نعم إنه الإنسان وما أدراك ما الإنسان مهما حوي ومها أدعى أنه غير ذلك ... الأمان ... الأمن والاطمئنان ... كلمات يبحث عنها الإنسان عبر العصور في كل زمان ومكان ولكن لم ندركها خير إدراك إلا عندما نفقدها كلها أو جزء منها ... صور متعددة من الحياة الإنسانية تدل على أن كينونة الإنسان جبلت عليها وكونت نسيجه الإنساني.. بداية من الطفل الرضيع الذي يتلمس أمه يبحث عنها حتى يسكن ويكن ويهدأ .. ونهاية بالشعوب والدول والكبار والصغار وكل الأشكال التي خلقت والتجارب تصرخ من أمامنا وخلفنا وفوقنا وتحتنا .. أما من أمامنا يظهر الخوف جلي وهو الخوف الحالي الذي برطع فينا من آن لآخر على أنفسنا وأولادنا وحياتنا وأهالينا وخاصة عندما تصدر السلطة قبل الثورة قوانين تهدد معيشتنا كمن يفرض الضرائب على بيوتنا فجأة ... أما من خلفنا وهي قصص التاريخ التي نقرأها وتتشابه أحداثها بما يجري الآن مثل حكايات جدتنا أمنا الغولة وأما من فوقنا عندما يجد الإنسان أمام فيروسات الأنفلونزا تتطاير من فوقنا ولاندري من أين تأتي .. فجأة تصدمنا وزارة الصحة بتصريحات مات فلان وفلان بالفيروس هناك وهناك ... وأما من تحتنا فهي من أهلك وناسك وجيرانك عندما لا تأمن بوائقه ... فجأة تصدمنا الحياة برجل يقتل أولاده وأم تقتل أولادها وزوج ينتحر وزوجة خائنة وزوج خائن وقصص تشيب لها الولدان ... حصار الخوف والرعب ينتقل بشكل أوسع ويشمل الدول عندما تحتل دولة لدولة أخرى كما حصل بالعراق وينتشر القتل كالجراد في كل أرجاء البلاد ... بالرغم من ذلك نجد أن كل إنسان له طريقة ودرجة خوف عن غيره وشكل الخوف متعدد ومتنوع والإنسان كائن عجيب التركيب وخاصة تفاصيله الدقيقة عندما تتأمله ... ومن الذاكرة أذكر رجل وأنت تنظر إليه من الخارج مهيب عجيب الشكل شرس الملامح وصادف وجاءني بطلب أقضيه له ... وعندما رحبت به وأجلسته مندرتي وبدأ بتحدث وجدته كائن آخر وليس كما تقول هيئته الخادعة وعندما أخرج لي قلبه بين يديه وجدته أصفى من اللبن الحليب ويبحث عن الأمان مثلي ... ياهذا معقول ... وقصة أخرى أيضاً رجل ليل تاب الله عليه وعندنا في الصعيد رجل الليل قصة طويلة من المهالك كما كنا نسمع وقانونهم الخاص ( ياقاتل ... يامقتول ).. ولكن عندما جلس بين يديك وتحدث إليك وتفتح له أبواب القلوب والغوص في النفس يتحدث من العمق كيف أنخطف قلبه عندما واجه الديب وهو منطلق إليه بسرعة البرق ولم يكن على استعداد بالبندقية حتى أغمى عليه من الخوف والرعب وعندما أفاق وجد بجوار الديب مقتول برصاصة في رأسه .. حيث الرصاصة انطلقت في جزء من الثانية قبل انقضاض الديب عليه ويتساءل كيف فعلت ذلك لا أدري إنها إرادة الله ... ولم يتمالك نفسه من البكاء على ماحدث وتاب بعدها وحسنت توبته التخلص من الخوف وخاصة عندما يكون الإنسان له طبيعة حساسة هي الاتجاه إلى خالقه وطبيبه الذي أعطى الروشتة السحرية ( آلا بذكر الله تطمئن القلوب ) وأنا لست داعية اسلامي ولكن التجربة تزكيها وهذه الوصفة الجبارة قادرة بقانونها الخاص من إزالة كل أثار الخوف وتحصينك بأشد التحصينات الربانية ... وهذه الوصفة عندما تتأملها تجدها واقعية جداً لأن الإنسان عندما يخرج للحياة ويدخل في دائرة التكليف يكون بدون غطاء داخلي على نفسه بمعنى بدون حماية ربانية ويكون عرضه لسهام الأذى والشر من موبقات الحياة وشرورها وعندما يتحصن بالقرآن الكريم المعجزة والمكرمة الربانية على الإنسان يدخل في الدائرة الربانية بالحفظ ... البحث في الأمان والأمن في الشارع المصري الآن وبعد الثورة يكمن في المواطن المؤمن وجماعات تتخذ من الشارع دعوتها والانطلاق نحو عمل لجان شعبية تجوب أماكنها وحارتها حتى يتم استتباب الأمن والأمان . عزت الأبنودي