قبل وفاتها بفترة.. أكدت الفنانة الكبيرة كريمة مختار أنها شعرت بحزن شديد بعد رحيل الفنان سعيد صالح وكأن ابنها هو الذي توفى، وأكدت أن مشاهدتها لمسرحية «العيال كبرت» أصبحت تصيبها بالألم وخاصة أنها تذكرها بأبنائها الثلاثة الذين رحلوا بدءًا من أحمد زكي مرورًا بيونس شلبي وحتى سعيد صالح.. إلى جانب زوجها بالمسرحية حسن مصطفي.. واليوم لحقت بهم الأم " زينب جاد الله " الشهيرة ب " كريمة مختار“.. و " العيال كبرت " واحدة من أشهر المسرحيات في تاريخ الكوميديا المصرية، وكانت إخراج سمير العصفوري وتأليف سمير خفاجي وبهجت قمر وعرضت عام 1979، وشارك كريمة مختار في بطولتها الراحلون سعيد صالح وأحمد زكي ويونس شلبي وحسن مصطفي، ولا يتبق علي قيد الحياة من أبطال المسرحية سوي الممثلة نادية شكري والتي قامت بدور الابنة (سحر). وفي حوار صحفي قديم.. قالت الراحلة كريمة مختار عن هذه المسرحية " سعيد صالح وأحمد زكي ويونس شلبي كانوا يعتبروني فعلًا أمًا لهم، وحسن مصطفى كان رائعا في الكواليس، وجميعهم في الكواليس شيء وعلى المسرح شيء آخر، أذكر مثلًا أنه حدث شجار بين يونس شلبي وأحمد زكي قبل عرض المسرحية، وكنا في ذلك الوقت في الإسكندرية، وضرب يونس أحمد بالزجاجة أثناء العرض خارج المسرح وفتح “بطنه”، وقام بخياطتها قبل العرض، ثم استكمل المسرحية رغم ذلك ، جميعهم فنانون موهوبون ولن يتكرروا أبدًا، أحمد زكي انطلق بسرعة الصاروخ بعد “العيال كبرت”، ويونس شلبي “بمجرد خروجه على المسرح كانت الصالة كلها تصفق له بدون حتى أن يتكلم”، وسعيد صالح لم يأخذ حقه في الفن، ورغم أنه أكثر موهبة من عادل إمام إلا أنه لم يصل لما وصل له، وظلم فنيًا" . وكانت الفنانة الراحلة من أشهر الممثلات اللاتي أدين ببراعة دور الأم.. حتى وهي في سنة صغيرة ، فمثلا في مسرحية " العيال كبرت " لم يمنعها فارق ال4 سنوات فقط من أن تؤدي دور أم سعيد صالح ، وكان عمرها وقتها نحو 44 عاماً فقط ، وكانت ملامحها الهادئة وطباعها التلقائية على الشاشة جعلاها تشبه كثيرًا "ربات البيوت المصريات" وهو الأمر الذى دفع الكثير من المخرجين لترشيحها لهذه النوعية من الادوار ، واسمها الحقيقي هو " عطيات محمد البدري " وولدت يوم 15 يناير من عام 1934 في مدينه الساحل بمحافظة أسيوط ، وخلال دراستها ب«المعهد العالي للفنون المسرحية» تعرفت على المخرج نور الدمرداش، ولكن العلاقة بينه وبين الفنانة كريمة مختار انحسرت في الزمالة فقط ولم تتعداها لأي شيء آخر ، ولكن كريمة، التي كانت قد حققت شهرة كبيرة في الإذاعة، التقت الدمرداش خلال مسلسل إذاعي بعنوان «عصابة اليد السوداء» تم تسجيله في الإسكندرية، وهناك اقتربا من بعضهما البعض سريعًا، وذات يوم طلبها للزواج ولكنها كانت عازفة عن ذلك لانشغالها بدراستها في المعهد وعملها بالفن ، وبعد انتهاء المسلسل الإذاعي التقيا في المعهد كثيرًا، وعاد الدمرداش يُلح في طلبه ولكن في تلك الفترة كان الحب قد بدأ يتسرب إلى قلبها وبدأت تتجاوب معه عاطفيًا، وحينما فاتحها ذات مرة في الزواج وافقت مُرحبة على ذلك وتزوجا عام 1955 ، أسرة الفنانة المصرية كانت ترفض عملها بالسينما ولكنها خاضت تلك التجربة لأول مرة بمساعدة زوجها المخرج الكبير وظهرت في فيلم «ثمن الحرية» عام 1964 ، وكريمة والدمرداش أنجبا أربعة أولاد هما الإعلامي معتز الدمرداش، والمخرج أحمد، والمهندس شريف، بالإضافة إلى ابنة تُدعى هبة ، وهي بدأت مشوارها الفني بالإذاعة من خلال برنامج الأطفال "بابا شارو" الذي اشتهرت من خلاله كصوت إذاعي يجيد تقديم الأعمال الدرامية. ومن أبرز أعمالها التلفزيونية "البخيل وأنا"، و"نقطة نظام"، و"أدهم وزينات"، و"3 بنات"، و"من الذي لا يحب فاطمة"، و"يتربى في عزو"، و"زهرة وأزواجها الخمسة"، و"الحارة"، ومن أبرز أعمالها السينمائية، "ثمن الحرية ونحن لا نزرع الشوك ومضى قطار العمر والحفيد وأميرة حبي أنا وبالوالدين إحسانا ويا رب ولد والفرح"، ولا ينسي الجمهور دورها في فيلم "الحفيد"، والذي قامت به أمام الفنان الكبير "عبدالمنعم مدبولي"، الذي قالت عنه بأنها كادت أن تتركه لأنها أخطأت في إحدى الجمل 8 مرات حتى أجادتها. وبالرغم من أدائها لدور الأم الطبية والحنونة صاحبة القلب الطيب، التي كانت دائما تحتضن أولادها لتشملهم بعاطفتها، إلا أن أبناءها قالوا عنها في أحد الحوارات إنها كانت قاسية وشديدة معهم في تربيتهم نظرًا لانشغال زوجها المستمر، والتي حملت مسئولية تربيتهم كاملة. وكان الدور الأقرب إلى قلبها هو دور "أم سيدنا موسى عليه السلام" في مسلسل "محمد رسول الله" والذي كان سبب رضاء والدها عن تمثيلها بعدما شاهدها في هذا الدور التاريخي الصعب ، كما اشتهرت بتقديم الإعلانات الخاصة بالأسرة والتي قدمها المركز القومي للمرأة ، وتم تكريمها في ختام أعمال المهرجان القومي للمسرح عام 2010 عن مجمل أعمالها الفنية ، كما كرمتها وزارة الصحة ومنظمة اليونيسيف عام 2008 لجهودها في الفيلم التعليمي الخاص بمرض أنفلونزا الطيور، وحصلت على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في مسلسل "يتربى ف عزو" من مهرجان القاهرة للإعلام العربي الثالث عشر عام 2007 ، بالإضافة إلى درع التكريم من مهرجان أوسكار السينما المصرية عام 2008 . وللفنانة الراحلة شقيقة كانت تعمل بالفن وهي الممثلة نعمت مختار والتي ولدت في 16 نوفمبر 1932 وتوفيت في 9 نوفمبر 1989، وكانت شائعات قد تناثرت طوال الشهر الماضي بخصوص وفاة الفنانة الكبيرة كريمة مختار، واثار برنامج "البداية" بالقناة الثانية جدلاً بعدما أعلن في ديسمبر الماضي خبر وفاتها قبل أن يتضح عدم صحته، ومنذ عامين تقريباً كانت تعرضت لوعكة صحية.. وقالت وقتها في حوار صحفي إنه لم يسأل عنها سوي أبنائها والمقربون لها ، وأضافت " هذا أمر طبيعي، فأنا لم أسع من قبل أو سعى احد من طرفي أن يبلغ الإعلام بحالتي الصحية فهذه الأمور لم تشغلني أبدا ولم أكن يوما من الذين يسعون لعمل ضجة إعلامية من حولهم فأنا أعمل في هدوء وما يهمني هو حب الناس في المقام الأول والاخير فهذا يكفيني فحينما استمع لكلام اعجاب الجمهور الذى يزيدني حرجا أشعر أنى نجحت "، وحول سبب عدم اتجاه احد ابناءها للتمثيل أضافت " أولادي لم يحبوا الفن فحياتنا كانت صعبة بها مجهود شاق والوقت مسروق فلم يحب أبنائي أن يعيشوا بهذه الطريقة وهذا امر أسعدني حتى يعيشوا حياتهم بشكل هادئ وقد اختار كل منهم المهنة يحبها فاختار معتز الاعلام وحقق نجاحا كبيرا لأنه اختار مهنة بحبها " ، وعن النماذج القادرة على لعب دور الأم مثلها أكملت " لم ولن تختفى في ظل وجود فنانات أصحاب موهبة حقيقية مثل عبلة كامل التي أراها تكمل مسيرتي ولو كان هناك اقتراح لتقديم قصة حياتي في مسلسل سيرة ذاتية لرشحتها على الفور لتلعب دوري فهي فنانة رائعة وجميلة واداؤها هادئ وناعم يذكرني بنفس أسلوبي" . واعترفت الراحلة كريمة مختار بأنها حاولت تغيير الشخصية الطيبة التي اعتاد الناس رؤيتها فيها في سباعية مع المخرج الراحل يحيى العلمي، وقالت " قدمت شخصية شريرة يلقي البوليس القبض عليها إلا أنها فشلت فشلاً كبيراً، لأنه كان يوجد إجماع لدى الجميع على حصري في دور الأم، وحتى التنويهات التي قدمتها لتنظيم النسل وجفاف الأطفال وضعتني في القالب نفسه، وهذا دليل على نوع ما من الصلاحية. والحمد لله أنني على مدى سنوات طويلة وإلى الآن أسير في خط مرضٍ ومحترم" . وتتذكر بدايتها مع دور الأم، وتقول: «بعد مسلسل «القاهرة والناس» لم ارفض دور الأم الذي وضعت فيه، لم يعد يهمني موضوع السن أو من سيجسد شخصية ابني، بدليل أنني كنت أماً لسمير صبري في فيلم «بالوالدين إحساناً» وهو يكبرني بسنتين. وتشير مختار إلى رضاها عن مشوارها الفني، قائلة «في العمل ابذل أقصى طاقة لدي وأتعامل مع الآخرين باحترام وصدقية، وأمام التقلبات الكثيرة لم أغير أسلوبي ولم أقدم أي تنازلات أو عملاً يحتوي على شبهة مجاملة». وتعاونت مختار مع الراحل فريد شوقي في عدد من الأفلام السينمائية إلى جانب مسلسل «البخيل وأنا»: «أعمالي معه لاقت نجاحاً كبيراً وأعتز جداً بهذه الفترة من حياتي، كما كان عبد المنعم مدبولي إنساناً جميلاً وشخصية فنية يندر أن تتكرر». ورغم تأثر حركتها بالسن إلا أنها ظهرت في أكثر من دور وهي جالسة مثل فيلمي "الفرح" و"ساعة ونص"، ومسلسل "دلع البنات"، الأمر الذي يعكس حبها لفنها وجمهورها، وآخر أعمال النجمة الكبيرة كان مسلسل "المرافعة" الذي تم عرضه في عام 2014، من تأليف تامر عبد المنعم وإخراج عمر الشيخ وشارك في بطولته باسم ياخور وشيرين رضا ودوللي شاهين ودينا وعدد آخر من الفنانين.