يعد أقدم نماذج العمارة المائية الاسلامية في مصر والعالم العربي والاسلامي ، كما انه أقدم مبنى حجري بني في مصر خلال العصرالاسلامي، وأقدم مبنى يحوي كتابه بالخط الكوفي المزهر ، أول مبنى استخدم فيه العقد المدبب والأعمدة المدمجة في الحوائط ، و ثانى أقدم اثر اسلامى فى مصر بعد جامع عمرو بن العاص يرجع بنائه الى عام 248ه في عهد الخليفة العباسي المتوكل. على يد مهندس المقياس أحمد بن محمد الحاسب كان اختيار موقع المقياس في الطرف الجنوبي من جزيرة الروضة أثرا في الحفاظ على جسم المقياس، نظرا لقله شدة التيارات في النهرفي هذا المكان ، وقد بنى جسم المقاييس في ستة أشهر هي وقت التحاريق عندما يقل مستوى مياه نهر النيل قبل الفيضان. ولعلي الغرض من انشاء مقياس النيل هو تحديد قيمة الضرائب على الشعب المصرى من خلال قياس فيضان النيل ومن ثم معرفة نوعيه المحاصيل التى سوف تزرع وتقدير رسوم الضرائب عليها . هذا المقياس الأثري عبارة عن: . عمود رخامي مدرج و مثمن القطاع يعلوه تاج روماني يبلغ طوله 19 ذراع، حفر عليه علامات القياس. 2. يتوسط العمود بئر مربع مشيد بأحجار مهذبة روعي في بنائها أن يزيد سمكها كلما زاد العمق، و على هذا شيد البئر من ثلاث طبقات: السفلى على هيئة دائرة، يعلوها طبقة مربعة ضلعها اكبر من قطر الدائرة، و المربع العلوي و الأخير ضلعه اكبر من المربع الأوسط. و جدير بالإشارة أن سمك الجدران و تدرجه على هذا النحو، يدل على أن المسلمين كانوا على علم بالنظرية الهندسية الخاصة بازدياد الضغط الأفقي للتربة كلما زاد العمق إلى أسفل. 3. يجري حول جدران البئر من الداخل درج يصل إلى القاع. 4. يتصل المقياس بالنيل بواسطة ثلاثة أنفاق يصب ماؤها في البئر من خلال ثلاث فتحات في الجانب الشرقي، حتى يظل الماء ساكنا في البئر، حيث أن حركة المياه في النيل من الجنوب إلى الشمال و بالتالي لا يوجد اتجاه حركة للمياه في الناحية الشرقية و الغربية. 5. يعلو هذه الفتحات عقود مدببة ترتكز على أعمدة مدمجة في الجدران، ذات تيجان و قواعد ناقوسية. 6. و يرتكز العمود الوسطي على قاعدة من الخشب الجميز لأنه الوحيد الذي لا يتأثر بالمياه و ذلك لتثبيته من أسفل، و مثبت من أعلى بواسطة أي كمرة، و عليه نقش بالكوفي لآية قرآنية. كان الخلفاء الفاطميون يهتمون بمناسبة فتح الخليج من كل عام وتخليق المقياس( أى دهن مقياس النيل بالمسك والزعفران) ، عُرف الموظف المسئول عن المقياس باسم "صاحب المقياس"، وكان يقيس الزيادة بالمقياس كل يوم عصرًا، كما كان يقارن مستوى الزيادة في الماء كل يوم بما قبله من ذلك اليوم في العام المنصرم؛ حيث تدون هنالك في سجل يرفع إلى أولى الأمر. . هذا وقد ذكر المؤرخ ابن إياس في كتابه (بدائع الزهور في وقائع الدهور) .انه إذا تأخر أو توقف النيل عن الزيادة عم القلق الناس وارتفع سعر القمح ، أمر السلطان حينئذ القضاة الأربعة والمشايخ والعلماء بأن يتوجهوا إلى مقياس النيل بالروضة، حيث يقومون بتلاوة القرآن والحديث والدعاء بزيادة النيل، كما يطوف المنادون في شوارع القاهرة يأمرون الناس بالصوم ثلاثة أيام، والخروج إلى جامع عمرو بن العاص أو الجامع الأزهر أو الصحراء لأداء صلاة الاستسقاء، وأحيانا كان السلطان يشارك سائر الناس الصلاة . عهد الخليفة المستنصر إلى وزيره بدر الجمالي بتجديد المقياس سنة 485 ه . و بنى مسجدا في جانبه الغربي عرف بمسجد المقياس أن هذا النهر الذى ( ينبع من الجنة ) كما نسب الى الرسول صلى الله عليه وسلم أو ( نهر العسل فى الجنة ) كما ورد فى مأثورات كعب الأحبار أو هو سيد أنهار الأرض وأشرفها كما أجمع عليه المؤرخون من كل الأجناس وكما عاينه ابن بطوطة فى رحلته. لجدير بأن يهتم به كلا من السلاطين و الحكام ألا أنه لا يستخدم هذا المقياس حاليا لقياس الفيضان وذلك لعدم وجود فيضان بعد انشاء السد العالى العظيم ... من كتابي الالكتروني ( قاهرة المعز)