطة والحكومة بشكل عام بمهزلة وثرثرة غير مجدية للثنائي مرتضى منصور البرلماني ورجل القانون، وعمرو أديب المذيع المعروف والمثير للجدل على وجه العموم. تخرج من هذي وهذيان التناطح المتبادل بين الطرفين عمرو ومرتضى لا لسبب ولا لشيء تستطيع تتبعه وتبني وجهة نظر أحدهما، لتدخل في هذيان جديد وثرثرة مضللة للنائب البرلماني توفيق عكاشة الذي أحدثت مقابلته للسفير الإسرائيلي واستقباله له دويا هائلا في بلد لا تزال علاقة شعبه بإسرائيل ورؤيته لها بعيدة كل البعد عن مساومات السياسية ودروب الدبلوماسية الملتوية. توفيق عكاشة الذي لا يستسيغ وجوده كثيرون ممن هم تحت قبة البرلمان فما بالك بكثير من المحللين والسياسيين على الطرفين المؤيد والمعارض للنظام حاليا، ناهيك عن جموع من الشعب لا تصدق لليوم ان عكاشة هو صاحب أكبر نسبة أصوات حصل عليها مرشح في البرلمان الحالي. جاءت زيارة السفير الإسرائيلي لعكاشة في منزله لتطرح على الساحة تساؤلات وعلامات استفهام وحيرة متعددة؛ من هذا الذي أعطي للنائب الهمام الحق ليتحدث في شأن مصري استراتيجي بالدرجة الأولى وهو مسألة سد النهضة مع هذا السفير؟؟ وما علاقة إسرائيل من الأساس بالمسألة برمتها؟؟ وأسئلة كثيرة إجابتها كلها واحدة وهي أن الأمر محض تمثيلية هزلية حمقاء. !!! لغط وضجيج يدور في الشارع المصري اليومين الماضيين وسيستمر ليوم أو يومين آخرين ثم يشغل الجميع بقصة جديدة ربما فتوى جامحة لأحدهم أو خبر ملفت وخارج عن السياق لشخص ما. يشارك في هذا الضجيج مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها ووسائل العلام بكل أنواعها لاسيما برامج التوك شو لدرجة ان وصل الامر بأن فتح برنامج العاشرة مساء نقاشا حول علاقتنا بإسرائيل هل هي علاقة ودية أم علاقة شائكة تاريخيا وعاطفيا؟؟ منفر جدا أنا تناقش أمرا بديهيا منذ قرون. !!! لم تنته المسرحية بعد!! فتحت قبة البرلمان المصري قام النائب البرلماني كمال أحمد بضرب زميله توفيق عكاشة بالحذاء على ظهره ورأسه في رفض منه وتعبير عن موقفه من استقبال عكاشة للسفير الإسرائيلي وتصريحاته الأخيرة المثيرة للجدل والدهشة معا خاصة ما يخص الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر. !!! مؤسف أن يكون الحوار في مكان كبرلمان مصر وبين أشخاص هم ممثلون لهذا الشعب وموضع ثقته وتقديره وتطلعه، أنا يكون الحوار بالحذاء. !!! والمضحك ضحكا حد المرارة هو أن يهرول الأعضاء لجمع توقيعاتهم للمطالبة بوضع حذاء زميلهم النائب كمال أحمد في متحف البرلمان اعتزازا به وتقديرا له، وكأنه حذاء الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي قذف جورج بوش الابن الرئيس الأمريكي السابق بحذائه في مؤتمر صحفي في بغداد في ديسمبر 2008. المؤسف أكثر أن من يتصدر المشهد الآن ومن تتبع أخباره هو توفيق عكاشة صاحب الدور الأكبر دور البطولة في كل تلك الاحداث. بطولة للحماقة بطولة للكومبارس الذي لطالما ذكر عبر قناته الهزلية انه حمار. وأخيرا لك أن تتساءل: إلى أين نحن ذاهبون؟؟