تعقيب على مقالة السيد علي بابان وزير التخطيط العراقي السابق (بكاء عند أنهار تحتضر) نحن بحاجة إلى دولة مهابة وجيش مرهوب الجانب بقلم / منصور بسيم الذويب من طبعي الإقتصاد في المديح والإطراء ، إلاّ أن مقالتك هذه أمدتني بدفقات من علاج منبه ، رغم ما أصابني من هوادة نتيجة توالي النكبات والمصائب التي استفحلت وتعددت حتى عدت أو عاد من يشاطرني همها لا يدري إلى أين يتجه ، وعلى من يبكي ويندب .. دعنا يا سيادة الوزير لا نغفل الجانب الديني ، وهو الأساس في محنتنا وسوء حالنا فالآية الكريمة تقول : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) أولسنا نحن الذين كنا نكتب التقارير على بعضنا وما زلنا لحد الآن ، فنودي بإخواننا وأساتذتنا وزملاؤنا إلى السجون وأعواد المشانق ؟ بل وبجيراننا وأهل بيوتنا أحياناً . ويا ليتنا تبنا . ألم تكن بعض النسوة تضع جهاز التسجيل تحت وسادة زوجها ثم تستدرجه بالكلام حتى ينتقد فلاناً ويسب فلاناً من المسؤولين الحكوميين ، فتسرع عند الصباح لتدفع بالشريط المسجل إلى الجهات الأمنية ، فيساق الزوج إلى السجن ، وتسارع هي لتطلب الطلاق . فكيف بالله يعيننا الله ويحيينا حياة طيبة ونحن ما زلنا نبيع الشرف والمباديء بمال السحت . هذا من الناحية الدينية ، وهي اهم ما في أمرنا هذا . أما مسببات الإجتراء علينا في حدودنا وأمننا وانهارنا التي هي مشاعة للجميع عرفاً وقانوناً وشرعاً ، حتى وإن كانت لا تنبع من أرضنا ، فهنالك لهذا الأمر سببان : الأول مخططات القوى الظالمة الكبرى ، وهذا السبب لايمكن لعاقل ان يستهين به ، بل هو السبب الرئيسي ، لأن في تنفيذ هذه المخططات تحقق معظم المساويء الأخرى التي تكتنف مجتمعنا الداخلي . المخططات تنفذ بحذافيرها ما عدا بعض الفلتات هنا وهناك ، وهذه تحصل إما لغرض التمويه وخداع الإعلام ، أو لأن هنالك مقاومة شديدة ضد هذه المخططات يقوم بها الشرفاء ، فقد يحصل أن يستوزر خيرة الوزراء في هذه الوزارة أو تلك ، كفاءة وأمانة وعلماً وديناميكية ، ولكن الوزراء هؤلاء سيجدون معارضة لا قبل لهم بها امام توجههم للإصلاح وللبناء ، رغم إخلاصهم وصدقهم ، وسيقابلهم تيار قوي يحبط كل اعمالهم ، رغم أنها مدروسة ومحسوبة وناجحة ، ولكن أيادٍ ظاهرة وأخرى خفية ستحبطها ، فيغادر الوزير منصبه وهو يشعر أنه بحاجة إلى المزيد من الوقت ليكمل ما قام به من أعمال جليلة ، ولكنه لا يحظى بهذه الفرصة ، ولا الوزير الذي يتسلم منه الوزارة من بعده ، لأن هذا الوزير سينقض كل أعمال الوزير السابق ، لأسباب مرضية نفسية ، او لأوامر حزبية ثم تنهال على الوزير المصلح الإتهامات بعد مغادرته منصبه ، ويوصم بأشد الأوصاف المنكرة والنعوت السيئة ، ويتهم بأنه لم يفعل شيئاً ولم يقدم خدمة للأمة .. أما السبب الآخر ، فهو تعهدات أصحاب المناصب الرفيعة لأحزابهم وطوائفهم ضد الطرف الآخر ممن يشاركونهم الحكم ، فهؤلاء يضحون بأبناء الشعب الذي استأمنهم على مقدراته من أجل البقاء في مناصبهم وإرضاء من قدموا له العهود والمواثيق (المقدسة) ، فينشغلوا بالمنازعات والمهاترات ، ويتناسوا الخدمة ، ولو بأدنى صورها للشعب ، ويترتب على ذلك الخلل في كل مفاصل الدولة ، وينشغل الجيش والقوى الأمنية والإستخباراتية في ولاءات متعددة هنا وهناك ، وتحاك المؤامرات وتقام الدعاوى الكيدية بين القيادات وتطلق الإتهامات ، ويضعف الجيش وتضعف المؤسسات الإستخبارية التي هي عماد الأمن الداخلي والخارجي . تضعف مرتين ، مرة لما يحصل من منازعات ، واخرى لأن العناصر التي زجت فيها كانت على أساس الحزب والطائفة والقومية ، وليس على أساس الكفاءة والنزاهة والأمانة ، بهذه الطريقة تغمط حقوقنا في مياهنا ، وتنشأ السدود على انهارنا ، لأن دولتنا غير مهابة وجيشنا غير مرهوب الجانب .. منصور بسيم الذويب