كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    حزب الله اللبناني يعلن تدمير آليتين إسرائيليتين في كمين تلال كفرشوبا    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة: «تحقق الحلم»    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    بث مباشر لحفل أنغام في احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية بعيد تحرير سيناء    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السؤال الصعب بعد 40 عاماً من ظهورها.. من أين تحصل مافيا توظيف الأموال على المليارات؟
نشر في بوابة الشباب يوم 02 - 05 - 2017


تحقيق: وليد فاروق محمد – محمد شعبان


هل معظم ضحايا "المستريح" وشركائه من الذين يخافون من سؤالهم "من أين لك هذا؟"
في عام 1977 ظهرت شركات "الشريف".. ثم تلتها شركات الريان والسعد والهدي مصر وعشرات النصابين
"مستريح الأرانب" يجمع 250 مليون جنيه من 8 محافظات.. وصاحب شركة استشارات يجمع 70 مليون دولار لاستثمارها فى المضاربة على أسعار العملات بالبورصة!
شركات الريان كانت تمنح المودعين فوائد 25 % شهريًا على أموالهم.. بينما نسبة فوائد البنك لا تتعدى 9%
أشرف السعد جمع 23 مليار جنيه في شركة لتوظيف الأموال قبل هروبه منذ 26 عاماً.. و"المرأة الحديدية" خرجت من المطار بجواز سفر مزور
لا توجد شركة واحدة قانونية لتوظيف الأموال.. والكل يعمل فى الخفاء حتى تبدأ البلاغات ضد النصابين
منذ 30 عاماً الغزالي والشعراوي وشاهين كانوا يؤكدون أن توظيف الأموال حلال.. واليوم المفتي يحذر:
"المستريح" جمع 53 مليون جنيه.. وكانت النتيجة: السجن 15 عاماً وغرامة 150مليوناً ورد 166 مليوناً للضحايا
"عمرو.م" استولي علي 500 مليون جنيه من 600 شخص لتوظيفها فى تجارة المواد البترولية والضحايا يؤكدون: قال إن أزمة الدولار سبب تعثره
شركات توظيف الأموال كانت تربطها بالمودعين "عقود إذعان" لا تضمن لهم حقوقاً.. والآن تكتفي بمجرد إيصالات أمانة
د. رشاد عبده: قرار رفع سعر الفائدة على الودائع بالبنوك إلى 20 % سيحارب توظيف الأموال.. ويضرب الاقتصاد!
د.عادل عامر: القانون رقم 146 لسنة 1988 يجرم عمليات توظيف الأموال.. ولكنه لا يحمي المغلفين!

أرقام كثيرة بالمليارات تمر أمامنا يومياً تجعلنا أمام احتمالين لا ثالث لهما، إما أن الجهات الكثيرة التى تخرج هذه الأرقام كاذبة.. أو أن الاحصائيات الخاصة بنسبة الفقر في مصر غير دقيقة، فكيف لشعب يعيش معاناة في صحته وتعليمه واقتصاده وعجز أمام موجة غلاء طالت كل شيء.. هو نفسه ينفق خلال 6 أشهر نحو 800 مليون جنيه علي التسالي "اللب والكاجو" أو 10 مليارات جنيه علي الدجل والشعوذة.. والكارثة الأكبر هي "وهم توظيف الأموال".. كل يوم يظهر "مستريح" جديد لدرجة أننا نسمع عن هاربين من 100 سنة سجنا في مجمل قضايا نصب أموال، والإحصاءات الرسمية تقول إن 27 % من المصريين لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم ...ومنطقياً ضعفهم يقدرون بالكاد علي الوفاء بها..

ومعظم مدخرات النسبة الباقية تذهب للبنوك أو مشروعات خاصة واستثمارات عقارية وغيرها، فمن هم "الصيد الثمين" لشركات النصب.. ولماذا ينخدع آلاف المصريين بهذه البساطة رغم أن معظم الضحايا مثقفون ومتعلمون..أو علي الأقل عرفوا بخاتمة الذين مروا بنفس التجربة قبلهم؟ ولماذا لا يبذل النصابون جهداً كبيراً لإقناع البعض بإخراج الملايين من "تحت البلاطة"؟ وهل المشكلة في الجهل أم الطمع.. أم هناك أسباب أخري تجعل هذه الشركات أفضل من البنوك أحياناً؟.

فرسان النصب
"كانوا دولة داخل الدولة" ووصلت شركاتهم لدرجة أنها تحكمت في الاقتصاد، وبدأت شركات توظيف الأموال في مصر منذ نحو 40 عاماً مع ظهور شركة الشريف للبلاستيك لصاحبها رجل الأعمال عبد اللطيف الشريف، وانتشرت إعلانات الشركة في الصحف من أجل جمع الأموال من المواطنين، وبعد شهر بدأت الشركة في توزيع الفوائد على المودعين، وقال الشريف إن أصول شركاته ومصانعه قيمتها كانت تزيد علي ثلاثة مليارات جنيه.. ومازال يدعي أن سجنه كان بسبب "مكيدة سياسية"،

وتوالى إنشاء الشركات بعد ذلك مثل بدر للاستثمار والسعد والهلال وغيرها، أما أحمد توفيق عبد الفتاح الجابري والشهير بأحمد الريان فبدأ عن طريق شقيقه فتحي الذي كان يعمل في المقاولات في تجارة العملة، وكان يقوم ببيعها بسعر أعلي من البنوك بمكسب يومي – حسب كلامه – يصل لنحو 150ألف جنيه.. وهو ما يساوي نحو مليون جنيه بأسعار هذه الأيام، والتحق بكلية الطب البيطري لكنه لم يكمل الدراسة فيها لأنه كان مشغولاً بإدارة رأس مال وصل لنحو 500 مليون جنيه في منتصف السبعينات، وظهرت شركة الريان لتوظيف الأموال في عام 1983وكانت تعطى فوائد على أموال المودعين بنسبة 25 % شهريًا في الوقت الذي كانت نسبة فوائد البنك لاتتعدى 9 %، وعدد المودعين في شركة الريان كان حوالي 175 ألف شخص بإجمالي رؤوس أموال بلغت 2.2 مليار جنيه، وتزامن مع ظهور الريان بروز أشرف السعد والمقيم حالياً فى لندن، وقد فرضت الحكومة الحراسة على ممتلكاته لمدة 15 سنة بعد أن جمع نحو 23 مليار جنيه في شركة لتوظيف الأموال قبل أن يهرب في فبراير 1991 إلى باريس بحجة العلاج، ثم جاءت هدى عبد المنعم أو "المرأة الحديدية"..

ولدت في أسرة بسيطة ببورسعيد وحصلت على دبلوم تجارة، عملت موظفة على آلة كاتبة بإحدى الشركات، تزوجت رجل أعمال ليبي وسافرت معه وجمعت منه ثروة ضخمة هربتها لمصر قبل الطلاق منه عام 1981، ثم اقتحمت عالم المال والاقتصاد والتعمير والإسكان، فأسست شركة "الهدى مصر" للمقاولات عام 1986، ونفذت عددا من المشروعات ونجحت في جمع أكثر من 45 مليون جنيه من خلال حملة إعلانية واسعة، واشترت مساحات شاسعة من الأراضي قرب المطار،

ورغم حظر البناء في تلك المنطقة، قامت ببناء وحدات محدودة بها، وبدأ أصحاب الأموال يطالبون بها وقدموا ضدها بلاغات، ووقعت على شيكات بدون رصيد بعد أن سهل لها بعض المسئولين في البنوك الحصول على الملايين بضمانات وهمية، وفرضت الحراسة على أموالها في 12 يوليو عام 1987فهربت بجواز سفر مزور ثم صدرت ضدها أحكام غيابية بالحبس 60 عاما في 31 قضية، ثم قررت العودة لمصر بعد أن أقنعتها هيئة الدفاع عنها أن جميع الأحكام الصادرة ضدها سقطت بالتقادم، وبعد 5 سنوات سجنا قضتها وراء القضبان تم إخلاء سبيلها لسوء حالتها الصحية، والقائمة تطول لتشمل طارق أبو حسين صاحب شركة الهدي إلي جانب شركات الحجاز وآي سي والفضل والهلال والمراكشي وغيرها الكثير والتى لم تقم باستثمارات حقيقية داخل مصر..بل قامت بتوجيه أغلب المال للخارج حيث توضع في بنوك ألمانيا وإنجلترا وفرنسا..

بينما الباقي يتم توظيفه عبر المضاربات في الذهب.. ونسبة بسيطة يتم توجيهها لمشروعات يتم تضخيمها لتظهر عملاقة على غرار مزارع الماشية والدواجن والأجهزة الكهربائية.. وكانت بينهم وبين المودعين عقود إذعان لا ترتب للمودع أي حقوق، وليس للمودع حق التدخل في أسلوب الإدارة أو الاعتراض واقتسام الأرباح مناصفة مع قبول الخسارة ولو شملت المال كله، صرف سلف شهرية للمودع حتى تسوية الأرباح والخسائر...

ولو زادت الخسائر عن الارباح يتم الخصم من أصل الوديعة، عدم اللجوء للقضاء إن حدث خلاف والاكتفاء بلجان تحكيم الشركات، والمشكلة الأساسية أن قضايا توظيف الأموال لا يتم تحريكها إلا ببلاغات عديدة من عدة مواطنين من اصحاب الشرائح المختلفة حتى تصبح الدعوة عامة، ولابد أن يكون هناك مشروع حقيقى يستثمر فيه المتهم الأموال التى جمعها من المواطنين ويدفع لهم مقدار ربح ثابت، لانه إذا كان المشروع وهمياً فهذا يعنى أن القضية ستكيف كجنحة نصب.. وليست جناية توظيف أموال.

نشرة أخبار النصابين
منذ عام تقريباً أثيرت ضجة كبيرة بعد تقديم بلاغات رسمية للنائب العام تتهم شخصا يدعى "أحمد مصطفى إبراهيم" الشهير ب"المستريح" بجمع مئات الملايين من المواطنين للاستثمار في مصنع للأسمدة مقابل الحصول على فائدة قدرها 12 %، ووصلت المبالغ التي جمعها المستريح إلى 53 مليون جنيه و843 ألف جنيه من 311 مواطنًا، وقضت محكمة جنايات القاهرة الاقتصادية بسجنه 15 عاماً

وتغريمه150مليون جنيه وإلزامه برد 166 مليوناً للمدعين الواردة أسماؤهم في الدعوى، ومن بعدها بدأت وسائل الإعلام تطلق علي كل نصاب آخر يظهر بعضه لقب "المستريح"، وأكبر عملية نصب باسم توظيف الأموال شهدتها مصر على الإطلاق وقعت فى شهر مارس من العام الماضى، بطلها صاحب شركة استشارات مالية يدعى "أحمد.ع"، والذى اتخذ لنفسه مكتباً بمدينة الرحاب وجمع 70 مليون دولار.. وهو ما كان يعادل وقتها 700 مليون جنيه مصرى، من مئات العملاء بالشركة بغرض استثمارها فى مجال المضاربة على أسعار العملات الأجنبية والمعادن بالبورصات العالمية بعدما أغراهم بالأرباح الطائلة،

إلا أنه جمع تلك الأموال وامتنع عن سداد الأرباح لعملائه أو أصل المبالغ المقررة عليه، فتوالت البلاغات على الأجهزة الأمنية التى تمكنت من ضبطه فى نهاية المطاف، أما رجل الأعمال هاني لطفي عواد فجمع ما يقرب من 410 ملايين دولار من 20 ألف مواطن واستمر في تقديم الفوائد لعملائه لمدة عام ونصف إلى أن فوجئوا بتوقف إيداع الفوائد وبعدم قدرتهم على استرداد أموالهم، أما محمد صابر أو "ريان المرج" أوهم مئات وصفتهم الصحف ب"البسطاء" بتوظيف أموالهم في مجال تجارة الطيور، ثم اختفي فجأة وبحوزته 46 مليون جنيه! والعجيب هو انتشار النصب حتى بالمبالغ الصغيرة فيما يشبه "الجمعيات"،

فوجدنا مدرساً بالإسماعيلية اسمه "إيهاب.م.م" جمع من زملائه نحو 70 ألف جنيه بحجة استثمارها في تجارة كروت الشحن مقابل أرباح متفق عليها، كما تم ضبط موظف بوزارة النقل لاستيلائه على 6 ملايين جنيه من زملائه بزعم توظيفها، بل نجحت إحدى الفتيات بالقاهرة التى لم يتجاوز عمرها ال30عاما فى النصب على عدد من المواطنين وجمعت منهم مبالغ مالية تخطت ال15 مليون جنيه، بعدما أوهمت ضحاياها باستثمار تلك الأموال فى تجارة العقارات والأجهزة الكهربائية والموبايلات،

وامتنعت عن سداد الأرباح الذى سبق وأن اتفقت مع المواطنين عليها، فتوالت البلاغات التى تتهمها بالنصب وحرر ضدها 16 بلاغاً إلى أن تم الإيقاع بها، وشهدت منطقة الأميرية بالقاهرة واحدة من أكبر عمليات النصب باسم توظيف الأموال، حيث نجح صاحب محال تجارية يدعى "أمجد.ح" فى النصب على المواطنين وجمع منهم مبالغ مالية تخطت ال120 مليون جنيه، بحجة توظيفهم فى الأعمال التجارية التى يعمل بها بفائدة مالية ضخمة، وحصل علي حكم بالسجن لمدة 3 سنوات، وشهدت محافظة الإسكندرية واقعتى نصب إحداهما كان بطلها "أ.م" 29 عاماً ونصب على المواطنين فى مبالغ مالية قدرها 90 مليون جنيه بزعم المضاربة فى البورصة العالمية مقابل نسبة ربح تخطت ال10 % شهريأ، وفى بولاق الدكرور ظهرت "مستريحة" حصلت على 18 مليون جنيه من الأهالى بزعم تشغيلها ب"مسبك للنحاس" ثم اختفت من المنطقة، ومؤخراً تم القبض علي "مستريح الأرانب" والذي جمع 250 مليون جنيه من 8 محافظات لاستثمارهم فى تربية الأرانب، ووفقاً لما تم تسجيله فى محاضر الأجهزة الرقابية وجهات التحقيق.. فقد بلغت الأموال التى جمعها موظفو الأموال الوهميون من المواطنين خلال عدة أشهر نحو مليار و494 مليون جنيه.

قصص "المضحوك عليهم"

آلاف المآسي تختلف في بعض تفاصيلها ولكنها تتفق في النتيجة، منهم محمد رزق ويعمل سائقا وروي قصته قائلاً: "أنا كنت شغال في ليبيا وفي أحد الأيام قال لي زكريا المتهم بالنصب إنه يعمل في إحدى شركات صناعة الجبن الكبرى ويصدر الجبنة وأخد منى في الأول 200 ألف جنيه وأعطاني بعد شهر 7 آلاف جنيه أرباحاً، وبعد شهر طلب منى مبلغاً آخر وأعطيته 230 ألف جنيه وأعطاني بعد شهر مبلغاً جديداً، وبدأت أكلم أصدقائي وأجمع له مبالغ كثيرة أكثر من مليون جنيه، ثم جمعت له نحو 3 ملايين جنيه أخري من أصحابي، وبعدها بدأ يماطلنى ويقول لي إنه يخسر، فطلبت منه أن أشاركه في الخسارة لكن يعطيني فلوسي فرفض.. وبعدها حاول الهرب هو عائلته بالكامل من القرية وطاردناهم وحتى قبضنا عليهم وسلمناهم للشرطة".

وفي حلوان، استطاع "محمد. ع" إقناع المئات من المواطنين فى حلوان ومنطقة 15 مايو بأنه مستشار ومعه تفويض بإقامة مشروعات سكنية، وتمكن من النصب على أكثر من 1200 شخص وجمع من ضحاياه ما يقرب من 70 مليون جنيه منذ عام 2012، وبالرغم من صدور حكم غيابى عليه بتاريخ 19 فبراير 2014 بالحبس والشغل والنفاذ 3 سنوات، لم تتمكن الأجهزة الأمنية من تنفيذ الحكم حتى الآن.
وفى أحدث القضايا التى ضبطت خلال الأسبوعين الماضيين.. ألقت قوات أمن القاهرة القبض على "عمرو.م"، مالك شركة توظيف أموال لاتهامه بالاستيلاء على أكثر من 500 مليون جنيه عن طريق النصب والاحتيال على قرابة 600 شخص بزعم توظيفها فى تجارة المواد البترولية مقابل أرباح شهرية هائلة، حيث أغرى المتهم ضحاياه بفوائد كبيرة ولكنه تعثر فى الوفاء بمواصلة دفع هذه الأرباح الشهرية حتى اتضح للعملاء أنهم وقعوا فريسة فى واحدة من كبرى عمليات النصب فى السنوات الأخيرة..

واحدة من الضحايا تدعى "هناء.أ" قالت أثناء التحقيقات إنها تقدمت بالمحضر رقم 519 لسنة 2017 ضد الشركة والمتهمين بعدما طالبتهم خلال الفترة الماضية بمنحها الأرباح بعد انقطاع وصل إلى 6 أشهر أو سداد المبالغ المستحقة لها والتى قدرت ب290 ألف جنيه تم إثبات حقها بشيك بنكى رفضه البنك لعدم وجود رصيد للمتهم، مشيرة إلى أن المتهم ماطلها كثيرا بحجة أن أزمة الدولار أثرت على الشركة بالسلب وأنه سيتم حل الأزمة خلال فترة زمنية غير محددة مما أثار قلقها ودفعها للمطالبة بحقها عن طريق القانون.

أما "عبد الفتاح.ع" فذكر خلال التحقيق أنه أودع مليوناً و200 ألف جنيه فى هذه الشركة ولديه أصل الشيك الذى رفضه البنك لعدم وجود رصيد، مؤكداً تضرره من الشركة وامتناعها عن رد الأموال المستحقة له، وأن المتهمين التزموا بسداد الأرباح للعملاء فى موعدها وكذلك أصول الأموال وقت طلبها، الأمر الذى بث الثقة فى بداية الأمر بمشروعية ذلك النشاط، لكن مع بدايات العام الماضى تردد بين العملاء تعذر قيام الشركة بتحويل الأرباح المستحقة لعملائها، الأمر الذى أدى إلى ارتباك عملاء الشركة وترددهم عن الإبلاغ حرصا على عدم ضياع أموالهم، وأملا فى استحقاق أموالهم من خلال الشركة بعد إزالة أسباب تعثرها، مما دفعه لعمل محضر رقم 542 لسنة 2017 قسم روض الفرج والذى أحيل للنيابة العامة للتحقيق.

لماذا سقطوا؟
بمرور الوقت انكشفت الخدعة.. الفوائد التي كانوا يقومون بتوزيعها على المودعين أعلى بكثير من أصول الأموال الموجودة في الشركات، والأرباح الكبيرة التي كانت هذه الشركات توزعها على المودعين القدامى هي من أموال المودعين الجدد، وعندما علمت الحكومة بذلك قررت وقف نشاطهم، كما يقال إن شخصيات كبيرة في الدولة وقتها كانت تقوم بتوظيف أموالها عندها وخاصة عند الريان، فطالب هؤلاء الأشخاص بأموالهم مما ساعد على سرعة انهيار الريان أكثر، والدولة نجحت في إرجاع بعض حقوق المودعين سواء عن طريق الأموال أو على هيئة بضائع مثل أجهزة كهربائية، كما كانت ضمن أسباب سقوطهم تطبيق الحكومة في ذلك الوقت للقرارين 125و 126لسنة 1986 اللذين ينصان على تسعير البضائع المستوردة لمصر من الخارج،

وكانت القضية هي قيام الريان باستيراد صفقة فول من الخارج وبيعها بدون أخذ تسعيرة جبرية من وزارة التموين؛ فقبض عليه بسبب هذه القضية، ورغم أنها ليس لها علاقة بتوظيف الأموال لكن بسبب الشائعات بدأ المودعون في سحب أموالهم، وبدأت إمبراطورية الريان في الانهيار التام ومن بعدها سقط الباقون، خاصة بعد خطوة اندماج مجموعة شركات الريان والسعد وسحب كثير من الناس لأموالهم من البنوك للاستثمار عندهم.. وهذا عرض الدولة لخطر اقتصادي كبير،

يقول الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن هذه الظاهرة المفروض أنها انحسرت فى الأشهر الأربعة الماضية بعد قرار محافظ البنك المركزى برفع سعر الفائدة على الودائع فى البنوك إلى 20% مرة واحدة، وهو سعر فائدة مغرى جدا لأى شخص يريد أن يضاعف أمواله ومدخراته، فهو تقريبا نفس سعر الفائدة الذى كانت تطرحه شركات توظيف الأموال فى الماضى لجذب زبائنها، لكن مع ذلك فلاتزال الظاهرة مستمرة، ولا تزال قضايا النصب متجددة، ومحاربة هذه الشركات من خلال رفع سعر الفائدة يبدو أنه لم يكن كافيا.. فهذا القرار له إيجابيات وسلبيات، لكن السلبيات أخطر وأشد، فلا توجد دولة فى العالم تقوم برفع سعر الفائدة بهذا المعدل مرة واحدة،

فإذا تصورنا أن الجانب الإيجابى الذى تتشبث به الحكومة أن القرار يقلل من التضخم لأنه يسحب السيولة النقدية من المواطنين ومن ثم يقل الاستهلاك وتنخفض الأسعار أو أنه من جانب آخر يفتح طاقة رزق لمن لديهم مدخرات بسيطة لزيادتها والعيش على ما تقدمه الفوائد شهريا، فإنه على الجانب الآخر أدى هذا القرار لضرب فرص الاستثمار والتنمية لأنه لا يوجد مشروع استثمارى يمكن أن يحقق مكسبا 20 % من رأسماله ومن ثم فإن هذا القرار سوف يدفع بأصحاب المشروعات للتوقف ووضع الأموال فى البنوك والاستفادة من أرباحها ومن ثم ترتفع معدلات البطالة ويتم طرد العمال ويتوقف الانتاج ويزيد الطلب ويقل العرض وترتفع الأسعار وهنا تعود مرة أخرى دوافع الصراع بين البنوك وشركات توظيف الأموال برفع الفائدة إلى 30 % مثلا لدى هذه الشركات ومن ثم تزداد قدرتها على جذب المزيد من الضحايا،

وأشار عبده إلى أنه وفقا لتصريحات وزير المالية مؤخرا فإنه لا توجد شركات توظيف أموال مرخص لها وفقا للقانون فى مصر، فلا توجد شركة واحدة قانونية وإنما تعمل كافة الشركات فى الخفاء ولا نسمع عنها إلا بعدما تقع الكارثة ويقف الضحايا على أبواب مباحث الأموال العامة، ومع الأسف فالأسطورة مستمرة لعدة أسباب أهمها رفع الفائدة والصراع المستمر بين هذه الشركات الوهمية وبين البنوك وطرح أسعار فائدة مرتفعة ومغرية..

من أين لك هذا؟
والسبب الثانى في رأي د. رشاد عبده - وهو الأخطر - أن هناك أموالاً جاءت من مصادر غير شريفة فلا يتم توظيفها فى البنوك خشية أن يتعرض صاحبها لسؤال: "من أين لك هذا؟" خاصة لو كان هذا الشخص موظفا عاما فى الدولة، فيشعر بالخوف إزاء الوقوع تحت طائلة القانون فيقوم بتوظيف أمواله فى شركات أو أنشطة لا تخضع مباشرة لرقابة الدولة، والسبب الثالث هو الطمع والجشع والرغبة فى الكسب السريع، وهذه الصفة هى التى تدفع أستاذا جامعيا مرموقا وعلى درجة عالية من الوعى لتوظيف أمواله بشكل غير مباشر عبر هذه الشركات ويقع تحت طائلة النصب،

والنكتة الطريفة فى هذا الإطار أن أحد المواطنين أحضر كل ثروته وذهب إلى مكتب الريان لتوظيفها فقال له أحد العاملين بالمكتب إن الريان يقضى عقوبة السجن بسبب النصب فقال له المواطن وأين مكان السجن حتى أودع أموالى عنده! فالأسطورة مستمرة ولن تنتهى لكن الأنشطة تغيرت فكانت فى الثمانينات عبارة عن عقارات وشركات ومحلات ذهب وغيره، والآن تجارة أجهزة وتسويق عبر الإنترنت، ويذكر الدكتور رشاد أن نفس أساليب الحيل لا تزال متبعة مع الشركات الوهمية الجديدة، فالقائمون على شركات توظيف الأموال بارعون فى عدة نقاط أولها استغلال الدين والإيحاء دائما بأنهم يوظفون الأموال فى مصادر شرعية بعيدا عن فوائد البنوك الربوية، والنقطة الثانية أن نصاب توظيف الأموال يعطى انطباعا قويا لدى الزبائن بأنه مستثمر فذ وفريد من نوعه،

ولذلك هم عندهم قدرة عالية جدا على كسب الثقة وزيادة رأسمالك فى أسرع وقت ممكن بعيدا عن البنوك، ويعملون من خلال دوائر فمثلا هم دائما ما ينجحون مع الزبائن الذين يذهبون إليهم فى بداية انطلاقهم لأن هؤلاء الزبائن سوف يشكلون قاعدة ثقة لجذب زبائن جدد وهكذا.

الفتاوي تتراجع
معظم شركات توظيف الأموال في الثمانينات انتعشت بسبب فتاوي دينية لبعض رجال الدين خاصة بتحريم فوائد البنوك والدعوة إلى وضع الأموال في هذه الشركات، وكان علي رأسهم الشيخ محمد الغزالي والشيخ محمد متولي الشعراوي.. بل إن الدكتور عبد الصبور شاهين أصبح عضوًا في مجلس إدارة شركة الريان،

ولكن بمرور السنين وبعد استفحال أمرها يبدو أن رجال الدين راجعوا موقفهم منها، وأكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن هناك دعوة صريحة في الإسلام لاستثمار المال، ولكننا لانريد إلا الاستثمار الآمن ولايجوز أي احتيال يحدث في المجتمع، ولانحبذ مثل تلك الطرق الملتوية ويجب تنبيه المجتمع تنبيها كبيرا حتى لا تهدر أموال الناس،

كما أن الدكتور مبروك عطية أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر قال إنه لا يجوز التعامل مع شركات توظيف الأموال التى تعطى ربحًا ثابتًا على الأموال المستثمرة، مشيرًا إلى أن الربح الناتج عن توظيف الأموال ليس حلالًا، وأوضح أن البنك هو المؤسسة الوحيدة التى يحق لها الاستثمار فى الأموال، مضيفًا أن الشخص عندما يضع أمواله فى البنوك فهذا دليل على رضاه التام للربح الذى يأخذه من البنك.

القانون لا يحمى المغفلين!
ومن الناحية القانونية يقول الدكتور عادل عامر، الخبير القانونى ورئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والقانونية، إن القانون رقم 146 لسنة 1988 وتعديلاته فيما بعد هو الذي يجرم عمليات توظيف الأموال ويضع الغرامات وعقوبات السجن الكفيلة بمحاربة هذا النشاط غير القانونى، ووفقا لهذا القانون وتعديلاته فإنه لا يجوز لأى شخص أن يمارس نشاط تلقى الأموال وتوظيفها إلا من خلال شركة تلقى أموال مصرح لها، ووضع القانون غرامات وعقوبات تصل للسجن المشدد، أما الشركات التى صرح بها القانون فتأخذ شكل شركات مساهمة مصرية برأسمال لا يقل عن مليون جنيه،

ويضم مجلس إدارتها أعضاء من الرقابة المالية وهيئة سوق المال وممثلين عن الدولة، ومع ذلك فهذا النشاط دائما ما يقع خارج نطاق القانون، وتدفع الرغبة فى الثراء السريع دائما للوقوع فريسة فى أنياب هذه الشركات التى تستغل الدين فى أحيان كثيرة، والمشكلة فى هذه الأيام أن شركات توظيف الأموال طورت من أنشطتها وواكبت العصر حيث تعمل فى مجال الإلكترونيات وتجارة الإنترنت والأجهزة والهواتف المحمولة وكروت الشحن وغيرها وهى أنشطة قد تحقق مكاسب سريعة لكنها فى ذات الوقت تتعرض لخسائر هائلة ومن ثم يتعرض المساهمون فيها لخسارة أموالهم،

وغالبا ما تنتهى هذه القضايا بمصادرة أرصدة وأصول أصحاب الشركات إن وجدت ورد الأموال لأصحابها أيضا إذا توافرت وفى حالات كثيرة يهرب المتهمون ولا يحصل المودعون على حقوقهم المسلوبة إذا نجح المتهم فى الإفلات من قبضة العدالة وهنا لا يخدم القانون الضحايا إذا فشلوا فى إثبات حقوقهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.