لم ترهقنى عشرات اللقاءات الحزبية التى أجريناها بين محافظتى الدقهلية والإسكندرية.. بل أرهقنى وأتعبنى إلغاء مولد الشيخة سلمى هذا العام بقرية السمارة، مسقط رأسى.. لا أدرى سبب الإلغاء لكننى أدرك الحزن الذى استكان داخلى.. فمولد الشيخة سلمى كان سببًا رئيسيًا فى اقتحامى عالم الصحافة والسياسة معًا.. فقد كان المولد يُقام كل عام.. وكنَّا ونحن صغار لا نزل نصدر مجلة الفكر الثقافى .. وهى مجلة حائظ تفتق ذهننا الصغير عن ابتكارها.. حيث كنَّا نصدرها فى مركز شباب السمارة.. هذا المركز الذى كانت تسيطر عليه بعض الشخصيات التى كانت تستغله لحسابها الخاص.. وكنَّا ننفق على المجلة من جيوبنا الخاصة ونفاجأ بأن قيادات مركز شباب السمارة أدرجوا المجلة التى كنَّا نصدرها أسبوعيًا ضمن بنود نفقات المركز مع أنهم لم ينفقوا عليها جنيهًا واحدًا.. فقررنا إصدار المجلة على محطة قرية السمارة.. وفى المجلة بدأنا مُمارسة الحياة الصحفية والسياسية.. وكانت ضمن الموضوعات مطالبنا بإلغاء مولد الشيخة "سلمى" لأننا كنَّا نرى فيه موبقات لا يصح أن تحدث.. وتعارك شباب السمارة ما بين المؤيد والمعترض.. وبدأت حالة صدام ضد تيار معروف.. وبدأت تنمو معارفنا السياسية والصحفية.. وبعد مرور السنين عدنا للسمارة نبحث عن مولد الشيخة سلمى.. نبحث عن طفولتنا وأحلامنا.. عن السنين الضائعة بين دروب القاهرة.. انتظرت المولد هذا العام بشوق.. قررت أن أعود إليه.. أعود لضريح الشيخة "سلمى" التى لا يعرف أحد أنها سوى صحابية من عهد الرسول.. أبحث بين جوانب الضريح والمقابر التى تحاصره من كل جانب عن الصحبة والرفاق.. عن حلقات الذكر التى عشقتها رغم تمردى عليها.. أبحث عن الطفل الصغير الذى يكمن فى الأعماق.. لكننى اكتشفت أن كل شىء ينسحب ويتوارى بعيدًا.. ولا يبقى سوى ذكريات طفل صغير أمسك بين يديه الصغيرتين قلمًا أصغر منه.. وخطَّ أولى رواياته وهو لا يزل فى العاشرة من العمر.. وترك قريته الصغيرة باحثًا عن ذاته فى قلب شوارع القاهرة.. وفى قلب الزحام بدأت رحلته.. وحتى الآن لم يعد . جريدة شباب مصر الأسبوعية العدد 219 3أغسطس 2010 م