لليوم الرابع على التوالي محافظ شمال سيناء يتابع عمليات النظافة بالعريش    الخزانة الأمريكية: نعمل لتنفيذ توجيهات ترامب بشأن عقوبات سوريا    منتخب الشباب يخسر أمام المغرب ويودع أمم إفريقيا من نصف النهائي    اعترافات المتهم بضرب سيدة شبه عارية أمام مستشفى بالمطرية: كنت عاوز أسترها    سباك يحتجز ابنته ويعتدي عليها جنسيًا لمدة 10 أيام في الحوامدية    بحضور سفيرة الاتحاد الأوروبي.. مكتبة الإسكندرية تستضيف عرض الفيلم الإسباني النجم الأزرق    توجيه مهم من السياحة للشركات قبل الحج 2025 -(تفاصيل)    وفد اللجنة الأولمبية يشيد بتنظيم بطولة إفريقيا للمضمار    النائب عاطف مغاوري يطالب بإسقاط مشروع قانون الإيجار القديم وتدخل الرئيس السيسي    وزير التعليم يتخذ قرارات جريئة لدعم معلمي الحصة ورفع كفاءة العملية التعليمية    سفير فلسطين بالقاهرة: نكبة 1948 تسببت في تهجير نحو 850 ألف فلسطيني    "ملف اليوم" يسلط الضوء على غياب بوتين عن مباحثات السلام مع أوكرانيا بتركيا    6 أبراج تحب الحيوانات.. هل أنت منهم؟    شام الذهبي تحتفل بعيد ميلاد والدتها أصالة نصري ال 56 وتوجه رسالة لها    أمين الفتوى: التجرؤ على إصدار الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر    البحيرة: الكشف على 637 مواطنا من مرضى العيون وتوفير 275 نظارة طبية بقرية واقد بكوم حمادة    استعدادا للامتحانات، أطعمة ومشروبات تساعد الطلاب على التركيز    خبير دولي: روسيا لن تتراجع عن مطالبها في أوكرانيا.. والموارد تلعب دورًا خفيًا    في اتصال مع مبعوث ماكرون.. المنفي: لا تساهل مع من ينتهك وقف إطلاق النار    شكرًا للرئيس السيسي.. حسام البدري يروي تفاصيل عودته من ليبيا    مد الفترة المخصصة للاستديوهات التحليلية في الإذاعة لباقي مباريات الدوري    إعلان الفائزين بجائزة «المبدع الصغير»    مهرجان العودة السينمائى يُكرّم أحمد ماهر وسميحة أيوب وفردوس عبد الحميد    «ملامح من المنوفية» فى متحف الحضارة    أتلتيكو مدريد يسقط أمام أوساسونا بثنائية في الدوري الإسباني    ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. اعرف رد الإفتاء    هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    دايت من غير حرمان.. 6 خطوات بسيطة لتقليل السعرات الحرارية بدون معاناة    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    لابيد بعد لقائه نتنياهو: خطوة واحدة تفصلنا عن صفقة التبادل    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    الأهلي يبحث عن أول بطولة.. مواجهات نصف نهائي كأس مصر للسيدات    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    لانتعاش يدوم في الصيف.. 6 إضافات للماء تحارب الجفاف وتمنحك النشاط    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    خطف نجل صديقه وهتك عرضه وقتله.. مفاجآت ودموع وصرخات خلال جلسة الحكم بإعدام مزارع    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وصدقت نبوءة أسامة أنور عكاشة.. بعد 28 عاماً الجالسون حول فيلا أبو الغار يرفعون"الراية البيضا"
نشر في بوابة الشباب يوم 05 - 12 - 2016

مسلسل إهمال تاريخ الإسكندرية يكتمل : بلدوزر المعلمة " فضة " هدم الفيلا الأثرية التى شهدت تصوير المسلسل
قصة المسلسل حقيقية .. والمعلمة " فضة " كانت فى الأصل تعمل تاجرة خردوات فى منطقة السيالة
16 حلقة تحولت إلى " معارك " والممثلون انقسموا إلي جيشين.. وعمار الشريعى استغل نجاح الموسيقى التصويرية بعد ذلك فى فيلم وأغنية
محمود مرسى أشاد بشخصية الدكتور مفيد ثم فاجأ أسامة أنور عكاشة بقوله: " الدور ده بينادى جميل راتب "
سناء جميل قامت بتفصيل كل ملابس المعلمة فضة بنفسها .. وكانت تعامل الجميع بقسوة بسبب اندماجها فى الدور
محمد فاضل : الفن يتنبأ بالمستقبل ولا يرصد الواقع فقط .. ولذلك توقعت مع عكاشة هدم فيلا عثمان باشا محرم
مبادرة " أنقذوا الإسكندرية " : 33 مبنى تراثيًا تم إخراجها من مجلد الحفاظ على التراث خلال أقل من شهرين
بلدوزر المعلمة فضة هدم فيللات أجيون وأمبرون وسباهي وسينما لاجيتيه ومبنى شيكوريل .. والبقية تأتى
في عام 1988 تابع ملايين المصريين بشغف كبير العرض الأول لمسلسل " الراية البيضا " .. وكثيرون لا يعرفون أن بعض تفاصيل القصة مستوحاة من حادثة حقيقية، وأن المعلمة " فضة المعداوي " كانت في الأصل تعمل تاجرة خردوات في منطقة السيالة بمدينة الاسكندرية ، ولكن قام الكاتب أسامة انور عكاشة بتغيير وظيفتها في المسلسل إلى تاجرة في حلقة السمك ، وفي تيتر بداية المسلسل كتب عكاشة: " أحداث هذا المسلسل حقيقية .. حدثت ولا زالت تحدث " وكأنها كانت نبوءة بالتشويه الذي سيطال تاريخ الإسكندرية ، وللأسف التحذير الذي أطلقه عكاشة منذ 28 عاماً لم يلتفت إليه أحد .. ولذلك طالت الكارثة حتى فيلا د. مفيد أبو الغار نفسها .. وبالتالي اضطر الجالسون حولها إلي رفع " الراية البيضاء ".
ملخص الحكاية
لمن لم يتابع الحكاية .. المسلسل كان يبدأ بهتاف شهير للعملاقة سناء جميل "ولا يا حمو .. التمساحة يالا " وهو توصيف كان مشهوراً خلال هذه الفتره لماركات السيارات مثل خنزيرة وتمساحة وبودرة وهكذا ، المسلسل كان بطولة جميل راتب وسناء جميل وهشام سليم وسمية الألفي وسيد زيان ومحمد متولي وسيد عزمي وسيد عبد الكريم وهادي الجيار ومحمود الحديني ونبيل دسوقي وآخرين ، والفكرة العامة للمسلسل يمكن حصرها في الحرب بين " الجمال والأصالة والذوق " من جانب .. و" توحش رأس المال والقبح والعشوائية " من جانب آخر، وتدور الأحداث حول دبلوماسي سابق يعود لمسقط رأسه بالإسكندرية بعد رحلة طويلة ليدافع عن فيلا رائعة أثرية تحتوي علي مكتبة نادرة ولوحات لا تقدر بمال .. ويدخل في حرب حقيقية صاغ تفاصيلها بإحكام أسامه أنور عكاشة والمخرج محمد فاضل أمام تاجرة الأسماك المعلمة " فضة المعداوي" والتى تريد شراء الفيلا بأي ثمن وبأى وسيلة لهدمها وتحويلها لبرج سكني وتجاري، نشاهد فريقين تم تنظيم معاركهما بحبكة ..
الأول يضم السفير مفيد أبو الغار " جمل راتب " ومعه الصحفية أمل صبور " سمية الألفي " والفنان التشكيلي هشام أنيس " هشام سليم " وأستاذ الفلسفة عربي البحر " هادي الجيار " والمحامي أنيس عبد الحليم " نبيل دسوقي " والدكتور صبور " عبد الغني ناصر " ومدير المنزل مطاوع " محمود الحديني "، وعلي الجانب الآخر تقف المعلمة فضة المعدواي " سناء جميل " وصبيانها النونو " سيد زيان " وحمو " سيد عزمي " وابنتها سمحة الشاطر " وفاء مكي " والمعلم حنفي البحر " سيد عبد الكريم " والمحامي أبو طالب " محمد متولي " و رجب ساعي المكتب " أحمد صيام " ، وتم تقسيم الممثلين علي التيتر وكأنهم فريقين في حرب .. بل واعتمد تيتر البداية علي مشاهد من الحرب العالمية الثانية ، ثم يأتي صوت الفنانة فردوس عبد الحميد المميز وهي تقول: " عفواً.. ليست هذه حرباً عالمية جديدة.. ولكنها فضة " ، ورغم كثرة أحداثه وإيقاعه السريع .. ولكن المسلسل كله جاء في 16 حلقة فقط ، وكان المخرج المنفذ لهذا المسلسل مجدي أبو عميرة .. والموسيقي التصويرية للراحل عمار الشريعي والذي استخدمها في مسلسل " الراية البيضا " ثم قام الشاعر الكبير عبدالوهاب محمد بتأليف كلمات عليها وظهرت اغنية " أكتر من روحي بحبك " للفنانة لطيفة ..
وفي العام نفسه استخدمها الشريعي أيضاً كموسيقى تصويرية لفيلم "الجلسة سرية" بطولة محمود ياسين ويسرا ، وعلي هامش مسلسل " الراية البيضا " نذكر سريعاً أن الراحل أسامة أنور عكاشة سبق وروي أنه بعدما انتهي من كتابة المسلسل ذهب به إلي الراحل محمود مرسي والذي قرأ السيناريو وأعجب به كثيراً ، ثم أشاد بشخصية البطل مفيد أبو الغار وقال: إنها مكتوبة بعناية فائقة ومرسومة بلوحة تشكلية فريدة، ففرح عكاشة وطلب منه توقيع عقد البطولة .. ولكنه فوجئ به يقول " يا أسامة العقد ده اللي هيمضيه جميل راتب .. فأنا طيلة قراءتي للمسلسل لم أشاهد سوي جميل راتب في شخصية السفير الدكتور مفيد ، فالدور يناديه يا أسامة " ، وبالفعل ذهب الدور للفنان جميل راتب الذي عندما عرف هذه القصة صمم علي الذهاب إلي منزل محمود مرسي ليشكره ، والمعروف أيضاً أن سناء جميل في بداية حياتها كانت تعمل بالمسرح القومي .. إلي جانب تفصيل الملابس والمفارش لتتمكن من تدبير احتياجاتها ، والمدهش أن كل الملابس المميزة التى ظهرت بها المعلمة فضة المعداوي بالمسلسل كانت من تفصيلها.
فيلا أبو الغار
عرفنا المسلسل بتفاصيله .. والآن جاء دور الفيلا التى كانت مركز أحداثه وتم تصوير مشاهده بها ، وهي في الأصل كانت ملكاً لعائلة عثمان باشا محرم، شيخ المهندسين المصريين ونقيبهم الذي شغل منصب وزير الأشغال العمومية في 14 وزارة مختلفة، وكان عثمان محرم نقيبا للمهندسين قبل ثورة 23 يوليو عام 1952 وتنسب إليه مشروعات ضخمة مثل التعلية الثانية لخزان أسوان التي أسهمت في توسيع الرقعة الزراعية ووضع مشروع خزان وادي الريان وأول من نفذ فكرة المصارف المغطاة واهتم بتوليد الكهرباء من مساقط بحر المنزلة بالفيوم وأسهم في تعمير مدينة القاهرة وتوسيع وتمهيد شارع الهرم وإقامة تمثال نهضة مصر وتمثالي سعد زغلول في القاهرة والإسكندرية وضريح مصطفى كامل، ومن أكثر مواقفه شهرة كلماته وهو يتفاوض مع الإنجليز في لندن عام 1933 لدفعهم للضغط على إيطاليا لوقف عدوانها علي إثيوبيا ، حيث قال: "لقد ذقنا مرارة وألم الاحتلال على أيديكم، فلا نريد لإخواننا الإثيوبيين أن يتجرعوا مرارة نفس كأس الاحتلال على أيدى الإيطاليين" ، وفي نهاية حياته عاش مع أسرته في فيلته الأثرية الرائعة علي شاطئ الإسكندرية .. وهي نفسها التى شهدت تصوير مسلسل " الراية البيضا " ، والعجيب أن مصير الفيلا بالمسلسل تكرر في الواقع .. وتم هدمها كنموذج لتدمير جميع ملامح المدينة الأثرية والفنية والتراثية والثقافية ، والسيناريو دائماً واحد ..
تاجر ثري يشتري الفيلا ثم يقوم بسلسلة طويلة من الأعمال التخريبية الصغيرة التي تسببت في تشويه الشكل الجمالي للفيلا، وبالتالي تخرج من سجل المباني الأثرية الممنوعة من الهدم ، حيث يتم ترك خراطيم المياه مفتوحة بجوارها من كل جانب، فتتسرب المياه إلى أساسات الفيلا، وتصبح آيلة للسقوط ، ثم فجأة يستيقظ الناس علي مشهد البلدوزر ليهدم .. وخلال أيام تظهر معالم هيكل إسمنتي قبيح ثم أبراج سكنية عالية سعر الشقة فيها قد يساوي الثمن الذي اشتري به التاجر الفيلا نفسها ، والمخرج الكبير محمد فاضل ، مخرج مسلسل "الراية البيضاء"، أكد أن دور الفن هو التنبؤ بالمستقبل، وليس رصد الواقع فقط، ، ويضيف: " كانت رؤيتي، أنا والراحل أسامة أنور عكاشة، أنه سيتم هدم هذه الفيلات والقصور الأثرية عاجلاً أم أجلاً، وهذا ما نعيشه من وقتها وحتى اليوم" .
بلدوزر المعلمة فضة
فيلا أجيون بناها أحد أشهر المعماريين الفرنسيين وهو "أوجوست بيريه" قبل أكثر من 90 سنة، وهذا الرجل هو أحد أهم وأشهر معماري العالم، ورائد استخدام الخرسانة المسلحة في إنشاء المباني. وأحد أساتذة المعمار الشهير "لوكوريوزيه"وهددت القنصلية الفرنسية بتدخل اليونيسكو نظرًا لإدراج الفيلا في قائمة التراث العالمي .. ورغم كل ذلك تم هدمها دون الرجوع لأي متخصصين أو خبراء ورغم رفض لجنة التظلمات بوزارة الثقافة بشطب المبنى من القوائم الأثرية وتسجيله بقائمة الحفاظ على المباني والمناطق التراثية لمحافظة الإسكندرية، ومسلسل هدم تراث الإسكندرية لم يبدأ عند فيلا أبو الغار .. ومازالت حلقاته مستمرة حتى وقت كتابة هذه السطور، وإلي جانب قضية أرض المحافظة ومبنى "شيكوريل" الأثرى وفيلا الفنانة الكبيرة "آسيا داغر" ..
هناك أيضأً محاولات حالياً تقف أمام هدم مبني " الأتيليه " وهو يتميز بطراز معماري فريد بناه تاجر حلويات يوناني سكندري شهير هو “ تمفاكو “ عام 1893 ثم باعه بعد ذلك إلى تاجر أخشاب يهودي يدعى” يوسف كرم” الذي باعه بعدها للبنك الإيطالي الذي قام بتأجيره للأتيليه عام 1957 أي منذ 58 عاماً، ثم باعه البنك في أثناء فترة التأميم حتي وصل الي الملاك الحاليين وهم الجيل السابع للملاك … ولندرة وجمال طرازه المعماري فقد تم ضمه للآثار عام 2006 ، وتم تسجيل المبني وحديقته وملحقاته كأثر يجب الحفاظ عليه ، ومنذ فترة فوجئ أهل الإسكندرية بردم الميناء الشرقى بالاسكندرية المواجه لمجمع المحاكم .. وهو كان المعلم الوحيد الباقى على حاله من الإسكندرية القديمة التاريخية ، وخلال الأعوام الثمانية الماضية خرج 36 مبنى أثريا وفيلا من مجلد التراث الذى يضم المبانى التى لا يجوز هدمها، ومن هذه المبانى 28مبنى تم رفعها خلال العامين الماضيين وحدهما ، وفي " بولكلى " وبالتحديد دير سانت كلير والذي طالته أعمال التخريب بدون الالتفات إلى قيمته التاريخية التى تعود لأواخر القرن التاسع عشر أو إلى قيمته الفنية وتصميمه المميز، أيضاً يد التشويه لم ترحم فيلا النقيب فى أبوقير التى تعود إلى أحمد باشا النقيب الطبيب الخاص للملك فاروق، وكانت المقر الصيفى له في أثناء وجود الملك وأقامت بها الملكة ناريمان بعد زواجها من نجله الطبيب أدهم النقيب، ثم أقام بها أكرم النقيب نجل الملكة ناريمان، حتى قرر فجأة هدم الفيلا بدون إبداء أسباب، رغم وجودها فى سجل الحفاظ على التراث السكندرى ، أما " سينما ريالتو " فكانت واحدة من الدور الفنية التاريخية علي مستوي العالم ..
ولكنها انتهت للأبد ، وهو نفس مصير فيلا " أمبرون " والتى كانت تحمل الطراز الإيطالى وأنشئت عام 1920 ، كما استيقظ أهالي زيزينيا علي صوت البلدوزر وهو يهدم قصر عبود رغم أنه مسجل بمجلد الحفاظ على المبانى التراثية بالمحافظة، وهو كان ملك أحمد عبود باشا أحد أهم رجال الاقتصاد فى مصر خلال الحقبة الملكية، وأجراس الإنذار حالياً تدق قبل انتهاء عدد من المعالم الشهيرة من الوجود ومنها فيلا حافظ باشا عفيفي والتى أقيمت على التراث الإنجليزى، وكذلك فيلا " سباهي " بمنطقة ستانلى وهي تتبع حى شرق ومسجلة بقائمة التراث تحت رقم 1104 ويحظر القانون هدمها أو تشويهها، ومنذ سنوات طويلة اختفى الكثير من معالم الإسكندرية ومنها فندق وكازينو " البوريفاج " والذي شهد تصوير عدد كبير من الأفلام .. وحالياً مكانه برج سكني ، وهو نفس مصير داري سينما " لاجيتيه " و " ريفييرا " واللتين تم هدمهما وبناء مول تجارى مكانهما، أما دار سينما اوديون التاريخية فلقد تحولت الى قاعة أفراح.. كما تم هدم مبني سينما " ريالتو " إحدى أقدم دور العرض السينمائى فى مصر بحجة تجديدها
أيضاً قصر عزيزة فهمي والذي تسكنه الأشباح منذ 64 عاماً، رغم أنه تحفة معمارية تخطف أنظار المارة على كورنيش الإسكندرية في منطقة جليم، كذلك تحيط علامات استفهام كثيرة بسراي الحقانية .. وهي أقدم المحاكم المصرية وأنشئت عام 1886 في عهد الخديوي اسماعيل، وتحتوي على وثائق ومخطوطات تسجل تاريخ حقبة مهمة وخطيرة من تاريخ القضاء المصري، وخلال السنوات الأخيرة، يواجه المبنى مخاطر جمة، فبعد أن كانت اللوحات الثمينة والزجاج المعشق يزينه، باتت قاعاته ممتلئة بالقمامة وتلف زواياها خيوط العنكبوت، وأغرقتها المياه الجوفية، وشوّهته آثار حريق إحدى القاعات إبان أحداث ثورة 25 يناير
أما قصر أنطونيادس والذي استضافت إحدى قاعاته الاجتماع التحضيري لإنشاء جامعة الدول العربية وكان مقراً لإقامة ملوك اليونان وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألبانيا وغيرهم خلال زياراتهم للإسكندرية .. فقد منحت الحكومة القصر لمكتبة الإسكندرية لتحويله إلى مركز ثقافي يضم متحفاً لحضارات البحر المتوسط، إلا أن المشروع لم يرَ النور حتى الآن، بل وكشفت تحقيقات القضية التي حملت رقم 150 لسنة 2012، أن لجنة الجرد السنوي في مكتبة الإسكندرية توصلت إلى ضياع 28 قطعة أثرية خاصة بالقصر ذات قيمة فنية وتاريخية عالية، كل ذلك يحدث بينما مباني الإسكندرية وميادينها كانت مثار فخر لسكانها وإعجاب زائريها ، والدليل على ذلك هو كروت البوستال لم تكتف بمعالم المدينة وأبنيتها الرئيسية مثل البورصة الملكية والمتحف اليوناني الروماني وقصري المنتزه ورأس التين والمساجد والكنائس، بل حمل بعضها صورا لأبنية أقل شهرة مثل بعض المدارس والمستشفيات وأقسام الشرطة التاريخية .
المقاومة مستمرة
" هتيجي لحظة يعرفوا تتار الزمن الأغبر إن الناس أقوي من كل بلدوزرات الدنيا " .. عبارة وردت علي لسان أحد أبطال فريق أبو الغار قبل مشهد النهاية ، وحتى هذه اللحظة .. ستظل الإسكندرية وغيرها مدن كثيرة في كل أنحاء المحروسة .. تصرخ بلا مجيب ، وإذا كانت فيلا أبو الغار وغيرها تم هدمهم .. فهناك شباب كثيرون بالإسكندرية يقفون أمام البلدوزرات وينادونكم للوقوف معهم قبل أن ترفع عروس البحر المتوسط كلها " الراية البيضا ".
وهناك مبادرة " أنقذوا الإسكندرية " والتى يقوم عليها شباب ومثقفون ونشطاء من أهالي المدينة وهدفها حماية تراث وتاريخ العاصمة الثانية لمصر ضد أي اعتداءات أو تهديدات ، خاصة بعدما حلت الأبراج العالمية مكان المنشآت التراثية بأنماطها المعمارية البديعة منذ العصر الإغريقي واليوناني وحتى العصر الإسلامي، وحسب كلام المهندس المعماري محمد أبوالخير -أحد مؤسسي المبادرة- فإن هناك حملة واسعة يتم التحضير لها لوقف نزيف هدم التراث، عبر مجموعة من المقترحات التي تتعلق بمخاطبة منظمات عالمية، من بينها منظمة "اليونيسكو"، لإدراج الفيلات التراثية إلى التراث العالمي
وأعلن أن هناك 33 مبنى تراثيًا بالفعل قد تم إخراجها من مجلد الحفاظ على التراث خلال أقل من شهرين .. من بينها 20 مبنى تم حذفهم من قائمة التراث بناء على أحكام قضائية ، وهناك 1034 تراثًا معماريًا فقط بالإسكندرية وفق إحصائية عام 2007 ، وهناك مدونة إلكترونية رائعة يتجمع حولها المدافعون عن تراث الإسكندرية .. اسمها " جدران مدينة متعبة " .. ويرفع أصحابها شعار: " منذ مارس 2012 وهذه المدونة تبحث عن الإجابة : من سينتصر.. نحن أم جرافات الجهل والجشع؟ ".
#


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.