كنا نظن أن انفلونزا الخنازير التي تؤجل الدراسة بالمدارس والجامعات، سيقتصر أثرها دراسيا عند هذا الحد.. ولكننا فوجئنا بنتائج جديدة بدأت في الظهور ولا نعلم إلي متي وإلي أي مدي ستستمر.. إذ بدأ المدرسون بوضع شروط وقائية أمنية غير قابلة للتفاوض مع أهالي الطلاب الذين يأخذون دروسا خصوصية عند هؤلاء المدرسين.. وكان الشرط الأول والأهم هو: (لن يدخل إلي الحصة أي طالب لا يرتدي القناع). وعلي ذلك اتجه الآباء المساكين إلي الصيدليات لشراء الأقنعة فبدأت الحلقة الثانية من المسلسل، لا الرمضاني، بل الدراسي.. وعنوان الحلقة كان (أنواع الأقنعة).. واتضح أن للأقنعة في الصيدليات أنواعا مختلفة بأسعار متفاوتة.. فهناك قناع بجنيه واحد للاستخدام مرة واحدة فقط.. وأخري بخمسة جنيهات وأخري بعشرة جنيهات.. وأخري بأغلي ثمنا، وهكذا وصولا إلي سعر لا أستطيع أن أذكره هنا لأنه مبالغ فيه جدا جدا.. كما ظهر أن الأقنعة الأعلي ثمنا قابلة للغسيل - وإن كانوا لم يسألوا: هل يكون غسيلها يدوياً، أم في الغسالة الكهربائية، أم من الضروري إرسالها للغسيل الجاف.. بالطبع لجأ الآباء - ممن أعرفهم، أي من محدودي الدخل - إلي أقنعة رخيص الثمن.. وقال لهم البائع في الصيدلية إنهم ينبغي أن يأخذون منها عشرة بعشرة جنيهات. ثم جاءت الحلقة الثالثة من مسلسل الأقنعة بعنوان: (اتنصب علينا).. إذ إن أحد الآباء المعاندين الذين يحبون استقصاء الأمور والبحث عن أصل الأشياء، بدأ بحثا متواصلا مع الصيادلة والأطباء.. وقيل له أن هذه الأقنعة لا تنفع ولا تشفع وأنها مجرد إجراء وقائي للحد من انتشار الفيروس ولكنها ليست مانعة له.. أي أن واضع قناع قد يصاب بالعدوي ولكن بنسبة أقل من الذي لا يضع القناع.. وانتهت الحلقة بأن صال الرجل وجال وهو يوزع الاتهامات بأن الأقنعة ما هي إلا جني جنيهات.. وكانت الحلقة التالية هي حلقة نقاش الأمهات حول الأقنعة.. وكيف سيبدل الأطفال الأقنعة كل ساعتين أو ثلاث علي الأكثر إذا كانوا في المدرسة، أو انتقلوا من درس خصوصي لآخر.. وكانت الأمهات يتحاورن حول ضرورة وضع شروط ارتداء الكمامة للأساتذة والمدرسين أيضا.. (يعني أولادنا يلبسوا الكمامات والمدرسون لا يرتدونها؟ غير معقول!).. ولكن إحدي الأمهات الحصيفات قالت: (كيف يرتدي المدرس القناع ويشرح للأولاد؟ هل سيسمعون ما يقوله وهو مكمم الفم والأنف؟ وإذا لم يرتد قناعاً والأولاد يرتدونه فكيف يسألونه عما لا يفهمونه؟ وكيف يجيبون أسئلته لهم ليعرف مدي استيعابهم للأمور؟) وانتهت الحلقة بعدم جواز العملية التعليمية في وجود الأقنعة. ولم ينته المسلسل بعد.. ومازالت الحلقات تتوالي.. ولن نعرف تطور الأحداث الدرامية إلا يوما بيوم.. ولكنه علي كل حال أفضل من مسلسلات رمضان، وأكثر منها واقعية، وأشد قربا لحياة المصريين الراهنة..