قالت لزجها- وهى لا تستطيع إغلاق فمها من التثاؤب-: نفسى أعرف إيه محببك موت كده فى المنيل على عينه الفيس بوك!..ياراجل دى الدنيا سقعة ودرجة الحرارة 6والساعة اتنين بالليل يعنى رصاص..إيه بقى مقعدك فى الصالة تأفأف من البرد وعينك حتطلع على الفيس بوك على الموبايل.. فرد بكل هدوء شيللى اللاب توب بتاعك من تحت البطانية وأقفلى الصفحة قبل ماتنامى سألت نفسك مرة امتى أقدر استغنى عن الفيس بوك عن التلصص على أخبار الناس الحلوين والوحشين اللى ضميتهم علشان أعرف امتى زعلانين وامتى فرحانين؟، أما بقى المنظرة ووضع بوستات مأخوذة عن تراث الأدباء والمفكرين فده لزوم المنظرة وعمل شو أمام الأصدقاء الافتراضيين، سألت نفسك امتى حعيش حياتى بالشكل اللى أنا عاوزه، مش بالشكل اللى بيفرضه عليا الكتابة على صفحة فى عالم افتراضى خالى من المشاعر والأحاسيس ؟ أرد أنا عنك وعنها وعنى بالطبع لأ ساعات طويلة يأخذها منا هذا العالم الافتراضى.. نحن فى العالم العربى نتبادل الصور والقفشات المضحكة ونشتم فى بعض وفى الحكومة أو بعضها.. يتبادل رجالنا صور قبيحة وكلام خارج على الرسائل الخاصة، بينما تغرق نساؤنا فى وصفات الطبيخ والميك أب أرتست، لدرجة أصبح فيها وضع الماكياج وتقليم الأظافر وعمل تاتو للحواجب مهنة يكسب منها رجال وسيدات وهم قاعدون فى بيوتهم آلاف الجنيهات يوميا أخذنا هذا العالم الافتراضى إلى النميمة بكل أنواعها والتطاول بكل أشكاله، لم يخش الرجال أن تقرأ نساؤهم كلمات قبيحة وتخدش الحياء على صفحاتهم، ولم تتوان نساؤهم فى مبادلتهم قبيحا بقبيح ..ثم بعد ذلك يجلس كلاهما فى الجلسات العائلية أو حتى أمام شاشاات التليفزيون ليلقنونا دروسا فى الأدب والتربية ويلوموا على مجتمع تدنت لغة شبابه وأطفاله.. موجهين أسهما حادة تجاه فيلم أو ممثل وربما مسلسل أو مشهد درامى.. نسينا بيوتنا وأهلنا، واكتفينا بأن تكون صلة الرحم ضحكة على وجه الكترونى أو رسمة شفايف، وربما صورة لسيدة ترقص التانجو نسيت الأمهات حل الواجبات المدرسية مع أطفالهن ..واندمج الرجال فى صداقات نسائية وهمية ..وأصبحت حكاياتنا فى البيوت والمقاهى شفت مين كتب ايه ؟ .. والأدهى والأمرّ أن حكايات الفيس بوك لم تقتصر على حياتنا العادية، بل انتقلت إلى شاشات التليفزيون ..فهذا عمل صفحة لكذا، وتلك أسست جروب لمعرفش إيه ؟ ويا برامج التليفزيون استضيفى أصحاب الصفحات فهم غلابة مبيطلبوش فلوس زى الفنانين .. حتى أصبح هؤلاء نجوما يشار إليهم، وأصبح دخلهم من جروبات وصفحات ومدونات بالملايين سنويا، مش بس كده ..لقد تحولت الصفحات إلى مواقع وتناقلت الأخبار والأحداث دون فهم ولا معنى، مجرد انسخ واطبع وخلاص .. ثم تقمص أصحابها ومديروها دور المصلح الاجتماعى أو الصحفى اللى مفيش منه، وشفنا أحدهم ينزل من سماء الغرور إلى مستنقع السجن والحبس بعد اتهامه لنساء مصر بالخيانة والتطاول عليهم أثناء استضافته فى برنامج تليفزيونى شهير. وفى الوقت الذى يحتل التواصل الاجتماعى الافتراضى حياتنا يبدل ويعدل ويغير فيها كيفما شاء – للأسوأ للأسف – وفى الوقت الذى يتخاصم الأشقاء نتيجة نشر صورة أو تعليق أو حتى لعدم الإشارة بلايك وأخواتها تعليقا على بعض، كان الأجانب بيعملوا إيه؟.. سؤال سألته لأحد خبراء الكمبيوتر ..هو الأجانب بيحتل التواصل الاجتماعى الجزء الأهم من حياتهم زينا ؟ فقال بكل غرور وتناحة وكأنه بيكتشف الذرة أو بيقول إيه الست الهبلة دى : طبعا لا .. واكتفى . هنا نغزنى ابنى الصغير فى ذراعى وهو يقول إيه السؤال الساذج ده فقلت له يابنى عاوزة أعرف، حب استطلاع يعنى مش أكتر، فقال ابنى يا ماما فى الوقت اللى المصريين والعرب مقضينها شات وقفشات أفلام مخترع الفيس بوك اللى ساب الجامعة لأنها مش جايبة همها واخدة بالك أنت هه ؟ قلت له انطق يامزغود وخلصنى بيعمل إيه المخترع الفاشل فى الدراسة دى اللى بلانا بالفيس بوك ؟ قال : لا أبدا ده يادوب هو وواحد صاحبه مخترع تانى صمموا أول وكالة فضاء خاصة، وصاحبه اخترع صاروخ جديد، قلت له صاروخ ده اللى هو شاورما على سجق عند أبو رامى مش كده ؟ قال : حرام الكلام معاكى والله ..الناس دى شافت إيه المشكلة فى إطلاق سفن الفضاء ولقوا أن الصاروخ اللى بيطلق مركبة الفضاء بيتكلف كتير جدا وبيطلق المركبة ثم ينهار ويتآكل فى الفضاء الخارجى أو يسقط فى المحيط، فعملوا صاروخ يطلق مركبة الفضاء ويرجع يركن فى بارك الوكالة الفضائية ..وبعد كده حيطلعوا فيروسات كل الأمراض للفضاء علشان يكتشفوا لها علاج نهائى وبكده خلال 10 سنين حيكون فيه علاج شافى لكل الأمراض اللى على الكرة الأرضية. قلت له- وأنا أهُمّ بفتح صفحتى الرسمية-: ياعم سيبك دا هما عاملين الوكالة دى علشان يركنوا الصواريخ فى البارك ويسترزقوا بقرشين من الركنة ...جراج يعنى.. والطلبة الفاشلين دول اللى سابوا الجامعة نهايتهم سُيَّاس فى جراج ..صواريخ بقى تكاتك مش حتفرق