شيخ الأزهر: القضاة ركيزة أساسية في إرساء العدالة وبسط الأمن والاستقرار في المجتمعات    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 70 جنيهًا    لتحديد القيمة الإيجارية، كشف المناطق المؤجرة للغرض السكني في 4 محافظات    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفرنسى تطورات الأوضاع في غزة ولبنان وليبيا    مصر في المستوى الثالث، ننشر التصنيف الكامل لمنتخبات كأس العالم قبل قرعة 5 ديسمبر    النيابة الإدارية تحقق في واقعة طفلة التنمر بالدقهلية    اللي مش قد المسؤولية يمشي، مصطفى كامل يفتح النار على عضو نقابة المهن الموسيقية    النيابة تكشف عن شبكة أسرية لسارة خليفة لتصعصابة سارة خليفةنيع وترويج المخدرات    بعد إبطال 19 دائرة.. عماد جاد ل الرئيس السيسي: نطالبكم بإصلاح جذري للحياة السياسية    وفاة المخرج خالد شبانة رئيس قطاع قنوات النيل المتخصصة وشقيق الإعلامي الرياضي محمد شبانة    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    جامعة مصر للمعلوماتية تكشف عن برامج مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني والتعليم وعلوم البيانات    تأييد أمر منع هدير عبدالرازق من التصرف في أموالها    19 نوفمبر 2025.. استقرار البورصة في المنطقة الخضراء بارتفاع هامشي    شوبير يكشف حقيقة تولي كولر تدريب منتخب مصر    أحمد المسلماني: برنامج الشركة المتحدة دولة التلاوة تعزيز للقوة الناعمة المصرية    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    بعد أزمته الصحية.. حسام حبيب لتامر حسني: ربنا يطمن كل اللي بيحبوك عليك    في يومه العالمى.. تجمع علمى تحت شعار "كل نفس مهم" لمرض الانسداد الرئوي المزمن    خالد عبدالغفار: دول منظمة D-8 تعتمد «إعلان القاهرة» لتعزيز التعاون الصحي المشترك    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    نور عبد الواحد السيد تتلقى دعوة معايشة مع نادي فاماليكاو البرتغالي    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    مدير"تعليم الجيزة" يحيل قيادات وموجهين للتحقيق ل "مخالفات" في رصد الدرجات والغياب    ضبط المتهمين بقتل صاحب ملجأ والتخلص منه في مصرف بالشرقية    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    جامعة قناة السويس تدعم طالباتها المشاركات في أولمبياد الفتاة الجامعية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    الداخلية تضبط أكثر من 17 طن دقيق مخالف وتتصدى لتلاعب المخابز    الأكبر منذ 50 عاما..مصرع شخص فى حريق التهم أكثر من 170 مبنى باليابان "فيديو"    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    اليوم، حفل جوائز الكاف 2025 ومفاجأة عن ضيوف الشرف    ماذا قالت إلهام شاهين لصناع فيلم «بنات الباشا» بعد عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي؟    العدد يصل إلى 39.. تعرف على المتأهلين إلى كأس العالم 2026 وموعد القرعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جماعات النار والضلال
نشر في شباب مصر يوم 03 - 08 - 2015


د . سعد الدين هلالي
يستمر بعض أنصار جماعة الإخوان الإرهابية وأشياعهم فى ممارسة العنف والإرهاب على بنى وطنهم، من غير مراعاة حرمة الأنفس والممتلكات، مختبئين فيما يزعمونه من حق التظاهر السلمى، وهم ينفذون منه إلى تبرير قطع الطرق وتعطيل الدراسة فى الجامعات وإشهار البذاءات والتفجيرات وإحداث الفوضى فى الحياة العامة، التى تتعلق بمصالحهم ومصالح ذويهم من الآباء والأعمام والخلان والجيران والذرية، فى سابقة يراها المصريون شاذة عن ألفتهم وحميميتهم، وقد طال زمنها منذ العهد الخالى الذى سقط فيه حكم العصابة الإخوانية فى الثلاثين من يونيو 2013 ليعود حكم المصريين لأنفسهم، ويعم الخير ربوع البلاد. وقد كان من المتوقع الذى يتفهمه المصريون الحكماء أن يروا غضب أنصار الإخوان وأشياعهم وقتياً لشدة صدمة السقوط السريع، بما لا يزيد على أيام معدودة كسائر الملمات، ولكن الذى لم يكن متوقعاً هو استمرار بعضهم فى افتعال الغضب الذى يتستر على أعمال العنف والإرهاب فى بلادهم وبين ذويهم ما تجاوز العام ببضعة أشهر، فالأمر لم يعد مجرد رد فعل لقضاء وقدر يكرهونه، وإنما ظهر لكل ذى عينين أن هؤلاء الأشياع أسرى الفكر الإخوانى وعبيد لإشارات مرشدهم، الذى لا يملك من نفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً كسائر الخلق مما يستوجب مواجهة هذا الانتماء الدينى الضال الذى يختصر الجماعة فى مرشدها أو أميرها، فلا عقل إلا عقله، ولا فكر إلا فكره، وصارت عضوية الجماعة الدينية الإخوانية أو السلفية أو الجهادية أو الداعشية تعنى إعطاء أميرها توكيلاً دائماً للتصرف فى عقول الأتباع وتحريك أجسامهم حيث شاء. ولو تأمل أحد المنتمين لهذه الجماعات وأمثالها فيما فعل فى نفسه لاحتقرها؛ إذ كيف يتنازل عن سيادة نفسه كما قال سبحانه: «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ» (الإسراء: 13)، وكما أخرج ابن عدى فى «الكامل» بإسناد حسن عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «كل بنى آدم سيد». كيف يتنازل السيد عن سيادته؟ وما الثمن الذى يكافئ تلك السيادة؟ فمهما كانت مغريات الدنيا فإنها لا تساوى شيئاً أمام احترام الإنسان لنفسه واستقلاله بقراره. أما إن كانت المغريات هى تحصيل رضا الله ونيل الشهادة فهذا وهم تسرى عليه مقولة «بيع من لا يملك لمن لا يستحق»؛ ذلك أن الآخرة لا سلطان فيها إلا لله سبحانه كما قال تعالى:
«يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَىءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ» (غافر: 16-17)، وعندما يهرع أشياع الإخوان أو أتباع السلفيين وأمثالهم إلى مرشدهم أو أميرهم فى الآخرة سيكون جوابه نفسى نفسى، كما يقول سبحانه: «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» (عبس: 34-37).
إن السعادة فى الآخرة ستكون لمن احتفظ بسيادة نفسه فى الدنيا مع سلامة نيته، وإن قل عمله أو أخطأ فى اجتهاده فيكفيه شرف محاولة الاعتماد على نفسه فى فهم الهدى؛ فقد أخرج الشيخان عن أبى هريرة وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سددوا وقاربوا وأبشروا، فإنه لا يدخل أحداً الجنة عمله». قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله بمغفرة ورحمة». وأخرج الشيخان عن عمرو بن العاص أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر».
أما أشياع الجماعات العصبية ولو باسم الدين وأتباعهم فهم الخاسرون فى الدنيا والآخرة؛ لأنهم ارتضوا بهوان أنفسهم عندما صيروا أنفسهم ذيولاً لأمثالهم من البشر، ولم يتحمل أحدهم مسئولية اتخاذ القرار ذاتياً، بحيث لو لم يأته الأمر به لفعله استقلالاً، أو بحيث لو جاءه أمر بفعل شىء لا يرضاه قلبه لم يفعله، وإنما ترك تلك السيادة والكرامة إلى هوان التبعية المقيتة، فقد أخرج البزار والترمذى بسند فيه مقال عن حذيفة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا تكونوا إمعة. تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا. ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا».
إن الانتماء إلى الجماعة الدينية لن يغنى عن الحساب فى الآخرة بما كسبت الأيدى من فساد ودمار، وإذا كانت الجماعة فى الدنيا قادرة على الدعم المالى والمعنوى لأتباعها فإنها لا تملك لهم من الله شيئاً، فقد أخرج الشيخان عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يا بنى عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله. يا بنى عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله. يا أم الزبير بن العوام عمة رسول الله، يا فاطمة بنت محمد اشتريا أنفسكما من الله لا أملك لكما من الله شيئاً. سلانى من مالى ما شئتما».
إن الجماعة التى شرع الإسلام الانتماء إليها هى الجماعة الوطنية المرتبطة بالأرض لإصلاحها وإعمارها دون ظلم بعضهم بعضاً؛ لعموم قوله تعالى: «هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا» (هود: 61)، وقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا» (الحجرات: 13). أما الجماعات الدينية بكل أسمائها التى ما أنزل الله بها من سلطان فهى جماعات عصبية لا تفترق عن العصبية بالعرق أو بالجنس، تتعالى على السواد الأعظم الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم، ويدعو المؤمنين بحق أن يكونوا منهم، ووصف غيرهم بأنهم جماعات النار والضلال، فقد أخرج الطبرانى وغيره عن أنس وعن أبى أمامة بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اختلفت اليهود على إحدى وسبعين فرقة سبعين في النار وواحدة في الجنة، واختلفت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة إحدى وسبعون فرقة في النار وواحدة فى الجنة، وتختلف هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فى النار وواحدة في الجنة» فقلنا: انعتهم لنا. فقال صلى الله عليه وسلم: «السواد الأعظم». وفى رواية: «كلهم على الضلالة إلا السواد الأعظم». قالوا: يا رسول الله وما السواد الأعظم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «من كان على ما أنا عليه وأصحابي من لم يمار فى دين الله، ومن لم يكفر أحداً من أهل التوحيد بذنب غفر له.
------------------
د. سعد الدين الهلالي
أستاذ الفقه المقارن بالأزهر الشريف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.