تتعرض برامج المقالب دائما للعديد من الانتقادات والهجوم عليها ويصل الأمر إلى رفع دعاوى قضائية لإيقافها.. سواء من خلال المتخصصين أو المواطنين العاديين.. وبالرغم من ذلك تحقق هذه البرامج نسب مشاهدة عالية.. لدرجة أن إحدى الحلقات حققت أكثر من 9 مليون مشاهدة على موقع" يوتيوب".. فكيف تستطيع هذه البرامج تحقيق نسب مشاهدة عالية وتحقق نجاحا كبيرا وسط الجمهور بالرغم من الهجوم عليها؟ د. ياسر عبد العزيز- الخبير الإعلامي- كان له رأي في ذلك.. حيث قال: هذا الأمر يعكس التناقضات التي نعيشها في حياتنا، فهذه البرامج تلقى هجوما كبيرا وفي نفس الوقت تحظى بأكبر مشاهدة وأكبر عائد إعلاني، وهذا نتاج وجود شركة إنتاج قوية وفاهمة تتحمل تكاليف البرنامج، وقناة ذكية تذيعه وتروّج له، بجانب ضيوف يتنازلون عن جزء من كرامتهم في مقابل مبالغ مالية كبيرة، ويمثلون دوراً باتوا يتقنونه، ويحصدون بسببه الكثير. بجانب نجم البرنامج الذكي، الذي يعرف أن تعرضه لقدر كبير من الإهانة والشتائم، وتلقيه لعدد أكبر من الضربات، يعني أن يحصد رواجاً ومشاهدة، وبالتالي يمكنه أن يطلب زيادة أجره في المواسم المقبلة، بجانب مواقع التواصل الاجتماعي التي تشن الحملات على البرنامج، وتتهمه بالتمثيل وإهانة الكرامة الإنسانية، ولا تنسى أن تعرض الحلقات، وتذيّل روابطها بالتعليقات، فتسهم في بناء مجد البرنامج، والترويج لضيوفه، وتمنحه المزيد من المكاسب المالية، كل ذلك بجانب جمهور محتال ينتقد البرنامج، ويلعن المشاركين فيه، لكنه يحبه ويحبهم للغاية، حتى إنه لا يفوت حلقة، كل ذلك يؤدي إلى استمرار هذه البرامج
كما تقول د. ليلى عبد المجيد- أستاذة الإعلام-: هذه النوعية من البرامج التي تستهدف عمل مقالب في الفنانين لا تمت بأي صلة إلى المهنية، وأرى أن هذه النوعية من البرامج تدعو إلى العنف والإثارة وتحدث شروخاً في قيم المجتمع المصري، ولا تحقق أي وظيفة من وظائف الإعلام فلا يمكن إدراجها تحت برامج التسلية والإمتاع فعلى مدار السنوات الماضية كانت تذاع برامج الكاميرا الخفية ولم تصل إلى هذا الحد من الخطورة وكانت تحظى بنسبة عالية من المشاهدة ويتهافت عليها المعلنون، كما أن النجاح هو نجاح تجاري مثل كثير من أفلام المقاولات التي تحقق نجاحا وإيرادات عالية بالرغم من عدم احتواءها على أي مضمون أصبح نجاح هذه البرامج بالرغم من الانتقادات يحتاج إلى تحليل اجتماعي ونفسي.. حيث يقول د. محمد يحيى- أستاذ علم النفس-: مثل هذه البرامج تعتمد على استثارة حاسة التشويق عند المشاهد، ولذلك فكل شخص يريد أن يعرف ما الذي سيحدث للضيف وماذا سيكون رد فعله بعد أن يخرج عن شعوره وممكن أن يتصرف بصورة عشوائية تؤدي إلى نتائج عكسية أو يراها البعض تصرفات كوميدية مسلية، وهناك من يريد أن يشاهد الجانب السيء في الفنان الذي يحدث فيه المقلب. فهناك من يحب أن يشاهد الفنان يسب أو من يتعرض للإغماء ويصاب بالرعب، وهذه أمور تتسبب في صدمة للمشاهد لأن الفنان قد يكون قدوة وفجأة يتحول إلى شبح بالنسبة للجمهور، وهناك من لديه حب الانتقام أو مشاهدة مشاهد العنف، وهناك من يتلذذ بمشاهد العنف وتعذيب الآخر، وهناك من يتسلى أثناء الإفطار فهذه البرامج تذاع بعد أذان المغرب، كل ذلك من الطبيعي أن يساهم في ارتفاع نسبة المشاهدة كما يقول د. محسن زكريا- أستاذ علم الاجتماع-: هذه النوعية من البرامج تستهدف بالدرجة الأولى الشباب من محبي المغامرات والطيش، ومع الأسف كثير من شبابنا في الوقت الحالي أصبح لديهم نزعة للعنف وتقليد الأمور الخطيرة بنسبة كبيرة، ولكن لا أستطيع أبدا أن أطلق تعميما وأقول أن البرنامج انعكاس للشعب نفسه ولتصرفاته، فهذا لا يمكن أبدا، لأنني من خلال متابعتي لتطور هذه البرامج على مدى سنوات أرى أنه تم فرض هذه النوعية على الجمهور ولم يجد غيرها أمامه، وبالتالي تابعها ولو وجد غيرها لكان تابعه بالتأكيد، وبالتالي ترتفع نسب المشاهدة وبالطبع الإعلانات. ولذلك وجدت هذه البرامج رواجا كبيرا وحجزت لها مكانا على الشاشة كل عام، ولكن هذا نجاح تجاري٬ فليس كل نجاح مرتبط بالسير على الطريق الصحيح٬ والسبب الرئيسي لهذا النجاح هو تواطؤ المشاهد٬ بمعنى أن المشاهد يقنع نفسه بأن ما يحدث حقيقة٬ فأصبح البرنامج مقلبًا أو فخا للمشاهد وليس للضيف٬ ولكن هذه البرامج تساعد على انتشار العنف والإرهاب بين الأطفال والشباب، وتخلق جيلاً غير واعٍ ومخادعًا وغير قادر على مواجهة تحديات المجتمع.