وأخيرا سقطت الأقنعة .. وسقطت معها مساحيق الوجه المعيوب .. والمرايا لا تكذب ولا تتجمل .. المشهد الأول : " أقنعة للبيع " أقنعة بالية تتناثر فى الطرقات .. بعضها ممزقة .. وبعضها مشوهة .. وأخرى قد تصلح للاستعمال .. " أقنعة مستعملة للبيع " .. هكذا ارتفع صوت أحد الباعة الجائلين .. فى وسط زحام الوجوه .. عاد صوت البائع مناديا : " .. أقنعة مستعملة للبيع .. بأسعار ليس لها مثيل .. وبجميع المقاسات .. " جاء صوت أحد الوجوه : " ألديك قناع رئاسى .. ؟ " رد البائع : " لا .. ابتعد عن هذ القناع .. انه ملقى على قارعة الطريق .. ضربته الأحذية .. ودهسته الأقدام .. حرق وتفحم .. وأصبح مخيفا .. " وجاء صوت آخر : " ألديك أقنعة وزارية .. ؟ " رد البائع : " نعم .. ما أكثرها !! .. اختار ما يعجبك .. وأيضا لدى أقنعة وزارية هاربة .. ؟! .. لقد وجدتها هناك .. ملقاه عند نهاية المدرج المظلم ! .. ولكنى أعرف جيدا أنها لن تباع أبدا " جاء صوت أجش : " ألديك أقنعة للحاشية .. ؟ " رد البائع : " لا .. انها محبوسة مع أصحابها .. خلف الأسوار هناك فى السجن الكبير .. ألم تسمع صراخها بالليل .. " رد الصوت الأجش : " لا لم أسمع ! .. اذا ماذا لديك ؟ " رد البائع : " لدى أقنعة برلمانية .. عدد منها مازال جديدا .. لم يستعمل كثيرا .. " أكمل البائع : " وعروضى سخية .. عندما تشترى ثلاثة أقنعة لرجال أعمال .. سوف تحصل على قناع برلمانى مجانا .. " جاء صوت وجه آخر : " يا لك من بائع شرير .. تعرض هذه الأقنعة للبيع .. وأنت تراها أمامك .. متسخة وملطخة بالدماء .. " رد البائع : " لا تظلمنى يا أخى .. فقليل من الماء .. ينظفها .. ؟! " رد الصوت : " انك واهم .. فالدماء لا تمحى بهذه السهولة .. لمن هذه الدماء ؟ .. " رد البائع : " أكنت غائبا عن الحياة ؟! .. الم تسمع عن موقعة الجمل .. ؟ التى سالت فيها دماء الأبرياء .. " رد الصوت : " انها كذلك .. لا لن اشترى هذه الأقنعة .. حتى لو عرضتها بدون مقابل .. فهى تحمل ذنوب أصحابها .. " جاء صوت آخر ضعيف : " لا يهمك .. سوف اشترى منها الكثير .. " وقف البائع على مقعده الخشبى وأخذ ينادى : " هيا .. هلموا .. عندى المجموعة الكاملة لأقنعة السلطة .. هلموا .. أيها المنافقين .. أقنعة لصحفيين .. صحفيين السلطة .. هلموا .. أيها المتصلقين .. أقنعة لفنانين .. فنانين السلطة .. ولكبار المهرجين .. هلموا .. يا محبى الملايين .. أقنعة لمذيعين .. مذيعين السلطة .. " جاء صوت وجه نسائى ناعم : " وماذا عن قناع سيدة القصور .. أهو عندك ..؟ " رد البائع : " لا .. عيناه ماتت من البكاء .. فلأول مرة يفارق صاحبته .. فوجده مجموعة من الساخطين .. ومزقوه اربا .. فتناثرت أجزاءه .. على الطريق المؤدى الى الساحل الشرقى ! " أكمل البائع : " اتركوا كل هذا .. اليكم المفاجأة الكبرى .. ؟ القناع الأكثر رواجا .. الأكثر اقناعا .. الأكثر تسلطا .. الأكثر انتشارا وتحملا واستعدادا .. والأغلى سعرا .. ولكن سعره الآن خارج المنافسة .. هلموا .. ها هو .. القناع المزدوج .. !! .. القناع ذو الوجهين .. !! " ردت الوجوه فى صوت واحد :" وما هو القناع المزدوج .. ذو الوجهين .. ؟ " رد البائع : " انه قناع السياسى الملتحى .. ؟! ومعه سوف تحصلون على شهادة ضمان لمدة عشر سنوات .. بالاضافة الى ثلاثة أقنعة برلمانية مجانية .. " تهافتت الوجوه على عربة الأقنعة المستعملة .. واشترى كل منها ما يلائمه .. ولكنها تناست شيئا هاما .. أنها أقنعة مستعملة .. لا تصلح للتنكر مرة أخرى .. لأنها كشفت على حقيقتها .. وسقطت .. وسقطت معها مساحيق الوجه المعيوب .. والمرايا لا تكذب ولا تتجمل .. أسدل الستار