تتعافى تونس حاليا من الهجوم الدموي على متحف باردو الذي ذهب ضحيته 22 شخصا والذي شكل صدمة للجميع لسببين الاول مكان الهجوم فقد تم في قلب العاصمة التونسية قرب مقر البرلمان اذ يفترض بمكان مماثل ان يخضع لإجراءات امنية صارمة تستبعد حدوث اي تهديد او خرق امني مماثل ،الامر الثاني يتعلق بإعلان الدولة الاسلامية عن تبنيها للهجوم وهي التنظيم الذي لم يعلن سابقا عن وجودة داخل التراب التونسي رغم تشكيك قيادات امنية بذلك و تحميل المسؤولية لكتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة إلا انهم لم ينفوا فكرة وجود التنظيم في حد ذاتها ولا احتمالية نشاطه . وقد تلا الهجوم موجة من التعاطف الرسمي مع تونس ظهر جليا في ردود فعل المسؤولين عبر العالم المندد والمستهجن للحادثة والتعاطف الشعبي الذي يمكن استقراؤه ببساطة من خلال الرسائل التي وجهت الى تونس المستنكرة لفظاعة ما حدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي . اما المسؤولون التونسيون فقد ردوا على هذا الهجوم بمسيرة رمزية ضد الارهاب دعيي اليها بعض قادة الدول وأيضا بمشاركة الشعب التونسي لاستنكار الهجوم ،كما تم اعادة افتتاح المتحف خلال ايام ، وفي المجال الامني تم تنفيذ عملية اغتيال لأحد قادة كتيبة عقبة بن نافع هو لقمان ابو صخر المخطط والمنفذ للهجوم على متحف باردو و تم القاء القبض على عدد من الناشطين في هذه الكتيبة ، لكن وسط هذه الانجازات ظهرت تحاليل لخبراء امنين فحواها ان التهديد الامني للجماعات المتطرفة لتونس ما يزال قائما، وبالطبع لا يمكن تجاهل وجهة النظر هذه خصوصا مع وجود مؤشرات مقلقة تدعمها من ضمنها ان تونس هي اعلى دولة تمد الدولة الاسلامية المعروفة باسم داعش بالمقاتلين حسب التقارير يصل عددهم نحو 3000 مقاتل يتم تجنيدهم عن طريق المساجد التي يسيطر عليها المتشددون اوعن طريق الشبكات الالكترونية لإرسالهم الى مناطق التوتر على رأسها سوريا وبالتأكيد عودة هؤلاء الى تونس مرة اخرى تعني نقل نشاطهم وفكرهم المتطرف الى داخلها ، الامر الثاني يتعلق بنشاط المتشددين في الداخل تحديدا تيار السلفية الجهادية الذي لا يجب اهماله اضافة الى ان تونس بعد الثورة شهدت تنفيذ عدة عمليات تبنتها منظمات متطرفة واغتيالات لشخصيات سياسية ، من ناحية ثانية تأثير دول الجوار فليبيا مرتع للجماعات المتطرفة في ظل غياب تام لمؤسسات امنية او سياسية قوية فالفوضى هي عنوان الساحة الليبية مع انتشار السلاح وانعدام الرقابة نشأت معسكرات تدريب لهذه الجماعات مع العلم ان من ضمن مقاتليها من يحمل الجنسية التونسية ، وقد شكلت ليبيا ملاذا لفرع انصار الشريعة التونسي نفس الامر يمكن ان يقال بالنسبة للجزائر التي ما تزال الى الان تنشط فيها القاعدة كما تم الاعلان عن تشكيل فرع للدولة الاسلامية تحت مسمى جند الخلافة ومن السهل ان نعرف اثر دول الجوار على تونس امنيا من هجوم باردو الاخير حيث اكدت التقارير الامنية ان بعض الاعضاء المنفذين للهجوم تلقو تدريبا في ليبيا في حين ان بعضهم الاخر يحمل جنسية جزائرية ، ويمكن ان نضيف الى هذه المؤشرات ضعف الخبرة التونسية في مواجهة تهديدات مماثلة والتقصير الامني الذي تأكد بعد اقالة 6 قيادات امنية بعد الهجوم على باردو، وأخرها هو تأكيد الاجهزة الامنية انه تم بالفعل احباط عده عمليات تستهدف مؤسسات الدولة بعد الهجوم الاخير مما يعني ان التهديدات التي اطلقها التنظيم المنفذ لم تكن من فراغ بل مبنية على اساس خطط يتم تنفيذها بالفعل . كل ما سبق يبين ان التهديد ما يزال قائما رغم ان تونس ليست بلدا تقليديا لتكاثر ونشاط التنظيمات المتطرفة فهي بلد مستقر يسير نحو الديمقراطية بخطى وئيدة ووجد طريقة لتعميق قيم الحوار والتسامح وإرساء علمانية معتدلة تتقبل النشاط السياسي للإسلاميين كما بدأ في التحسن على الصعيد الاقتصادي ،لكن المؤشرات السابقة تقتضي الحذر والحيطة خاصة وان اثار هذه التهديدات ان تحققت بالفعل مرتفعة التكلفة على المستوى السياسي ففي الماضي هجوم الشعانبي اجج ازمة سياسية واغتيال شكري بلعيد اسقط حكومة الجبالي وتلاه اغتيال محمد البراهمي ادى الى الاطاحة بحكومة العريض وأيضا على المستوى الاقتصادي فالاستقرار الامني مطلوب لنشاط القطاع السياحى .