يتسأل الكثير منا في الوقت الراهن وخاصةٍ مع أقتراب موسم الحج عن حكم الشرع فيمن يعتقدون أن الصلاة تغني عن الحج مثل رجل يحج كل عام ولكنه لا يصلي إلا الجمعة فقط ، وكلما طلب منه المواظبة على الصلاة يقول: "أنا حادخل الجنة قبل اللي بيصلوا ؛ لأن الله يغفر الذنوب جميعًا ومنها ترك الصلاة ألا الشرك به ، ولأن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال أيضًا : «من حج ولم يفسق ولم يرفث خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»" ، وكذلك لإعتقاد بعض الشباب المنقطعين عن الصلاة ، القائلين دومًا : "نتمتع بشبابنا أولاً ، ثم لما نكبر نحج ، فيغفر لنا الله ذنوبنا بتأدية فريضة الحج" ؛ والسؤال : هل الحج يغني عن الصلاة ؟ . أكد الدكتور نصر فريد واصل ، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، أن الحج لا يغني عن الصلاة لأنها فرض عين على كل مسلم ومسلمة ، لقوله تعالى : ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103] ، وقوله عز وجل : ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45]، وقوله سبحانه : ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ۞ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ۞ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ۞ إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾ [سورة المعارج: 19-22] ، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ ، وَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ ، فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ ؛ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» رواه النسائي وأبو داود وغيرهما . وتسأل الدكتور نصر فريد واصل قائلاً : كيف يترك المسلم الصلاة أو يتغافل عنها ؟، وقد ورد التحذير من تركها بقوله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» رواه مسلم ، فبصر ابن عباس رضي الله عنه لما أوشك أن يذهب ، قيل له: نداويك وتدع الصلاة أيامًا؟ قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» رواه الطبراني ، وآثر ذهاب بصره وفقدان نور عينيه على ترك الصلاة ، فكيف يقول الرجل الذي يحج كل عام وكذلك الشاب الذي يترك الصلاة : سوف أحج لما أكبر فيغفر الله لنا؟! . وقال الدكتور نصر فريد واصل في فتواه : أن الحج فريضة ، والصلاة فريضة أخرى ، ولا تغني فريضة عن فريضة أخرى ، ولا يشفع للإنسان حجه في التهاون في أداء الصلاة أو التكاسل عنها ، بل يزيد مسئولية ووجوب المحافظة على أدائها في أوقاتها ؛ لأن من حج فقد كمل دينه فيلزمه أن يحافظ على كماله ولا يتهاون في شيء من فرائضه وأركانه حتى يتقبل الله حجه ؛ لأن من علامات الحج المبرور أن يرجع أحسن حالًا مما كان عليه ؛ ولأن الحاج بتهاونه في أداء الصلاة يكون قدوة سيئة لمن يريدون الحج . وتابع الدكتور نصر فريد واصل : وعلى ذلك فلا يغني الحج عن الصلاة ، بل لا بد للحاج أن يحافظ على الصلاة حتى يدخله الله الجنة ويكون قدوة لغيره كما ذكرنا ، ثم إن الصلاة فريضة قائمة بذاتها ، وقد يسرها الله لكل إنسان في الوضوء أو التيمم إن لم يستطع الوضوء وعند أداء الصلاة يؤديها من قيام ، فإن لم يستطع فمن جلوس ، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيمن ، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيسر ، فإن لم يستطع فبالإيماء . وأضاف عضو هيئة كبار العلماء : فلا تسقط عنه الصلاة بأي حال وهي أفضل الفرائض ؛ لأنها فرضت في السماء خمسين صلاة في اليوم والليلة ، وما زال نبينا صلى الله عليه وسلم يطلب التخفيف حتى جعلت خمسًا في العمل وخمسين في الأجر ، وباقي الفرائض فرضت في الأرض ، ومع ذلك تسقط عند عدم الاستطاعة في الحج وعند عدم المال والزرع إذا لم يبلغ النصاب ، فكيف يسوغ لهذا الحاج أو الشاب ترك هذا الركن الأعظم؟! وأسأل الله أن يهديه وأمثاله ، وأن يثوب إلى رشده ويتمسك بمبادئ الإسلام الحقة ومنهجه القويم . والله سبحانه وتعالى أعلم