وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر بعد صراع مع المرض    نتنياهو: الحرب في قطاع غزة على وشك النهاية ولكن    ترامب: لم أحسم قراري بشأن تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك"    عاجل | أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر.. أرقام قياسية يحققها المعدن الأصفر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    مشيرة إسماعيل: عشت أجواء حرب أكتوبر وسط الجنود على الجبهة وحضرت كل المعارك من تاني يوم (فيديو)    ماجد الكدواني: شخصيتي في «فيها إيه يعني» تشبهني.. إنسان عاوز يرضي الكل    هل يمكن ل غادة عادل الدخول في قصة حب جديدة؟.. الفنانة ترد    نائب رئيس حزب المؤتمر: الشراكة المصرية السعودية ركيزة استقرار الشرق الأوسط    استطلاعات رأي: غالبية الفرنسيين يؤيدون استقالة ماكرون من منصبه    بعثة منتخب مصر تصل إلى المغرب لمواجهة جيبوتي في تصفيات كأس العالم (صور)    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    بلاغ كاذب.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بناهيا | صور    تحميل التقييمات الأسبوعية 2025-2026 لجميع المراحل الدراسية (PDF).. رابط مباشر    وزيرة التخطيط: هدفنا تحسين جودة حياة المواطن.. وسقف الاستثمارات الحكومية رفع مساهمة القطاع الخاص ل57%    بعد تغيير أسعار الفائدة.. أعلى عائد على شهادات الادخار المتاحة حاليًا بالبنوك (تفاصيل)    اشتباكات عنيفة بين قوات «قسد» والجيش السوري في حلب    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    جريمة في قلب التاريخ.. سرقة لوحة أثرية من سقارة بطريقة غامضة    قرار جديد بشأن البلوجر دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة    تحرك أمني عاجل بعد بلاغ وجود أطفال داخل ماسورة غاز في الجيزة (صور)    التموين: صادرات السكر البني إلى دول الكوميسا بلغت 40 ألف طن العام الماضي    النيابة الإدارية تُهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر    منسيات 6 أكتوبر .. الاحتفاء بالفريق "الشاذلي" يُنسب إلى "مرسي" و"المزرعة الصينية" تفتقد القائد "عبد رب النبي حافظ"    البيت الأبيض يرفض تأكيد أو نفي إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا    ترامب يُعلن عن مفاوضات مع الديمقراطيين لإنهاء الإغلاق الحكومي في البلاد    أيمن عاشور: خالد العناني أول عربي يفوز بمنصب المدير العام لليونسكو بتصويت غير مسبوق منذ 80 عاماً    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    تسليم التابلت لطلاب أولى ثانوي 2025-2026.. تعرف على رسوم التأمين وخطوات الاستلام    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الثلاثاء 7102025    «عيدك في الجنة يا نور عيني».. الناجية من«جريمة نبروه» تحيي ذكرى ميلاد ابنة زوجها برسالة مؤثرة    هدد خطيبته بنشر صورها على الواتساب.. السجن عامين مع الغرامة لشاب في قنا    بالصور.. إزالة 500 حالة إشغال بشارعي اللبيني والمريوطية فيصل    شواطئ مطروح ليلة اكتمال القمر وطقس معتدل    عيار 21 الآن يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في الصاغة    وثائقي أمريكي يكشف أسرار حرب أكتوبر: تفاصيل نجاح استراتيجية السادات في خداع إسرائيل وانهيار أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    اشتغالة تطوير الإعلام!    «أكتوبر صوت النصر».. الجيزة تحتفل بذكرى الانتصار ال52 بروح وطنية في مراكز الشباب    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    إنعام محمد على: مسلسل «أم كلثوم» كان معركة مع الشكوك والهجوم.. وصابرين انتصرت في أصعب اختبار    نائب وزير الصحة يحيل الطاقم الإداري بمستشفى كفر الشيخ للتحقيق    «هيفضل طازة ومش هيسود طول السنة».. أفضل طريقة لتخزين الرمان    ميثاق حقوق طفل السكر.. وعن سلامة صحة الأطفال    بمكونات في المنزل.. خطوات فعالة لتنظيف شباك المطبخ    ميدو: صلاح يتعرض لحملة شرسة لتشويه صورته    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يخوض مرانه الأول بالمغرب    الصباحي يوضح قانونية تغيير مسدد ركلة الجزاء بعد قرار الإعادة    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    للمرأة الحامل، أطعمة مهدئة للمعدة تناوليها بعد التقيؤ    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار "الخطوط الحمراء".. سليمان الحكيم يكشف تفاصيل "المقالات الممنوعة"
نشر في بوابة الشباب يوم 01 - 01 - 2017


تصوير : محمد عبد المجيد
ما أملكه لا يباع.. وليس عندهم ما أشتريه
لا يمكنني منافقة أحد تلاميذي أو من يراني "عابر سبيل" يقف علي الأبواب في انتظار الرضاء
كتبت أن الرئيس أصبح سؤالاً بعدما كان إجابة.. ولكنهم اعتبروا مقالي هجوماً عليه ومنعوا نشره
نعم هناك إنجازات.. ولكننا فى وقت نحتاج إلى التواضع وتعاطي الدواء علي جرعات بسيطة وإلا تحول لسم قاتل
كلما كبر رئيس التحرير في نظر نفسه.. كان كبيراً أمام أى مسئول وبإمكانه حماية من يكتبون عنده
شعرت بالإهانة لأنني بعد 45 عاماً في الصحافة كنت أفتح الجريدة مثل أى قارئ وأفاجأ بأن مقالي غير منشور
أعتمد في حياتي علي معاش قيمته 900 جنيه أعيش بهم سعيداً لأنني أرتدي ملابسي من "البالة"
زوجتي الراحلة عائلتها كانوا وزراء ورجال أعمال في سوريا.. وعندما مرضت شعرت بعجزي لأن كل أمراضها كان سببها فقري
كل المناصب زائلة وتحمل لقب "سابق" إلا الصحفي.. ولذلك يكفيني أن يدي ظلت طاهرة وفقري شهادة بأن رأسي بلا "بطحة"
كنت محتاجاً للمكافأة التى أتقاضاها عن مقالاتي.. ولكن عزة نفسي أكبر من أموال الدنيا كلها
أعيش في المستوي الذي أتكلم منه بمبادئي وأنا صادق.. فلا أحد يتهمني عندما أتكلم عن الفقراء والغلابة بأنني أتاجر بأحلامهم
هناك انفصال نفسي بيني وبين حمدين صباحي.. وتحولنا من "توءم ملتصق" إلي شخصين منفصلين لكل منا طريقه
طوال مشواري في الصحافة لم أُسخّر قلمى تأييدا لنظام أو رئيس سوى الرئيس السيسى ونظامه.. ولهذا من حقى وواجبى أن ألومه أو أعاتبه
أنا علي خلاف مع الرئيس لكنني غير مختلف عنه.. في الأهداف العامة أنا "سيساوي" ولكننا نفترق في طرق الوصول
بعض الصحفيين يعتبرون أنفسهم "أبواق النظام" ولكنهم السبب الأول في انخفاض شعبية الرئيس
لأول مرة سأكشف عن مفاجأة.. ذهبت إلي قطر عقب ثورة 30 يونيو بتكليف من جهة ما بالدولة لمساعدة بعض المعارضين في العودة
رفضت الجلوس مع عاصم عبد الماجد لكيلا أضطر للسلام عليه لأن يديه مخضبة بالدماء.. واعتذرت عن عدم قبول"عزومة" القرضاوي
مصر تحارب الفساد ولكنها لا تحارب المفسدين.. وتحارب الإرهاب ولكنها لا تحارب الإرهابيين
طالبت بالإفراج عن مبارك الشخص لأن العفو لا يعنى التسامح.. ولكنه التسامى أمام رجل أخذ وأعطى وأخطأ وأصاب ونجح وأخفق
كثيرون تقابلهم وتسمعهم وتعتقد أنهم يدافعون عن مواقف حسبما تتغير الظروف والأحوال..ببساطة هم رجال سياسة حسبما ترسي بوصلة المصلحة يتوجهون، ولكن قليلين من تدور حولهم الدوائر وهم ثابتون علي آرائهم.. ومنهم الكاتب الكبير سليمان الحكيم والذي يحمل تجربة إنسانية وصحفية تجعله يقبل الجميع بكل آرائهم المتناقضة.. ولكن المؤسف أن البعض لم يحترم هذا التنوع حتى معه هو شخصياً، فهو أحد الذين قرروا الوقوف في منتصف الطريق بين التهويل والتهوين.. فكان نصيبه تلقي السهام من الجانبين، وفي حياته مشوار طويل يستحق التأمل.. بالتأكيد لن نتوقف عند تفاصيلها كثيراً حتى لا "نحرق الأحداث" لقارئ"الشباب" والذي يتابعها فعلاً في سلسلة مقالات ممتعة تنشر شهرياً بالمجلة، ولكن بيت القصيد في السطور التالية هو بعض مقالاته التى تم منعها من النشر مؤخراً، فماذا كان مضمونها ولماذا اختفي وكيف عاد للكتابة من جديد وكيف يري المشهد الإعلامي والسياسي الحالي؟ وهنا لن نتوقف مع مصطلحات معقدة أو فلسفة رجل يدعي أنه يحتكر الحق والصواب، ولكنك عزيزي القاريء ستكتشف ببساطة أنك أنت الذي يتكلم.. أو علي الأقل صاحب الكلام يشبهك كثيراً..
وملاحظة أخيرة: للأمانة.. هناك أجزاء في هذا الحوار أيضاً "ممنوعة"، فقد تطرقنا خلال نحو ساعتين لمسائل كثيرة وأسماء ربما تهم القارئ أو يسعي وراءها أصحاب "العناوين المثيرة" والخبطات الصحفية الوهمية، ولكن سليمان الحكيم يعرف جيداً أن العيب لا يرد بعيب.. وأيضاً رفض تجريح حتى من جرحوه.
نبدأ بسؤال مباشر.. مقالاتك المنوعة ماذا كان مضمونها؟
أنا أراه نقداً.. ولكنهم – الذين يريدون تصنيف الناس بمنطق معنا أو علينا - اعتبروه هجوماً علي بعض رجال الأعمال والبرلمان، كنت أرفض مشاركة أحدهم في الإنفاق علي الاحتفالات الكبري لأن هذا معناه تداخل مصالح.. ببساطة كيف ستناقش ضده قوانين محاربة الاحتكار، وأيضاً كيف سيكتب الإعلاميون في قضايا تخصه وهم كانوا ضيوفاً عليه بشكل أو بآخر، أيضاً هناك مقال ثان رداً علي مقال لكاتبة اعتبرت أن الرئيس موقفه صحيح دائماً بينما الشعب مخطئ..
فقلت ببساطة إن هذا الشعب هو نفسه الذي تحمل الكثير وكان صاحب قرار انتخاب الرئيس نفسه بأعلي نسبة تصويت ومن قبلها أيده في كل قراراته وقام بتفويضه، فهل هذا كان خطأه؟ أنا فقط سألت رداً علي ما كتبت هي، علماً بأنني لم أذكر اسمها لكيلا أحرج أحداً، ولكن يبدو أن كلامي لم يعجبهم لأنهم لم يقرأوه كما قصدت كدفاع عن الشعب.. وفسروه بأنه هجوم علي الرئيس، وهذا لا يصح بالتأكيد، وهناك مقال آخر لم ينشر كنت أتكلم فيه عن أن الرئيس أصبح سؤالاً بعدما كان إجابة..

ماذا تقصد؟
لو سألت أى مواطن عادي عن كيفية القضاء علي الإرهاب أو حل أى أزمة اقتصادية.. كانت الإجابة هي: السيسي، ولكن بعدما تعقدت بعض المشاكل وزادت أصبح الرئيس هو محور كل الأسئلة، نعم هناك إنجازات.. ولكن بالنظر إلى الواقع لا نجد أثرا لكل ما جرى إنفاقه من أموال قد انعكس على حياة المواطنين بالإيجاب، فالتنمية الحقيقية هى التى ترقى بحياة الكادحين والمهمشين..
بخلاف ذلك لا تكلمني عن جنة تنتظرنا في المستقبل ونحن نعاني في يومنا، نعم للسيسى إنجازاته العملاقة ولكن لم نكن فى حاجة لمثل هذا التعمق فى وقت كنّا نحتاج فيه إلى التواضع أكثر والنظر تحت أقدامنا قبل أن نشرع فى التحليق بعيدا عن الأرض.
ولكننا قرأنا مقالات لك في نفس الجريدة أكثر حدة.. ورغم ذلك لم تمنع؟
تقاليد الصحافة علمتنا أن المقال ملك صاحبه والخبر ملك الجريدة.. وحالياً هناك حكم محكمة دستورية جعل مسئولية المقال علي كاتبه فقط ولا علاقة للجريدة ورئيس التحرير به، فلماذا هذا التضييق وأنا أتحمل مسئولية ما أكتب وأقول؟ عموماً..
ربما يكون ما نشر قبل ذلك مر سهواً، أو لم تكن هناك "توجيهات" ما.. أو كانوا يرونها ملائمة وقتها، كما أن ظروف وشخصية كل رئيس تحرير تختلف عن الآخر، وكلما كبر رئيس التحرير في نظر نفسه..كان كبيراً أمام أى مسئول وبإمكانه حماية من يكتبون عنده والدفاع عنهم وفهم ما يكتبونه، وأنا قضيتي فيما لم ينشر لأن الأصل هو أن ما أكتبه يمكن نشره لأنني أنقد فقط وهذا مشروع ومطلوب.
هل كانوا يخبرونك بأن المقال غير ملائم للنشر؟
للأسف.. كنت أفتح الجريدة مثل أى قارئ ولا أجد مقالي منشوراً، وهذه بالفعل إهانة لكاتب أعطي المهنة نحو 45 عاماً، حدث زمان أن كنت أكتب عموداً في جريدة الأحرار خلال فترة رئاسة تحرير الأستاذ صلاح قبضايا، وكتبت عن ممثلة لا داعي لذكر اسمها.. وقتها رفعت قضايا كثيرة جداً علي الصحفيين فكتبت مقالاً تساءلت فيه كيف تستطيع ممثلة سجن نحو 37 صحفياً، فاتصل بي رئيس التحرير وطلب مني تغيير المقال، وبعدما رفضت قال لي إن الحكاية متعلقة بمسئول كبير وقتها كان بإمكانه إغلاق الصحيفة نفسها، وبسبب طريقته المحترمة وتقديره لي وخوفي علي الصحيفة وافقت علي تغيير المقال، ويصعب علي بالتأكيد أن المسئولين عن الصحيفة الآن لم يقدروني، وأنا في سني هذه لا يمكنني منافقة أحد من تلاميذي حتى ينشر لي مقالاً.. ولا أفرض نفسي علي من لا يعرف تاريخي المهني أو يراني "عابر سبيل" يقف علي الأبواب في انتظار الرضاء.
هل تعتقد حسب نظرية المؤامرة الكلاسيكية أن النظام أو مسئول كبير هم وراء منع مقالات لك ولغيرك؟
ليس بهذا الشكل.."الرقيب الداخلي" لدي كل مسئول عن النشر هو صاحب القرار الآن، وغالباً هناك مواءمات بين هذا المسئول وما يعتقد أن الدولة تريده وفي مصلحتها.
عفواً قد يكون هذا وارداً حسب نظام تعيين رؤساء التحرير بالصحف القومية.. ولكننا هنا نتحدث عن صحيفة خاصة؟
في الصحف الخاصة أي رئيس تحرير لابد أن يكون مرضياً عنه.. قل لي من جاء رئيساً لتحرير صحيفة خاصة وهو في تناقض واضح مع السلطة سواء الآن أو قديماً؟
هل تعتقد أن بعض الذين يمدحون أو يجاملون الرئيس هم أكثر من يسيء له؟
بالتأكيد.. فمن المخجل أن نتهم شعباً عريقا وصابراً مثل المصريين بالتقصير لإظهارهم وكأنهم لا يستحقون الرئيس والذي هو أصلاً ممثل لهذا الشعب، وبعض الصحفيين يعتبرون أنفسهم "أبواق النظام" لكنهم هم السبب الأول في انخفاض شعبية الرئيس، فقل لي من هم أصدقاؤك أقل لك من أنت، وأنا علي خلاف مع الرئيس لكنني غير مختلف عنه.. أهدافنا واحدة ولكن طرق الوصول التى يراها قد لا تكون بالضرورة ما أعتقد أنها الأقصر، فالرئيس ضمن سياساته هناك ميل واضح تجاه رجال الأعمال.. بينما أنا أعتقد أنهم يعملون لحسابهم وليس للوطن أو "الغلابة".
وكيف تكون دولتنا قوية وهى عاجزة عن توفير كيس سكر للفقراء بينما لا تبخل عن الصرف ببذخ في مظاهر احتفالية لتأكيد وجودها على الأرض؟ هذا رأيي قد يكون مصيباً أو مخطئاً ولكنها في النهاية وجهة نظر لا أستحق معاقبتي بسببها، ولأول مرة سأكشف عن مفاجأة.. أنا ذهبت إلي قطر وقناة الجزيرة عقب ثورة 30 يونيو بتكليف من جهة ما بالدولة لكي أساهم في مساعدة بعض الناس للعودة لمصر مرة أخري.
من هم؟
أسماء كثيرة.. كانوا يوافقون علي العودة ولكن بشرط ألا يظهروا نهائياً في أى وسائل إعلام للحديث عن "التطهر" أو الاعتذار، أي لا يظهر الأمر وكأنها "استتابة" وإذا كان هناك تعهد بألا يعمل في السياسة لا يتم تداوله بشكل علني يجعل مصداقيتهم أمام من كانوا يتوجهون إليهم مهانة للأبد، وأنا كنت أميناً مع الجميع.. قلت إنني أضمن "الأمان" وحتى الخروج من المطار والوصول لمنازلهم ولكن ما يحدث فيما بعد سواء منهم أو من غيرهم ليس مسئوليتي، وبالتالي كانوا يتراجعون في آخر لحظة لأسباب تخصهم، أنا فعلت ذلك رغم أن اسمي كان مدرجاً ضمن قوائم الاغتيالات التى تم وضعها خلال اعتصام رابعة، ولكنهم اختاروني أنا بالذات لأننى لا أعمل لحسابي ولا أريد شيئاً، وبالمناسبة.. أنا كلامي كان مع أشخاص ليسوا إخواناً ولكنهم حسبوا أنفسهم عليهم.. فقد عزمني يوسف القرضاوي حينما كنت في الدوحة عن طريق ابنه عبد الرحمن ولكنني رفضت دعوته، والشيء نفسه فعلته مع صلاح عبد المقصود، ولذلك مهما انتقدت وهاجمت النظام.. أي نظام.. سيظل ينظر لي باحترام لأنني ليس لدي ما أخاف منه.. فما أملكه لا يباع وليس عندهم ما أشتريه، وطبيعي أن أى كاتب قد لا يجد من يشتهي كلامه، فأنا أعرض بضاعتي وأترك للجميع حرية الاختيار.
*بعد موقفك في ثورة 30 يونيو ومقالك الشهير "اغضب" والذي رد عليه الرئيس وقتها.. هل تخيلت أن تتعرض لمنع مقالاتك خلال عهد تؤيده؟
نهائياً، لم أتخيل أصلاً أنني سأقف في جهة المعارضة لهذا النظام، وسبق أن كتبت بالنص "طوال أربعين عاماً أمضيتها كاتباً فى بلاط صاحبة الجلالة كنت دائما من معارضى نظام الحكم فيها، جربت السجن والاعتقال والتشرد بسبب ذلك، ولم أُسخّر قلمى تأييدا لنظام أو رئيس خلالها سوى الرئيس السيسى ونظامه، ولهذا أرى أنه من حقى- بل من واجبى- أن ألومه أو أعاتبه حين أراه قد حاد عن الطريق الذى شاركته فى الدعوة إليه والسير على نهجه"، فهل هذه جريمة؟
وبالمناسبة.. أنا أول من أطلق وصف "رئيس الضرورة" علي الرئيس السيسي خلال الانتخابات الرئاسية والذي كرره الراحل محمد حسنين هيكل بعد ذلك، كما لم يفاجئنى الرئيس حين أقر بحقيقة أننا نعيش فى "شبه دولة".. فقبلها بشهرين كتبت مقالاً ذكرت فيه هذا الوصف لدولتنا ووقتها تعرضت لحملة كبيرة من بعض "الدراويش"، فأنا مع الرئيس السيسي ولكن بدون "شيك علي بياض".. فأنا أؤيده فيما يوافق مبادئي، وأمثالي مكانهم الطبيعي في المعارضة وموالاتنا الوحيدة للوطن.
المواقع المحسوبة علي الإخوان تشير لك ب"الصحفي المنقلب علي النظام"، ماذا يقصدون؟
أغبياء لأنهم يصنفون الكون كله حسب القرب أو البعد عنهم ومصالحهم، سأقولها صراحة.. أنا معارض ولكن من داخل البيت، وفي الأهداف العامة أنا "سيساوي".. ولكن عند التطبيق الأمر أكثر اتساعاً من رأى واحد ولا مقدسات في السياسة سواء لأشخاص أو أفكار، فأنا انتخبت رئيساً قال إن سنده الحقيقي هم الغلابة.. ولكن عندما يأتي الغلاء بهذا الشكل لابد أن نراجعه فيما اتفقنا عليه، وكما قلت "كيف ندعم دولة رفعت عنا الدعم"؟ ولمن يدقق.. أنا موقفي بجانبه صحيح، ولأنني أحترم نفسي ولا أدعي المبادئ فأيضاً عندما أكتب ضده أكون صحيحاً، فأنا معه حينما يقول إن لدينا مشكلات متراكمة منذ عشرات السنين مع فقر فى الإمكانيات وديون، وأيضاً موافق علي طموحات ورغبة ملحة فى الإصلاح والتغيير لتعويض ما فاتنا طيلة تلك الأعوام.. ولكنني أقول إنه كان يجب علينا أن نتناول الدواء جرعة بعد جرعة فى أوقات مناسبة، وليس إفراغ زجاجة الدواء فى جرعة واحدة ليتحول الدواء إلى سم قاتل فنصل به إلى الهلاك بدلا من الشفاء!
تقول إنك معارض من داخل البيت.. فلماذا تظهر في قنوات تحرض من خارجه؟
أنا مسئول عما أقوله.. وليس المكان الذي أتكلم منه، ومن حق المشاهد لهذه القنوات أن يستمع لوجهة النظر الأخري وإلا فنحن مشاركون في حالة "التغييب" التى قد تصيبه لأنهم يعيشون في عالم مواز غير موجود.
ربما هذا مهنياً.. ولكن إنسانياً كيف تتعامل مع أشخاص محرضين علي القتل؟
لم يحدث.. في الجزيرة عرضوا علي الجلوس مع عاصم عبد الماجد ولكنني رفضت لكيلا أضطر للسلام عليه لأن يديه مخضبة بالدماء، وليست كل "هرتلة" نعتبرها تحريضاً، وبعض الذين جلست معهم هناك مرضي نفسيون فعلا و"كذابون" ويعرفون جيداً أنهم يكذبون.
خلال الاحتفالات العامة والمناسبات القومية علي مدي السنوات الماضية..ما سبب اختفائك رغم أنك كنت مؤيداً بشكل كبير للنظام الحالي؟
ممكن تختار شخصاً ليسير معك في طريق لأنك تطمئن لنواياه وتعرف تاريخه وتقدر صدق نصيحته ومتأكد أنه لا يريد شيئاً، ولكنك أيضاً تعرف أنه ليس معك علي طول الخط ويؤيد ويعارض حسب ما تفعله وليس دائم "التطبيل" أو "الهجوم" لغرض ما في نفسه..
ولذلك كله قد ترحب به ولكن تحسبه علي فريقك.. فهمت؟ أنا رجل واضح وصريح.. قلت إن مصر تحارب الفساد ولكنها لا تحارب المفسدين، وتحارب الإرهاب ولكنها لا تحارب الإرهابيين، ومصر طوال عمرها هكذا..اشتراكية بدون اشتراكيين، ورأسمالية بدون رأسماليين.
بمناسبة المعارضة، ألا يدهشك أن بعض المحسوبين علي نظام مبارك الإعلامي يرفعون راية المعارضة حالياً؟
تخيل أن رجلاً كان متزوجاً من سيدة سيئة السمعة، وكلما جاءه ناصح أمين بأن فلانة هذه تفعل كذا وكذا يغضب ويقتله، واستمر بسبب حبه أو مصلحته يغتال كثيرين ويطعن في ذممهم وشرفهم ويتناسي نفسه.. وحينما تدور الأيام ويتم ضبطها متلبسة يدعي الشرف ويؤكد أنه لم يكن يعرف وتم خداعه.. وتأكيدا في غسيل سمعته لا يجد أمامه سوي أن يرتدي ثوب المعارض الثائر والمحارب ضد ما يراه "الفساد"، طبعا أنا لا أصدقهم..وقولهم حتى ولو كان حقاً قد يراد به الباطل، ولا داعي للحديث أكثر من ذلك.
هل كنت جاداً حينما كتبت مطالباً بالإفراج عن حسني مبارك؟
كان هذا منذ عامين ومازلت مصمماً علي كلامي، فقد أخطأنا بمحاكمة مبارك الشخص والذي قد يكون بريئاً ولم نعقدها لمبارك النظام والذي ارتكب جرائم عديدة أبسطها الإفساد السياسى والمالى وأعلاها الإفساد الأخلاقى، وحين جاء يوم 25 يناير لم يكن مبارك ارتكب جريمة مثل "قتل المتظاهرين" التى حوكم عليها وكان موقفه المعلن منهم"خليهم يتسلوا"..
وبالتالي الثورة لم تقم على شخصه وإنما نظامه،العفو الذي طلبته له لا يعنى التبرئة ولا يعنى حتى التسامح.. ولكنه التسامى والترفع أمام رجل أخذ وأعطى وأخطأ وأصاب ونجح وأخفق، فقد حكم عليه الزمن بالإعدام عجزا كما حكم عليه الشعب بالإعدام خلعاً.. وهذا يكفى ويزيد.
كيف عدت للكتابة مرة أخري.. سمعنا أن هناك وساطات تمت؟
كلها وساطات بدون علمي.. الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد والفريق أحمد شفيق وعصام كامل، وكثيرون قالوا لي إنهم توسطوا، وهم أكبر من كونهم يتفضلون علي أو يدعون ذلك.. وأنا فعلاً أحوج ما أكون للمكافأة التى أتقاضاها عن مقالاتي، ولكن عزة نفسي أكبر من أموال الدنيا كلها، فأنا أتقاضي منهم ألفي جنيه..
وهذا أقل راتب يتقاضاه كاتب مقال هناك، وأنا لدي شعور بالرضاء والقناعة لأن هذا المبلغ كان منذ سنوات مناسباً جداً، وشعرت بالخجل أن أطلب الزيادة رغم أن كل من جاءوا بعدي تلاميذي ويتقاضون أضعافي ولكن الحمد لله علي كل حال.
آسف لو كان السؤال محرجاً.. خلال فترة منع المقالات كيف كانت أحوالك المادية؟
أنا طوال عمري يدي طاهرة وصحفي شريف.. وأمثالي لا يخجلون من فقرهم لأنه وسام علي صدورهم وشهادة بأن رؤوسهم بلا "بطحة" ورقابهم في السماء، وسأتكلم معك بكل بساطة وصراحة.. أنا خريج كلية الآداب قسم صحافة.. وأنا وحلمي سالم ورفعت سلام فقط من الدفعة الذين عملوا في الصحافة، وبعد 45 عاماً في المهنة أعتمد بشكل كامل علي معاشي وقيمته 900 جنيه، وأنا كنت أعيش بهم وكنت سعيداً وراضياً، فأنا بلا أى التزامات أو تطلعات، فأنا حتى اليوم أرتدي ملابسي من "البالة".. نعم أقولها بدون كسوف لأن الفقر ليس عيباً، فأنا منذ صغري كنت أعمل شيالاً في سوق الخضار بينما خالي كان كبير تجار السوق، ولكن الذي كشف غطاء الدنيا أمامي مرض زوجتى رحمها الله.. يومها فقط شعرت بعجزي..
أعز إنسانة في حياتي وعشرة 35 عاماً كنت أقف أمام مرضها مكتوف اليدين ولا أملك سوي الجري وراء نقابة الصحفيين ليساعدونا في تكاليف العلاج، وللأسف منعوا المكافأة عندما منعوا المقالات وهو ما أثر علي نفسياً أكثر منه مادياً.. ولكن الحمد لله علي كل شيء، فأنا حققت ما أتمناه.. ربيت أولادي وتزوجوا وأعتبر نفسي في أهم منصب.. فأنا صحفي، فكل المناصب تحمل بعدها لقب "سابق" إلا الكاتب الصحفي أو الطبيب أو المحامي، فماذا أتمني أكثر من ذلك؟!.
هناك شيء لفت انتباهي.. عندما قرأت نعي زوجتك الراحلة كان يبدو أنها من أسرة ثرية، كيف كانت حياتها معك؟
ربما قرأت النعي كالتالي، توفيت السيدة نوال حسون زوجة الكاتب الصحفي سليمان الحكيم وشقيقة كل من رجل الأعمال زهير حسون والمهندس زياد حسون والوزير السوري عماد حسون ورجل الأعمال محمد حسون والدكتور جهاد حسون وسليلة عائلة حسون الشهير بالحمصي في سوريا، ورغم ذلك كلهم رحبوا بي عندما تقدمت للزواج منها رغم أنني لم أكن أملك سوي أخلاقي ومبادئي وشرفي.. حماتي فقط كان لديها اعتراض لأن شقيقها هو أحمد عسة رئيس تحرير الرأي العام وهو كان المستشار الخاص للملك فيصل ثم الممثل الشخصي للملك المغربي الحسن الثاني، ابنته كانت متزوجة من أول رئيس وزراء في إيران بعد ثورة الخوميني، تخيل مع كل ذلك.. وأنا أصلاً مطارد وبلا عمل وحالتى صعبة، كانوا يرسلون لها تذاكر السفر لكي تزورهم ولكنها كانت تذهب مع ابنتنا إسراء بالأتوبيس لمدة 3 أيام في عز البرد وعندما تصل تعطي لهم التذاكر لأنها لا تقبل أن ينفق عليها أحد سوي زوجها مهما كانت إمكانياته بسيطة، وهذا ما كان يجعلها "غالية جداً" في عيني، وللأسف عندما مرضت شعرت بأن الدنيا صغرت في عيني لأنني غير قادر علي رد جميلها بتلبية تكاليف علاجها، صحيح أن المرض كان أقوي ولكني وقتها شعرت بأنني السبب..
فهي أصيبت بأمراض كثيرة كلها بسبب الفقر، مثلاً أصيبت بفشل كلوي بسبب الماء الملوث لأننا نسكن في بيت بسيط بمنطقة قليوب..وصدقني أنا راض تماماً بحالي لأنني أعيش في المستوي الذي أتكلم منه بمبادئي وأنا صادق.. فلا أحد يستطيع أن يتهمني عندما أتكلم عن الفقراء والغلابة في هذا البلد بأنني أتاجر بأحلامهم لأنني بالفعل أعيش بينهم ولا أدعي البساطة.
عشت سنوات طويلة في سوريا وتزوجت منها.. كيف ترى ما وصلت إليه الآن؟
بالتأكيد لدي شعور بالأسي.. فهذا شعب عريق جداً ويعشق المصريين، سأروى لك حكاية.. في بداية حياتي هناك كنت أعيش في منطقة علي أطراف دمشق، وكان يوجد محل بقالة بسيط أسفل المنزل اعتدت أن أرسل له بورقة الطلبات ومعها النقود.. فكان يرد بكل ما طلبته ومعه الأموال مؤكداً رفضه تقاضي أى مقابل لأننى "ضيف" ولابد من إكرامه، وبسبب هذا الكرم خجلت من البقاء في هذا البيت وتركته، عموماً هو مجتمع متعدد الأطياف والأمزجة والجهات، والشهور القادمة سنعيش فيها تغييرات كثيرة.. أنظر للرئيس الأمريكي الجديد، لو ركزت قليلاً ستجد أنه يشبه "محمد مرسي"..
لم يأت من هيكل الدولة الإدارى أو المؤسسة العسكرية، ورجح فوزه "عاصرو الليمون" والذين كانوا ضد هيلاري وليسوا معه بالضرورة، والدولة العميقة ستكون ضده، أنظر إلي الصورة الشهيرة التى تم نشرها لموظفي البيت الأبيض وهم في حالة ذهول وغضب عندما كان ترامب يقابل أوباما.. ألم تكن هي نفسها مشاعر موظفي قصر الاتحادية خاصة مع الحكايات التى سمعناها عقب ثورة 30 يونيو؟ ولذلك أنا متوقع لهذا الرئيس لو حاول تنفيذ ما وعد به خلال حملته.. إما أن يغتال أو لن يكمل مدته الرئاسية.
*أخيراً..أسألك عن صديقك القديم حمدين صباحي، هل بعد موقفك من انتخابات الرئاسة الماضية مازال الود قائماً؟
هناك انفصال نفسي.. من توءم ملتصق إلي شخصين منفصلين لكل منا طريقه، عموماً بدون تفاصيل.. بيننا عشرة عمر ومواقف لا تنسي، ولكن لقاءاتنا حاليا تقتصر على "صوانات العزاء".. فقط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.