نحن الآن فى مفترق الطرق .. فى نهاية نفق مظلم .. امتد ثلاثين عاما وأكثر .. نتنفس فيه هواءا ملوثا .. ونأكل غذاءا ملوثا .. ونشرب ماءا ملوثا .. ونغذى عقولنا بأفكار ملوثة .. .. نقف الآن فى عرض الطريق .. نحاول أن نتلمس طريقنا .. طريق مظلم .. حالك السواد .. وعر جدا .. محفوف بالمخاطر .. وفجأة من بعيد .. وعلى مرمى البصر .. نجد أشعة النور .. نتساءل .. هل ما نراه حلم أم حقيقة ..؟؟ واقع أم سراب ..؟؟ ها هو مخرجنا الوحيد .. لنرى ضوء الشمس .. ونحس بالدفىء والآمان لأول مرة .. بعد سواد الليل الحالك والبرد والصقيع .. لنتنفس هواءا نقيا طاهرا .. بلا روائح عفنة وكريهة .. ملأت الصدور والحناجر .. ها هو النور من بعيد .. ليس وهم ولا سراب .. انها أشعة الشمس التى طال انتظارها .. لتجعل عيوننا تبصر من جديد .. لم يبقى سوى القليل .. لنصل .. ونخرج من النفق الى الحياة .. لن يضيع أملنا الوحيد .. وبقوة الله ومشيئته سوف نصل وسوف نخرج .. رغما عن أنف .. المتربصين والمتسللين والمتآمرين .. .. سوف نصل من أجل أولادنا الصغار الخائفين .. لن ندعهم يعانون كما عانينا .. ولا يقاسون كما قاسينا .. ولا يغرقون كما غرقنا .. فى مستنقعات الوحل .. التى توغلنا فيها عشرات السنين عبر ظلمات النفق المخيف .. مستنقعات الفساد .. الممتلئة بالتماسيح الغادرة .. والثعابين السامة .. والمحاطة بغابة من الوحوش المفترسة .. التى لا تعرف معنى الرحمة .. مرضنا وتآكلنا وتحللنا .. ووقع منا ما وقع .. وتهاوى منا ماتهاوى .. ولأن الله القوى .. القدير .. القوى على كل قوى .. أراد بنا خيرا .. أنقذنا ووسعنا برحمته التى وسعت كل شىء .. وجعلنا نقتص من أعدائنا .. فأصبح التمساح الغادر .. فأر جبان .. والثعبان السام .. سحلية ضعيفة .. تفعص بالأحذية القديمة .. والوحوش المفترسة المستبدة .. قطط مصابة بالجرب .. لاحول لها ولا قوة .. سبحان الله سبحان الله .. المعز المذل .. وهو على كل شىء قدير .. وتلك هى أشعة النور .. نقترب منها أكثر فأكثر .. النور الذى ينبعث من محراب الأمل .. ليغمرنا بنفحة ربانية .. فلن ندع من تبقى فى الغابة يعترض طريقنا .. لن نسمح له باشعال الحرائق والفتن .. لن نسمح له بأن يفرقنا .. لن نسمح له أبدا .. أن يمنعنا عن أهدافنا .. عن أحلامنا .. عن حريتنا .. لأننا الآن .. فى مفترق الطرق .. فما هو الطريق الذى سوف نختاره ..؟؟ لنعبر الى المخرج .. الى النور .. نختار طريق السلامة .. أم طريق الندامة .. أم طريق الذهاب فيه بلا عودة وبلا رجعة ...؟؟ سوف نختار طريق السلامة .. ان شاء الله .. بالكثير من الايمان والدعاء واليقين والأمل .. بالكثير من العقل والحكمة والمنطق والوعى .. بالكثير من الحذر والترقب والتأهب والاستعداد .. سوف نختار .. سلامة وطننا الحبيب الغالى .. وسلامتنا جميعا .. وفقنا الله الى بر الآمان ..