قتلى وأكثر من 400 مصاب، وإحراق مبنى المجمع العلمي الأثري.. وضياع أكثر من 192 ألف كتاب ومخطوطة أثرية، وتهديد بإعادة النظر في المعونات الأمريكية التي نتمنى أن نستغني عنها تماما، ولكن، من المسئول عن كل ذلك ولصالح من؟، وما الذي يحدث؟، هل هذا هو الجيش الذي من المفترض أنه حمي الثورة؟َ وهل من نراهم في الميدان الآن ثوار؟! فالمشاهد نفس المشاهد، والتصريحات هي هي، وردود الأفعال محفوظة، ومازال البحث جاريا عن الطرف الثالث، والحرائق والمعارك التي كانت الشهر الماضي في شارع محمد محمود انتقلت لشارع مجلس الوزراء، وعلى السادة البلطجية الإعداد من الآن لمعارك الشارع التالي. فما كادت الأمور تهدأ بعد أحداث شارع محمد محمود ونتفاءل خيرا بالانتخابات ونسمة من الاستقرار تهب علي البلد، ولكنها من الواضح لم ترض البعض، حتى تم إلقاء الكرة في حديقة مجلس الوزراء، لنبدأ نشاهد من جديد الكر والفر في الميدان والدماء والسحل، والنخبة التي تدافع عن بلطجي يتم إلقاء القبض عليه، وكل من يشاهد فيديو لاعتداء الجيش على أي شخص "يشيره"، وطبعا لا يوجد أحد يقدم فيديو لأي بلطجي، والجزيرة انتهزت الفرصة وعملت أحلى شغل وشتيمة للركب في القوات المسلحة، والنخبة والسياسيين ارتدوا البدل وانتشروا على القنوات الفضائية، وضاع التاريخ في حرائق المجمع العلمي، والحاضر أصبح ملطخا بالدماء، والمستقبل لا يعلمه إلا المولى. وفي وسط كل ذلك تاهت الحقيقة كالعادة، فأين الجيش الذي كنا نهتف له "الجيش والشعب إيد واحدة"، ومن هؤلاء الذين يحاولون إحراق المجمع العلمي وقذفه بالحجارة، ومن هذا الشخص الذي يرقص فرحا بالدخان وهو يخرج من المجمع، لمصلحة من كل ذلك، من الذي يريد أن يحرق مصر؟، هل كل أجهزة الدولة غير قادرة على معرفة من يقوم بكل ذلك، ألا تستحق منا مصر أن نصبر شهورا قليلة حتى تنتهي تلك الفترة ويصبح لدينا رئيس ونظام وبرلمان، هل الثورة في مسارها الصحيح؟، ألا يوجد في مصر الآن من لديه حل للأزمة؟، كلها أسئلة سمعتها على مدار الساعات الماضية من مواطنين عاديين، لا هم نخبة ولا مجلس استشاري، لا حلمهم برلمان ولا سلطة، ولا يهمهم إخوان يحكموا ولا سلفيين يتحكموا، لكن كل ما يريدوه هو أن نرحم مصر، ونحقن الدماء، وكفاية بقي، مصر لا تستحق منا كل ذلك، يجب أن نتصدى لكل من أصبح شعاره" يالا نحرق مصر"، وينجحون في ذلك بجدارة. سمعت سيدة كبيرة في السن تتصل بأحد البرامج وتقول وهي تبكي "مين اللي كسب منها.. اللي سرقوها في السجن.. واللي عملوا الثورة بيموتوا.. والإسلاميين نجحوا في الانتخابات بس البرلمان هيتحرق.. والمثقفين عندهم كلام وبس ولا حتى حد فيهم خلى عنده دم ونزل الميدان.. والشعب خلاص مش لاقي ياكل.. والبلطجي طايح في البلد.. والجيش بيتشتم.. واللي عايز يبقي رئيس مش هيلاقي شعب يحكمه.. بس البلد ليها رب اسمه الكريم.. وهو اللي قال ادخلوها آمنين..صادق يا رب.. تكالنا عليك يا رب" دموع حقيقية.. وكلمات لخصت كل شئ.. وأصبحنا لا نعلق آمالنا لا على المجلس العسكري ولا الاستشاري ولا الإخوان ولا غيرهم.. فأصبحنا لا نملك سوى أن نقول لينا رب اسمه الكريم.