ائتلاف أولياء أمور مصر يشيد بمبادرة "جسمي ملكي لا تلمسه" لحماية الأطفال    مصر تواصل دعم غزة.. دخول 9250 طنًا من المساعدات الإنسانية    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    القومي للمرأة ينظم الدورة التدريبية وورشة الأعمال اليدوية لسيدات قرية الزعفرانة    توثيق اختطاف 39 سوريا بينهم قاصرون على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي    نتنياهو: أوشكنا على الانتهاء من المرحلة الأولى لاتفاق غزة.. والثانية أكثر صعوبة    نور الشربيني تحصد بطولة هونغ كونغ للإسكواش    حسام عبدالمجيد: «سيبقي الزمالك دائمًا محارب قوي»    دياباتي يبتعد عن التتش.. خلافات مالية توقف تقدم مفاوضات الأهلي    السجن المؤبد لمتهم بالاتجار فى المواد المخدرة بسوهاج    تموين القليوبية يضبط 700 لتر زيت صويا مجهول المصدر بشبين القناطر    تشييع جثمان "عروس" قتلها زوجها بقرية مشتهر بطوخ    بالأرقام .. وزير الصحة يكشف أنواع الفيروسات التنفسية الأكثر انتشارا    طب الإسكندرية تُطلق قافلة طبية شاملة لخدمة مركز التأهيل المهني بالسيوف    وزير التعليم العالي ومحافظ القاهرة يشهدان بدء تنفيذ مشروع مستشفى جامعة حلوان    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    كمال درويش: أرض أكتوبر المتنفس الحقيقي للزمالك.. والأمور أصبحت مستحيلة على مجلس الإدارة    وزير الاستثمار يبحث مع "بلومبرج جرين" الأمريكية إنشاء مركز إقليمى للأمن الغذائى وتوطين تكنولوجيا الحفظ الزراعى    خالد الجندي: برنامج "دولة التلاوة" أعظم هدية قُدِّمت للمجتمع المصري (فيديو)    منافس بيراميدز المحتمل - وصول بعثة فلامنجو إلى قطر لمواجهة كروز أزول    تلف 400 كتاب بعد غرق قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، ومطلب خاص للتعويض    مؤسستا ساويرس وعبلة للفنون تجددان شراكتهما لدعم المواهب المصرية الشابة    مى عمر: محمد سامى صاحبى والجمهور بيقف فى ضهرى لما بتحارب    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    مدبولي: مشروع إحياء حديقتي الحيوان والأورمان يقترب من الافتتاح بعد تقدم كبير في أعمال التطوير    وزير الصحة: H1N1 السلالة الأكثر انتشارا في مصر.. والموقف الوبائي مطمئن    السمنة تحت مجهر صحة الشيوخ.. اللجنة تتبنى خطة لنشر الوعى حول التغذية السليمة    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    المستشار الألماني: إمكانية زيارة نتنياهو إلى بلادنا غير مطروحة حاليا    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيمنة عسكرية روسية.. الجيش الروسي يتحرك ويستهدف منشآت طاقة أوكرانية    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    واحد من الناس يكشف كواليس أعمال الشريعي الموسيقي وسر خلافه مع الابنودي.. اليوم وغد    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    تقرير أردني: الخطيب يكلف عبد الحفيظ لبدء التفاوض مع يزن النعيمات    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    ثنائي الأهلي يدعم محمد صلاح ضد مدرب ليفربول: أسطورة كل العصور    حزب العمال البريطانى يمنع المتحولات جنسيا من حضور مؤتمره النسائى فى 2026    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بسجلات تفصيلية جديدة لضبط السوق    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    النقاش مع طفلك والاستماع له.. إنقاذ له من التحرش !!!    الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    الأحد 7 ديسمبر 2025.. استقرار عام بأسعار أعلاف الدواجن مع تفاوت طفيف بين الشركات في أسوان    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقالات سعد الدين هلالى : سعد الدين هلالى يكتب : التعريف بالقضاء وحكم إلزام القاضى بمذهب معين أو بالقانون
نشر في أخبار النهاردة يوم 03 - 02 - 2014

القضاء فى اللغة يطلق على عدة معان ترجع إلى انقضاء الشىء وتمامه. ويغلب إطلاق القضاء على الفصل فى الحكم، ومنه قوله تعالى: «ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمىً لقضى بينهم» (الشورى: 14). والقضاء فى اصطلاح الفقهاء عند الحنفية والحنابلة هو فصل الخصومات وقطع المنازعات على وجه خاص. وعند المالكية والشافعية هو الإلزام بحكم شرعى ممن له الإلزام.
وسمى القضاء حكمًا؛ لما فيه من الحكمة التى توجب وضع الشىء فى محله لكونه يكف الظالم عن ظلمه. أو لما فيه من إحكام الشىء الذى يمنع النفس من هواها برفع التهارج ورد النوائب وقمع الظالم ونصر المظلوم.
والأصل فى القضاء أنه من فروض الكفاية، فإذا قام به بعض الصالحين لمهمته سقط الفرض عن الباقين. وإن امتنع كل الصالحين له مع إمكانهم أثموا جميعًا؛ لأن طباع البشر مجبولة على التظالم ومنع الحقوق، وقلّ من ينصف من نفسه. فلا تستقيم الحياة إلا بقضاء عادل، ولذلك جاء الأمر به فى قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط» (النساء: 135). قال الإمام أحمد: «لابد للناس من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟».
يقول الكاسانى فى «بدائع الصنائع»: «ولا عبرة بخلاف بعض القدرية فى عدم وجوب نصب الإمام أو القاضى؛ لإجماع الصحابة على ذلك ولمساس الحاجة إليه». ودليل هؤلاء القدريين: هو خلو منصب الحاكم بوفاة النبى -صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين الثانى عشر من ربيع الأول إلى حين بيعة أبى بكر فى اليوم الثانى.
وتولى منصب القضاء فى النصوص الشرعية يجمع بين الترهيب وبين الترغيب؛ لحمل القضاة على التطهر الذاتى:
1 - أما الترهيب من القضاء فقد وردت فيه نصوص كثيرة جعلت كثيرًا من الأئمة يمتنعون عن توليته بعد أن طُلبوا له، ومن هؤلاء سفيان الثورى وأبوحنيفة والشافعى. ومن تلك النصوص قوله تعالى: «وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا» (الجن: 15)، أى الجائرون. والقسط هو أن يأخذ قسط غيره، وذلك جور. أما الإقساط فهو أن يعطى قسط غيره، وذلك إنصاف. ولذلك قيل: قسط الرجل إذا جار. وأقسط إذا عدل.
وأخرج أصحاب السنن الأربعة وصححه الحاكم عن بريدة، أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: «القضاة ثلاثة: اثنان فى النار وواحد فى الجنة. رجل عرف الحق فقضى به، فهو فى الجنة. ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار فى الحكم، فهو فى النار. ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل، فهو فى النار». وأخرج أحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه ابن خزيمة وابن حبان عن أبى هريرة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: «من وُلِّى القضاء فقد ذُبح بغير سكين».
2 - وأما الترغيب فى القضاء فقد وردت فيه نصوص كثيرة جعلت كثيرًا من الأئمة يقبلونه، فقد روى عن ابن مسعود أنه قال: «لأن أجلس قاضيًا بين اثنين أحب إلىّ من عبادة سبعين سنة». ومن تلك النصوص قوله تعالى: «وأن احكم بينهم بما أنزل الله» (المائدة: 49)، وقوله تعالى: «يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» (ص: 26). وأخرج الشيخان عن ابن مسعود أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا حسد إلا فى اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته فى الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها». وأخرج الشيخان عن عمرو بن العاص أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم واجتهد ثم أخطأ فله أجر». وأخرج أحمد والدارقطنى عن عقبة بن عامر، قال: «جاء خصمان إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يختصمان» فقال لى: «قم يا عقبة اقض بينهما». قلت: يا رسول الله أنت أولى بذلك منى. قال: «وإن كان اقض بينهما، فإن اجتهدت فأصبت فلك عشرة أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد».
والأصل فى القاضى أن يحكم بالعدل؛ لقوله تعالى: «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» (النساء: 58)، وأن يجتهد فى بحثه عن معيار العدل؛ لقوله تعالى: «إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله» (النساء: 105). واختلف الفقهاء فى حكم الاشتراط على القاضى أن يحكم بمذهب معين عند تقليده، كأن يشترط عليه ألا يحكم إلا بأرجح الأقوال فى مذهب أبى حنيفة. ومن ذلك إلزام القاضى بالحكم وفق التقنيات الحديثة التى أصدرتها المجالس النيابية فى منتصف القرن العشرين فيما يعرف بالقوانين الوضعية، وهى عبارة عن انتقاءات فقهية من جملة المذاهب الإسلامية المختلفة، وإن كان أكثرها من المذهب الحنفى. اختلف الفقهاء فى حكم هذا الاشتراط على القاضى. ويمكن إجمال أقوالهم فى مذهبين.
المذهب الأول: يرى عدم جواز الاشتراط على القاضى أن يحكم بمذهب معين لا يتعداه، أو بقانون معين لا يخرج عنه ولو كان هذا القانون من اجتهادات الفقهاء المسلمين. وإذا حدث كان الشرط باطلًا. وهو مذهب جمهور الفقهاء قال به متقدمو الحنفية وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية. وهل يبطل عقد التولية ببطلان هذا الشرط؟ قولان. ذهب جمهور المالكية والشافعية والحنابلة إلى بطلان عقد التولية لبطلان الشرط فيه. وذهب الحنفية والظاهرية وبعض المالكية والشافعية والحنابلة إلى صحة عقد التولية وبطلان الشرط؛ لما أخرجه الشيخان عن عائشة من حديث بريرة، أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: «من اشترط شرطًا ليس فى كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة مرة شرط الله أحق وأوثق». وحجة أصحاب هذا المذهب:
1 - عموم قوله تعالى: «فاحكم بين الناس بالحق» (ص: 26). قالوا: والحق لا يتعين فى مذهب، وقد يظهر الحق فى غير ذلك المذهب المعين، فكيف يترك القاضى الحق الذى رآه حقًا إلى غيره من الأقوال، فلابد لصحة القضاء أن يكون موافقًا لرأى القاضى. 2 - أنه لو جاز للحاكم أن يبتدئ الناس بقهرهم على ترك ما يشرع وإلزامهم برأيه لجاز لغيره مثله وأفضى إلى التفرق والاختلاف، كما نص على ذلك ابن تيمية فى «الفتاوى الكبرى» ثم قال: ومن أوجب تقليد إمام بعينه استتيب فإن تاب وإلا قتل.
المذهب الثانى: يرى صحة الاشتراط على القاضى أن يحكم بمذهب معين لا يتعداه، وفى حكمه أن يلتزم القاضى بقانون معين. وهو ما ذهب إليه متأخرو الحنفية وقد نص عليه ابن عابدين فى «حاشيته» عن علمائه، فقال فى «كتاب الهبة»: «ثم من المقرر أن القضاء يتخصص فإذا أولى السلطان قاضيًا ليقضى بمذهب أبى حنيفة لا ينفذ قضاؤه بمذهب غيره؛ لأنه معزول عنه بتخصيصه فالتحق فيه بالرعية. نص على ذلك علماؤنا رحمهم الله تعالى». وحجتهم: عموم قوله تعالى: «أوفوا بالعقود» (المائدة: 1)، وقوله تعالى: «وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا» (الإسراء: 34)، وما أخرجه البخارى تعليقًا أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: «المسلمون عند شروطهم»، وأخرجه الدارقطنى عن عوف المزنى بزيادة: «إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا».
وقد أخذ المصريون بفقه المتأخرين من الحنفية الذين قالوا بجواز تقييد القاضى عند تقليده أن يحكم بمذهب معين، وفى حكمه القانون المعين؛ لعموم الأدلة الآمرة بالوفاء بالعقود والشروط، وحتى يتحقق العدل بين الناس بتوحيد القضاء. وترك المصريون مذهب جمهور الفقهاء الذى يمنع تقييد القاضى بمذهب أو قانون معين ليس تشهيًا أو تمردًا، وإنما لما يترتب عليه من تعدد أوجه القضاء فى الدولة الواحدة التى يحكمها رئيس واحد ونظام واحد، وهو ما يؤدى إلى انفلات العدل بين الناس، وعدم الالتزام بقوله تعالى: «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» (النساء: 58).
ذلك أن المصريين فقهوا أن الاختلاف الفقهى رحمة ترتب حق الاختيار دون ديكتاتورية أو تسلط القول الصادر من أكثر أهل العلم؛ لأن السيادة لعموم الناس فى الاختيار وليست السيادة لجمهور الفقهاء فى الاستنباط. ذلك أن الاستنباط عمل فنى يحتمل الخطأ. أما الامتثال فهو التزام بالتنفيذ ولا يكون بغير اختيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.